سرقات بدافع العيش والقانون أعمى ...؟!
طباعة أرسل لصديق
المحامي حسن برو - كلنا شركاء
17/ 10/ 2010
بات الوضع الاقتصادي متردياً جداً في محافظة الحسكة بشكل عام والقلة من أبنائها يستطيعون العيش بكرامة ، إلا أن الغالبية العظمى باتت تعيش تحت خط الفقر ومن لم يهاجر إلى المحافظات الأخرى يعيشون على الهامش لأن الزراعة لم تعد المورد الأساسي بالأصح،
كان يعمل في هذا القطاع حوالي 80% من سكانها باعتبارها محافظة زراعية، إلا أنها لم تعد كذلك الآن... ولذلك من الطبيعي أن تكثر الظواهر السلبية في المحافظة ،وقد حققت هذه الظواهر( قفزة كبيرة في الأعوام الثلاثة الأخيرة ) ....وباعتبار أن القانون أعمى كما يقال : فالكثير من هذه السرقات والمشاكل تحل خارج المحاكم ،وستكثر الحلول خارج قاعات المحاكم وبعيداً عن أعين القضاة وعدالتهم بعد أن تم رفع سعر الرسوم القضائية بالمرسوم /27/ لعام 2010 ودخلت التطبيق في الشهر الجاري بعد تسعين يوماً وعلى سبيل المثال لا الحصر (سلفة الادعاء بعد أن كان 15 ل.س أرتفع إلى خمس مائة ليرة سورية ) فتصوروا أن كانت السرقة أقل من ألف ليرة .....فهل سيشتكي المواطن ( إذا عرف أن الادعاء مع السلفة 1000 ل.س) وهنا سأعود إلى موضوع الأساس ( السرقة بدافع العيش )...وسأعرج على (القانون وتطبيقاته) .
1-خمس نساء لسرقة علبة سمنة تزن خمس كيلو: قبل مدة من الزمن وفي مدينة رأس العين تحديداً دخلت خمس نساء محل للسمانة وبعد أن ألهت اثنتان منهن البائع قامت الثانيات ، بتخبئة علبة سمنة تزن خمسة كيلو غرام فقط ؟؟! ووقفت الأخيرة تراقب المارة وبعد ان خرجن أحس صاحب المحل بهذه السرقة ،فاتصل بالشرطة وتم تنظيم ضبط والقبض على اثنتان منهن وتوارت الباقيات ، ليتم اتهامهن من قبل النيابة العامة بموجب الماد622/// من قانون العقوبات ( لأجل علبة سمنة خمس كيلو فقط) .
2- نسوة تسرقن بقصد علاج فلذة أكبادهن :ثلاث نساء دخلن إلى محل لصياغة الذهب وخلال دخول الزبائن وانشغال الصائغ معهم سرقت إحداهن خاتم يزن فقط 2غرام مع العلم بأن البائع أكد بأن الكثير من الخواتم كانت تزن ثلاثة أضعاف الخاتم المسروق ،وبعد خروجهن من المحل شك الصائغ باختفاء الخاتم ،ولحسن حظه وسوء حظ النساء كان لديه كاميرا للمراقبة ،وبعد أن أعاد الكاميرا إلى الوراء تعرف عليهن ،واتصل مع زوجها العاطل عن العمل (كما روى الصائغ) وبعد نصف ساعة تم إعادة الخاتم ولم يشتكي الصائغ ،
وبالسؤال عن السبب ادعى الرجل بأنه عاطل عن العمل منذ الحصاد ولديه خمس أولاد ،وكانت أختاه في زيارة لعنده ، وتسكن أخت للمرأة معهم وأحد أبنائه مريض ولا يستطيعوا أخذه إلى الطبيب والمشفى الوطني لايثقون بها ، فما كان من صاحب المحل إلا أن أعطى /1000/ ل .س له لأنه يعرف هذا الشخص حق المعرفة .
3- سرقة بقصد إسكات الجوع : وضع أحد الأشخاص
خمس كيلوات فريكة في سيارته بيك أب وذهب ليجلب باقي أغراضه من المحل ،وعندما وصل في الحادية عشرة صباحاً لم يجدها في السيارة ،وعندها أخبره أحد الجالسين على الرصيف المقابل بأن امرأة كانت بجانب السيارة ،وهي التي أخذت الكيس من السيارة وظنّ بأنها كانت معه لذلك لم يمنعها ....
إذاً مالذي يدفع بامرأة في ريعان شبابها لسرقة خمس كيلوات من الفريكة سوى الجوع أو إسكاته ؟ .
لم يلاحقها الرجل فاضطر لشراء خمس كيلوات أخرى ....وهو يضرب الكف بالكف !!
4- إذا قبضت على المرأة متلبسة فأنها تتعرض للابتزاز غالباً : في القامشلي بالقرب من سوق الأتراك وبينما أتجول مع صديق لشراء بعض الحاجيات كان صاحب أحد المحلات وهو شاب في العقد الثالث يتكلم عن (حرامية حسب وصفه) بأن شابة ومعها طفل صغير في العربة ،أتت لشراء بعض الأغراض قبل ثلاثة أيام ولوجود ازدحام فأنها قامت بسرقة ألبسة للطفل ووضعتها في العربة وحينما سألها عن الألبسة التي أخذتها فقد أنكرت ، إلا أن الشاب قام برفع الطفل ووجد الثياب تحته .....حينها ترجته الشابة بأن لا يفضحها ، إلا أن الشاب طلب رقم هاتفها وأكد لها بأنه قام بتصويرها وسيعرفها مهما فعلت ..... وأخذ منها موعداً فوافقت على أن يلتقيا في اليوم التالي بمحل عام .....ويضحك قائلاً : إلا أن هاتفها مغلق إلى الآن وقد أخذت اللباس للطفل دون أن تدفع ..
