لا نهاية قريبة في سورية
رأي القدس
2011-07-18
يتبادر الى ذهن الكثيرين من الذين يتابعون المشهد السوري هذه الايام ان الاوضاع ربما تكون قد دخلت مرحلة من الجمود، او التكرار بمعنى اصح، متظاهرون ينزلون الى الشوارع والميادين كل يوم جمعة، وقوات امن تطلق النار بقسوة وبهدف القتل. الخلافات بين جمعة واخرى ربما تتمثل في عدد القتلى صعودا او انخفاضا حسب التقديرات غير الرسمية.
الصورة اعمق من ذلك كثيرا، والوضع يشهد اضافات جديدة اسبوعا بعد اسبوع،
فالمعارضة تزداد قوة يوما بعد يوم، والنظام يزداد شراسة يوما بعد يوم في المقابل، ويستخدم كل الطرق والوسائل من اجل فرض هيمنته، والاستمرار في السلطة.
عندما نقول ان المعارضة السورية تزداد قوة فذلك يأتي من خلال، اتساع نطاق المظاهرات الاحتجاجية وامتدادها لاكثر من 150 مدينة وبلدة وقرية، وزيادة اعداد المشاركين فيها، فمن كان يتوقع ان يخرج نصف مليون متظاهر في حماة، ومليون تقريبا في مظاهرات الجمعة الماضية في دير الزور وضواحيها ومدن اخرى.
التطور الآخر على صعيد المعارضة هو تكثيف انعقاد المؤتمرات فبعد مؤتمري انطاليا وبروكسل، شهدنا مؤتمرا اوسع تمثيلا من حيث الكم والنوعية ينعقد في مدينة اسطنبول، وتشارك فيه منظمات وجمعيات وشخصيات لم تشارك في المؤتمرين الاولين.
الظاهرة الاخرى اللافتة للنظر تنحصر في
امتداد عمليات الاحتجاج الى ايام الاسبوع الاخرى، اي انها لم تعد مقتصرة على ايام الجمع فقط، مما يعني ان حاجز الخوف لم ينكسر فقط، وانما بدأ يتهشم مما قد يشكل قلقا اكبر للنظام وقواه الامنية.
صحيح ان مدنا كبرى مثل دمشق وحلب، حيث تتركز النسبة الاكبر من فئة رجال الاعمال، والطبقة الوسطى، لم تلق بثقلها في الاحتجاجات حتى هذه اللحظة، وتراقب الموقف عن كثب
وبقلق لافت، بينما تنحصر مظاهرات الاحتجاج في ضواحيها واريافها، ولكن ربما لا يطول هذا الوضع،
لان طبقة التجار والرأسمالية الوطنية تراهن دائما على مبدأ الانتظار، اي انها تريد ان تعرف من هو الفائز في السباق ثم تقرر الانحياز اليه، وطالما ان المعارضة لم تحسم الامور لصالحها حتى الآن، فان الانتظار هو عنوان المرحلة بالنسبة الى هذه الطبقة او الفئة، وقد تتغير الامور اذا ما بدأ النظام يفقد هيمنته، او بالاحرى سيطرته على مقاليد الحكم،
ولا يوجد اي مؤشر على ذلك حتى هذه اللحظة.
تدهور الوضع الاقتصادي بسبب الحصار والعقوبات الغربية الاقتصادية المفروضة على سورية قد يلعب دورا سلبيا بالنسبة الى السلطات الحاكمة في المستقبل القريب، فالتعاملات التجارية انخفضت الى النصف في الايام الاخيرة، وربما يستمر هذا الانخفاض في الاسابيع المقبلة، ومعدلات اشغال الفنادق فوق الصفر بقليل في معظم المدن السورية مما يعني ان الموسم السياحي انهار بالكامل.
الولايات المتحدة الامريكية ودول غربية اخرى
تراهن حتما على انهيار الوضع الاقتصادي باعتباره اقصر الطرق لانهيار النظام، لانها لا تستطيع التدخل في الوضع السوري عسكريا او حتى سياسيا على غرار ما حدث في ليبيا لعدة اسباب ابرزها رفض المعارضة السورية، او الوطنية منها على وجه التحديد، اي تدخل اجنبي، وقوة النظام السوري على الصعيدين الامني والعسكري، وهي قوة يمكن ان تلحق خسائر بشرية كبيرة في صفوف اي قوات امريكية، لان النظام السوري ليس مثل نظيره الليبي بلا حلفاء. فهناك ايران وهناك حزب الله علاوة على قطاع لا يستهان به من الشعب السوري يقف الى جانبه.
لهذه الاسباب جميعا وغيرها يمكن القول بان الحسم في سورية سواء لمصلحة النظام او لمصلحة معارضيه سيطول اكثر مما توقع الكثيرون.