المنتجون: القرصنة والأجور الفلكية تمنع التعاون معهم
مغنون معروفون ينتجون ألبوماتهم.. والسبب "هروب شركات الإنتاج"
السبت 29 ذو القعدة 1431هـ - 06 نوفمبر 2010م


القاهرة - دار الإعلام العربية

قديماً، كانت شركات إنتاج الكاسيت والموسيقى تتهافت وتتقاتل على استقطاب مشاهير المطربين، وتسعى إلى تسخير كل إمكاناتها لإنتاج أعمالهم في ألبومات خاصة تسخر لها شتى أنواع الدعاية.

الآن، لم يعد الأمر كذلك، صارت الشركات تتهرب من كبار المطربين، ولا تكترث بالإنتاج لهم، بل ربما تنتج لمطربين مغمورين وتتجاهل تماماً المشاهير. والسر كما قال لـ"العربية.نت" العديد من المعنين في سوق الكاسيت، هو ما تتعرض له أعمال كبار المطربين من قرصنة تكبد شركات الإنتاج خسائر كارثية.

سياسة التهرب التي اتبعتها شركات الإنتاج دفعت بكثير من المطربين للإنتاج لأنفسهم، مثل المطربة المغربية سميرة سعيد التي عانت كثيراً مع شركة عالم الفن، وتبادلت اتهامات مع مالكها محسن جابر بأنه لم يمنحها حقها في الدعاية أو تصوير الكليبات، وبالتالي أخذت القرار بالإنتاج لنفسها في أحدث ألبوماتها.
هشام وجنات يستعدان للتجربة



الأمر نفسه، قرره المطرب هشام عباس، بعد أن قررت شركة روتانا عدم تجديد عقده، وأكد أنه في انتظار عرض متميز من شركات الإنتاج يتناسب مع تاريخه ومكانته في الوسط الغنائي، وإذا لم يأت هذا العرض فسوف يقوم بإنتاج ألبومه المقبل على نفقته الخاصة، على أن تتولى إحدى شركات الإنتاج عملية التوزيع فقط.

وعلى الرغم من تأكيد المطربة المغربية الشابة جنات أن هناك أكثر من شركة طلبت ضمها، لكنها لا زالت تدرس هذه العروض لتختار الشركة المناسبة لها، وأكدت أنه "لا يفرق معها" أن يكون اسم الشركة التي ستنضم لها كبيراً من عدمه، ما يشغلها فقط أن تلبي هذه الشركة كل طلباتها.

في الوقت نفسه، لم تتوقف جنات عن العمل بعد انفصالها عن شركتها الأم "جود نيوز"، مؤكدة أنها تستمع وتختار أغنيات ألبومها الجديد وتدفع المقابل المادي للملحنين والشعراء من جيبها الخاص، على أن تستكمل باقي الأغنيات مع الشركة التي ستتعاقد معها، وفي حال عدم وجود عروض جادة خلال الفترة المقبلة سترجح قرار الإنتاج لنفسها.
ساندي وإيمي وخالد وهيثم وحسام



في الاتجاه ذاته، قرر المطرب الشاب هيثم شاكر إنتاج ألبومه الجديد بنفسه، وذلك بعد فسخ تعاقده مع المنتج نصر محروس.

أيضاً المطرب حسام حبيب، وعلى الرغم من انتهائه من أكثر من 90% من أغنيات ألبومه الجديد الذي قرر طرحه خلال موسم عيد الأضحى المبارك مع شركة ميلودي؛ قالت العديد من المصادر إن شركة الإنتاج لم تدفع مليماً واحداً في أغنيات هذا الألبوم، ولم يتقاض المطرب أي أجر من الشركة، بل تكلف بجميع نفقات الألبوم.

"إيمي السنة دي" هو عنوان ألبوم المطربة الشابة إيمي الذي طرحته أخيراً من إنتاجها الخاص بعد تجاهل شركات الإنتاج لها، فقامت بإنتاجه من الألف إلى الياء.

المطرب خالد سليم أيضاً قرر الإنتاج لنفسه بعد أن اكتشف أنه لا مفر من خوض هذه التجربة، بعد أن تأكد من تراجع دور شركات الإنتاج التي تخلت عن مسؤولياتها تحت دعوى تعرض الأعمال إلى القرصنة.

