تحية

كثير من الناس يختلط عليهم مفهوم الإيمان بمفهوم الإقتناع . شتان ما يبنهما وشتان ما بين  نتيجة وأثر كل واحد منهما على الفرد والجماعة .
في حديثنا عن الإيمان لا نقصد  الإيمان المتعلق بالدوغما الدينية فقط بل بأي فكرة متكبرة متعجرفة  سمحت لنفسها أن تكتب تاريخها على  جلد البشر , في لاشعور الإنسان , في بطون عصبوناته , تقتات على ذاك العشق النرجسي للإنسان في امتلاك الحقيقة المطلقة , تقتات على ذاك الضعف والخوف الإنساني الذي يجعله يلهث وراء كل ثابت , وراء كل ركيزة وهمية تعطيه بعضا من صفاتها المطلقة , تغدق عليه من بعض خلودها , من بعض قوتها . كل فكرة  سمحت لنفسها بأن تكتب لنصها الخلود والثبات , ليبرالية كانت أو شيوعية , دينية أو إلحادية .

أما فيما يخص الفرق بين مفهوم الإيمان والإقتناع  فسنورد بعض النقاط :

1- الإيمان مطلق  والإقتناع نسبي

2- الإيمان ثابت والإقتناع متغير بحسب قوة الإقناع وقوة الحجة نفسها

3-الإيمان لا يشك وهو دائما في الجانب الدفاعي ,  الإقتناع أساسه الشك وهو دائما في الجانب النقدي

4- الإيمان لا دليل علمي عليه وهو لا يحتاج أصلا لحجة  , الإقتناع يتعامل مع الحجج المتغيرة .

5- الإيمان أصله ومنشأه التربية والبيئة التي ترسخ وتكتبه في جلد الإنسان ليمتزج بشخصيته ويصير ركيزة تبلور معالم شخصيته و ترسم آفاق آماله فأي انهيار لهذا الإيمان يسبب انهيار في بنيان الشخصية التي تحتاج بعدها لترميم , أما الإقتناع فأصله ومنشأه  الموضوعية أي لا تقديس للفكرة وتدميرها لا يسبب انهيار في شخصية الإنسان و لا  تزعزع قيمه وعقائده  

6- المؤمن  تعامل مع الفكرة بسخونة فهو يحرص عليها كما تحرص الأم على ولدها والدجاجة على بيضتها مما يدفعه " للتدليس التقي " أو تحوير الحقائق العلمية أو إنكار البديهية لحماية بيضته (معتقده) وتاج رأسه وكبريائه و ركيزة آماله وذكريات أمه وأبيه , أما المقتنع يتعامل معها ببرودة فهي مجرد فكرة رخيسة بخيسة  لا يكترث لو دمرتها حقيقة أحق منها و زهقتها ... فهو يعلم أن مليون فكرة ستأتي بعدها . والحق أحق أن يتبع .

7- المؤمن يعتقد أن فكرته من الفطرة كما يقول الآب ربان «لأن قلب وروح الإنسان لا يشعران بأي شيء، كلما كانا لا مباليان إزاء هذا الإنطباع العامّ، أي الإيمان بالإله المغروس في الطبيعة » (1) , أما المقتنع يعتقد أن فكرته مجرد فكرة ( فهو لا يخلط بين الكاف والطاء / فكرة - فطرة )

8- المؤمن يعتبر إيمانه  من مميزات الإنسان مما يُسَهِل له عملية نزع الأنسنة عن الشخص الغير مؤمن فيجرده من إنسانية بتهمة إنكار الفطرة أو الميزة الإنسانية الثابتة ( هو يقصد فكرته طبعا ! ) وبإنكاره هذا قد تحول لحيوان يسهل سبه و الإنتقاص من قدره  فيقال عنه [u]نجس أو كافر أو تخلد في النار أو قرد أو خنزير شرير ضال لا تستحق الحياة[/u]( من كلام الشيخ نبيل العوضي و الشيخ إسحاق الحويني أنظر المصدر أسفل الصفحة) نجد الأديب فيكتور هوغو يقول : «ملحد! ماذا يمكن أن يعنيه؟ كائن في صورة إنسان، يستحق أن يتبوّأ مكانه بين الدواب!» و يضيف آخر  «يجب أن يُرثى لحال الملحدين، لأن في حالتهم من الشّقاء ما به الكفاية … يجب أن يُرثى لحال الكفرة الباحثين. ألا يكفيهم ما هم عليه من شقاء؟ ويجب تجريح من يتباهون بالكفر )» ويقول القرآن عن الكفار أنهم أضل من الأنعام وأنهم أنجاس وهم خالدين في النار , و يعتبر بعض الشيوعيون الإنساان الليبرالي مجرد وحش أناني حلال دمه , كما يعتبر الليبراليون الشيوعين مجرد وحوش كاسرة كافرة ملحدة  يجب مقاومتها و قتلها  , أما المقتنع يظن أن الفكرة  ما هي إلا نتيجة تخمين عقلي لكنها لا تدخل في التركيبة الجينية للإنسان وغير ممتزجة بذاته ولا مترسخة في كينونته لهذا تجد المقتنع يحترم الغير حتى لو خالفه في الفكرة و المعتقد .

9- الإيمان تقديس للمعتقد الفاني  المتغير , أما  الإقتناع فهو تقديس للإنسان الخالد المولد للفكرة ذاتها , يقتنع بها ردحا من الزمن مادامت صالحة ثم ينبذها نبذا ويتقيأها ويتخلى عنها كما تتخلى الأشجار عن أوراقها في فصل الخريف وكما تتخلى المرأة عن دمها في كل شهرتصاحبها في ذالك  آلام ضرورية , فدمها منها  وفيها مادام صالحا لوظيفته فإذا انتهت عهدته قُذِف وطُرِح خارج الجسد ... فياليت يتعلم المؤمن من الطبيعة نفسها .
المؤمن يجعل المعتقد هو الفطرة , أما  المقتنع يعتقد أن" القدرة على التفكير" وحدها هي الفطرة وليس الفكرة نفسها. . ......   وحدها القدرة على انتاج الفكرة  هي فطرة بني البشر وليس الفكرة في حد ذاتها .

10- الفكرة تموت , الإنسان لا يموت

11 - الفكرة تموت , الإنسان  مولد حي للأفكار .

المصادر
الحويني يحلل دم نوال السعداوي " المفتي يتعامل مع السعدواي بدبلوماسية غير حميدة ... كان ينبغي أن يقول[u] هذه امرأة كافرة دمها حلال " !

نبيل العوضي يقول أن المرتدينزنادقة لا يستحقون والله أن يعيشو لحظة واحدة على هذه الأرض " وهم حثالة البشر "
انظر الدقيقة 06:32  

(1) Rapin, De la comparaison de Platon et d’Aristote
(2) Pierre Bayle, Continuation des pensées divers,, in Id, Œuvres divers III, La Haye, La compagnie des libraires, 1737, p. 400 b.

شكراَ لك

والمدونه رائــعه