هددوا وتوعدوا وصدقوا!
أنصتنا وانتظرنا وصمتنا!
فإلى متى سنبقى تماثيل معروضة في مجازر تعصر دمائنا وتسنتفذ أطفالنا!........
في هذه الأيام العصيبة التي تمر على من ضاقت بهم الحال في فلسطين ، فرائحة الخبز المعجون بآهات المحاصرين، ولون البيارات الخالية من البرتقال والليمون و التين، كان لاينقصها إلا أن ينادي اليهود بأن أعدوا ملاجئكم حان وقت إبادتكم يا أهل فلسطين .
هل التاريخ سيعيد نفسه؟ هل ستعود مجازر شهدناها منذ سنين وأحقاب، هل ستتكرر مشاهد صبرا وشاتيلا، قانا، و دير ياسين، حيفا ويافا، عين حلوه والخليل! إنو لامتى رح نبقى هيك! مللنا الوعود، مللنا الانتظار، مللنا المشاهد التي تطيح برؤوس الصغار قبل الكبار، كل شبر مزروع بقبر، اي ولله ملينا.
يداهمني الدمع المر، المر جداً، ما عدنا الآن نجابه عدواً واحد لا بل صار الاختلاف والانقسام فيما بيننا، وصارت الحكومة وكراسيها، سبباً آخر يزيد الجرح جرحين، والهم همين، والقضية صارت تنادي بقضيتين، صرنا نمارس عدّاً مختلفاً، ونطالب بدل الحرية بحريتين، والأحلى إنو كل ما عدّينا، يعدّون هم بالعبرية والعربية، وأرقام وتقسيمات ونسب لاتعد ولا تحصى. يعتدّون لنا" إن عدتم إلى العدّ عدنا".
الناس كلحت وجوههم و ما كلّت قلوبهم من ترديد الأمل العنيد، ما تعبوا من الغناء والمناداة باشتياقهم للبيارات وتل الزيتون، يحلمون بطراوة ترابها و لزوجة أغاني حصادها و أهازيج عودة صياديها بالخير إلى المرافئ العتيقة، مرّ الكثير وعدينا (من العدّ و العديد) سنة وسنة و ذكرى بمجزرة بمجزرة و تواريخ الاحتلالات وعيون الشهداء و قصص حب و انتظار و جنون مبتورة و حكايات كبرت خارج الزنازين في زنزانة كبيرة اسمها هذه الارض.
سيكون علينا أن نبذل مزيداً من الدم و العناد و الحكمة السياسية والاعتزاز الأخوي والعربي، حتى لا تلومنا عيون الشهداء الحية وللي بتحوم حولينا، ويللي عم تسألنا هلأ عن بكرا!
أفكر الآن بالمواسم المتروكة لحصاد يوم لايجيء، وأغرس في قلبي شتلة شوق لوطن لا يغيب، أداعب في مخيلتي لحظات أشتهي عناقها فوق أرضه، وتربت فيروز على قلبي، وتطمئنني بأننا "سنرجع يوماً".