جميل مردم يطرد الجنرال بينيه
التاريخ : 10 ,06, 2010
تروى قصص عديدة مؤثرة عن مواقف وطنية مشهودة في زمن الاحتلال، ويحكى أنه في زمن الانتداب الفرنسي على سورية، ومنها موقف وزير الخارجية السوري جميل مردم بك تجاه المندوب السامي.
وجميل مردم بك المولود في دمشق عام 1893أسهم في عام 1911م بتأسيس الجمعية العربية «الفتاة» في باريس لتحرير الأرض العربية من الهيمنة الأجنبية، وعاد إلى أرض الوطن عام 1919، وأصبح مستشاراً للأمير فيصل.
وانضم إلى حزب الشعب الذي أعلن في عام 1925 الثورة ضد الاحتلال الفرنسي، وأصدرت سلطات الانتداب الفرنسي الحكم عليهما بالإعدام غيابياً، وكان وزيراً في عدة وزارات، منها وزارة الخارجية والدفاع الوطني في عام 1945.
ويروي شمس الدين العجلاني أنه في صباح يوم السادس والعشرين من شهر أيار عام 1945م شهدت شوارع دمشق موكباً عسكرياً حافلاً، يخترق شوارع دمشق محيطاً بسيارة فاخرة تحمل العلم الفرنسي، ويصل الموكب إلى وزارة الخارجية السورية، ونزل من السيارة الجنرال (بينيه) المفوض السامي للحكومة الفرنسية منذ آذار عام 1944.
وقصد الجنرال مكتب وزير الخارجية آنذاك جميل مردم بك دون موعد أو استئذان، ولم يفاجأ الوزير بدخول الجنرال الفرنسي لأن الضوضاء التي أحدثها هو وموكبه الحافل، لفتت انتباه الوزير فاتجه إلى النافذة ليرى ثكنة عسكرية بحالها قد انتقلت إلى أمام وزارته.
وألقى الجنرال تحية الصباح على الوزير مردم بك، الذي رد عليه بكل برودة أعصاب وهو يشغل نفسه ببعض الأوراق التي كانت على مكتبه، فتقدم الجنرال للوزير بمذكرة تتضمن مطالب فرنسية من الحكومة السورية، فتناولها مردم بك وأخذ يقرؤها بكل هدوء.
وبعد مرور قرابة ربع الساعة قال الوزير: إن سورية لا تستطيع قبول ما جاء في المذكرة، فرد عليه الجنرال وهل تستطيع سورية عدم القبول وابتسم بسخرية قائلاً: هل تعتقد سورية أنها دولة مستقلة لكي ترفض طلبات فرنسا؟
فابتسم مردم بك هو الآخر بسخرية: وهل تعتقد فرنسا أنها دولة عظمى لكي توجه هذه المذكرة إلى سورية؟
وأشار الوزير إلى باب مكتبه قائلاً: اخرج من مكتبي، وعقدت الدهشة لسان الجنرال، ولم ينطق بكلمة واحدة، إنما لملم نفسه وخرج من وزارة الخارجية السورية مهزوماً منكسراً.
وأدرك الوزير مردم بك أن هذه الحادثة سيكون لها ذيولها، ولا بد من وضع رئيس الجمهورية بصورة هذه الواقعة، فتناول سماعة الهاتف يطلب الرئيس شكري القوتلي، وقصَّ الوزير على الرئيس ما حدث.
فقال القوتلي للوزير غاضباً: أنت غلطان.. فعقدت الدهشة لسان الوزير وأحسّ بفداحة الأمر وأن هنالك مصيبة قد وقعت.
فقال للرئيس القوتلي: ولكن المندوب الفرنسي أهان بلدي.
فأعاد القوتلي قوله: أنت غلطان.
وأردف قائلاً: غلطان لأنك لم تقطع رقبته، أو على الأقل أن تأمر بإلقائه من أعلى درج الوزارة..