بصراحة، ولأقولها هكذا على بلاطة، فأنا هذين اليومين لا أفهم ما الذي يحدث، هذا لا يعني بأنه ليس لدي اعتقاد مبدئي عميق ومتجذر وواعي بالقضية الفلسطينية، ولكني لا أفهم التحركات التكتيكية الحاصلة وردات الفعل المتبلبلة.
بنت عمي قالت "نعم أنا خارج السرب".
وبصراحة لا أفهم معنى هذه الجملة، هل هي تعبر عن موقف أم عن اللاموقف، ماذا يعني أني خارج الشيء، هذا لاموقف وليس موقفاً.
أنا أعترف بأن لي موقف، وموقفي واضح صريح أمام الدولة العبرية، إذ أني أراها بشكل أساسي ومبدئي غير شرعية وكل من لديه بعض المنطق بما في ذلك في الغرب نفسه وافقني رأيي بأنه ليس هناك أي شرعية لوجود دولة إسرائيل في منطقتنا، فنحن لا نتحمل مشاكل الآخرين، فما علاقتنا بالله عليكم بالمحرقة وتبعاتها. حسناً لقد حدثت مجزرة ضد اليهود ولكن لا علاقة لنا بها نهائياً لسنا من حرق اليهود ولم نفعل بهم أكثر من غيرهم شيئاً.

ولكن لنعد لقضيتنا، ما الذي يحدث اليوم؟
لقد ترددت كثيراً قبل كتابة هذه الكلمات، تذكرت فوراً تلك الكلمات في فيلم باب الشمس من رواية "إلياس الخوري" و إخراج "يسري نصر الله":
"من الأول يا مرة"، ويقصد أن القضية تعود من أولها بعد كل مأساة.
سنعود بعد كل مأساة من الأول، ونحن نراوح بمكاننا.

سيتفاعل الجمع ههنا، وسترتفع زغاريط الفرحة، والنصر، حتى لو لم ننتصر، ألم نزغرط عام 73
متى انتصرنا يا جماعة؟ ألم تكن أول مرة تنزل بها قذائف على تل أبيب بعهد صدام؟
زغرطوا من أجل صدام يللا لشوف.

من الأول يا "مرة"، من الأول، كل شيء نعيد جره واستجراره. ويكفي هذا الحديث وهذا الكلام الذي أنهيه بهذه الكلمات للمسرحي العبقري السوري العظيم "سعد الله ونوس":

اللقاء الأخير مع سعد الله ونوس / نص اللقاء في البرنامج الوثائقي لعمر أميرلاي مع سعد الله ونوس.

اقتباس:إن البلاد العربية بهذه البُنى المتخلفة التي لم تُحدث بعد وبهذه الأنظمة التي تقمع مبادرات الناس وتجعل من شعوبها كماً بشرياً مهملاً بدلاً من أن تتيح له التفتح والازدهار والمبادرة فإنها تجعله هذا الكم المهمش والمهمل والذي لا يجد ما يفعله إلا أن يطأطئ رأسه ويقول نعم.
إذاً لا بد من أن تكون لدينا النزاهة لكي ننظر في المرآة و لكي نرى الصورة من جانبيها وأن الأوضاع العربية بما فيها من فساد وتخلف وسلطات غير شرعية هي غير مؤهلة وغير قادرة على حل هذه المشكلة إضافة إلى أنها لا تستطيع أن تواجه هذه المشكلة على المستوى التاريخي والسياسي الذي يجدر بنا مواجهة القضية عليه.


.
.
.
.
.
.
.


إن إسرائيل غدت حقيقة تاريخية قائمة في المنطقة وينبغي التعامل معها لا على أنها كيان مزعوم ولا على أنها مجرد دخيل محمي من الخارج إذا رفعت عنه الحماية يضمحل تلقائياً.
ولكن قراءة متأنية للتاريخ تجعلني أؤكد أن هذه الدولة بما هي عليه الآن لا تملك المقومات الفعلية للاستمرار في هذه المنطقة وأنها مشروع خاسر.
إنها تتحول لإمكانية حياة بالضبط عندما تندمج في هذه المنطقة كجزء منها وليس كمخفر مهمته أن يدمر هذه المنطقة وأن يجعلها ممرغة باستمرار في الهزيمة والتخلف والتفتت.

توقعت أمورا كثيرة...

أستطيع تفهم هذه الأمور ولا أقول تبريرها

أتفهم نقد المقاومة في سياق مشروع صفوي يتعانق مع المشروع الصهيوني!!


أتفهم نقد حزب الله بمنظور طائفي

أتفهم نقد مغامرته (غير المحسوبة!)

أتفهم تصويره على أنه كبش فداء لإيران وسورية

أتفهم تصوير حماس معه بأنهما أدوات لتخفيف الضغط عن النظامين السوري والإيراني

غير أنني رأيت هنا فوق كل ما توقعت، وحملت مخي الثخين على تفهمه!!

والله لم أكن أتصور بأن يبكي المشتاق لحيفا على بضعة إسرائيليين يصابون بالكاتيوشا!!

ما كنت أتصور أن تبكي رافعة لواء المرأة على يمنية صهيونية تندب بدمها ودموعها من تسميهم بأبناء القدس من بني صهيونها!!

ما كنت أتصور أن يسوى الجلاد بالضحية، والقاتل بالمقتول، والحق بالباطل، ليخرج لنا من بين ركام المحنة من يتاجر بعبارات السلام المزعوم

سراب سرمدي يا عزيزي بالفعل

ولكنني أخشى أن لدى بعض بني جلدتنا ممن يؤمنون بالآخر ويجعجعون بالتعددية والرأي الآخر، ثم إذا هم يرون كل من لا يوافق هواهم نشازا يغرد خارج السرب!!!


شكرا للمقاومة فنحن بحاجة لنعرف أنفسنا أكثر

بدون مساحيق ولا أدوات تجميل


ودم ألقا طارق، فهذا هو العهد بك(f)





[CENTER]إلى من يهمه الأمر
رسالة خاصة من الهيئة الاسلامية للرعاية
وهي مؤسسة خيرية خدماتية في لبنان [/CENTER]