لتبيان سخافة الوضع في البحرين ..
التجنيس السياسي يتهدّد البحرين
الملك يراجع الخطأ... بعد بلوغ الهدف!
رئيس الحكومة البحرينية خليفة بن سلمان آل خليفة والنائب سلطان (حسن جمالي ــ أ ب)
التجنيس السياسي في البحرين من أكثر المواضيع سخونة على مدى عقود، اتخذ منحى تصاعدياً بعد انطلاق مشروع الإصلاح قبل 10 سنوات، وارتبط بهدف سياسي، وحوله تدور شبهة مؤامرة تحوكها السلطة «السنّية» لتغيير الطبيعة الديموغرافية للمملكة ذات الغالبية الشيعية، وأُحيط بالكثير من الغموض والسرية لجهة أعداد المجنسين وهويتهم. لكن الملك حسم الجدل أخيراً، عندما وجّه انتقادات صريحة للعملية، الأمر الذي أثار ارتياح المعارضة
إعداد: شهيرة سلوم
تقول السلطة البحرينية إن كل عمليات التجنيس جرت قانونياً، وتحدد رقماً لا يتعدى 80 ألفاً، شمل كل من يستحق الجنسية بموجب قانون 1963 وتعديلاته في 1981 و1989، بينهم عدد لا بأس فيه من ذوي الأصول الإيرانية، وبعض هؤلاء ينشط بقوة على الساحة السياسية البحرينية.
المعارضة، من جهتها، تؤكّد أن «نيات السلطة السيئة» هي وراء عمليات التجنيس، متخذةً «تقرير بندر» الشهير سبيلاً لتقوية حججها بأن مؤامرة ما تدبر لتغيير الطبيعة الديموغرافية للمملكة، وتتحدث عن عمليات تجنيس غير شرعية تتجاوز أضعاف ما تقوله السلطة.
جولة مفصلية يشهدها هذا الملف مع التصريح الأخير الذي أطلقه الملك حمد بن عيسى آل خليفة الشهر الماضي حول تقييد التجنيس. هذا الموقف قد يعبّر عن امتعاض عام من التجنيس بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية والوطنية، وهذه نتيجة طبيعية لتجنيس عشوائي، كما تصفه المعارضة، إضافة الى مساوئ تغيير الطبيعة الديموغرافية للبلد.
لكن من جهة ثانية، فإن «مخطط» التجنيس كان يفترض أن يبلغ هدفه في سنة 2010، وذلك استناداً الى تصريحات وتقارير سابقة، ومن ضمنها تقرير بندر، ما يجعل الإعلان اللافت للملك موضع تساؤل لكونه جاء في توقيت مُثير للشبهة.
وأكد الملك ضرورة التزام مكتسبي الجنسية البحرينية بالقانون والروح الوطنية والانتماء. وقال «لقد أثبتت الممارسة في مجال التجنيس أن من غير المعقول أن ينتمي إنسان إلى بوتقة الهوية الوطنية البحرينية التي نعتزّ بها جميعاً، إلا إذا كان متشبعاً بالروح الوطنية البحرينية العالية طبعاً وأخلاقاً وسلوكاً».
أكبر جمعية معارضة في البرلمان «الوفاق» رحّبت بهذا الموقف. ورأى النائب الأول لرئيس مجلس النواب خليل مرزوق، في حديث لـ«الأخبار»، أن «هناك حال رفض شعبي كبير لموضوع التجنيس، عبّر عنه توقيع أكثر من 90 ألف مواطن على عريضة رفض». ويشير الى ارتفاع شعبية هذه الحال، ومن كان يدافع في السابق عن التجنيس وصل إلى اقتناع بأنه لا يخدم أي عنوان طائفي أو سياسي، بل يضرّ سياسياً وأمنياً واقتصادياً بالبلد.
ويتابع مرزوق أن هذا الاقتناع وصل الى الملك «من خلال مستشارين ومقربين والكثير من أفراد القيادة»، وفي مقدّمهم وليّ العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، الذي كان مقتنعاً بأخطاء العملية، وهكذا تقاربت وجهتا النظر الرسمية والشعبية «ووصلنا الى محطة مهمّة من التوافق». ورأى في خطاب الملك نقطة انطلاق لمعالجة التجنيس السياسي.
