بقلم كامل النجار
لا شك أن الأديان، منذ نشأتها، استغلها الكُهان للسيطرة على الناس وعلى أموالهم، ثم جاءت الكنيسة الكاثوليكية في أوربا القرون الوسطى وأكملت حلقة الاستغلال لأتباعها، حتى الملوك منهم، وأصبح البابا هو ممثل الله على الأرض والحاكم بأمره، وخضع له الملوك والأمراء. وما زال رجال السياسة يحسبون ألف حساب لرأي الكنيسة، خاصة في البلاد المتخلفة مثل البرازيل والأرجنتين والمكسيك، إذ أن أصوات الشعوب في تلك الأقطار تذهب لمن تؤيده الكنيسة.
ولكن الوضع في الإسلام جاء معكوساً منذ أن أذل معاوية بن أبي سفيان رقاب الصحابة بموائده الدسمة وعطائه الذي لا ينضب. ومن وقتها ظل شيوخ الدين رهن إشارة الحاكم، ولذا سماهم دكتور علي الودري "وعاظ السلاطين". هؤلاء الوعاظ مهمتهم تقيؤ الفتاوى والوعظ في المساجد، ثم على القنوات الفضائية وعلى رسائل الموبايل، لتخدير الشعوب وضمان خضوعها لولي الأمر حتى وإن جلد ظهرها.
هؤلاء الوعاظ يفتون بما قاله الصحابة وبما كان عليه السلف الصالح، ويمنعون عامة المسلمين من التمتع بالحياة الدنيا مقابل دخولهم الجنة والتمتع بالجنس والخمر. ولكن نفس هؤلاء الوعاظ يغضون الطرف عما يرتكبه أولياء الأمر من مخالفات صريحة لفتاواهم، ويغضون الطرف عما أفتوا به إذا كان لهم مصلحة مادية في الأمر. فإذا أخذنا مملكة آل سعود مثالاً، نجد:
1- أصدر الفقهاء وأهل الفتوى فتاوى عديدة تُحرّم التأمين على الحياة وشراء أسهم البنوك والشركات الاستثمارية على أساس أنها من "بيع الغرر" الذي لا يعرف الشاري حقيقة ما يشتريه إلا بعد عدة سنوات. ولكن عندما عيّنت هذه الشركات والبنوك شيوخ الإفتاء لينصحوا الناس بما تقوله الشريعة "السمحة"، قفز عدد الذين اشتروا الأسهم إلى حوالي ثلاثة ملايين شخص، وليذهب بيع الغرر إلى الجحيم (تواصل الفتاوى الشرعية ضغطها على مسيرة الاكتتابات القادمة وفي مقدمتها الاكتتاب في الطرح الأولي لأسهم شركة المملكة عقب ما تناقلته صفحات الانترنت من مد وجزر على خلفية إصدار عدد من الفتاوى الشرعية التي أطلقها بعض أعضاء هيئة كبار العلماء ومنهم الشيخ عبدالعزيز المنيع والأطرم والفوزان إضافة إلى عدد من المشايخ الأخرين وأخرهم الشيخ محمد العصيمي بتحريم الاكتتاب في أسهم المملكة استنادا إلى عملها في نشاطات محرمة من بينها العمل في نشاطات مصرفية ربوية ومؤسسات إعلامية ذات تصنيفات ومجالات نشر محرمة إضافة إلى عقارات وفنادق تحوي نشاطات محرمة من ملاهي ليلية تقدم المشروبات الكحولية كما وصفتها هذه المواقع، وكان مما استدل به الناس في حديث مجالسهم عدم وجود البنوك الشرعية ضمن البنوك المستلمة للاكتتاب.) (خالد العبود، إيلاف 9/7/2007). ولكن رغم المعاملات الربوية التي تقوم بها تلك الشركات والبنوك، فأن شيوخ الفتاوى لا يمانعون من العمل بها كمستشارين شرعيين يتقاضون مئات الآلاف من الريالات لتساعدهم في بناء قصورهم الفخمة. وحسب حجم المبلغ الذي تدفعه الشركات للشيوخ يصنف هؤلاء الشيوخ الشركات على أساس أنها "نقية" او "غير نقية" (وبات أمرا طبيعيا أن "تتسلل" الفتاوى إلى سوق الأسهم, فهناك أكثر من ثلاثة ملايين مستثمر حسب إحصاءات شبه رسمية، ويطغى على سلوك المستثمرين فيه، وبحسب تقديرات غير رسمية ربما تصل نسبة من يستندون إلى "الفتوى" إلى نحو 60 في المائة، فهم يتفاعلون مع الفتاوى الشرعية التي يطلقها بعض العلماء، والتي تصنف الشركات إلى نقية وغير نقية) (نفس المصدر).
2- أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتوى رقم 20034 بتاريخ 3/5/2007)، وتحت رئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، فتوى بتحريم الاحتفال بعيد الزهور أو تقديم الزهور في المهرجانات وحتى للمرضى بالمستشفيات، لأن السلف الصالح لم يكونوا يقدمون الزهور (وبناء على ما تقدم فإنه لا يحوز إقامة عيد الزهور، لأنه في الأصل من أعمال غير المسلمين فهو تشبه بهم، والواجب تركه واجتنابه طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما لا يجوز للمسلم المشاركة في هذا العيد أو غيره من الأعياد المحدثة في الإسلام، لان ذلك من التعاون على الإثم والمعصية، وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله أن الله شديد العقاب" "المائدة: من الآية 2". وليعلم أن تغيير الأسماء لا يغير الأحكام ، فتسمية الأعياد المحدثة بالاحتفالات أو المهرجانات أو غير ذلك لا يغير من حكمها شيئاً، لان العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هو مقرر عند العلماء، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبياً محمد وعلى آله وصحبه وسلم) انتهى. ولكن نجد أن الأمر يختلف عندما يقوم به ولي الأمر في المملكة (وشهداء الواجب {الجنود الذين فقدوا حياتهم في محاربة الإرهاب} لم يغيبوا أبدا عن الوطن وقيادته ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد، فلا تمر مناسبة دينية أو وطنية في البلاد دون استذكارهم واستحضار أمجادهم، ودعمهم معنويا وماديا من خلال أسرهم وذويهم ... وفي عيد الفطر المبارك الماضي كرم الأمير نايف بن عبد العزيز أبناء الشهداء وذويهم بإهدائهم باقات من الورد ومعايدات بالإضافة إلى دعم مادي مجز لكل أسرة) (ماجد الكناني، الشرق الأوسط 23/11/2009). فعندما يحتفل ولي الأمر بالشهداء ويقدم باقات الورود إلى ذويهم، لا يكون هذا تشبهاً بالكفار وأعيادهم، رغم أن اللجنة الدائمة للإفتاء قالت " وليعلم أن تغيير الأسماء لا يغير الأحكام ، فتسمية الأعياد المحدثة بالاحتفالات أو المهرجانات أو غير ذلك لا يغير من حكمها شيئاً، لان العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ". فهل تجرأ واحد من الشيوخ الذين خرّجوا لنا تلك الفتوى بالاعتراض على تقديم باقات الزهور في الاحتفال لأنها ليست مما كان يفعله الصحابة؟ وهل احتج شيخ من شيوخ الإفتاء على كمية الزهور المبالغ بها التي تحيط بأولياء الأمر عندما نشاهدهم على شاشات التلفزيون وهم يصافحون الزائرات الغربيات؟
