أحسدك على هذه القدرة الفائقة و المتميزة على تطويع اللغة و الغرف من بحرها لتنسج كل هذه الصور البلاغية التي كما نجوم السماء يصعب عدها.
أتقنت رسم لوحة الانسان المعطوب في وطن معطوب عبر مرحلة تاريخية معطوبة .. بجمال لا تخطئه عين قارئ.
أحسنت اختيار العنوان ليحمل للقارئ الزبدة .. و نقرأ بعده:
اقتباس:رقيق هذا الوجد الذي يخترمنا آناء التفكر في دعوى الزي الذي يرتدينا، نستجلب عنوة آثارا تناشدنا أن ننساها،
نحن مفعول به فالزي يرتدينا و لسنا نرتديه و حتى الآثار تناشدنا .. ميت يناشد حيا! تناقض جدا جميل.
اقتباس:احتزم وجوها ألفا، ووجهي لا زال مغبرا، أناصر الشغف الممزوج بالألفة، وأرتمي على أعتاب طمأنينة موهومة.
نعم .. عبرنا مراحل من التاريخ اختلفت لكنها كلها مغبرة الوجوه و ظل الانسان غريبا ملفوظا في وطنه و طمأنينته أضغاث أحلام.
اقتباس:وهذا أنا بعض منكم، بعض من حلم مات غضا، وبعض من أيام ملأى بضباب عقيم.
مات غضا و تبخر الحلم في وطن أم يرأف بينا و يحتوينا بحب و أمان و الأيام تعاني حملا كاذبا.
اقتباس:أرسلتها من ضفاف الحزن إلى ضفاف القداسة، نصبتها قديسة للفراغ، وسكنت الضفة الملأى بالضجيج الآدمي.
و بقيت مثلنا و أحلامنا في عالم آخر بعيد عن عالم الضجيج الآدمي الصاخب كجعجعة بلا طحن.
اقتباس:بيت بلا سقف، ونصر بلا قبعة، وحسرتان من مطاط لزج، ومساحة شاسعة من الشحم تدعى وطن، هكذا ارسمها للآخرين،
هنا تدفن المفتاح حتى يحمله القارئ و يفكك الرمزية.
اقتباس:يبادرني صديد الأسئلة باندياحات من مهل الذاكرة، أخاديد تحتل كتفي كما رمح يحفر مجرى في أعالي أولمب يعج بالاساطير، وأنثر لها تعب عيني، وبعضا من ترانيم الحداد، فتمضي دون التفاتة، وفي إثرها يمضي قلبي متلفعا بخيبة مزركشة...
لوحة واحدة أقتبسها لتكون مثالا على غنى اللوحات بالجمال النابع من الصور البلاغية الوفيرة.
اقتباس:تغشاني كالفجاءة عبلة الساعدين،وفي ذيلها هيفاء شبه ضامرة، أسميها في أعماق سري، لاضيف الى الاسماء كلها اسما جديدا ماكان لقيامة أن تبادر نسل البداية دون اكتماله... قامة كأغنية جبلية، وعينان كمدلهم شتاء طويل، وثغر يبز الدم النافر من نحر رغبة.
اقتباس:ايتها الانثى الممزوجة بحيوات معلبة، صلصالك تفاح تخمر بأنفاس حملة الجد، يربكني أن تكوني في مداري، ويربكني ألا تكوني...فهل لي أن أتدلى من تمائم تتأرجح من عمرك الصاخب.
هي...ليست وهما... وأكثر من حلم... وحقيقة تجاورني في كل ناصية... وكلما فاض خدر بما يحتويه.. تقول لي: بعضي هنا... وكلي هناك.
كما قال الشاعر فرج بيرقدار "المرأة تؤثث وحشة السجن". فلا عجب أن نرى حضورها هنا فما هذه الأوطان الا سجون.
اقتباس:أنا وهي نشيج يعبر الزمن، ......
تشف هي عن الف امنية مؤجلة... وأشف أنا عن انكسارات قادمة، ........
وكلانا زهر في غير اوانه، زهر في غير مكانه، ارض ملأى بالجراح، وسموات غامضة
رفيقان نحن على هذا الدرب الشقي و المرأة بعييييييييد خلاصها و الرجل مثخن بالانكسارات.
اقتباس:ستعيش كمظلة بالية على شاطئ مهجور، ستدون الأيام سنينا من يباب، هكذا هم... وهكذا يرسمون قدرك قبل أن تلدك أفكارك الملوثة بلعثمة إله مقال.
مظلة بالية .. شاطئ مهجور .. سنين من يباب .. يرسمون قدرك .. الأفكار الملوثة .. كلها عناصر تضافرت لترسم لوحة الغربة في الوطن بكل اقتدار.
اقتباس:هاهم يستحضرون ملائكة الموت، ليزفوا جثتك إلى جحيم خمدت ناره في انتظارهم..حاذر.. إنهم هم!... ذات ضغينة... اصطادوا وجهها، رفعوه رايات تغري الغيم المعاند، فهطلت زخات لؤم، ونبتت عند أبواب البيوت شجيرات حنظل... ذات نسيان... تبسم الوجه المسروق، فكان الطوفان...
رائع كفكرة و رؤية و موقف و كلوحة أيضا. و ذكرتني بطوفان المخرج الراحل "عمر أميرالاي".
أكتفي بهذا القدر فأمواج الجمال كثيرة
و ألخص تقييمي ب