بدوره، يقول النائب «الوفاقي»، المسؤول عن ملف التجنيس، حسن سلطان لـ«الأخبار» إن «الملف هو من القضايا الكبرى التي هي محل قلق لعموم المواطنين البحرينيين، ولا سيما في غياب الشفافية». ورحّب بموقف الملك، موضحاً أن خطابه في افتتاح الفصل التشريعي الثالث للبرلمان «كان واضحاً ويلامس القلق من التجنيس السياسي ويلتقي مع رؤية المعارضة»، لكن ما تنتظره المعارضة هو «تفعيل هذا الخطاب تجسيداً لهذه الرؤية»، لافتاً إلى أن أهم ما جاء فيه هو أن «التجنيس أضرّ بالمملكة»، وأنه حدّد ضوابط تتشابه مع تلك التي طالبت فيها المعارضة. ودعا الملك الى إعلان صريح وفوري لوقف التجنيس والبدء، إما بطرح مشروع قانون لتنظيم الجنسية، أو عدم عرقلة ما يمكن أن تقدمه المعارضة من مشاريع قوانين بهذا الشأن. ورغم أنه طالب «من دون شك بمراجعة عمليات التجنيس السابقة»، فإنه رأى أن خطوة الملك كافية في الوقت الحالي.
لكن النائب الأوّل لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو لا يرى في كلمة الملك ما يوحي أن «هناك شوائب قد حصلت في عمليات التجنيس السابقة». وقال لـ«الأخبار» إن الملك أوضح أن من «يحصل على الجنسية يجب أن يستحقها ويحافظ عليها، وبالتالي فيها تأكيد أن الأشخاص الذين منحوا الجنسية تنطبق عليهم الشروط القانونية وهم يستحقونها، وأن من يريد اكتسابها يجب أن تنطبق عليه هذه الشروط».
ويشير فخرو إلى أن البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي ليس فيها شخص يقيم في البلد منذ فترة طويلة ولا يحمل جنسيتها، في إشارة الى البدون في بعض دول الخليج. ويقول إن نحو 35 ألف شخص منحوا الجنسية، وهؤلاء نزحوا الى البحرين واستوطنوا فيها، وهم من أصول إيرانية وغالبيتهم من الشيعة.
ويدعو فخرو المعارضة الى تأليف لجنة تحقيق برلمانية، وعندها ستحظى بتعاون الحكومة. ويتابع «كذاب من يقول إن في البحرين من يعرف عدد أبناء كل طائفة، فالطوائف لا تسجل في الأوراق والجوازات والبيانات الرسمية، نحن لسنا في لبنان». ويتهم المعارضة بالافتراء على الدولة عبر القول إن التجنيس جرى على أساس طائفي، متسائلاً «لماذا تفتح أبواب لتنمية الحقد والطائفية ونشر القلق في ظل دولة تؤدي واجبها وتضمن المشاركة السياسية من مختلف الجمعيات والتيارات السياسية والشعب يحصل على حقوقه؟»، مشيراً إلى أن البحرين تراقب ما يجري في بيروت، ولا يستبعد أن «نصبح مثل بيروت إذا استمرت عمليات التجييش».
الكلفة الاقتصاديّة والأمنيّة
يتحدث النائب حسن سلطان عن الكلفة الاقتصادية الباهظة لعمليات التجنيس، إذ كلفت الخزينة أكثر من 100 مليون دينار، وذلك في ظل المشاكل المزمنة التي يعانيها قطاع الخدمات، وتُلقي بثقلها على جودة الخدمات الحكومية، مع وجود أكثر من 15 ألف متخرج جامعي عاطل من العمل، ومصادرة أكثر من 20 ألف وظيفة، إضافة الى «شح الموارد الذي تعانيه المملكة».
وتحدثت بعض الأوساط عن علاقة بين توجه الحكومة الحالي لرفع الدعم عن السلع الأساسية، والدعوة الى وضع ضوابط لعمليات التجنيس، وهو ما لم يستبعده سلطان.
