المسيحيون العرب والعراقيون خاصة

كان الزمان شهر رمضان وكنت واقفا على باب محل للمواد الغذائية عندما باغتني رجل ستيني بلهجته العراقية متسائلا :

هل مطلوب مني أن أصوم قسرا .. ألا يحق لي أن آكل هنا
أسرعت إلى داخل المحل واستأذنت صاحبه بكرسي وطربيظة وأجلست الرجل على الرصيف وقلت له :
لا ليس مطلوب منك أن تصوم قسرا
ولا أحد يملك سلطة أن يمنعك من الطعام فنحن هنا في سورية ورغم أننا ممنوعون من الحديث بالسياسة و أن لدينا أجهزة تقص ألسنتنا فيما لو تكلمنا بالسياسة إلا أن لدينا حريات اجتماعية جيدة ولا أحد لدينا يمنع أحد أو يحجر عليه لسبب ديني أو مذهبي

بعد أن طلبت له طعامه وبدأ بالطعام
قلت له أنظر إلى هذه اللوحة الجميلة أمامك
نسوة يرتدين البرقع وأخريات محجبات وسافرات يترافقن مشوار الطريق
وتلك مسلمة سافرة وتلك مسيحية يتدلى صليبها على صدرها
وهذه مكسية وتلك نصف عارية و أخرى مقبورة بالسواد
وكلهم يعتمرون الشارع بأمن وسلام

أليست هذه أجمل لوحة يمكن لمرء أن يراها

فارت دموع الرجل بعينيه واخلط دمعه بنهم أكله وراح يحدثني والدموع تنهمر على وجنتيه التعبتين والطعام يسد بعضها من فمه
قال: أنا عراقي كلداني عملت كمنهدس ميكانيك لمدة ثلاثين سنة في العراق وتاريخ عائلتي يعود إلى عهد الدولة الآشورية واليوم أجد نفسي مطرودا من وطني وبيتي و أفقد كل شيء و أتحول إلى لاجىء في سوريا
أي ظلم هذا و أي دين هذا
مر علي ثلاث من الساعات و أنا أسعى في هذا السوق ولم أجد من يقبل بأن اتناول الطعام لديه
قاطعته بحديثي كي لا يسيء فهمي وقلت له أنني مسلم ولكنني لست بصائم ولا أجد من العدل أن لا تجد من يراعي سنك و حاجتك للطعام
طيبت خاطره وتابعنا الحديث وضع العراق ومأساة العراقيين عموما والمسيحيين خاصة

في اليوم التالي وبنفس المكان تصادف وجودي كنقطة منتصف لتلاقي شخصين أمامي
الأولى قادمة من اليسار وكانت فتاة جميلة طويلة شقراء زادها جمالا جمال زينتها وبريق الصليب الذهبي على صدرها
من الطرف الأيمن كان القادم رجل دين إسلامي يعتمر عمامة على الطريقة الوهابية , بيني وبينه إلقاء تحية
تلاقيا أمام وكأنهما كادا أن يتصادما فانحرفت الفتاة وتخطته أما هو فتوقف مسلما علي وهو يقلب وحوش وجهه , وعندما تأكد من ابتعادها بصق أرضا وعاد النظر في وجهي ينتظر مديحي لشدة إيمانه وموقفه المشرف من عابرة السبيل
غير أني لم أتمالك إلا أن أقول له : لا يجوز هذا يا شيح و أنت رجل محترم ... وببعض من الدعابة أردفت قائلا ألم ترى كم هي جميلة يا شيخ .. وعلى علمي أنكم _ المشايخ _ تحبون الجمال
قلب الشيح وحوش وجهه مرة أخرى وقال : أي جمال هذا ..؟؟ أهذه جميلة ..! إنها جيفة نجسة

كانت كلمة جيفة ونجسة كفيلة بأن تغيرت تعابير وجهي بما أوحى للشيخ بشر متطاير في عيني , فرأيت رعب عينيه وهو يبعدها عن عيني ويغادر مسرعا



..............

شكرا لمشاركتنا مارأيته، وللاسف هذا الامر صحيح، ويعطي صورة سيئة عن اخلاق هذه الفئة كيفية فهمها للنص، بل وعلى الاكثر يعطي صورة سيئة عن الفئة التي تقتصر تربيتها على المفاهيم الدينية وحدها بدون ربطها بالعقل والحياة وبعيدا عن التقية والازدواج الاخلاقي

وشخصيا اعتقد ان هذه الاخلاق ستشيع قريبا في العراث ايضا بفضل سيطرة الاحزاب الدينية التي تقوم بأسلمة التعليم بسرعة، من وجهة نظرها المذهبية . وهو امر مؤسف، يؤسس لازمات لانهاية لهخا ستهدد اما بديكتاتورية شاملة او تقسيم العراق او تفريغه من اقلياته