إذا وقعت الجريمة فقد تستند مقارفتها إلى شخص معين وقد يكون الإسناد غير قائم على أساس ومن ثم وجب التحقق من صحته..

والسبيل الموصل إلى هذا هو إجراءات التحقيق أي فحص الأدلة القائمة في الدعوى لتعرف وجه الحق فإن كان المتهم هو المرتكب للجرم ترفع عليه الدعوى الجنائية وإلا فيصدر قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى..

وتباشر إجراءات التحقيق السلطة التي خصها القانون بذلك ، وتتم في مرحلتين: الأولى: مرحلة التحقيق الابتدائي ، وتقوم به النيابة العامة في الأصل وقد يندب قاضي التحقيق كما قد تشترك فيه المحكمة المختصة أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة حسب الأحوال.

والثانية: هي مرحلة التحقيق النهائي الذي يجرى أمام المحكمة.

يتبع ـ

أولاً: سلطة التحقيق: ـ الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق:

تجمع النيابة العامة بين سلطتي التحقيق والاتهام ذلك أنها خصم عادل يهمها ادانة المجرم وبراءة البريء فاذا لبست ثوب الخصم في الدعوى فإنما يكون هذا بعد أن تتثبت من أنه مرتكب الجريمة. وتدل الإحصائيات على أن قدراً كبيراً من القضايا ينتهي الأمر بها إلى الحفظ.

ثانياً: تدوين التحقيق:

تكون التحقيقات الابتدائية موضوع مناقشة الخصوم سواء ابان اتخاذها او امام القضاء ولذا يجب تدوينها ليستطيع من يشاء ان يحتج بما جرى خلالها ويستنبط ما يتراءى له من نتائج فهي مرجع لكل من ابتغى الاعتماد عليها.

ثالثاً: التحقيق:

ـ إجراء التحقيق واجب في الجنايات وجائز في الجنح.

ـ حضور الكاتب:

لا يترتب على عدم وجود كاتب بطلان المحضر الذي يحرره المحقق بنفسه لأن هذا الاجراء غير متعلق بالنظام العام وليس إجراء جوهري يمس مصلحة الخصوم أو حرية المتهم في الدفاع عن نفسه.

وعبارة المشرع (يصطحب عضو النيابة في التحقيق) ولم يقل (يجب عليه).

وقد قضي بأن ما أوجبه القانون من حضور كاتب مع عضو النيابة الذي يباشر التحقيق يوقع معه على المحاضر ومن تحليف الشهود يميناً ، وإن كان هو الأصل الواجب الاتباع إلا أنه لا يترتب على عدم اتباعه بطلان ما يتخذه عضو النيابة من إجراءات في حالة الاستعجال وقبل أن يحضر الكاتب ذلك بأن عضو النيابة بوصفه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية من اثبات ما يرى الحال داعية لإثباته بنفسه قبل حضور الكاتب بل إن هذا الواجب يتعين عليه القيام به سواء أكان أحد مرءوسيه قد قام بذلك قبل حضوره أو لم يقم).

كما قضي بأن القانون يشترط لإجراء التحقيق من السلطة التي تباشره استصحاب كاتب لتدوينه فإذا كان المحضر الذي حرره مأمور الضبط بانتداب من النيابة العامة ينقصه هذا الشرط اللازم لاعتبار ما يجريه تحقيقاً ، إلا أن هذا المحضر الذي حرره مأمور الضبط لا يفقد كل قيمة في الاستدلال وانما يؤول أمره إلى اعتباره محضر جمع استدلالات متى تقرر ذلك كان من المسلم به أن القانون لا يستلزم للإذن بالتفتيش أن يكون مسبوقا بتحقيق باشرته سلطة التحقيق بل يصح الاستناد في إصداره إلى ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات).

مما سبق ، فإنه يصح بناء الحكم على ما جاء به ومن ثم فلا أثر لبطلان المحضر الأول الأمر الذي ينتهي بنا الى القول بأنه لا بطلان لمحضر التحقيق الذي لا يجرى تحريره بمعرفة كاتب.