وتطرق النائب «الوفاقي» الى التداعيات الأمنية لعمليات التجنيس برمّتها، مشيراً إلى اكتشاف «خلية عريفجان» من المجنسين (مجنس بحريني من أصل أردني) قبل عام كانت تنوي تفجير معسكر عريفجان، وهو أكبر معسكر للقوات الأميركية في الكويت.
وبالإضافة إلى تشويه صورة المملكة في الخارج، يرى سلطان أن عملية التجنيس أنتجت «مكوّناً آخر للمجتمع منغلقاً على نفسه يعيش في كانتونات، ولا يستطيع أن ينفتح على الشعب البحريني».
وقد سجل المجنسون عدداً كبيراً من المخالفات وارتكبوا جرائم خطيرة، وسلّط الإعلام الضوء عليها، ووجهت انتقادات من مختلف الأطراف لعمليات التجنيس، وصدرت دعوات من السلطة والمعارضة تحض على ضرورة ضبطها. وتتفق أطياف المعارضة على حصول مخالفات فاضحة في عمليات التجنيس التي جرت خلال السنوات الماضية، فبعض المجنسين مثلاً، لا يجيد اللغة العربية.
وعرض سلطان بعض مشاكل التجنيس، وضمنها أن مجموعة من المجنسين يحملون جنسيات عدة، وهذا مخالف للقانون. وشدّد على أن التجنيس أضرّ بالمجتمع البحريني بمختلف مكوناته، لا الشيعة فقط، رافضاً إعطاء العملية بُعداً طائفياً. لكنّه أقرّ بأن التجنيس كان سياسياً ويخدم المصالح السياسية، وبالتالي فإن غالبية المجنّسين من المذهب السني، رغم أن أتباع هذا المذهب كانوا من الأشدّ متضرراً.
وعن التوجهات السياسية للمجنسين، استبعد أن تجنّس السلطة سنّةً معارضين، ولم يسبق أن سجلت حالة أبدى فيها المجنسون معارضتهم للسلطة، اذ إن غالبيتهم تعمل في الوظائف الأمنية.
بلوغ الهدف 2010
وإذ يؤكد إدراك الجميع النتائج الكارثية للتجنيس السياسي، يرى نائب رئيس مجلس النواب خليل مرزوق أنه إذا كان هناك هدف ما لتغيير التركيبة الديموغرافية للبلد، من خلال زيادة عدد طائفة ما على حساب طائفة أخرى، فإن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق من دون إحداث أضرار أكبر منه، واتضح أن الدولة لا يمكن أن تتحمّل أعباءه الاقتصادية والأمنية.
ويتساءل الناشط المعارض المقيم في المنفى (لندن) سعيد الشهابي، في حديث لـ«الأخبار»، «هل اكتمل مشروع التجنيس وحقق غايته مع حلول 2010 ولهذا كان الموقف اللافت للملك؟». ويتطرق الى ما قاله المحامي عبد الله هاشم (الأمين العام لجمعية حركة العدالة الوطنية والذي أصبح مقرباً للسلطة) قبل سنوات، من أن مشروع التجنيس سيكتمل في عام 2010. كلام هاشم جاء تعليقاً على المطالبة بتعديل الدوائر الانتخابية، فقال إنه في عام 2010 ستكون هناك بعض التوازنات، وعندها سنؤيد دعوة المعارضة لتعديل الدوائر.
ويحذّر الشهابي من أن ذلك إذا تحقق فهو يعني قلب المعادلة الديموغرافية. ويرفض رغم ذلك التعامل مع الشيعة بوصفهم أقلية في الانتخابات. وطالب بإعادة النظر في كل عمليات التجنيس منذ 1975، وأن تكون هناك مساواة في قانون التجنيس بين العرب وغير العرب، وألّا يكون وفق أهواء الحاكم.
وعن موقف الملك، وما إن كان يعبّر عن قلق من تداعيات التجنيس أم أن العملية قد بلغت هدفها في 2010؟ يقول سلطان «مما لا شك فيه أن ما جاء في تقرير البندر عن بلوغ البرنامج السياسي لعمليات التجنيس هدفه في 2010 يؤكد أن نسبة التجنيس وصلت الى غاية معينة»، لكنه يعيد ويُثني على موقف الملك.
