ثقافة المديح هي ثقافة عربية إسلامية بإطلاق، وقد رسخها البعثيون بعد الإسلاميين في بلادنا، فغابت ثقافة (النقد والنقد الذاتي) التي أقرها النظام الداخلي لحزب البعث. وخلافاً لنظام (الحزب القائد) أينعت في بساتين البعث مكرفونات المديح، وصحافة المديح، وإذاعة وتلفزيون وبرتوكول المديح.. كما عوقب النقاد الساخرون منذ أيام الحطيئة الإسلامية وحتى أيام ممدوح عدوان البعثية، ومن ضمن العقوبات منع مسرحيته «ليل العبيد» في سبعينات القرن الماضي، والتي تنتقد ابتعاد المسلمين عن الإسلام (كابتعاد البعثيين عن البعث) حيث يقول بلال الحبشي في «ليل العبيد»: في البدء لم يكن يأتي إلى الإسلام إلاالمؤمنون به. الآن، بعد أن أصبح الإسلام دولة، يأتي إليه كثيرون، يأتي من يريدون أن ينتفعوا به، أو يستثمروه، أو يحوروه لصالحهم، أو ليتسلطوا و يحكموا بإسمه.
وقد صدرت منذ أيام في دمشق، الأعمال الكاملة لممدوح عدوان، وبرعاية مشكورة من (المجموعة المتحدة للنشر والإعلان والتسويق) وأعتقد أن ممدوحاً كان قد رأى ما نحن فيه اليوم قبل ربع قرن من الزمان، ولهذا عوقب، كما عوقب كل من يخالف ثقافة المديح التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه مما لا نحسد عليه..

نبيل صالح