عبدالحليم خدام لـ (Newsweek) : هنالك أجندة سياسية كبيرة في طور الإعداد ليس من الحكمة نشرها .. ولا أعتقد أن عملا عسكرياً على وشك الحدوث

نيويورك - أجرت مجلة (نيوزويك) الأمريكية (على موقع MSNBC.com ) حوارا مطولاً مع عبدالحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري بشار الأسد، معنونةً إياه بـ (دولة المافيا). الحوار الذي نشر في الخامس من الشهر الحالي تناول عدة قضايا من أبرزها الحديث حول تهديد رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ، والعلاقة الإيرانية السورية ، وعن مستقبل الداخل في سوريا ، وحول رؤية خدام فيما يتعلق بالإخوان المسلمين .

وفيما يلي نص الحوار :

نيوزويك: فلندخل مباشرة في مسألة التهديدات التي وجهت إلى رفيق الحريري، ما الذي سمعته بالضبط؟ و متى كان ذلك؟ وممن سمعته؟.

خدام : العديد من الأشخاص أطلقوا هذه التهديدات،منهم الرئيس بشار الأسد و رستم غزالي ومن مسؤولين لبنانيين مقربين من الحكومة السورية . وقد خلقت تلك التهديدات مناخاً عاماً في لبنان. ولكن هل كان أولئك الأشخاص يأتون إليَّ قائلين مباشرة"هل تعلم يا عبد الحليم إننا سنتخلص من رفيق الحريري إذا استمر في تحديه لنا بهذه الطريقة؟ " كلا... لم يكن الأمر هكذا فمن غير الوارد أن يجرؤ أحدهم على قول مثل " سنتخلص من الحريري." غير أن ما كان يقال لي مباشرة وفي أوساط قيادة الحزب أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك حقدا كبيرا على رفيق الحريري وأن هناك اتهامات صريحة بأنه يعمل ضد المصالح السورية. ولكن ما قيل لي بشكل مباشر (ربما قبل شهرين من تمديد فتر لحود الرئاسية) وكان من المفترض أن اجتمع مع الرئيس بشار الأسد في التاسعة صباحا ، وأذكر أنه كان عصبيا عندما دخلت عليه وبادرني على الفور" لقد زارني الحريري إذ استدعيته صباحا ومعه غازي كنعان ،رستم غزالي و محمد خلُّوف" ثم استرسل الأسد يخبرني بما قاله للحريري "إنك تعمل ضد سوريا.. أنت تعمل على الإتيان برئيس جديد.. عليك أن تعرف أنني صاحب القرار وأن من يعمل ضد إرادتي كائناً من كان فإنني سأسحقه".

وما إن انتهى الرئيس الأسد من إخباري بما قاله للحريري حتى قلت له"ما هذا الذي فعلته؟ كيف تجرؤ على التحدث إلى رئيس وزراء لبنان بتلك الطريقة؟ كيف أمكنك استخدام مثل هذه اللغة –خاصة أمام ضباط سوريين أدنى رتبة؟ إنه رئيس وزراء لبنان وليس موظف خدمة مدنية في سوريا." وواصلت "لقد بذلنا دماءً في لبنان وخسرنا كميات مقدرة من الأموال للوصول إلى توازن بين مختلف الأطراف هناك.. بينما كنتَ أنت تدعم لحود ..لقد أنهيتَ اتفاقية الطائف....ما هذا الذي فعلتَه؟" .

عندئذ أدرك أنه قد ارتكب خطئاً وطلب مني أن أتصل بالحريري وأطيَّب من خاطره. وفي الواقع عندما غادر الحريري مكتب الرئيس بعد الاجتماع كان ضغط دمه مرتفعاً إلى درجة أنه بدأ ينزف من أنفه فأخذه غازي كنعان إلى مكتبه الخاص ووفر له عناية طبية. وفي اليوم التالي اتصلت بالرئيس الحريري وطلبت منه زيارتي في دمشق، فقال لي "لن أزور دمشق ثانيةً في حياتي." فقلت له "حسناً إذن تعال إلى عزبتي خارج دمشق" وبالفعل جاء..وقد كان حزيناً وقلقاً وحاولت أن أهدئ من روعه وأطمئنه...هذا أحد أمثلة التهديدات التي كانت تمارس على الحريري.