التقييد لا يكفي
في مقابل المواقف المرحّبة بإعلان الملك تقييد التجنيس، فإن البعض لم ير فيه أي بادرة لافتة أو إيجابية. ويرى الشهابي، وهو أحد المتهمين الـ25 بالتخطيط لتعطيل الدستور وصدرت بحقه مذكرة اعتقال غيابيّة، إن البحرين تعاني مشكلتين: الوجود والحقوق. ويرى أن الملك الحالي هو من خلق مشكلة الوجود مع فتح عمليات تجنيس غير قانونية.
ويشدد الشهابي على أنه عند طرح موضوع وضع ضوابط للتجنيس بعد تأليف لجنة برلمانية قبل ست سنوات، جاء ردّ الحكومة على أن من يهتم بالتجنيس هو الملك وحده، مشيراً إلى أن المادة السادسة من قانون 1963 تقول إنه في بعض الحالات الاستثنائية فقط يحق للملك منح الجنسية، لكن ما جرى هو تعميم الاستثناء، بحيث جنّس عشرات الآلاف في حالات استثنائية. ولفت الى نوعين من التجنيس، قانوني وغير قانوني، وأرقام الحكومة تتحدث فقط عن العمليات القانونية، وبالنسبة إلى المجنسين بموجب قرار ملكي، فهم لا يدخلون في السجلات، مشيراً إلى ما يقارب 200 ألف مجنس بأمر ملكي خلال السنوات الماضية.
وحذّر الشهابي من مكوّنات «الشعب الجديد» في البحرين، وقال إن مخاطر التجنيس تطال السلطة، وإن المواطنين السنة هم الأكثر تضرراً واستياءً، لأن توطين المجنسين يحصل داخل مناطقهم.
ويؤكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب خليل مرزوق غياب الشفافية لجهة الإحصاءات والأرقام الصادرة عن السلطة. لكنه يشير الى أنه من خلال الإحصاءات ما بين عامي 2002 و2008، فإن الفرق بين الزيادة الطبيعية لعدد السكان (النمو الطبيعي مقارنة بعدد الوفيات والولادات) والزيادة الفعلية، يُقدّر بـ68 ألف نسمة، وهذا ناتج من عمليات التجنيس.
ويتحدث سلطان عن المراحل التي قطعها التجنيس السياسي الذي بدأ في الستينيات وتصاعد في التسعينيات، وبلغ ذورته بعد عام 2000، فيقول إنه ما بين عامي 2002 و2007 جرى تجنيس 82 ألف حالة، بحسب أرقام السلطة التي قالت إنها جرت قانونياً، علماً بأن ثمة تصريحات رسمية تتحدث عن 120 ألف مجنس. لكنه جدّد اتهامه للسلطة بأنها لا تتعامل بشفافية مع الأسئلة البرلمانية، وتحاول تضليل الرأي العام.
مشروع المعارضة
يعرض النائب الأول لرئيس مجلس النواب خليل مرزوق في حديث لـ«الأخبار» الخطوط العريضة التي يتضمّنها مشروع قانون التجنيس الذي أعدّته المعارضة.
ويشدّد مرزوق على وجوب حظر حمل جنسيتين، وإلزام المجنس التنازل عن إحداهما، إضافة الى شرط الإقامة الدائمة في البحرين، متسائلاً كيف تعطى الجنسية لأشخاص لم تطأ أقدامهم أرض المملكة؟ ويؤكد ضرورة تحديد سقف سنوي لعملية التجنيس، يكون وفق حاجة البلد لا لأسباب سياسية.
ويشير الى أن القانون الجديد يجب أن يردم بعض الثغر في عملية التجنيس، ومن ضمنها حق إعطاء المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني الجنسية لأولادها، وفي ذلك ثغرة قانونية يمكن من خلالها تمرير عمليات التجنيس.
