«الأهرام» للأسد: كفّ عن تسويق الوهم في المنطقة
على نصب الشهداء في جبل قاسيون (سانا)على نصب الشهداء في جبل قاسيون (سانا)آخر تحديث 2:14PM بتوقيت بيروت | خاص بالموقع
شنّت صحيفة «الأهرام» المصرية هجوماً لاذعاً على الرئيس السوري بشار الأسد، وطالبته بتغيير سلوكيات سوريا في المنطقة وفك تحالفه مع إيران، ملمحة إلى تقاعسه عن تحرير الجولان المحتل.واتهمت الصحيفة، في مقال رئيسي كتبه رئيس تحريرها أسامة سرايا، رداً على تصريحات للأسد طالت القاهرة، سوريا بأنها «تساعد إيران في فرض نفوذها وهيمنتها على العراق ولبنان والخليج وفلسطين». وقالت «لا تريد مصر من الحكومة السورية الآن إلا أن تكف عن لعبة التوفيق بين التناقضات وتسويق هذا الوهم في المنطقة».
وتابعت الصحيفة إن «هذه التناقضات التي جاء بها الرئيس السوري تجعلنا نتوجّس خوفاً منه، لا من إيران وحدها. لقد أوهمنا الأسد بأنه مع المقاومة، وهذا خط أحمر لا يتخلى عنه في سياسته. لكننا نعرف جيداً أنه عملياً ليس مع المقاومة، وإلا لكانت المقاومة في الجولان لاسترداد الأرض وتحرير ما بقي من التراب السوري أولى بجهوده ومساعيه». وأضافت «لكن إذا كانت المقاومة لحساب إيران، فيبدو أنه معها لمصلحة ألاعيب سياسية إقليمية، تتغذى من القضايا القومية العربية مثلما تستخدم قضايا العرب وهمومهم عبر التاريخ لمصلحة الاستئثار بالسلطة أو لمصلحة أهداف أخرى غائبة، بينما تتأخر الحلول وقضايا العرب».
وأشارت «الأهرام» إلى أن «ما تريده مصر من سوريا هو التعاون مع العرب في وقف النفوذ الإيراني في فلسطين، وألا تكون يد إيران في مساعدة الأقليات الشيعية في الخليج». وأضافت «قد نقبل الاختلاف في الآراء مهما تكن، ولكن حين تتحول إلى سلوكيات وتحركات وبرامج تعمل سوريا مع إيران على تنفيذها على حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية، فهذا واقع جديد يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح في اختلاف الآراء».
وكان الأسد قد أعلن لصحيفة «الحياة» وجود «اختلاف كبير في الآراء» في القضايا السياسية بين البلدين، وطالب القاهرة بأن تقول ماذا تريد من سوريا.
(يو بي آي)
http://www.ahram.org.eg/334/2010/10/29/25/45872.aspx
عفواً.. الرئيس بشار
بقلم: أسامة سرايا
الرئيس بشار الأسد.. مثل كل التصريحات السورية يريد أن يجمع بين متناقضين لا اتفاق بينهما ولن يكون.
الرئيس السورى بشار الأسد
الرئيس السورى بشار الأسد
إيران بسياساتها الراهنة فى المنطقة، والمصالح العربية كما يفهمها أبسط السياسيين، وإذا كان الرئيس السوري مقتنعا بأنه يمكن لسوريا أن تجمع بين هذين المتناقضين, فإن التسويق الإعلامي لتلك القناعات السورية في المحيط العربي أمر لايمكن قبوله أو التغاضي عنه. فقد نقبل الاختلاف في الآراء مهما تكن, ولكن حينما تتحول إلي سلوكيات وتحركات وبرامج, تعمل سوريا مع إيران علي تنفيذها علي حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية, فهذا واقع جديد, يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح في اختلاف الآراء.
لست هنا في مجال الرد علي حديث الرئيس بشار الأسد, ولكنه فقط توضيح وبيان أصبح ضرورة من أجل حماية المصالح العربية العليا التي تتعرض للخطر من إيران وسوريا, ومن محاولة تسويق سياساتهما والعبور فوق التناقضات الحقيقية القائمة.
الرئيس بشار يري في زيارة نجاد إلي بيروت تدشينا لولادة الشرق الأوسط الجديد, كما يراه أو يأمله, أو كما عمل من أجله في السنوات الأخيرة, ويريد أن يعطي إيران راية القيادة لشرق أوسط جديد. ونحن نري ما حدث في بيروت محاولة مستميتة من الإيرانيين للوجود في قلب المنطقة العربية باستخدام قضاياها الأصلية بل مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي لمصلحة الملف النووي الإيراني, أو باستخدام عنيف وعابث لورقة المقاومة, أو استخدام حزب الله لقمع شركاء الوطن, أو الاستخدام الأسوأ لملف الأقليات والصراعات الدينية بل الطائفية, وتحديدا السني والشيعي, وهو ملف يخشي منه أن يأتي علي ما تبقي للمنطقة من الاستقرار.
الرئيس الأسد في حديثه المثير للجدل والأقاويل يري أن الدور الإيراني في المنطقة مثل الدور التركي, وليس هناك خلاف بينهما. وهذا حقيقي في جانب, وخطأ في جانب آخر, في الجانب الأول: الأتراك لهم مصالح نعترف بها, ولكن تلك المصالح لاتناقض المصالح العربية, ولاتعرض أمن العرب للخطر والتقسيم الطائفي.. وفي العراق يساعدون علي وحدة الوطن وعدم انقسامه طائفيا, والمشكلة الكردية نموذج. وهم في المشكلة الفلسطينية لم يعملوا علي تجنيد ميليشيات عسكرية يستخدمونها من حين لآخر لتحقيق مصالحهم, كما يحدث من إيران مع حزب الله في لبنان أوحماس في فلسطين.
