موسى قال كلمته ومشى: لبنان قد يصبح ضحية
موسى: السياسة الحكيمة تقضي بحوار رسمي بين إيران والدول العربية (بلال جاويش)غادر الأمين العام للجامعة العربية بيروت بمثل ما وصل به إليها، وهو التحذير من حصول عدوان إسرائيلي، والتشديد على ضرورة مشاركة لبنان في قمة ليبيا، تاركاً وراءه عاصفة سجالات في شأن القمة، ومرجعية قرار السلم والحرب
بين تحذيرَي الوصول والمغادرة، شخّص الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في محاضرة في الجامعة الأميركية وضع لبنان بأنه «هادئ، لكنه قد يصبح ضحية، والجامعة العربية لن تقبل أيّ ذريعة للعدوان عليه». واقترح «توسيع عائلة دول الشرق الأوسط لتضمّ لاعبين مهمين مثل تركيا وإيران. فتركيا يجب أن تتمتع بعلاقة خاصة مع الجامعة العربية في نظام يجب أن يستنبط»، و«السياسة الحكيمة تقضي بإقامة حوار رسمي بين إيران والدول العربية». وقال: «نحن العرب يجب أن نبني موقفنا على أن إيران يجب ألا تُعَدّ حكماً عدوتنا، فنحن نحمل معاً تاريخاً مشتركاً، ومصالحنا تتلاقى وتتضافر في طرق عديدة. ويجب أن نرفض أي عمل عسكري تجاه إيران». أما إسرائيل، فرأى أنها «تخسر فرصة قيّمة للانضمام إلى عائلة دول الشرق الأوسط برفضها السلام العادل»، داعياً إلى ألّا يكون تطبيع العلاقات معها «مجاناً، بل بشروط معترف بها دولياً، وبعد تحقيق متطلبات عربية تشمل قيام دولة فلسطينية، وانسحاباً من الأراضي العربية، وتحديد منطقة في الشرق الأوسط تكون خالية من السلاح النووي».
وقبيل مغادرته، جدد موسى في المطار تحذيره من أن العدوان الإسرائيلي على لبنان «هو احتمال قائم، ويجب التحسب للاحتمالات القائمة ولحماية لبنان ومؤازرته». وحسم أمر مشاركة لبنان في قمة ليبيا «فهذا واجب ومسؤولية»، لكنه أشار إلى أن مستوى هذه المشاركة سيكون موضع نقاش «في الأيام القليلة المقبلة». ورفض الحديث عن كيفية معالجة قضية الإمام موسى الصدر في القمة، لأن ذلك «ليس مكانه الإعلام». وترك مع وعد بأنه سيعود في النصف الثاني من الشهر المقبل.
وتعليقاً على مواقفه، طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، موسى، بسؤال الزعيم الليبي معمر القذافي عن مصير الصدر ورفيقيه، وسأله: «أين موقفك من هذه القضية؟ ولماذا سكتّ عن أسرارها حتى أصبحت لغزاً يحتاج إلى حل، ومشكلة تحتاج إلى فك رموزها؟». وأعلن شرطاً وحيداً لمشاركة لبنان في القمة، هو أن تُبحث قضية الصدر في الجلسة الافتتاحية العلنية.
كذلك سأل النائب علي خريس، موسى، عمّا فعلت الجامعة العربية إزاء قضية إخفاء الصدر «الذي كان يعمل ويسعى دائماً إلى جمع كلمة العرب وتوحيدهم لحل مشاكلهم وقضاياهم، ولا سيما القضية الفلسطينية». ودعاه إلى «مراجعة موضوعية قبل أن ينصّب نفسه ناطقاً باسم لبنان».
ورغم صدور قرار قضائي لبناني في قضية الصدر، وعدم وجود أي قرار في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري لغاية اليوم، فإن النائب إيلي ماروني دافع عن التمثيل الرئاسي في قمة ليبيا، بالقول: «لقد تعالى الرئيس الحريري على جراحه وذهب إلى سوريا لإسماع كلمة لبنان، أليس من الأجدى أن يكون رئيس لبنان في ليبيا ويقول كلمته في موضوع الإمام موسى الصدر بالذات، ويطالب بكشف الحقيقة بشأن مصيره، أو ننتظر جلاء الحقيقة؟».