3- التأمين على الحياة أو ضد الحريق أو الاشتراك في أقساط شهرية من أجل ضمان دخل للعامل بعد التعاقد، كلها حرام في الشريعة الإسلامية "الغراء" كما يظهر من فتاواهم، فقد أفتى الشيخ السعودي العثيمين بحرمة التأمين على الحياة، فقال (التأمين على الحياة ما أعرف معناه تماماً ولكن ما أظن أحداً يؤمن على الحياة لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا ينفع فيه التأمين وإذا كان التأمين يراد به أن الإنسان يدفع دراهم في مقابل أنه إذا مات يُضمُن لورثته شيء معين من المال فهذا حرام لأنه من الميسر إذ أن الدافع مغامر فلا يدري أيكسب أكثر مما دفع أو أقل وكل معاملة تكون دائرة بين الغنم والغرم فإنها من الميسر المحرم الذي لا يجوز إلا ما استثناه الشرع في مسألة الرهان على الخف والنصل والحافر)
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5433.shtml
كما أفتى الشيخ جاد الحق علي جاد الحق بتاريخ 14/12:1980، بحرمة التأمين ضد الحريق، فقال (إذا كان واقع عقد التأمين من وجهة هذا القانون أنه يعتبر عملية احتمالية حيث جاءت أحكامه فى الباب الرابع من كتاب العقود تحت عنوان عقود الغرر لأن مقابل القسط ليس أمرا محققا، فإذا لم يتحقق الخطر فإن المؤمن لن يدفع شيئا ويكون هو الكاسب، وإذا تحقق الخطر ووقع الحريق مثلا فسيدفع المؤمن إلى المؤمن له مبلغا لا يتناسب مع القسط المدفوع، ويكون هذا الأخير هو صاحب الحظ الأوفى فى الأخذ، وبذلك يتوقف أيهما الآخذ ومقدار ما يأخذه من عملية التأمين على الصدفة وحدها، وإذا صور الضمان والتضمين في الشريعة الإسلامية لنحتكم إليها في مشروعية هذا العقد أو مخالفته لقواعدها. (فتاوى الأزهر لمئة عام، من أحكام التأمين، التأمين ضد الحريق). انتهى. فكل أنواع التأمين على السيارات أو ضد الحوادث الشخصية، أو التأمين الصحي، كلها حرام لأنها تُعتبر "بيع غرر" لا يعرف المشتري ما ينتج عنه إلا مستقبلاً. ولكن عندما سمحت المملكة السعودية بإنشاء شركات التأمين التي أصبحت تدفع عوائد أكبر من شركات تأمين دول الخليج، مما أدى إلى تحول أغلب الذين يشترون صكوك التأمين إلى الشركات السعوديين، لم ينطق ولا شيخ واحد بحرمة هذا العمل لأن شركات التأمين تستأجرهم كمستشارين شرعيين.
شدد أحد الخبراء الاقتصاديين في السعودية على أن الخدمات الصحية المقدمة من وزارة الصحة حالياً لا تستطيع مواكبة التزايد المستمر في عدد السكان سواء مواطنين أو مقيمين، مشدداً على دور المؤسسة العامة للمعاشات والتقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية في التأمين على متقاعديها، إلى جانب دور الضمان الاجتماعي ووزارة الشؤون الاجتماعية في توفير وثائق التأمين الصحي للمواطنين المعتمدين لديها من غير العاملين أو العاجزين، وهو ما يراه يساعد في تسريع انهاء اجراءات إلزامية التطبيق للتأمين الطبي وصدر نظام الضمان الصحي التعاوني في المملكة العربية السعودية بقرار مجلس الوزراء رقم (71) بتاريخ 27/4/1420هـ الموافق 11/8/1999م (خالد العبود، إيلاف 11/10/2009). ولم ينبس أي من الشيوخ ببنت شفه ليقول إن التأمين على الصحة بيع غرر.