وفي أحد الاجتماعات الحزبية عندما كانت القيادة تناقش القرار(1559) قال الأسد" هذا القرار تم طبخه بواسطة الحريري والرئيس الفرنسي جاك شيراك ، إن الحريري يعمل ضد المصالح السورية" كما قال إن الحريري حاول تجميع السنة حوله وهذا ضد المصالح والأمن السوريين. وقبل عملية الاغتيال بعشرة أيام أخذ الرئيس الأسد في دعوة أصدقائه في لبنان لزيارته ، وشرع الكثير من اللبنانيين المقربين من الحكومة السورية في التشكيك في وطنية وقومية الحريري.

نيوزويك: من أين تعتقد أن بشار الأسد استقى هذه الأفكار حول الحريري؟.

خدام : من رجالات الأمن المحيطين بلحود فهم يكتبون تقارير ضد الحريري والرئيس لحود بدوره يرسل تلك التقارير إلى الرئيس الأسد الذي يعيد إرسالها إلى رستم غزالي لتأكيدها، بيد أن رستم غزالي و جميل السيد (أحد قادة الأمن اللبناني وهو رهن الاعتقال الآن) هما من أعدا التقارير في الأساس،عليه فإن رد رستم غزالي عادة ما يكون (إنها معلومات ذات مصداقية وهي تتطابق ومعلوماتنا).

نيوزويك: إن ما ذكرته عن التهديدات التي وجهت إلى الحريري ينطوي بشكل قوي على أنك تعتقد أن أشخاصا من الحكومة السورية قد اغتالوه..أليس كذلك؟.

خدام : لا أريد أن أتدخل في عمل لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة،فأنا أقدم وقائع فقط و لجنة التحقيق ستستخلص الحقيقة. أما بخصوص الجزء الآخر من السؤال عما إذا كان هنالك أي تورط سوري، فإنه وحسب الآلية الداخلية للسياسة السورية لا أحد يمكنه اتخاذ قرار كهذا سوى الرئيس لأن هذه العملية تحتاج إلى الكثير من الموارد على مستوى التمويل و الكادر البشري و ما من ضابط سوري يمكنه توفير مثل تلك الموارد ما لم يكن هنالك قرار رئاسي.

نيوزويك:لقد كان الملف العراقي أحد الملفات التي توليت إدارتها، وسبق لنيوزويك أن أوردت معلومات من مواقع الحدث بأن العديد من (المتمردين) قد أتوا عبر سوريا ، كما نعتقد أن كثيرا من أموال البعث العراقي قد دخلت سوريا..كيف تصف العلاقة بين سوريا و (المتمردين) العراقيين من البعثيين والجهاديين؟.

خدام : تابعت الملف العراقي عن كثب حتى 2004م و ما كان يقلقنا هو تقسيم العراق وخلق احتكاك طائفي بين الشيعة والسنة.. بناءً على ذلك انصبت جهودنا على تخفيف الصراع بين السنة والشيعة وقد التقيت شخصيا بالعديد من الوفود العراقية (بعد الغزو الأمريكي) وقد كانت وفودا متنوعة، بعضها مؤيد لأمريكا وبعض معادٍ لها وبعض آخر معاد للأكراد وآخر مناصر لهم وكان فيها سنة وشيعة... وكانت رسالتنا لهم جميعا هي نفسها..وحدة العراق. كما التقيت مع أعضاء في المجلس الحكم ومعظمهم كانوا حلفاء لسوريا فقد كنا نعمل معهم على إسقاط نظام صدام حسين.

ثانيا، وفيما يتعلق بحزب البعث فلم يكن هناك لقاءات أو اتصالات بين حزب البعث العراقي وحزب البعث في دمشق، كانت هناك نافذة علاقة مفتوحة بين الحكومتين لأسباب اقتصادية ولكن ليس على المستوى السياسي أو مستوى حزب البعث بأي حال.

أما موضوع عبور الحدود، فعلى الرغم من أنني خارج سوريا الآن وفي حالة صراع مع النظام الحاكم هناك إلا أنني أستطيع أن أؤكد لك بأنه ما من (متمرد) عبر الحدود من سوريا إلى العراق بقرار أو علم من (أي جناح) في الحكومة السورية. كانت هناك بالتأكيد بعض حالات عبور الحدود لأن لدينا قانونا سوريا ينص على أن حملة الجوازات العربية بإمكانهم الدخول إلى سوريا من دون تأشيرة، وربما يكون بعض أولئك قد تسللوا إلى العراق بطريقة غير قانونية خلال الحرب، كما أن هنالك الآلاف من السوريين ذهبوا إلى العراق (للجهاد) ولكنهم عادوا قائلين إنهم تعرضوا للخداع والمعاملة السيئة من قبل جماعة صدام حسين.

