«جراحة القلب التنظيرية قليلة التدخل» تماثل الجراحة التقليدية في الكفاءة
د. وليد أبو خضير لـ «الشرق الاوسط» : نجحنا في اتقان عمليات جراحة القلب

جدة: «الشرق الأوسط»
علم أمراض وجراحة القلب بدأ تطوره خلال القرن الماضي تطوراً كبيراً، بحيث تم تطوير عمليات القلب وأجهزة القلب والرئة الصناعية، حتى أصبحت عمليات القلب مثل غيرها من العمليات ذات نسبة نجاح عالية. كما تقدم مجال علاج أمراض القلب، خاصة في القرن الأخير، تقدماً ملموساً، حيث انتقل من فترة إتقان العمليات من ناحية الكفاءة والسلامة، إلى محاولة إتقان العمليات من الناحية التجميلية والنفسية.
تحدث إلى الـ«الشرق الأوسط» رئيس قسم جراحة القلب للكبار، ورئيس وحدة جراحة القلب بالتدخل البسيط بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة الدكتور وليد بن عبد الكريم بن عبد العزيز أبو خضير والحاصل على البورد والزمالة الكندية مع تخصص دقيق في زراعة القلب، وأعطى في البداية لمحة تشريحية موجزة عن القلب ومكوناته: فعضلة القلب تتكون من أربع حجرات، أذينين وبطينين، ويوجد هناك أربعة صمامات داخل القلب وظيفتها الرئيسية السماح بمرور الدم في إتجاه واحد (إلى الأمام) وهي:
ـ الصمام الأورطي (الأبهر) يقع بين البطين الأيسر والأورطه ـ الصمام الميترالي (التاجي) يقع بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر ـ الصمام الثلاثي يقع بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن ـ الصمام الرئوي يقع بين القلب والرئتين وتتغذى عضلة القلب بواسطة شريانين أساسيين: الشريان التاجي الأيمن والتاجي الأيسر (الذي بدوره ينقسم إلى شريانين). وقد يصاب واحد أو أكثر من صمامات القلب بالحمى الروماتيزمية، فيضيق الصمام أو قد يحدث فيه تسرب للدم فلا يغلق بإحكام.
* إصلاح صمامات القلب
* والأعراض المصاحبة لهذه الحالات تكون مختلفة مثل: (ضيق في النفس ـ ألم في الصدر ـ خفقان)، ويستوجب علاج أمراض صمامات القلب، عندما تصل الحالة إلى حد معين، بتجزئة العملية الجراحية، حيث يقوم الدكتور الجراح بإصلاح الصمام أو باستبداله. وعن طرق اصلاح صمامات القلب، يواصل الدكتور أبو خضير، بأن هناك عدة طرق لإصلاح الصمامات، عندما يكون الصمام مناسباً للإصلاح، وهو أفضل شيء للمريض، حيث لا يحتاج إلى صمام غير طبيعي ولا يحتاج إلى استخدام أي علاجات، أما إذا كان الصمام غير مناسب للإصلاح عندها يتم تغيير الصمام بآخر، ويقوم الطبيب والمريض معاً بتقرير أي نوع من الصمامات يستخدم أثناء العملية.
هناك نوعان رئيسيان من الصمامات الصناعية: 1 ـ الصمامات المعدنية: وهذه تظل مدة طويلة ولا تحتاج إلى تغيير مرة ثانية، إلا أنها تحتاج إلى استخدام دواء مضاد للتخثر، وبالتالي يحتاج المريض إلى متابعة دقيقة وإنتظام في العلاج.
2 ـ الصمامات النسيجية: وهذه تعيش عادة مدة أقل، حيث يحتاج المريض إلى إعادة استبدال الصمام بعد حوالي (10 ـ 12) سنة، ولكنها تمتاز بعدم الحاجه إلى استخدام دواء مضاد للتخثر.
وبعد تحقيق هذا التطور في جراحة القلب، من حيث جودة وسلامة العملية الجراحية بدأت جراحة القلب تلحق بالركب الذي سبقها في مجال الجراحة بالفتحات الصغيرة والجراحة التنظيرية والرجل الآلي (الروبوت) ... وهكذا أصبحت جراحة القلب ذات كفاءة وفائدة، فارتفعت نسبة نجاحها، وانخفضت نسبة الآثار الجانبية من حيث صغر مساحة الجرح بعد أن كان كبيراً وقلة ألآم ما بعد العملية بعد أن كانت مبرحة.