ويذكر النقطة المثيرة للجدل في القانون وهي «عظمة الحاكم»، بحيث يعطي القانون الحق للملك بمنح الجنسية استثنائياً، وهذا الاستثناء يُساء استخدامه، وجرى اللجوء إليه مخرجاً للكثير من عمليات التجنيس السياسي. وأكد أن التشريع الجديد سيلحظ ضوابط لمعالجات تبعات التجنيس السابق.
سابقة قانونية في «خليّة البحرين»: المحكمة تقرّر «تأديب» المحامين
أهالي المتهمين أمام مقر المحكمة في المنامة أمس (حمد محمد ـ رويترز)
لم تنجح كل محاولات المحامين، الأصليين والمنتدبين، وعلى مدى 7 جلسات من محاكمة ما يعرف بـ«الشبكة التنظيمية في البحرين»، في وضع القضية على السكّة الدستورية. وتصدّى القضاة الثلاثة في المحكمة الكبرى الجنائية للمحامين، بإحالة كل من تساءل حول دستورية مرافعته، في ظل رفض المتهمين الـ23 لدفاعه، إلى المجلس التأديبي، وتأجيل الجلسة الى الأسبوع المقبل، على أن تبدأ معها المرافعات.
وفي جلسة أمس، انضمّ 5 محامين جدد إلى زملائهم الـ19 الذين سبقوهم في الاعترض، إلى المجلس التأديبي، في سابقة قضائية هي الأولى من نوعها في المملكة، وعقوبتها قد تصل إلى إغلاق مكاتب المحاماة.
وتقدّم 5 من هيئة الدفاع المنتدبة الثانية، علي أحمد العريبي وشهناز علي عبد الله ولؤي عبد الغني قاروني ونبيلة السيد علوي مجيد وتيمور عبد الله كريمي، بطلب الى المحكمة لعرض حالتهم على وزير العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف، وهي تتمثل برفض المتهمين جميعاً لهيئة الدفاع الجديدة، وهذا يعني عدم جواز قبولهم المهمة دستورياً.
كذلك طلب محاميان من أصل 15، إحالة تعيين هيئة الدفاع الجديدة بموجب المادة 216 من قانون الإجراءات الى المحكمة الدستورية للنظر بشأنها، لأن تعيينهم بموجب هذه المادة يتعارض مع المادة 20 من الدستور.
في مقابل ذلك، أصرّ محام واحد، هو عوض فوده، على الاستمرار في الدفاع عن المتهمين. وقال إن المتهمين تعسفوا في استخدام حقهم بالموافقة على هيئة الدفاع. وعندما سألت المحكمة المتهمين الـ23 فرداً فرداً عن قبولهم بهيئة الدفاع المنتدبة، كان ردّهم جميعاً: «نرفض هيئة الدفاع المنتدبة ونصرّ على تمسكنا بهيئة الدفاع المتنحية الأساسية».
ورفعت المحكمة الجلسة بالقرارات الآتية: تأجيل الجلسة الى 20 من الشهر الجاري، والبدء بالمرافعات ابتداءً من الجلسة المقبلة وإحالة المحامين، الذين طلبوا رفع حالتهم الى وزير العدل لقبول الترافع، الى المجلس التأديبي، ليضافوا الى 19 محامياً من هيئة الدفاع المنتدبة الأولى (المجموعة الثانية من المحامين)، الذين أصرّوا خلال الجلسة السادسة السابقة على قبول المتهمين بدفاعهم صراحة، ولما رفضوا قررت المحكمة احالتهم الى وزير العدل لمخالفتهم المادة 41 من قانون المحاماة، قبل أن يتسلموا مذكرات احالتهم الى المجلس التأديبي قبل يومين.
وأوضح النائب عن جمعية «الوفاق» سيد هادي الموسوي، لـ«الأخبار»، أن هيئة الدفاع المنتدبة انقسمت الى ثلاثة أقسام: قسم قبل الترافع، يتألف من 10 محامين، وذلك رغم رفض المتهمين بوضوح هيئة الدفاع المنتدبة برمّتها، وإصرارهم على الهيئة الأصلية. وقسم ثان طلب الفصل في دستورية المادة 216، الفقرة 2 منها، التي تقول «فإذا تبينت المحكمة أن المتهم في جناية لم يوكل عنه من يدافع عنه من المحامين انتدبت له محامياً»، وتعارضها مع المادة 20 من الدستور التي تنص صراحة على قبول المتهم الجنائي بمن يمثله للدفاع. ورأى هذا الفريق أنه إذا وُجد أن هذه المادة لا تخالف الدستور، فلا مانع لديه من الاستمرار في المحاكمة.