نيوزويك: هل أنت قلق من أن سوريا ـ القريبة جدا من إيران- ربما تصبح ضحية للصراع المتنامي بين الولايات المتحدة وإيران؟.

خدام : لا أعتقد أن عملاً عسكرياً على وشك الحدوث، فلا الإقليم و لا أوروبا ولا الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها تحمل عمل عسكري الآن.. لا ضد سوريا و لا ضد إيران ولا أظن أن الأمر يتطلب عملاً عسكريا إذ لا مبرر له.

نيوزويك: نشرت وسائل الإعلام الإيرانية مادة مشوقة عن قيامك بتزويد الأمريكيين بمعلومات عن البرنامج النووي لإيران...هل فعلت ذلك؟.

خدام : أشكر الإعلام الإيراني على قوله إن لدي مصادر معلومات مطلعة داخل إيران للحد الذي يؤهلها لتزويدي بمعلومات قيمة كهذه لكي أمررها للأمريكان.

نيوزويك: هل حدثك الإيرانيون أبداً عن برنامجهم النووي ،كرادع..ربما؟.

خدام : لم يثر هذا الموضوع أبداً بأي طريقة في أي نقاش وفي أي اجتماع مع الإيرانيين. و أود هنا أشير إلى أن كثير من الذين يتحدثون عن إيران لا يعرفون شيئاً عن الإيرانيين، فهم محافظون إلى أبعد الحدود،ومن الصعب جدا معرفة ما الذي يفكرون فيه فعلاً,ولن تتمكن أبدا من معرفة ماذا يريدون ما لم يقولوا لك بوضوح ما الذي يريدونه.

نيوزويك: أتعتقد أنك ستتمكن من العودة إلى سوريا يوما ما؟.

خدام : نعم سأعود وفي وقت ليس ببعيد.

نيوزويك: ما هو تصورك لتطور الأوضاع خلال الشهور القليلة المقبلة؟.

خدام : عندما يأخذ السيناريو في التشكل فإن الجميع سيرونه،ولكن إذا كانت هنالك أجندة سياسية كبيرة في طورالإعداد فليس من الحكمة نشرها على الصحف.

نيوزويك: هل تتضمن رؤيتك لمستقبل سوريا أياً من أسرة الأسد؟.

خدام : آل الأسد هم أسرة واحدة في سوريا، و التصويت والانتخابات هما اللذان سيقرران من الذي سيحكم سوريا، فمن يفوز في الانتخابات سيكون هو صانع القرار جنبا إلى جنب مع الشعب السوري.

نيوزويك: ألا تخشى من اكتساح الإخوان المسلمين للانتخابات؟.

خدام : كلا فكلا المسيحيين والمسلمين في سوريا لديهم الوعي الديني ولكنهم ليسوا متعصبين..إنه نوع من الفسيفساء الديني المتوازن، كما أن الإخوان المسلمين قد طوروا طريقة تفكيرهم الآن وهم يطرحون برنامجا لبراليا جديدا،وعندما نتحدث عن دولة منفتحة وديمقراطية فمن الطبيعي أن يكون الجميع موضع ترحيب ليطرحوا برامجهم.

أجرى الحوار كريستوفر ديكي/ باريس

لولا ان خدام لديه ملفات خطيرة تفضح كبار الشخصيات في الحكم السوري لما كان يظهر بهذه القوة على شاشات الفضائيات وبكل ثقة يعلن كل افكاره مهما كانت صارخة وقوية.

العملية اليوم بينهم وبينه تقوم على مبدء: لا تفتح ملفي لا افتح لك ملفاتك...

لكن على الاقل اظهر خدام ما كان الناس مغشوشين به وهو ان بشار الذي يمثل على الناس دور البطل القومي الواعد والنقي الشريف .ظهر اليوم لهم بصورة مغايرة وسيئة رغم كل الصبغات والاقنعة .

اعتقد ان لو خدام قام بتقديم مشهد صغير من مشاهد الفضح والتعرية في كل اسبوع فهذا كفيل بان يزلزل النظام الهش في دمشق .

خدام : نعم سأعود وفي وقت ليس ببعيد.

!!!

ليس هناك أقذر من السياسة والساسة .. !!
ولّى زمن الفلسفات والمبادئ الثوريّة ..

وصرنا في زمن المصالح الشخصيّة .. والدجال السياسي ..

يؤسفني أنّ رجلاً كهذا .. صار الآن ممثّلاً لآلام الشعوب المقهورة ..


تحيّة للنسمة العطرة ..

خوليو