* جراحة حديثة
* ويواصل الدكتور وليد أبو خضير حديثه، ويضرب مثالاً على الجراحة قليلة التدخل من واقعنا اليومي، ويقول إنها مثل استخدام الأسلحة (القنابل الذكية) التي تصيب هدف العدو بدون أن تحدث أضراراً مدنية، حيث توجه لتصيب الهدف بأقل الأضرار الممكنة، لا سيما أن عمليات القلب بالفتحات الصغيرة والتنظيرية لا تحتاج إلى شق عظمة الصدر أو عمل فتحة كبيرة للوصول إلى داخل حجرة القلب لعلاج الصمام، ولكن نكتفي بعمل فتحة صغيرة والدخول بين الأضلاع واستخدام معدات معينة طويلة للقيام بالعملية... وبهذا نوفر على المريض بعض الأضرار الجانبية، التي قد ينتج عنها فتح الصدر بشكل كبير وشق عظمة الصدر. وقد بدأ هذا النوع من العمليات للصمام الميترالي منذ (7 سنوات) تقريباً، حيث كان لبعض المراكز في العالم دور الريادة في هذا الموضوع كما في ألمانيا، بلجيكا، كندا، أمريكا. وما زالت هذه العمليات تقام في مراكز محدودة في العالم لأنها تحتاج إلى معدات خاصة وتدريب خاص على هذا النوع من العمليات.
ويصرح الدكتور أبو خضير بأن هذا النوع من العمليات قد تم ـ بحمد الله ـ عمله في المملكة في السنة الماضية، وما زال تطوير هذا المجال مستمراً على مستوى الشرق الأوسط. وإذا أردنا تلخيص هذه العملية والفرق بينها وبين العمليات الاعتيادية في عمليات الصمام الميترالي الكلاسيكية، فإنه يتم فتح الجلد في منتصف الصدر حوالي (14 سم)، ثم يمد شق عظمة الصدر، حتى نتمكن من الوصول إلى القلب من الأمام، ثم نقوم بإيصال جهاز القلب والرئة الصناعية للجسم عن طريق الأورطه قريباً من القلب والأذين الأيمن، ثم تتم العملية بالطريقة الكلاسيكية لإصلاح أو تغيير الصمام، أما في عمليات الصمام بالفتحات الصغيرة فنقوم بعمل فتحة صغيرة في الجانب الأيمن من الصدر (8 سم) تقريباً وندخل من بين الأضلاع، حيث لا يتم كسر أي عظم، ويتم توصيل جهاز القلب والرئة الصناعية عن طريق الشريان والوريد الفخذي، ثم عمل العملية بالطريقة الكلاسيكية العادية بدون تغيير في كفاءة وسلامة العملية.
وإذا نظرنا على مستوى العالم فهناك مراكز قامت بتنفيذ 1200 عملية من هذا النوع وبكفاءة عالية وسلامة مماثلة للعمليات الكلاسيكية، كما أن هناك مراكز قامت بعمل 450 عملية من نفس النوع أيضاً، أضافةً إلى أن هناك مراكز كثيرة بدأت تحذو حذو هذه المراكز، وتحصل على نتائج مماثلة إذا كان لديهم الأدوات والتدريب المطلوب.

* مميزات هذه الطريقة، فهي:
* ـ سرعة الشفاء والعودة إلى الحياة الطبيعية والعمل.
ـ قصر مدة الإقامة في المستشفى.
ـ الآلام أخف بكثير وكذالك المضاعفات الرئوية والسبب هو عدم كسر عظم القفص الصدري. ـ الجرح يكون أجمل من الناحية التجميلية (تحت الثدي)، فلا يمكن رؤيته (غير واضح) لا سيما لدى السيدات.
ـ نسبة حدوث الالتهابات أقل في هذه العمليات.
ولا زال أمام جراحة القلب الكثير من التقدم، حتى نتمكن من خدمة المريض وإعطائه العلاج الأفضل بدون حدوث ألم أو ضرر له.