ام احمد تريد ابنها حيا أوميتا .. ليكن مشوّها .. ليكن مقطعّا .. هي تريد فقط قطعة صغيرة منه ... تستطيع تقبيلها ... أوقطعة أكبر تستطيع حضنها .. اشتقت إليك ياولدي .. ياأحمد ... لاتلمني إن فقدت عقلي .. وهمت على وجهي إلى المرابع حيث ولدت .. كبرت .. لعبت .. إلى مدرستك الابتدائية التي أخذوك إليها قبل شهر من قلب المظاهرة .. قال رفيقك الجريح .. إنهم أصابوك في قدمك .. وحين اقترب لإسعافك أصابوه في كتفه فهرب واختفى خلف سيارة شحن ومن هناك شاهدهم يطلقون النار على صدرك .. ليس متأكدا إن كنت مت .. ياولدي .. لكنك كنت .. تسبح في بركة من دمائك .. . ياولدي .. قال : رفع أحمد يده اليمنى .. وكان يقول شيئا لم أسمعه ..ياولدي .. قال رفيقك الآخر: كنا مئات في المدرسة .. حشرونا في الصفوف .. أما أحمد ورفاقه النازفون فقد تركوهم في باحة المدرسة .. يستغيثون .. يتحشرجون .. طلبوا منا أن ... نكبّر .. لإلاههم .. لم نجرؤ .. خفنا أن يغضب علينا .. إلهنا ..أطلق قائدهم رشقة من يندقيته فوقع منا ثلاثة ... نقلهم الجند إلى الباحة ... كبّرنا .. لإلاههم ... ضحك كبيرهم .. إي هيك .. هه .. ضحك الجند .. قال رفيقك الآخر : إنك ومن معك في الباحة اختفيتم .. عندما أخذونا إلى سجن آخر كانت الباحة خالية إلا ّمن بحيرة دماء طازجة .. هم لايعرفونك ياأحمد ... لو أنهم حققوا معك .. لكنت أخبرتهم أنك ابن فلاحة فقيرة مات زوجها وعملت خادمة في بيوت الناس .. ثم خبازة .. وأن أمك علمتك وإخوتك وأخواتك الستة حتى صرتم أساتذة ومهندسين وحتى صرت أنت طبيبا .. ياولدي .... لم يعطوك فرصة .. لتوقف نزيفك ..كنت أخبرتهم أن أمك نالت جائزة الأم المثالية ... وأنك تظاهرت تضامنا مع أطفال درعا الذين قلعت أظافرهم .. ياولدي .. كل الدنيا .. السماء ...والأرض ...والجبال ... ونبع الضيعة يبكون عليك .. جفت دموعي ياولدي .. إنهم يرفضون النظر إلى جثتي المتنقلة في الحارات والشوارع والساحات والكروم .. لايسمعون نواحي ... لابد أنني مجنونة .. أريد أن أراك قبل نجاح الثورة ... أريد أن أرفع قطعة منك إلى السماء وأهتف .. أحمد .. أحمد .. ولدي .. أحمد . درعا بلدي .. أحمد ولدي .. عاشت درعا .. عاش أحمد ..