.............................................................
إما إيران فقد استطاعت التمركز في لبنان باستخدام الطائفة الشيعية وحزب الله, والصوت يعلو الآن بالتهديد للطوائف الأخري, إما أن تكونوا معنا أوالبديل الآخر معلوم ومعروف, وليس7 آيار مايو ببعيد,كما حاول الرئيس السوري تبسيطه بأنه كان تعبيرا عن حقائق علي الأرض ترجمها حزب الله وهددنا بأنه من الممكن أن تتكرر, ويجب علي الجميع أن يعترف بها أو تتم تصفيته.. ومع ذلك فإن إيران لايمكن أن تختزل تاريخ لبنان وشعبه ونضاله في حزب الله مهما يبلغ تسليحه, وتبلغ قدرته علي إرهاب شركاء الوطن. وتعرف إيران قبل غيرها أن أسلحة حزب الله لم تعد موجهة إلي إسرائيل بل هي لتهديد اللبنانيين ووحدة بلادهم.
هذه التناقضات التي جاء بها الرئيس السوري تجعلنا نتوجس خوفا منه, وليس من إيران وحدها. فلقد أوهمنا الرئيس بشار أنه مع المقاومة, وهذا خط أحمر لا يتخلي عنه في سياسته. ولكننا نعرف جيدا أنه عمليا ليس مع المقاومة, وإلا كانت المقاومة في الجولان لاسترداد الأرض وتحرير ما تبقي من التراب السوري أولي بجهوده ومساعيه. ولكن إذا كانت المقاومة لحساب إيران, فيبدو أنه معها, لمصلحة ألاعيب سياسية إقليمية, تتغذي علي القضايا القومية العربية مثلما يتم استخدام قضايا العرب وهمومهم عبر التاريخ لمصلحة الاستئثار بالسلطة أو لمصلحة أهداف أخري غائبة, بينما تتأخر الحلول وقضايا العرب.
ذكرنا الرئيس السوري بشار الأسد أن أمريكا هي صانعة التوتر والفوضي في الشرق الأوسط, وهذا صحيح تماما, ولكنه لم يتكلم مثلما شرح وحلل أن إيران هي الأخري كانت شريكا لأمريكا في احتلال العراق. وأنها الأخري صانعة الفوضي وتقود ميليشيات لضرب وقتل العراقيين بلا رحمة أو سند من قانون أو حتي مصلحة, بل للقتل والثأر التاريخي وحده.
نحن نعرف الآن تاريخا لخروج القوات الأمريكية من العراق, ولا نعرف تاريخا لخروج القوات الإيرانية من لبنان أو تاريخا لمنع تدخل الميليشيات المسلحة إيرانيا لقتل العراقيين وتدمير عروبتهم.
أما ما ذكره الرئيس السوري عن علاقات مصر بسوريا بأنه لايريد شيئا من مصر, فإن مصر تريد الكثير من سوريا الأرض والشعب والتاريخ.. سوريا التي كانت دوما سندا لمصر في صد العدوان علي المنطقة عبر التاريخ. لاتريد مصر من الحكومة السورية الآن إلا أن تكف عن لعبة التوفيق بين المتناقضات, وتسويق هذا الوهم في المنطقة. فالمصالح العربية لمصر كما هي لسوريا الشعب والتاريخ, الخط الأحمر الذي لايمكن تجاوزه أو المقامرة به. أما السياسة السورية الراهنة فقد خرجت علي هذه المصالح, وارتضت أن تمارس دورا لحساب قوة إقليمية, لايمكن أن تعمل لحساب أمن المنطقة واستقرارها.
لا نريد الحديث كثيرا, فنحن حقيقة نخاف علي الرئيس بشار وعلي سوريا, ولا نريد لهما أن ينجرفا في صراعات لا طائل من ورائها, فاستقرار سوريا بل ازدهارها يهمنا شعبا وحكومة بل وطنا, فسوريا تعني لنا مصر, ومصر لدي المصريين تعني سوريا. وهذا الكلام لا يدركه البعض في سوريا, خاصة من تستخدمهم إيران ضد مصر بل ضد القضايا العربية في العراق وفلسطين ولبنان, بل في الخليج في البحرين والإمارات وصولا إلي السعودية.
نريد من سوريا أن تتدخل وتستخدم علاقاتها مع إيران لتلجيم دورها التخريبي في منطقتنا, وتساعد الفلسطينيين علي التحرر الوطني وإقامة دولتهم, لوضع حد للانقسام بين الضفة وغزة. وأن تستخدم نفوذها ولا تستخدمها إيران في تحجيم الدور العربي في منطقتنا, ثم تتباكي عليه.. وكأن الدور العربي حتي يكون موجودا أو مؤثرا يجب أن يتبع في خطواته وسياساته ورغباته الاحتياجات الإيرانية أو يدفع المنطقة للصراعات أو الحروب ضد مصالحها ومستقبلها, نريد من سوريا أن توقف الانقلاب الإيراني علي الطوائف الأخري, خاصة علي المسيحيين وسنة لبنان.
نريد من سوريا أن تتعاون مع العرب في وقف النفوذ الإيراني في فلسطين حتي تتمكن من إعادة لملمة الفلسطينيين معا, وفي وحدة تحمي مصالحهم, وتحفظ ما تبقي للقضية الفلسطينية من وجود. نريد من سوريا ألا تكون يد إيران في مساعدة الأقليات الشيعية في الخليج للاستئساد علي الاستقرار الخليجي.
إن فعلت سوريا ذلك فقد عادت إلي مكانتها التي عرفناها, وإلي قوتها التي ندخرها لدعم قضايا العرب.. وهذا فقط ما نريده اليوم من سوريا.