عصام سحمراني: بعيداً عن الساحات الحربية والتفجيرات وعمليات الخطف والإغتيالات، هناك حروب أخرى تدور رحاها على شبكة الإنترنت عبر منتديات الحوار العربية المتعددة. معظم هذه المعارك طائفي يسعى أشخاصها دائماً للنيل من الآخر بكلّ الوسائل الإلكترونية المتوفرة أمامه إن عبر الصور أو عبر الكلمات النابية أو عبر الإتهامات المتبادلة بالتعامل والخيانة.
أولئك الأشخاص الذين يحمل كلّ منهم قضيته وأيديولوجيته إلى صفحات المنتديات ليحاول فرضها وبصورة مستمرّة على غيره بالقوّة. والقوّة هي قوّة الشتائم والتحقير والنيل من عقائد الآخر أيّاً كان . ولا بدّ بعد الشتائم أن يبيّن عدالة قضيته وعمق مبادئها ونبالة أهدافها، فهو في نهاية المطاف ، مع غيره من المشاركين ، أصحاب مبدأ : الحمد لله نحن دائماً على حقّ .
وأمام كثافة المتحاورين عبر صفحات المنتديات يبرز إسمان يحتل كل منهما حيزاً واسعاً من صفحات المنتدى. هما شخصان لقب كل منهما يدلّ على هويته ومذهبه ، أو ربّما هذا ما أرادا أن نتبينه على الأقل. هذان الشخصان هما : "أبو المعارك السنّي" و "شيعي" .
والغريب في هذين الشخصين أنّهما يملكان ذخيرة من الكره والحقد ضد المذاهب الاخرى ، سيّما مذهب الغريم التقليدي ما يحملنا على الإعتقاد بأنّ حياة كلّ منهما بأكملها قائمة على هذا الكره فحسب. وتكتمل تلك الحياة عبر بث هذا الكره على صفحات المنتدى يومياً وبشكل مقرف .
لكنّ "أبا المعارك" وزميله "شيعي" يعتبران هواة في ميزان الكره هذا، أو تلامذة فقط إذا ما قسناهما باحتراف المواقع المتخصصة في هذا المجال التي يورد كل منهما ما يناسب ميوله منها في معرض الحوار – الشتائم عبر المنتديات .
الدفاع عن السنّة
الموقع الأول هو موقع "الدفاع عن السنّة" الذي يتّخذ منه "أبو المعارك السّني" مرجعاً له . ويبدو أنّ طريقة الدفاع لدى القيّمين على الموقع مستمدّة من لعبة كرة القدم : إنّ أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، أو من المثل الشعبي : نتغداهم قبل ما يتعشونا.
على هذا الأساس تتنوّع صفحات الموقع بين مقالات تتهم الشيعة بالتعامل مع كلّ عدوّ للأمّة الإسلامية منذ الحملات الصليبية إلى التتار وغيرهم. وينتقل الموقع إلى عرض الظلم الذي يتعرّض له أهل السنّة في إيران دولة الشيعة "الرافضية" حيث لا يملكون أيّ مسجد خاص بهم على الرغم من وجود 12 كنيسة "للنصارى"، و4 معابد يهودية، وأخرى للمجوس "عبدة النار".
ويركّز الموقع أكثر ما يركّز على الصور الفوتوغرافية التي يفرد لها مساحة واسعة على صفحاته، أكثرها من العراق وبعضها يبرز شيوخاً شيعة وهم يقبّلون وزير الخارجية الأميركي "كولن باول" مع تعليق مفاده انه الشيوخ يقبلون سيّدهم الأميركي. صورة أخرى تقيم مقارنة بين المهدي عند الشيعة وآخر لدى المجوس مع إبراز النتيجة أن لا فرق بين الإثنين . صورة ثالثة إدّعى فيها الموقع أنّها من موقع شيعي وهي تبرز ظهور المهدي في أحد شوارع طهران. لكن الصورة التي تثير الضحك هي عبارة عن رسم بياني لعقل الإنسان الشيعي وتقسيمه إلى عدّة خانات منها تحريف القرآن ، الكذب ، الشرك، مركز الرائحة المتعفنة، وسب الصحابة. ويتسم هذا التقسيم بالكاريكاتورية السطحية.
ولا تتوقّف صفحات الدفاع – الهجوم عند هذا الحدّ بل تستمر إلى أن تخلص في إحداها بعد التعرض لفساد عقيدة الشيعة إلى "عدم جواز نصرتهم". وقد ورد هذا الكلام بالحرف الواحد ضمن فتوى أحد المراجع المعتبرين بالنسبة للموقع أفتاها في مسألة جواز نصرة "حزب الله" اللبناني من عدمها.