ـ قد تعدو حالة الاستعجال أو الضرورة الى الاستعانة بغير كاتب التحقيق بعد تحليفه اليمين على أن يؤدي أعماله بالذمة والصدق ، وتقدير الضرورة مرجعه إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، والمراد بها في هذا الموطن هو العذر الذي يبيح ترك الواجب دفعاً للحرج عن المحقق وسداً للحاجة التي تقتضيها مصلحة التحقيق ، ولا موجب لذكر مبررات الضرورة في محضر التحقيق.

ـ سرية التحقيق:

قد يكون من صالح العدالة تعرفا لوجه الحق في الدعوى مباشرة إجراءات التحقيق في غير حضور الخصوم ، على الرغم من أن حق المتهم أن يحضر التحقيق في تهمة موجهة اليه إلا أن القانون قد أعطى للنيابة العامة استثناء من هذه القاعدة حق اجراء التحقيق في غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه ، وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في التحقيقات من نقص أو عيب تقدرها هي.

1-للمحقق ان يتخذ إجراءات التحقيق في غيبة الخصم متى رأى ضرورة لذلك لإظهار الحقيقة. وليس المراد بالسرية بالنسبة للجمهور لأن العلانية في التحقيق الابتدائي علانية قاصرة على الخصوم ووكلائهم.

2-الضرورة الموجبة للسرية تقدر بقدرها.

3- يجب على المحقق أن يخطر الخصوم بموعد التحقيق ومكانه وهي تفترض وجود فسحة من الوقت للقيام بهذا الأمر فإن أوجبت حالة الاستعجال اتخاذ بعض الإجراءات دون إمكان إتمام الإخطار جاز القيام به ولن يضار أحد من هذا لأن من حق الخصوم الاطلاع على الأوراق المثبتة للإجراءات التي تمت في غيبته، وإن علم أحد الخصوم في هذه الصورة بوقت التحقيق حق له حضوره (كالشاهد الذي على وشك الموت).

4- اذا تقرر اجراء التحقيق في غيبة الخصوم فإنه لا يحق لوكلائهم حضوره ولكن يجوز للمتهم دائما عند استجوابه أن يصطحب معه وكيله.

5- اذا ما اتخذ اجراء من إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم بغير سبب يبرره كان باطلاً ويعتبر مبنى البطلان عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بإجراء جوهري ، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها كما لا يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض أو التمييز لأن علانية التحقيق قصدت لمصلحة المتهم لاطمئنانه.

6- لأطراف الدعوى دائماً الحق في اصطحاب وكلائهم في التحقيق ولا يجوز لوكيل الخصم الكلام إلا إذا اذن له عضو النيابة واذا لم يأذن له وجب اثبات ذلك في المحضر.

7-يجري التحقيق باللغة العربية ولعضو النيابة ان يستعين بمترجم بعد أن يحلف اليمين إذا كان المتهم أو الشاهد يجهل اللغة العربية.

يتبع ـ

ـ الانتقال:

معناه هو حركة مادية يقصد بها أن يباشر المحقق بعض إجراءات التحقيق في غير المقر العادي وليس الهدف منه إجراء المعاينة فقط بل مباشرة جميع الاجراءات التي تيسر له مباشرة جميع الاجراءات التي من شأنها أن تسهل دعوة الشهود للشهادة فور وقوع الحادث فضلا عن المعاينة التي يقوم بها.

- أجاز المشرع ان يقوم المحقق بالانتقال كلما رأى ذلك ، وليس بواجب ، كما يستطيع ندب أحد مأموري الضبط لمباشرة بعض الإجراءات .

- يجب على النيابة العامة إن قررت الانتقال أن تخطر الخصوم باليوم والمكان المحددين له ، وهو رهين بإمكان حصوله ، وعدم الإخطار لا يترتب عليه بطلان ولكن قد يسفر عن إضعاف الدليل لأن معرفة الخصوم ييسر لهم معرفة التاريخ المحدد للانتقال.

يتبع ـ

ـ شهادة الشهود:

1- طلب سماع الشهود:

يسمع عضو النيابة شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم مالم ير انه لا فائدة من سماعهم.

2- اعلان الشهود:

-يقوم عضو النيابة باعلان الشهود الذين يقرر سماعهم ..

-ويكون تكليفهم بالحضور بواسطة أحد أفراد السلطة العامة ..

-وله ان يسمع اي شاهد يحضر من تلقاء نفسه وفي هذه الحالة يثبت ذلك في المحضر.

-ويسمع عضو النيابة كل شاهد على انفراد ..

