قضية رئيس الوزراء رفيق الحريري الذى أغتيل إثر تفجير موكبه وسط بيروت عام 2005م واستلام القضاء الدولي مهمة التحقيق لكشف الملابسات التى لا زالت تزداد غموضاً يوماً بعد يوم مع التركيز على اليد السورية فى الأمر ومع استبعاد دول وشخصيات أخرى ربما تكون ضالعة بشكل مباشر فى العملية قد يؤدى الى تقييد القضية برمتها ضد مجهول وينتهي كل شئ ويسدل الستار على الحقيقة التى طـُمست أو هكذا أريد لها مع الدقائق الأولى من عملية الإغتيال وقبل أن تمتد أيادي المحققين والمدققين والمفتشين لرفع البصمات وربط الأدلة التى تفككت مع خراطيم المياه ودرجة الحرارة العالية وأرجل المحتشدين بالإضافة لعامل الزمن الذى تم تجاهله تماماً قبل البداية الفعلية للتحقيق .
بما أن اللهاث خلف المال وخلف السلطة ينزعان من الإنسان كثير من الصفات الآدمية ويجردانه من الرحمة ويغلقان القلب أمام الشعور والإحساس بمعاناة الآخرين عندها يكون ذلك المال أو تلك السلطة أو الإثنان معاً هما الدافع القوي والمحرض الرئيس للقيام بأي عمل ضد أياً كان حتى يرضى هؤلاء وأولئك تعطشهم اللامتناهى ونهمهم الجنوني للإستيلاء أو السطو أو الإستحواذ حتى إن كان سفكاً للدماء أو ظلم السجون وظلماتها ، ولا أستبعد هنا يد آل الحريري مع بقية الأيادي فى مقتل الحريري الرفيق من الشبهات وخاصة الحريري سعد وقد يقول قائل إن علاقة سعد بوالده سمن على عسل على بطيخ وقد يضيف آخرون بأنه كان مكمن أسراره ومن المقربين جداً عن بقية الحريريين والحريريات ، وهنا أقول حتى إن كان كذلك فقد قبّل الشيخ حمد بن خليفة يد والده ظاهراً وباطناً وهو يدعو له بسلامة العودة عند وداعه فى المطار عام 1995 م ثم إنقلب عليه وطائرته لم تغادر بعد الأجواء القطرية ومن ثم استولى على الحكم وزاد الطين بله بأن اتهم والده من صلبه بالإختلاس وطلب الحجر على أمواله فى سويسرا حتى يخرسه الى الأبد بالرغم من أنه كان ولياً للعهد ولكنه لم يستطع أن يصبر حتى يأتيه الحكم يجرجر أذياله ، إذن ما المانع بأن تكون هناك أيادٍ حريرية ناعمة أيضاً لها ضلع فى عملية الإغتيال بشكل أو بآخر طمعاً فى المال والسلطة وفى نفس الوقت يكون الحريريون قد ضربوا ثلاث عصافير بحجر واحد وخاصة أن الحريري فى صحة جيدة ولم تظهر عليه علامات الوهن بعد مما كان من شأن ذلك أن يكلفهم انتظاراً طويلاً هم فى غنى عنه وثانيها إستبعادهم من عملية الإغتيال لا بل حتى مجرد الشك بهم نسبة للأساليب العاطفية السائدة فى العالم العربي والمعمول بها فى عمليات التحقيق وثالثها تشتيت الإنتباه بإلقاء التهم على طرف ثالث سواءً فى الداخل أو الخارج ومن ثم النقر على ذلك الوتر الى ما لا نهاية .
وحكاية إنقلاب الأبناء على الآباء للوصول الى السلطة التى سنها فى التاريخ القريب على الأقل السلطان العماني قابوس الذى انقلب على أبيه واستولى على الحكم فى يوليوعام 1970م ونفى والده إلى بريطانيا حيث مات ودفن هناك بعدها بعامين ( يا حسرة ) ثم فعلها حاكم قطر الحالي وقد ينقلب أحد أبناء الشيخ حمد أيضاً على أبيه مستقبلاً ولـِمَ لا ؟ والحكمة تقول من شابه أباه فما ظلم والتاريخ أيضاً يمكن أن يعيد نفسه فى أى لحظة ، وربما كانت هناك حادثة أخرى مشابهة كانت ستحدث فى سوريا ولكن يبدو أن الرئيس الراحل حافظ الأسد قد علم بها وتم بعدها نعي باسل الأسد وذكر بأنه لقي حتفه فى حادث سيارة قرب المطار الدولي فى دمشق وربما كانت أيضاً ستحدث مع صدام حسين وابنه المدلل آنذاك عُدي لولا محاولة قتله من قبل معارضى أبيه حيث انتهى به المطاف على كرسي متحرك فاسدلت الستارة على احتمالات وسيناريوهات غير التى حدثت فى العراق بعد ذلك ، وقد يفعلها سيف الإسلام القذافي إذا شعر بأن العقيد ( روحو طويله ) فيخطط لإزاحته بالقوة خاصة بعد أن ضايقه والده فى هامش الحريات والإصلاح الذى يتحرك فيه كما يقول وأغلق عليه القناة الليبية التى كان يتنفس من خلالها ويعبر فى بعض برامجها عن ضيقه من هذا الحكم الذى لا تبدو ملامح نهايته على الأفق ، وبالطبع سيجد هؤلاء المنقلبون على آبائهم ( ستين ألف ) مفتي يبيحون لهم ذلك بالأدلة القاطعة من الكتاب والسنة ( وكلو بتمنو ) ، أما جمال مبارك فالإنقلاب على أبيه أمر صعب جداً حتى وإن اصبح عمْر حسنى مبارك مائة وخمسون عاماً لاغير لأن مصر فى اعتقادي لن تقبل بسياسة الأضلاع المتشابهة ولا بالتوريث والمُلك بعد تخلصها منه فى فترات سابقة من تاريخها .