أما القسم الثالث من المحامين، فقد أعلن صراحة أنه لا يستطيع الدفاع عن المتهمين.
ورأى موسوي، الذي كان حاضراً الجلسة، أن هذا الانقسام هو تعقيد للمحاكمة، بحيث بات هناك محوران: محور المتهمين ومحور المحامين، الذين قاربوا 50 محامياً منذ بداية المحاكمات في 28 تشرين الأول.
وكانت هيئة الدفاع الأصلية، المؤلفة من نحو 23 محامياً، قد تنحّت لرفض المحكمة القبول بمطالبها، فانتدبت المحكمة هيئة أولى، انسحب غالبيّة أعضائها تقريباً خلال الجلسة السادسة بعد رفضهم قبول تمثيل متهمين يرفضونهم، فانتدبت المحكمة هيئة ثانية تكميلية، (4 من الهيئة المنتدبة الأولى قبلوا الدفاع هم رباب العريض وأحمد الشملان وعبد الرحمن خشرم وهدى المهزع، اضافة الى تعيين 19 محامياً جديداً). ثم أُعفيت العريض لاحقاً، ربما بحسب الموسوي، لمنع السلطة التشريعية من الدخول في قضية مثيرة للجدل بهذا النحو، لكون العريض عضوة بمجلس الشورى، وانتُداب محام جديد بدلاً منها.
واستغرب النائب الوفاقي أن «المحامي خشرم لم يكتف فقط بقبول الدفاع بل قدم مرافعة في الجلسة السابقة»، رغم أنه لم يلتق المتهمين. وأعرب عن اعتقاده بأن أسباب قبول بعض المحامين الدفاع تعود الى أنهم يخافون من الإجراء التأديبي.
وأوضح النائب الوفاقي أنه عندما يرفض المحامون المنتدبون من وزير العدل الترافع، فهم لا يفعلون ذلك بسبب رغبة شخصية، بل استناداً الى رؤية قانونية ودستورية، ولشعورهم بأنهم عملياً لا يستطيعون الدفاع، لكن «المحكمة لم تكترث لموقف المحامين المستند الى الدستور».
وتوقّع انتداب محامين تكميليين (لنصل بذلك الى هيئة منتدبة ثالثة ومجموعة رابعة من المحامين)، وفي هذه الحالة ستكون الكرة في ملعب المحامين الجدد: هل يقبلون الدفاع والاستمرار بالمحاكمة، أم يصرّون على موقف زملائهم السابقين؟
ورأى الموسوي أن هيئة المحكمة تريد تسريع المحاكمة، وأن أزمة الدفاع عرقلت سيرها، إذ بعد 7 جلسات لم تبدأ المحاكمة الفعلية. وأشار إلى أن تعيين جلسات متقاربة زمنياً دليل على نية لدى السلطة القضائية في تسريع المحاكمة وإغلاق هذا الملف. وتابع «هناك قرار سياسي بإصدار حكم سريع. ومثلما بدأت القضية في 13 آب بطريقة سريعة ومفاجئة هناك سعي لإنهائها بالطريقة نفسها»، مشيراً إلى أن إصدار الحكم سيكون إرضاءً للحل السياسي.
بدروه، أكّد المحامي محمد أحمد، وهو أحد أفراد الهيئة الأصلية المتنحية، أنهم غير مخولين حضور جلسات المحاكمات. وشدّد على أن الهيئة تصرّ على موقفها ولن تعود للدفاع ما لم تأخذ المحكمة بمطالبها التي دفعتها الى التنحي، والمتمثلة بالتحقيق في التعذيب وإعادة التحقيق.
العدد ١٣١٤ الجمعة ١٤ كانون الثاني ٢٠١٠
عربيات
http://www.al-akhbar.com/?q=node%2F1797