وفيما لم يتضح حتى الآن من سيسافر إلى ليبيا لتمثيل لبنان في القمة المقررة الشهر المقبل، أُعلن أمس أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيقوم بين 24 و26 من الجاري، بزيارة رسمية لروسيا تلبية لدعوة من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف. وبدأ رئيس الحكومة سعد الحريري زيارة للفاتيكان، سبقها حديث لتلفزيون إيطالي، واصل فيه إثارته لموضوع الخروق الإسرائيلية، محدّداً مشكلة الانتهاكات للقرار 1701 بأنها إسرائيلية «لأن الطائرات الحربية الإسرائيلية تخرق يومياً الأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية، وهذا غير مقبول».
وعن الاتهام للحكومة «بعدم منع تدفق الأسلحة من سوريا»، ردّ الحريري جازماً: «ليس هناك أي شيء من هذا القبيل. العرب يريدون تحقيق السلام، لكن إسرائيل لا تريد سوى الحرب على لبنان، على سوريا، على إيران»، مردفاً بأنّ «إسرائيل تعلم جيداً ما عليها أن تقدمه إلى سوريا، أي إعادة هضبة الجولان الموجودة ضمن إطار الأراضي المحتلة بعد حرب 4 حزيران 1967».
ولفت أمس تركيز مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، ومفتي المناطق، على التهديدات الإسرائيلية وشبكات التجسس. ودعا الأول خلال افتتاحه والحريري مسجداً في رأس بيروت، إلى «إدراك واع للمخاطر الصهيونية التي تتربص بلبنان شراً كل يوم. إن في وحدتنا قوة، وفي تضامننا انتصار بوجه العدو الإسرائيلي، الذي يحاول أن يغذي الفتنة، ويزرع الفرقة من خلال شبكات التجسس التي تكتشفها الدولة، وتنزل القصاص بالمتعاملين مع العدو الإسرائيلي، ليكونوا عبرة لكل من تسوّل له نفسه خيانة وطنه».
ومع استمرار التعليقات على خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بالدعوة إلى حصر «قرار السلم والحرب بيد الدولة»، نقل الوزير محمد رحال عن البطريرك الماروني نصر الله صفير، انزعاجه «كالعادة، من التهديدات ومن العدوان الإسرائيلي»، وقوله «إن تاريخ إسرائيل حافل بالاعتداءات والمجازر، وعلينا الجلوس إلى طاولة الحوار لإقرار استراتيجية دفاعية موحدة لجميع اللبنانيين».
في المقابل، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب حاضر لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية في جلسات الحوار. أما من يريد مناقشتها عبر وسائل الإعلام فـ«نقول له إننا سنسمع صراخك، لكن لن نرد عليك». كذلك أبدى الاستعداد لطمأنة من يخاف من قوة المقاومة، ولشرح التفاصيل له «أما إذا كان الموقف موقفاً عصبياً لا يقبل النقاش فنقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، لكننا لن نتنازل عن هذا الخط وعن هذا الاتجاه».
وإذ رأى «أن لبنان ما زال بحاجة إلى المقاومة، ولو لم تكن المقاومة موجودة لوجب على اللبنانيين أن يوجدوها»، خاطب «من أراد أن يسمع: لن تهزّنا اعتراضات البعض على المقاومة لأننا نمثل أكثرية موصوفة في الشعب اللبناني، وقد رأينا في الفترة الأخيرة من كل القوى السياسية موالاة ومعارضة كيف اجتمعوا مجدداً حول المقاومة، وكذلك على المستوى الرسمي، وهذه حصانة مهمة تضاف إلى حصانات المقاومة الذاتية». ولـ«من يريد أن يعرف مستقبل المقاومة»، قال: «سنجعلها أقوى وأقوى وأقوى حتى تعجز إسرائيل عن التفكير في الاعتداء على لبنان، لا مجرد التفكير في موازين الربح والخسارة». وبعد ما حصل في دبي، نبّه قاسم إلى أن «حاملي الجوازات الأوروبية قد يمثّلون خطراً على لبنان، وهذا يتطلب إجراءات خاصة لحماية الشعب اللبناني».
في مجال آخر، وفيما استبق عدد من نواب المستقبل والقوات اللبنانية الجلسة النيابية المقررة يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، بالتلميح إلى تطيير النصاب أو التصويت ضد خفض سن الاقتراع، دعت الحملة الشبابية والطلابية لخفض هذه السن، إلى اعتصام أمام البرلمان بالتزامن مع بدء أعمال الجلسة «للضغط على المجتمعين ولتأكيد المثابرة حتى تحقيق هذا المطلب».
http://www.al-akhbar.com/ar/node/178221