وهو ما فعلته أيضاً المطربة المصرية ساندي، التي دخلت مجال الغناء والطرب بأموالها الخاصة، ولم تستند إلى أي شركة إنتاج لتنتج ألبوماتها، فقد قدمت أولى تجاربها "ابن جارتنا" على نفقتها الخاصة، وكانت تنوي طرح ميني ألبوم خلال أيام إلا أنها تراجعت عن الفكرة وقررت عمل ألبوم كامل على جزأين.
"المطربون هم السبب"



بدوره، أكد أسامة رشدي، أحد مسؤولي شركة "أرابيكا ميوزيك" أنه "لا يوجد أي ركود في سوق الكاسيت، بدليل وجود العديد من المطربين والمطربات من شتى أنحاء الوطن العربي المتعاقدين مع الشركة سواء إنتاج فقط أو إنتاج وتوزيع، وليس لي دخل بالشركات الأخرى التي تعيش على التوزيع فقط وتمتنع عن الإنتاج".

وأشار إلى أن شركته دخلت سوق الإنتاج بقوة، وكل مطربيها من الصف الأول، مؤكداً أيضاً أن الشركة تقوم على تشجيع الشباب مادياً ومعنوياً كي يكونوا موجدين على الساحة.

أما نبيل إدوارد، مدير الإنتاج في شركة ميلودي مصر، فأوضح أن المطربين يعتقدون أن شركات الإنتاج تجني أرباحاً خيالية من ورائهم، وهم لا يستفيدون أي شيء من تلك الأرباح، وهناك من يطلبون أسعاراً فلكية مقابل التعاقد مع شركات الإنتاج، وهذا ما يؤدي إلى ابتعاد شركات الإنتاج عنهم.

وأوضح أن ما يحدث الآن في سوق إنتاج الكاسيت سببه الرئيسي المطربون الذين يرجعون في النهاية نادمين ويبحثون عن شركات تشتري ماستر الألبوم بعد أن يقوموا بالانتهاء من جميع أغنياته، بعد أن يتيقنوا أن الألبوم مكلف للغاية، وبالتالي لن يقدروا على الإنفاق عليه مثل شركات الإنتاج التي وجدت خصيصاً لهذا العمل.

وأضاف: "أعتقد أن المطربين لو تريثوا قليلاً في كلامهم سيجدون أن شتى شركات الإنتاج تقف إلى جانبهم، وبالتالي لن يفكرون في الإنتاج، لأنه ليس من مهامهم ولا مصلحتهم، فالإنتاج ليس مجرد أموال تدفع، لكنها عملية معقدة وإدارة ذكية تحتاج إلى أشخاص ذوي خبرة لا يملكها المطربون".
"الشركات وراء الكارثة"

من جانبها، قالت أميرة محروس، مسؤول الإنتاج في شركة فري ميوزيك إن "إنتاج المطربين لأنفسهم أصبح ظاهرة في ظل عدم وجود الأرقام الفلكية والخيالية التي يطلبونها. ولا جدال أن هذا أحد الأسباب التي أدت إلى انخفاض الإنتاج، بعد أن أصبح مهمة شاقة بسبب الإنترنت والقرصنة التي أثرت بالسلب على السوق".

وأوضحت أن القرصنة والإنترنت ليسا السببين الوحيدين في حالة الركود، لكن السبب الأهم هو المبالغ الخيالية التي كانت تدفعها شركات الإنتاج للنجوم، خاصة شركتي "روتانا" و"عالم الفن"،وهاتان الشركتان من أسباب دمار سوق الكاسيت بعد أن سنتا الأرقام المبالغ فيها لأجور المطربين.

أخيراً، أوضح المنتج ياسر حسانين أنه بعد قرصنة الإنترنت أصبح من الصعب تحقيق أرباح لأي مطرب، فيما عدا مطربين أو ثلاثة على مستوى الوطن العربي، أمثال عمرو دياب وتامر حسني، اللذان لا يتأثران بتلك القرصنة، مما يؤدي إلة تقلص إنتاج الألبومات.

وختم قائلاً: "أعتقد أن هذا سيؤثر على مستوى ومستقبل الأغنية العربية، ما لم يتم وضع قوانين وقواعد تمنع تحميل الأغنيات من الإنترنت، وتتصدى للأجور الفلكية".