4- من المعروف أن شيوخ الوهابية يبنون مذهبهم على كراهية غير المسلم، وخاصة كراهية المسيحي، ودفع المسلمين إلى عدم التشبه بالكافرين، وعدم تقليدهم في أعيادهم وعاداتهم واحتفالاتهم. ولكن عندما قرر أحد الأمراء إنشاء فرع لحركة الكشافة العالمية التي كان قد أسسها الإنكليزي بادن باول للشباب في عام 1908، وأصبحت لها فروع في جميع أنحاء العالم، لم يعترض شيوخ الوهابية على هذه البدعة. وأصبحت الدولة تحتفل بعيد الكشاف سنوياً (عقد الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض أمس اجتماعا مع العاهل السويدي كارل جوستاف السادس عشر وذلك بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض، وناقش معه العديد من الموضوعات التي تهم الحركة الكشفية وسبل تطويرها، وفي نهاية الاجتماع منح ملك السويد الأمير سلمان بن عبد العزيز زمالة بادن باول الكشفية. كما ألقى الدكتور عبد الله العبيد كلمة رحب فيها بالحضور، واوضح أن إرادة الجميع تمثلت في تعزيز مبادئ السلام وترسيخ ذلك من خلال تربية الاجيال الذي يتمثل في جانب منه بإقامة هذا المعرض ومن خلال تحقيق اهداف جمعية الكشافة العربية السعودية التي تسعى إلى نشر الثقافة الكشفية وتشجيعها وتنظيمها في انحاء المملكة وفق الأسس والمبادئ الكشفية العالمية وتوجيه الشباب وإعدادهم خلقيا وثقافيا واجتماعيا، وأبرز مبادرة خادم الحرمين الشريفين برعاية هدية السلام إيمانا منه بأهمية الكشافة في نشر السلام في العالم، ورأى انها بدأت تثمر بجمع كلمة 28 مليونا من الشباب على كلمة السلام والوئام، معتبرا هذا المعرض الكشفي العالمي للسلام الذي يقام على وطن السلام احد هذه الثمار إلى جانب ما شهدته مدينة الجبيل في ربيع 2005، حيث التقى اكثر من 2000 شاب يمثلون 85 بلدا من كافة انحاء العالم وما تم تحقيقه في صيف 2007 بالمملكة المتحدة في المخيم الكشفي العالمي الـ 21 من نشر لثقافة السلام بين الجموع المشاركة التي زادت عن 42000 كشاف، وقال «كل ذلك شاهد اخر على إسهام الكشافة في تحقيق مبدأ نشر ثقافة السلام بين مختلف المجتمعات سعيا لتطبيق مفهوم السلام على ارض الواقع) (الشرق الأوسط، 24/2/2008). فإذا لم يكن هذا تشبهاً بالكفار، فلا أدري ما هو التشبه بهم، ورغم ذلك لازم الصمت شيوخ الوهابية ولم ينطقوا بملمة ضد هذا الاحتفال غير الإسلامي لأن راعيه أمير.
5- أما الصور في الإسلام فأمر لا لبس فيه (وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الذين يصنعون الصور يُعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) وكذلك (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. متفق عليه). ومع ذلك بدأ شيوخ الوهابية يظهرون على الفضائيات وينشرون صورهم على مواقعهم بالإنترنت، ولا ينبسون بكلمة ضد صور الملوك والأمراء التي تزين جدران مكاتب الدولة، فوعاظ السلاطين يعرفون أن أي نقد للصور سوف يؤدي إلى فصلهم عن العمل وبالتالي تجويعهم.
6- الحج، تلك العبادة الوثنية التي ما زال المسلمون يقدسونها، يقول عنها القرآن (ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) (آل عمران 97). فحج البيت ليس مطلوباً إلا لمن استطاع إليه سبيلا، وحتى محمد نفسه لم يحج إلا في آخر سنة في حياته، وحج مرة واحدة فقط. ولكن جهلاء "علماء" المسلمين، وقادتهم وعموم شعبوهم يتفاخرون بعدد المرات التي حجها كل منهم. ثم أصبح الحج ميدالية يعلقها كل حاج على باب داره الذي يصبغ باللون الأبيض ويُكتب عليه "حاج"، ولكسب قلوب الشعوب المغلوبة، أصبح الحكام يوزعون الحج كجوائز لمن لا يستطيع إليه سبيلا، رغم أن الإسلام لا يطلب منهم ذلك. فقد تكرم خادم الحرمين الشريفين باستضافة العشرات من دول البلقان لأداء الحج على نفقته (توجه ضيوف خادم الحرمين الشريفين البلقانيون إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج على نفقة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك بعد ظهر أمس، حيث ودعهم السفير السعودي لدى البوسنة عيد بن محمد الثقفي، إثر حفل أقيم لهم بهذه المناسبة في مركز «خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ...وهذه اللفتة تدل على العناية العظيمة التي يوليها ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية للمسلمين في جميع أنحاء العالم». وتابع «إلى جانب 90 حاجا من البوسنة وكرواتيا وصربيا سينزلون ضيوفا على خادم الحرمين، هناك ضيوف أيضا من دول أوروبا الشرقية والبلقان والقوقاز ووسط آسيا وأفريقيا، وهي البوسنة وألبانيا وكوسوفو وكازاخستان وتركمانستان وطاجيكستان وأرمينيا وقبرص وصربيا ورومانيا وأوكرانيا وكرواتيا وأوزبكستان وقيرغيزستان وأذربيجان وبلغاريا والتشيك ومقدونيا واليونان وروسيا البيضاء وغينيا كوناكري، إلى جانب ضيوف من دول أخرى»، وأشار السفير السعودي إلى أن خادم الحرمين الشريفين استضاف حتى موسم حج العام الماضي 14068 حاجا، مما يعني أن الرقم تجاوز الـ15 ألفا هذا العام) (عبد الباقي خليفة، الشرق الأوسط 22/11/2009). ولم نسمع شيخاً واحداً ينصح خادم الحرمين بأن الحج يجب أن يكون من مدخرات الحاج نفسه، وإلا لا يكلفه الله بحج البيت العتيق. ولكن من منهم يستطيع أن ينصح الملك؟ ونسي الشيوخ الأحاديث التي يرددونها علينا/ مثل (خير الجهاد كلمة حق عند سلطانٍ جائر).
7- وكي لا تفوت فرصة اكتساب الأجر على وزير الداخلية، فقد (وجه الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي باستضافة أسر شهداء الواجب من الضباط والأفراد الذين سقطوا خلال المواجهات مع الفئات الضالة وذوي الفكر المنحرف في جميع أنحاء المملكة، لأداء مناسك الحج لهذا العام، وذلك وفق المتبع في كل موسم، على نفقة وزارة الداخلية) (الشرق الأوسط، 23/11/2009). وما علينا من الآية التي تقول (ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها). الأرامل يتسولن في شوارع الرياض ووزارة الداخلية تصرف الأموال على أسر الضحايا لأداء الحج الذي لا يكلفهم الله به، والشيوخ قد حط على رؤوسهم الرخم فهم لا ينطقون.
8- من المعروف في جميع دول العالم في هذا العصر الحديث، أن الانتاج هو عبارة عن سلعة يبيعها العامل إلى صاحب المصنع، وبالتالي من حق العامل أن يرفض بيع سلعته إذا لم يرق له السعر المعروض، ورفض انتاج السلع هو ما تعارف على تسميته ب "الإضراب" وقد يخرج العمال في مظاهرات لحشد التأييد لموقفهم. ولكن وعاظ السلاطين الذين يهتمون برضاء ولي أمرهم وصاحب نعمتهم أكثر من اهتمامهم بالعمال، قد خرجوا علينا بفتاوى تُحرّم الإضراب والمظاهرات في الدول الإسلامية، (اعتبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية الشيخ صالح اللحيدان أن المظاهرات التي شهدها الشارع العربي ضد غارات إسرائيل على قطاع غزة من قبيل "الفساد في الأرض، وليست من الصلاح والإصلاح ... ونقلت صحيفة الحياة اللندنية عن اللحيدان قوله خلال محاضرة القاها الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض قوله إن المظاهرات حتى إذا لم تشهد أعمالاً تخريبية "فهي تصد الناس عن ذكر الله، وربما اضطروا إلى أن يحصل منهم عمل تخريبي لم يقصدوه". وأضاف متعجباً: "متى كانت المظاهرات والتجمعات تصلح) (آفاق 4/1/2009). وتسابق شيوخ الإسلام للركوب على قطار تلك الفتوى، فتبعتها فتاوى من مصر ومن الأردن ومن الكويت تُحرّم المظاهرات والإضرابات.
ولا يسعنا إلا أن نذكرهم بقرآنهم (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يُردوا إلى عذاب عظيم. وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) (التوبة 101-102).