هذه الحوادث حصلت وغالبيتها لم يشتكي أصحاب العلاقة عند القضاء أو الشرطة باستثناء واحدة لأسباب كثيرة ، إلا أننا سنتكلم :عن المواد القانونية بهذا الشأن فقد عالج القانون في مواده 621-634 من قانون العقوبات موضوع
السرقة ....وقد تم تعريفها في القانون السوري والفرنسي هي أخذ أو اختلاس المال المنقول المملوك للغير.
وإذا اقترنت بالظروف المشددة المنصوص عليها في المواد من /622 إلى 627/ قانون عقوبات:
وهذه الظروف المشددة إما أنها لا تؤثر في وصف الجريمة بل تبقى السرقة جنحة وإما أن تغير وصف الجريمة وتحولها من جنحة إلى جناية.أما العقوبة في السرقة وبحسب القانون اقترنت السرقة المنصوص عيها في المادة /628/ من قانون العقوبات بظروف أوجبت التشديد في العقاب ويمكن حصر أنواع ظروف لتشديد في :1- ظروف تتعلق بالمكان الذي وقعت فيه السرقة مثال سكن دور عبادة.2- ظروف تتعلق بالزمان الذي ارتكبت فيه السرقة مثال الليل لأنه يجعل السرقة أشد خطرا سواء بسهولة القيام بالفعل من قبل الجاني وبالصعوبة التي يلقاها المجني عليه في حمايةماله.
3- ظروف تتعلق بتعدد المرتكبين لكونه يسهل ارتكاب الجريمة ويجعلها أكثر خطرا لأن تضافر عدة أشخاص على الفعل يؤدي إلى تعدد وسائل العمل وهذا مما يزيد الخطر الذي يلحق المجني عليه ويسهل تنفيذ الجريمة.
4- ظروف تعلق بالوسائل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة كالقناع وحمل السلاح لما لها من تسهيل في اقتراف الجرم ويفيد أن حامله ينوي استعماله عند الحاجة مما يستدعي التشديد لما لهذا الفعل من خطر على المجني عليه.
5- ظروف تتعلق بصفة الفاعل كأن يكون الفاعل خادماً أو أصانعاً أو عاملاً عند المجني عليه وحكمة التشديد هنا لأن السرقة هنا تخل بواجبين الأول واجب الأمانة والثاني الواجب الخاص الذي توجبه على الخادم الثقة الاضطرارية التي يتحتم على المخدوم وضعها فيه وبشكل عام بسب خيانة الأمانة وتعذر الاحتياط من الفعل للسهولة التي يستولي فيها الخادم على مال مخدومة،الحالات المخففة للعقوبة نص المادة /633/ من قانون العقوبات:
إن سرقة شيئاً من محصولات الأرض أو ثمارها التي لم يتناولها المالك ولم يجنها وكانت قيمتها أقل من ليرة يعاقب بغرامة لا تتجاوز المائة ليرة ،وعلة التخفيف هنا هي زهادة قيمة المسروق ووجود المحاصيل معروضة للأنظار وفي متناول كل من يمر؛
عقاب السرقة البسيطة: تتراوح العقوبة في معظم المواد من شهر إلى سنتين.
عقاب السرقة المقترنة بظرف مشدد: بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبالغرامة.عقاب السرقة المخففة: بغرامة لاتتجاوزالمائةليرة.
أما الأعذار المحلة: حسب مواد 239 و 240 من قانون العقوبات:أن السرقة لا يعاقب عليها إذا وجد عذر محل فلا عقاب إذا كان السارق مصاب بالجنون أو بعاهة في عقله وقت استيلاءه على الشيء المسروق ولا عقاب على السرقة في حال وجود أكراه سواء أكان ماديا أو معنويا ولا عقاب على الشخص الذي يسرق ليقي نفسه من الموت جوعا إذا سرق شيء يقتات به .
هنا نضع بين يدي القارئ الكريم وبحسب نص المادة 622 في الحادثة الأولى التي سردناها مالذي نطبقه في هذه الحالة أو الجرم ( الأعذار المحلة والتي تمت السرقة بقصد الحصول على علبة السمنة ) أما سنطبق المادة 622 في فقرتها الأولى التي تقول : ( ب- بفعل شخصين أو أكثر ) علماً بان نيابتنا الموقرة دائناً وفي جميع الأحوال تأخذ بالوصف الأشد لأي جريمة .
المحامي حسن برو - كلنا شركاء
هنا يقرر القاضي شهر مع رشوة 10 آلاف ليرة وسنتين بدون رشوة ....هذا الفارق يمنح القاضي سلطات كبيرة وهذا خطأ بالقانون السوري المأخوذ عن الفرنسي ولكن القاضي هناك غالبا شبعان ونذيه
http://all4syria.info/content/view/33558/104/
ملاحظة أخرى إذا تجاوز الجوع مرحلة معينة فلا استغرب أن يقوم البعض بالسرقة عمدا ليذهب الى السجن ...خاصة إذا وصلنا لمرحلة يصبح بها طعام السجن أفضل من طعام البيت بسبب الغلاء والبطالة والفساد ....إلخ.....