بعد عام على الأحداث التي قتلت 65 شخصاً وقبل شهر من الانتخابات
بيروت - أ ف ب
صادف الخميس 7-5-2009 ذكرى مرور سنة على الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة اللبنانية في نفس اليوم من العام الماضي، وهو تاريخ يثير خشية الكثيرين من عودة العنف إلى البلاد التي تستعد لخوض انتخابات نيابية مفصلية في يونيو/حزيران المقبل.
ففي 2008، تصاعدت أزمة سياسية حادة بين الاكثرية النيابية والوزارية اللبنانية، مقابل قوى المعارضة، تطورت إلى اشتباكات عنيفة بدأت في السابع من مايو/أيار واستمرت أياماً في بيروت، متوسعة إلى مناطق اخرى في الشمال والجبل، وتسببت بمقتل اكثر من 65 شخصا.
انتهت الازمة بعد تدخل عربي، وعقد اجتماع ضم كل الاطراف اللبنانيين في قطر، ليخرجوا بما بات يعرف بـ"اتفاق الدوحة" الذي نص على انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور المنصب لـ7 اشهر، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشترك فيها الاكثرية والاقلية.
كما نص الاتفاق على عدم استخدام السلاح في الداخل، وإجراء حوار حول استراتيجية دفاعية وطنية تطرح، ضمناً، مصير سلاح حزب الله.
ومنذ سبتمبر/ايلول 2008، عقدت 6 جلسات حوار برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان حول هذا الموضوع، لكن من دون ان تخرج بنتيجة حتى الآن.
ويشير مواطنون في المناطق التي شهدت اشتباكات العام الماضي الى ان الوضع "هادىء حاليا"، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات، الا انهم ابدوا تخوفهم من اقتراب الانتخابات ومن المرحلة التالية.
لكن علي سعد، الذي يدير مقهى في شارع الحمراء الذي شهد اشتباكات عنيفة في مايو الماضي، يستغرب "كيف يقول الجميع ان الوضع هادىء"، مضيفا "الشوارع تبدو هادئة، لكن التوتر قائم والناس متخوفون". ويضيف "لا اعرف ما الذي ينتظرنا بعد الانتخابات".
وكانت القيادات السياسية في البلاد استبقت ذكرى "أحداث بيروت"، وجددت القيادات خلال جلسة الحوار الاخيرة التي عقدتها في 28 ابريل، "اهمية الالتزام (...) بالابتعاد عما يوتر الاجواء" ومواكبة مسيرة الانتخابات "بما يكفل اجراءها بصورة متوازنة في اجواء من الديمقراطية والاستقرار والهدوء".
وستشهد هذه الانتخابات منافسة شديدة بين قوى 14 آذار (الاكثرية) المدعومة من الغرب ودول عربية وقوى 8 آذار (الاقلية) المدعومة من سوريا وايران.
ويقول بول سالم، مدير مركز كارنيغي للدراسات للشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا، "لعل المخاوف ليست بالحجم الذي كانت عليه العام الماضي، الا ان الانتخابات ستجري بينما ذكريات تلك الاحداث لا تزال حية في اذهان الناس".
ويرى سالم ان سيطرة حزب الله عسكريا، في مثل هذا الوقت من السنة الماضية، على احياء ذات غالبية سنية في غرب بيروت، قد يؤثر على نتيجة الانتخابات، وان كان لن يشكل العنصر الحاسم فيها.
ويضيف "الناخبون لا يذهبون الى الانتخابات تحت ضغط سلاح حزب الله، الا انهم لا يزالون متأثرين الى حد كبير بما حصل في مايو/ايار الماضي، وما شعروا به في حينه لا يزالون يشعرون به اليوم".
"درس للخصوم"
في المقابل، يستبعد استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية فواز طرابلسي حصول اعمال عنف واسعة قبل الانتخابات، مشيرا الى ان احداث مايو/ايار 2008"لقنت خصوم حزب الله درسا مفاده ان عليهم الا يذهبوا بعيدا في المواجهة معه".
ويشرح "ان النتيجة العملية للمواجهة كانت ان حزبا عسكريا (حزب الله الشيعي) تمكن من القضاء على خصميه الاثنين"، في اشارة الى تيار المستقبل بزعامة النائب السني سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة النائب الدرزي وليد جنبلاط، ابرز اطراف الاكثرية.
ويتابع "لا اعتقد اننا سنشهد على المدى القريب احداثا خطيرة على صعيد المواجهة العسكرية او ما يسمى حربا اهلية"، مضيفا "وبالتالي، فإن المخاوف هي على الارجح نفسية اكثر منها واقعية".
الا ان طرابلسي لم يستبعد اغتيالات سياسية شبيهة بتلك التي شهدتها البلاد منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005، مشيراً إلى وجوب عدم استبعاد حصول اغتيالات في هذه المرحلة في لبنان.
الحدس الشعبي بدوره ليس بعيدا عن هذه الخشية، رغم الهدوء الظاهر. إذ يتذكر عامل في موقف سيارات في غرب بيروت، رفض الكشف عن اسمه، أن "العام الماضي، كان كل شيء يبدو هادئا ايضاً... (لكن) نعرف ما حصل".
المصدر والتعليقات