-وله ان يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم ، ويسمع المدعي بالحقوق المدنية كشاهد بعد حلف اليمين.

-ويطلب عضو النيابة من كل شاهد ان يبين اسمه ولقبه وسنه ومهنته وجنسيته وسكنه وعلاقته بالمتهم والمجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية ويتثبت من شخصيته ..

-وتدون هذه البيانات وشهادة الشهود بغير تعديل أو محو او شطب او تحشير او اضافة ولايعتمد شيء من ذلك الا اذا صدق عليه عضو النيابة والكاتب والشاهد.

-ويضع عضو النيابة والكاتب امضاءه على الشهادة وكذلك الشاهد بعد تلاوتها عليه واقراره بانه مصر عليها ..

-فان امتنع عن وضع امضائه او ختمه او بصمة اصبعه او لم يستطع اثبت عضو النيابة ذلك في المحضر مع ذكر الاسباب..

-وفي كل الاحوال يضع عضو النيابة والكاتب امضاءه على كل صفحة اولا باول.

3- التخلف عن الحضور:

-يجب على من دعي للحضور امام النيابة لتأدية الشهادة ان يحضر بناء على الاعلان الموجه اليه والا جاز لعضو النيابة ان يطلب من قاضي المحكمة الصغرى الحكم عليه بغرامة لا تجاوز 50 دينارا.

-ويجوز لعضو النيابة ان يصدر امرا بتكليفه بالحضور ثانية على نفقته ..

-او يصدر امرا بضبطه واحضاره.

-واذا حضر الشاهد بعد تكليفه بالحضور ثانية او من تلقاء نفسه وطلب اعفاءه من الغرامة او قدم طلبا بذلك كتابة اذا لم يستطع الحضور بنفسه رفع عضو النيابة الامر الى قاضي المحكمة الصغرى ، ويجوز للقاضي بعد سماع اقوال النيابة اعفاءه من الغرامة اذا ابدى اعذارا مقبولة. اذا كان الشاهد مريضا او لديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في محل وجوده ..

-فاذا انتقل عضو النيابة لسماع شهادته وتبين له عدم صحة العذر يحكم عليه قاضي المحكمة الصغرى بناء على طلب النيابة بالحبس مدة لاتزيد على شهر او بغرامة لاتجاوز 100 دينار.

4- رد الشهود:

لا يجوز رد الشهود لأي سبب من الأسباب..

5- حلف اليمين:

-يجب على الشاهد الذي اتم 15 سنة ان يحلف قبل اداء الشهادة يمينا بان يشهد بالحق ولاشيء غير الحق. ويكون الحلف على حسب الاوضاع الخاصة بديانته ان طلب ذلك.

-ويجوز سماع شهادة من لم يتم السن المذكورة على سبيل الاستدلال بغير يمين.

6- الامتناع عن الحلف:

-اذا امتنع الشاهد عن حلف اليمين او عن اداء الشهادة يحكم عليه قاضي المحكمة الصغرى بناء على طلب النيابة بالحبس مدة لاتزيد على 3 شهور او بغرامة لاتجاوز 100 دينار.

-اذا عدل الشاهد عن امتناعه قبل انتهاء التحقيق رفعت النيابة الامر الى القاضي ويجوز اعفاءه من العقوبة كلها او بعضها وذلك بعد سماع اقوال عضو النيابة...

7- جواز الامتناع عن الشهادة :

يجوز ان يمتنع عن الشهادة ضد المتهم اصوله وفروعه واقاربه واصهاره حتى الدرجة الثانية وزوجه ولو بعد انقضاء رابطة الزوجية وذلك ما لم تكن الجريمة قد وقعت على الشاهد او زوجه او احد اقاربه او اصهاره او كان هو المبلغ عنها او اذا لم تكن هناك ادلة اثبات اخرى..

8- أداء الشهادة:

كل شاهد على حدة ويجوز المواجهة..

9- تدوين الشهادة:

يجب ان تثبت الشهادة في اوراق التحقيق..

10- الطعن في الأحكام:

الصادرة من قاضي المحكمة الصغرى تكون امام الكبرى..

11- مصاريف وتعويضات الشهود:

حسب تقدير عضو النيابة العامة..