وقد جاء في الفتوى كما أوردها الموقع : لا يجوز نصرة هذا الحزب الرافضي ولا يجوز له الدعاء بالنصر والتمكين. ونصيحتنا لأهل السنّة أن يتبرأوا منهم وأن يخذلوا من ينضمّون إليهم، ويبيّنوا عداوتهم للإسلام والمسلمين وضررهم قديماً وحديثاً على أهل السنّة. وكلّ من والاهم دخل في حكمهم لقوله تعالى : "ومن يتولهم منكم فإنّه منهم".
البرهان
يختلف الموقف في موقع "البرهان في الردّ على النواصب" الذي يتّخذه "شيعي" مرجعاً له عن الموقف في موقع "الدفاع عن السنّة" من حيث توظيف الإسم. فالموقع غير مهتم كما يبدو بالدفاع عن الشيعة قدر اهتمامه بالردّ، والردّ اللاذع حتماً، الأمر الذي يتطلّب من القيّمين عليه فتح جبهات حربية عديدة.
والحقّ يقال إنّ هذا الموقع يتميّز بالعناية الكاملة والتبويب الجيّد، هذا من الناحية التقنية ، أمّا من ناحية المواد فهو كسابقه لا يهتمّ بأكثر من الشتائم والتكفير وتفنيد "أباطيل" الغريم. ويبرز ذلك في اتهام السنّة بتحريف القرآن، و اتهام فئة منهم بتجسيد الله في شخص " فتى أمرد أجمد يلبس حلّة خضراء ونعلين من ذهب وعلى رأسه تاج وعليه ستر من لؤلؤ وتحت رجله ثور ونسر وأسد".
وفي الصفحة الرئيسية للموقع خانة لأشرطة الفيديو، والتسجيلات الصوتية بعضها لشيوخ شيعة وأخرى لشيوخ من السنة يعرضها القيّمون على الموقع لرصد "المخالفات الشرعية" التي يرتكبها أولئك الشيوخ كفتوى "رضاع الكبير" عند أحدهم. بالإضافة إلى ذلك هنالك عرض كتب للتحميل تسعى دائماً وأبداً للنيل من عقيدة السنّة وتكفيرهم . وهنالك أيضاً خانة للأسئلة والردود التي لا يمتّ أسلوبها إلى الحضارة بصلة لجهة الشتائم والنعوت التي يلصقها المشاركون بالفريق الآخر. ولتلك الشتائم سبب واضح يتجلّى بالهامش الواسع من أسماء الصحابة والخلفاء الذين يستحقّون الشتيمة في نظر زوّار الموقع.
ولا يسهو موقع "البرهان" عن الدعوة الذاتية عبر صفحاته وتأتي في صدر هذه الدعوة دائماً قضية زواج "المتعة". وفي هذا الموضوع يعرض الموقع للكثير من الكتب والكثير من الأحاديث منذ أيّام الرسول لغاية الآن التي تجيز زواج المتعة. ويتفنن الموقع في التفتيش في الكتب التي يعتمدها السنّة، عن أيّ حديث أو واقعة تثبت صحّة هذا الزواج الذي يلقى ترحيباً لدى زوّار الموقع الذين بات عددهم 110 آلاف زائر بحسب خانة عدد الزوّار.
المثير في موضوع الموقعين أنّ الموقع السنّي يسعى لتكفير الشيعة بأكملهم. وهذا ما يقوم به أيضاً الموقع الشيعي بصورة عكسية. وهذا الأمر ليس بمستغرب في ظلّ سيطرة اليمينين السنّي والشيعي على الموقعين. وهما وإن كانا يملكان شعبية كبيرة فالأكثرية الساحقة من مسلمي الفريقين ليست في صفوفهم ولا تسعى إلى تكفير الآخر.
لا أدري من القائل إننا – نحن العرب – تتبدّل وظيفة كلّ شيء لدينا حين نستخدمه إلى النقيض. وهذا ما ينطبق على حالنا مع الديمقراطية التي تجلّى وجهها الأكثر دمامة من خلال شتائم تلك المواقع الإلكترونية والمشاركين فيها. ففي النهاية حرام أن يموت تراث ألف سنة من اللعن والتكفير!
أليس كذلك؟!!
موقع الدفاع عن السنة:
www.d-sunna.net
موقع البرهان في الرد على النواصب:
www.albrhan.com
http://www.elaph.com/ElaphGuys/2005/3/44951.htm
[SIZE=6]
يا محلى موقعنا بالمقارنة مع المواقع أعلاه
:baby::baby::baby: