أحمد المختار: العود هويتي الثقافية


حاورته منى كريم :


أحمد المختار ينتمي إلى لغة العالم، لغة الموسيقى، و يوظفها بحيث تحمل ملامح الوجه العراقي و ألمه، لا يخجل من الاعلان عن آراء يؤمن بها، تُكسر قداسة الافكار التقليدية، المختار ولد في العراق- بغداد 1967. حاصل على دبلوم موسيقى من معهد الفنون الجميلة في بغداد، قسم لموسيقى- آلة العود. اجازة في الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في دمشق حيث أقام هناك وواصل دراسة العود دبلوم عالٍ في تقنيات الموسيقى العالمية من جامعة لندن للموسيقى (London College Of Music). يعد لشهادة الماجستير في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن عن آلة العود والموسيقى الشرق أوسطية. قدم العديد من الأمسيات على آلة العود المنفرد في عدد كبير من العواصم العربية والأوروبية ووضع موسيقى تصويرية للعديد من الأفلام الوثائقية والبرامج الثقافية. أصدر حتى الآن مجموعتين موسيقيتين تحت عنوان "تجوال" و"كلمات" وضمتا أكثر من خمس عشرة مقطوعة موسيقية. حصل من إتحاد الموسيقيين البريطانيين على جائزة أفضل عازف وأفضل عمل موسيقي غير غربي لعام 1999 في عام 2001 أختير مع 16 موسيقي من العالم لإصدار إسطوانة موسيقية لحساب الامم المتحدة - المؤسسة الطبية للمتضررين من الحروب و الارهاب. يعمل حالياً في Ealing Studio بلندن حيث يقيم ويدرّس آلة العود، كمايعد ويقدم من الفضائية المستقلة في لندن برنامجا تلفزيونيا بعنوان (حديث العود) يتناول فيه كل أسبوع الموسيقى وتاريخها ونظرياتها ويستضيف فيه من حين لآخر فنانين ومختصين وبعض المهتمين بشؤون الموسيقى. إشترك في المهرجانات العربية والعالمية التالية: مهرجان الموسيقى العربية في القاهرة عام 1994. مهرجان مجمع الموسيقى العربية التابع لجامعة الدول العربية في دمشق عام 1995. مهرجان الموسيقي العالمية في بريطانية-كمبردج 1997-1999. مهرجان الموسيقى التلقليدية-النمسا عام 1998. مهرجان اللوت الدولي في كان-فرنسا عام 1999وفي إسبانيا عام 2001. مهرجان الثقافة العراقية في السويد عام 2002.
* لقد ذكرت في إحدى حواراتك أنك تلاحظ تقدما ً بالنسبة للتعامل مع العود في الدول العربية، ألا ترى أن عازف العود العربي يعمل على ما تركه الإرث الموسيقي دون الالتفات لفكرة الإبداع؟
- اجل... بل ان اكثر الموسيقيين تركوا الارث الموسيقي والابداع معاً ولم يعيروا اي اهمية لهما، واتبعوا العولمة الموسيقية لاعتقادهم أن الموسيقى وجبة جاهزة يمكن تحضيرها في مكان ما غير موطنها الاصلي وثقافتها الام، ولكنني قصدت أن ثمة تقدم سجله العود خلال الاعوام الاخيرة قياساً الى الستينات و السبعينات. حاضرا اصبح العود يقدم الامسيات الخاصة المنفردة وللقطع الموسيقية فكرة. اللغة الموسيقية التعبيرية دخلت على مؤلفات العود وهذا الظاهرة في تسربت الى الالات الاخرى مثل القانون والناي.
جمهور العزف المنفرد اصبح اوسع حجما من السابق ولديه وعي بالالات و القطع الموسيقية، لذا قصدت أن ما يحدث اليوم يعتبر حالة متقدمة و ليس تراجعا عن العود في الامس. صحيح ان الابداع قليل لكنه موجود واكثر من السابق. ولو نأخذ العراق مثالاً، فقد صار فيه اكثر من 15 عازفا منفردا، وأتوقع في المستقبل القريب ان الأسماء التي كانت مغبونة او مغيبة لاسباب سياسية او مواقف فكرية كانت متعارضة مع مواقف النظام السابق، سوف تظهر للعلن بقوة.

* قدمت بعض المعزوفات مع شعراء عرب و أجانب على شكل مجاورة العزف للقصيدة، كيف ترى علاقة الموسيقى بالشعر بعيدا عن فكرة الأوزان؟
- أود ان اشيد بتعبيرك الدقيق ( مجاورة القصيدة) وهو يخلص العود وموسيقاه من فكرة التبعية للقصيدة الذي لا يدركها الكثير من الموسيقيين و الشعراء معاً، لذا فما اقدمه هو ليس مرافقة بل محاكاة للقصيدة... اي ان القصيدة تسير بتواز مع ايقاع وموسيقى العود. العلاقة تكمن في عناصر متعددة وبدون الدخول بتقنيات الموسيقى او الشعر. فللقصيدة ايقاع وزمن، و للموسيقى كذلك، للقصيدة نغمات معتمدة على حروف اللغة والموسيقى كذلك، للقصيدة اداء و للموسيقى ايضا متمثلة في القوة (الداينامك) الموجودة في الاداء الموسيقي. اضافة الى تقارب الصورة الشعرية والصورة الموسيقية، اي ان للموسيقى الجادة فكرة او صورة والقصيدة العميقة كذلك. فأذا قربت او مزجت بين احدى هذه العناصر... اقصد بين ايقاع القصيدة و ايقاع الموسيقى مثالاً، حدث اللقاء بين القصيدة و الموسيقى او بين الشاعر وعازف العود، اما اذ مزجت بين أكثر من عنصر موجود في الاثنين سوف يحدث تداخل وتماهي عميق وعالي. على سبيل المثال وضعت مؤلفات من وحي بعض القصائد مبني على نفس المبدأ، اي المزج بين النقاط المشتركة، مثل قطعة "الطائر" من قصيدة لمظفر النواب "خواطر ليلية" من قصيدة "ثلاث خواطر ليلية" للراحل بلند الحيدري، "تجوال" قصيدة مستوحاة من مجموعة قصائد نادرة لهرمان هيسة، والامثلة كثيرة. اداء الشاعر وطبقته الصوتية اثناء الالقاء لها تأثير كبير على سير موسيقى العود، والقدرة في استخدام اصوات متنوعة في العود وفي مواضع مختلفة، والقدرة المتميزة لدى عازف العود في الانتقال من مقام الى أخر. المعرفة المقامية ايضا لها تأثير كبير على القاء الشاعر، حدث ذلك اثناء أمسية قدمتها مع الشاعر الامريكي روبرت بالي الذي ترجم الشعر الصوفي العربي والفارسي الى الانكليزية وتأثر بهما. هذه واحدة من العناصر المهمة التي اعتمد عليها. بالمناسبة انا في صدد اعداد دراسة صوتية ونظرية حول الاسلوب الذي اطلقت عليه (المحاكات الشعرية).في بعض الاحيان اشعر ان اداء قطعة موسيقية بعد القصيدة او قبلها له تأثير أكبر من العزف متزامناً مع القاء الشاعر، لذا اقدم قطع منفردة تلي او تسبق القصيدة.

* قلة هم العازفون النجوم، وأغلبهم يعيش في الخارج، هل لديك فكرة عن عازفي الداخل؟
- طبعاً..أنا في تواصل دائم مع نتاجاتهم وأخبارهم واحاول تقديمهم وتقديم اعمالهم في اي مكان أستطيع ولا اخشى من ذكر اسمائهم، كما يفعل البعض، ناهيك عن تعطيل مشاريعهم مستغلين العلاقات الشخصية والطوق المفروض عليهم. وقد كتبت في "ايلاف" قبل فترة زمنية ليست بالطويلة مقالاً أحاول من خلالها انصافهم ولفت الانظار لهم. وقد اثارة المقال حفيظة المحتكرين للواجهة الموسيقية العراقية والخائفين لعدم ثقتهمم بمستواهم الموسيقي. في العراق مثلا هنالك الكثير منهم: معتز محمد صالح، خالد محمد علي، سالم عبد الكريم، علي الامام، سامي نسيم، سليم سالم و اخرين، الى جانب العازفين العراقيين الذين يعيشون في اوروبا مثل عمر بشير و اسماء اخرى.. و ارجو ان يعذرني الاصدقاء الفنانين اذا خانتني الذاكرة في ذكر كل الاسماء.
أما في الوطن العربي فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك شربل روحانا من لبنان، عصام رافع من سوريا، ايلى خوري من الاردن، ادريس المالومي من المغرب، اضافة الى العازفين المعروفين من بلدان اخرى أتابع انتاجهم واسطواناتهم و مؤلفاتهم.

* العود هذا الصوت الشرقي الباهر، ماذا يمثل لك؟
- صوت العود يمثل لي كل الشرق بتاريخه وحضاراته وثقافته، يمثل صوت العراق على وجه الخصوص، هذا البلد القادم من اعماق تاريخ الحضارات القديمة من سومر وبابل واشور، مرورا بالحضارات العربية والاسلامية.
العود يعني هويتي الثقافية، وهو من الالات التي لا تمنحك اذا لم تتعامل معها بعشق و حب. نشأت مع العود ونضجت معه، لهذا فهو رفيق رحلتي الحياتية بكل افراحها واتراحها... ولا اتصور احمد مختار بدون العود. انها حالة عشق سامية تستطيع اصابعي ان ترويها بعدما امتزجت عميقا مع شكل وروحية الاوتار.

* بعد اسطوانتك الأخيرة، ماذا ستقدم في جديدك؟
- لدي عدة مشاريع سوف اترك بعضها الى الزمن المناسب... أما المعلن منها هي: انتاج اسطوانة جيدة مع الات عراقية مترافقة مع العود مثل القانون و البزق الكردي والسنطور والناي والجوزة. هذه الالات لا تعمل بشكل جماعي، بل تعزف وفقا للتوزيع ونوعية القطعة الموسيقية، لكن العود هو الموضوع الاساس. وسوف ينفُذ المشروع في الأشهر القريبة المقبلة مع شركة المانية جديدة. وستتضمن الاسطوانة الجديدة بعض الاطوار الريفية والمقامات و قطع للعود وللالات الاخرى من تأليفي، كما اتفاوض مع شركة اخرى لتسجيل قطع للعود والفلوت، وهو ما قدمته في امسيتي الاخيرة في مركز دراسات الشرق الاوسط (سواس) بلندن، كذلك اعمل مع الفنان العراقي فوزي العائدي في توزيع مجموعة من الاغاني التراثية لتسجيلها بصوته.

* احمد مختار له دور رئيس في التأسيس لنظريات موسيقية حديثة، حدثنا عن بحثك في هذا المجال؟
- قدمت بحثا عن العود و الموسيقى في مؤلفات الكندي، وقد أطلعت على أعمال معاصريه مثل الفاربي وابن سينا و الارموي. ووجدت ان موضوع اضافة الاوتار عملية ليس لها صحة وان الوتر السابع قد اضيف في القرن التاسع عشر، اما الوتر الثامن فقد اضيف قبل ان يعرف مدعي اضافته، العزف على العود، والغاية من كل هذا اللغط هي البحث عن الشهرة حتى و ان تم ذاك من خلال استغلال قلة معرفة المتلقي بالموسيقى. كذلك قدمت بحثا اخر عن التقاسيم، حاولت وضع اسس عامة للتقاسيم للمبتدئين، وفرقت في هذا البحث بين التقاسيم والارتجال، ليغدو هذا البحث مصدراً لدارسي الموسيقى العربية في بريطانيا. أحاول دئما الكتابة عن الموسيقى وعلاقاتها بالفنون الاخرى مثل الشعر، الرواية، الفن التشكيلي والرسم. وساضع الخاتمة قريبا لبحث عن مدرسة العود العراقية ابتداء من الشريف محي الدين حيدر ولغاية يومنا هذا، وسيقدم لمركز الدراسات الشرقية. من خلال البحوث التي دوّنتها اكتشفت ان الهارموني بشكله البسيط قد أستخدم في الموسيقى العربية من قبل، ولعل اول من استخدمه الكندي ، هنالك تمرين خاص به كتب في مخطوط له ألفها لأحمد أبن الخليفة المعتصم، حقق المخطوطة الباحث الكبير زكريا يوسف، واستنتجت منها عملية النوطة المزدوجة في الموسيقى العربية وهي اساس الهارموني.
وأحاول دائما ان أعكس ما هو كامن في المخطوطات العربية على طريق العزف المعاصر على العود، والاستفادة مما هو عملي في هذه المخطوطات، لذا فان مشروعي المقبل هو(نظرية الاجناس المتداخلة) وهي نظرية قديمة تتحدث عن استخدام المقامات والاجناس المقامية في كل مقام.

* بعد مقطوعات " رثاء النخيل " و" غياب "، ماذا سيقدم أحمد مختار من جديد للعراق؟
- لدي الكثير من القطع الموسيقية التي انوي تسجيلها وبعضها مع الاوركسترا، و هنا لا اعني لحن بسيط أو اغنية تراثية و تسجيلها مع فرقة، بل عمل متكامل اشبة بالكونشرتو، ولدي تعاون مع الفنان العراقي الكردي بشرو بابان بهذا الصدد، لدي قطعة لم تكتمل بعد فكرتها تشبة (طقوس حسينية في حلبجة ) المدينة الكردية المنكوبة. وقطعة أخرى اسمها "صوت الجنوب". ومنذ فترة أركز على ادخال (الاطوار الريفية العراقية) في اسلوب العزف المنفرد، حيث لم يقدم ذلك اي من العازفين العراقيين حتى الراحلين: جميل بشير ومنير بشير، اذ انصب أهتمهما على المقامات البغدادية فقط. و لغاية الان أعددت وقدمت طوري "الصبي" و"المحمداوي"...وأعمل على أطوار اخرى.
ثمة قطعة للعراق اسمها "بعد الرحيل" واخرى هي "سماعي بغداد" ربما ستتضمنها اسطوانتي الجديدة التي انوي تسجيلها في الاشهر القليلة المقبلة. أعمل حاليا مع مخرج سينمائي لوضع موسيقى تصويرية لفيلم روائي عن الحالة العراقية. واعد نفسي لامثل العراق الجديد في العديد من المهرجانات الموسيقية العربية والاجنبية التي ستقام في نهايات العام الحالي وبدايات العام المقبل.


نُشر في إيلاف

أرى انك قد نسيت أو تناسيت واحد من امهر عازفي العود في العالم الفنان / نصير شمة على الرغم من كونه صاحب مدرسة متفردة في العزف أم انها الغيرة من منافس قوي :flam::flam::flam::flam::flam:

لم أفهم كيف نسيته ؟
تقصد لم أجري حواراً معه
؟
أم لم أذكره هنا ؟

أحمد مختار يعتبر هاويا أمام موهبة نصير شمة الاستثنائية
مختار حين يعزف فهو مجرد امتداد لقافة التلقين الموسيقية التي تعتمد على التخدير وعدم الابتكار سواء في الألحان أو في أسلوب العزف التقليدي
أما نصير فهو بحق شئ مختلف تماما ولديه تمكن خرافي من آلة العود يجعلك تضحك وأنت تستمع إليه .. طبعا الضحك من شدة الاعجاب :)

نصير شمة في قمة الروعة و العبقرية ..
أجمل عبارة سمعتها عن نصير شمة .. حين كان يعزف في دار الأوبرا المصرية :
" ده ملوش حل " :yes:




منى (f)

اقتباس:  منى كريم   كتب/كتبت  
لم أفهم كيف نسيته ؟  
تقصد لم أجري حواراً معه
؟
أم لم أذكره هنا ؟

اقصد الأثنين لم تذكرية ولم تجري حوار معه على الرغم من أني بمجرد ذكر أسمه تحول الموضوع كله لكلام عنه ومدح يستحقة ... وشكراً .