يتبع ـ

ـ التفتيش وضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة:

التفتيش هو الاطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع سر صاحبه لضبط ما عسى قد يوجد به مما يفيد في كشف الحقيقة عن جريمة معينة. وقد أضفى القانون حمايته على هذا المحل باعتباره مكنونا لسر الفرد ، والقانون حمى السر لا جسم الشخص أو مسكنه.

- يجب ان يسبق التفتيش دلائل قوية ضد شخص معين بان له يد في ارتكابها فلا تصح مباشرته لجريمة مستقبلة ولو قامت التحريات والدلائل الجدية على انها ستقع بالفعل.

- يجب ان يظهر من الظروف ان هناك فائدة يحتمل ان تظهر من وراء التفتيش والا كان المساس بحرمة المسكن بغير مبرر.

- اذا طرحت الدعوى على المحكمة لا يجوز لها اجراء تفتيش لانه عمل من اعمال التحقيق الابتدائي

- وان يكون التفتيش عن طريق بلاغ جدي.

- وتقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الاذن من المسائل الموضوعية التي تكون من تقدير محكمة الموضوع.

- لا يجوز تفتيش المنازل الا في الجرائم المعدودة من الجنايات والجنح

- ويجب ان تجريه سلطة مختصة بالتحقيق فتملك النيابة مباشرته ويجوز لها ان تندب مامور الضبط

- لايجوز ان يتخذ التفتيش وسيلة لاكتشاف الجرائم وضبط مرتكبيها وانما هذا محل الاستدلال فالبلاغ عن جريمة وحدة لا يكفي لاجراء التفتيش.

- ان قيود تفتيش المساكن قد وضعت لحماية حرمة المسكن ومن ثم فله ان شاء النزول عن هذه القيود وقد استقر الفقه والقضاء على ان الرضاء بالتفتيش يزيل البطلان. على ان يكون معلوما لدى الفرد ان الدخول بقصد التفتيش

1ـ تفتيش مسكن غير المتهم:

اذا اتضح من امارات قوية انه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ويشترط الحصول على اذن مسبب من قاضي المحكمة الصغرى ، والرفض ان صاحب المسكن غير متهم بجريمة.

2ـ تفتيش الامكنة الاخرى:

يجب ان تكون ذات علاقة بالجريمة وتفيد في كشف الحقيقة والا كان التفتيش بغير مبرر ويكون ماينتج عنه باطلا وتقدير تلك الفائدة يرجع للمحقق ويخضع لرقابة محكمة الموضوع.

3ـ تفتيش الاشخاص:

- اذا كان المراد تفتيشه هو المتهم فيكفي ان يكون هناك اتهام موجه اليه في جناية او جنحة سواء فاعلا او شريكا ويتعين ان تكون جدية.

- اذا كان المراد تفتيشه غير المتهم فيجب ان يصدر الامر من القاضي الجزئي مسبباً بعد الاطلاع على الاوراق ويتعين ان تكون جدية وعلى شيء من الخطورة

4ـ تفتيش المنقولات:

- اذا كانت بلا حائز فانه يجوز تفتيشها من مامور الضبط بدون اذن لانها من اجراءات الاستدلالات

- اذا كانت بحائز فينطبق عليها الاحكام السابقة.

5ـ ضبط الرسائل واوراق الدفاع:

- المراسلات:
يجوز للمحقق ضبطها لدى مكاتب البريد وجميع الخطابات

- أوراق الدفاع:
لا يجوز احتراما لحق الدفاع يوجب حرمان المحقق من الاطلاع عليها وضبطها يعتبر باطلا ولايصح الاستناد الى اي دليل مستمد منه وهو جوهري.

6ـ آثار التفتيش:

- اذا اعتبر التفتيش باطلا لا يجوز للمحكمة ان تقضي ببطلانه من تلقاء نفسها وانما يتعين التمسك بالبطلان امام محكمة الموضوع ولا يجوز الدفع به من اول مرة امام النقض لانه يستلزم تحقيقا موضوعيا.

- لكن اذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت اثارته من اول مرة امام النقض

- اذا بطل التفتيش والضبط بطل الدليل المستمد من هذا الضبط او ذلك التفتيش.

- للنيابة ان تأمر بتفتيش منزل المتهم بناء على اتهام موجه اليه بارتكاب جناية او جنحة معاقب عليها بالحبس او باشتراكه في ارتكابها.

يتبع ـ