يبدو أن هناك إجماعاً على الموضوع لا أرى له أساساً مقنعاً. وإذا كان موقف الإخوانيين مفهوماً لأنهم ينسبون كل شيء إلى الطائفية، وهم يبنون سياستهم على الشحن الطائفي، فلا أدري من أين جاء الباقون بهذا اليقين. والأغرب من ذلك حديث اسماعيل أحمد عن انقسام سوريا إلى دويلات. متى حدث ذلك؟ وما هو المقصود بالضبط؟ هل تقصد بالمعنى المجازي؟
على كل حال مادام الموضوع قائماً على التخمين والظن والتقديرات الشخصية فسأقدم رأيي الشخصي أنا أيضاَ.
أعتقد أن الوضع في سوريا مختلف تماماً عن العراق. فالطوائف في سوريا ليست متوزعة إلى تجمعات متساوية الحجم تقريباً ومنقسمة جغرافياً (شمال، وسط، جنوب كما هو الحال في العراق). كما لا توجد طوائف تعرضت لاضطهاد منظم أو لإبادة عرقية كما حصل في العراق. والتاريخ السياسي لسوريا نادراً ما كان يسوده العنف، خلافاً لتاريخ العراق الدموي. وبالمقارنة مع الاحتقان الذي ساد في سوريا في الثمانينات فالوضع حالياً أكثر انفراجاً بكثير والناس أكثر نضجاً ومعظمهم يدركون أن الفتنة الطائفية إذا وقعت فسيخرج الجميع خاسرين، وخصوصاً أن العنف المدمر في العراق يقدم درساً مخيفاً للجميع. ويبدو لي أن معظم الناس يشغلهم في الدرجة الأولى الوضع الاقتصادي والمعيشي وطريقة تحسينه. وبالمناسبة لو كانت هناك قابلية لحرب أهلية على الطريقة العراقية لوقعت في الثمانينات، وقوة السلطة ليست معياراً فالجيش الأميركي أكثر قوة وأشد تسليحاً، ولكن معظم الناس أحجموا عن الإنجرار في دوامة كانت ستودي بالبلد بأكمله.
باختصار لا أرى مجالاً للمقارنة ولا أدري بأي ثقة يؤكد اليعض أن الوضع في سوريا قد يكون أسوء. وكرأي شخصي تماماً أرى أن هناك تعايشاً للطوائف والديانات في سوريا قل أن تجد له نظيراً في البلاد العربية، وأعتقد أن الشعب السوري أكثر عقلانية من أن ينجر إلى خلافات طائفية يرون يومياً كيف تدمر جيرانهم.
ملاحظة أخيرة عن السوريين (وأنا منهم)، أعتقد أنهم رغم ميزاتهم العديدة من أكثر الناس لوماً للذات وتضخيماً لمشاكلهم. ويمكن أن أقول أيضاً من أشدهم ميلاً للنقد السلبي لكل شيء، خصوصاً إذا كان يتعلق بهم. والله أعلم.