صمدت مدينة القصير لأكثر من عشرين يوما تحت قصف صواريخ الغراد، والطيران، والمدفيعة المتواصل. وسط حصار مطبق من الجهات الاربع...مع صمت عالمي مشين، وقد أذاقت الحزب والنظام دروس في البطولة والفروسية لن ينساها من تذوق لظاها، علما ان تسجيل أعوائهم، واستنجاداتهم تملأ الشبكة العنبكنوتية.
لقد كان هناك داخل المدينة عدد من المقاتلين يقل عن الفي مقاتل... إستشهد أكثر من ربعهم، وجرح أكثر من نصفهم بإصابات أبعدتهم عن خوض غمار المعركة وصمد حوالي ال 400 الباقون لأسبوع كامل يغطون مختلف الجبهات بمفردهم. لقد كان مجموع من دخل الى المدنية لنصرتها لا يزيد عن 150 مقاتل فقط.
فالحزب والنظام لم ينتصرا في معركة مواجهة، بل صبوا حمما" بركانية على أرض منبسطة، بيوتها أفقية لا يزيد إرتفاعها عن الطابقين، أمواج نيرانية يلحقها إصابات لا يستطيع مستشفى ميداني أن يعالج أكثر من 1500 جريح في آن واحد، ثم يتقدم الحزب خطوات,
وقد انتهت القصة بأن بقية الشباب المتواجدين قد غطوا إنسحاب المدنيين والجرحى، في عملية بطولية نوعية، بعد أن بدؤوها وقد وعدهم أخوانهم بمدد قد تم تذخيره، وتسليحه في عملية قدوم من الخلف تربك العدو، وتقلب المعركة. تأخر دقائق فساعات، ثم لم يأت من المدد!!!!.
ومع ذلك قتل للحزب خيرة قادته ونخبته، وأعطب منه الكثيرون، والمعركة كر وفر، ورجال القصير، مرة أخرى، فهم عنيدون، وقادمون بإذن الله.
ولكن ما هي أهم الدروس من هذه المعركة:
-- الائتلاف الوطني والهيئات السياسية ليست ممثلة للثورة، وهي عبارة عن أفراد متفرقين، وليسوا مؤسسات أو أحزاب, اي انه يمكن الإستفراد بكل فرد وإقناعه بما شئت تحت قليل من الضغط أو عدمه، فبرستيجه، وال 15000 دولار راتبه، والشهرة، أهم من بلدة صغيرة اسمها القصير، او منطقة اسمها الغوطة الشرقية. والا فما معنى ان يعقد الائتلاف اجتماعا لايام في مناقشات حامية الوطيس لاضافة بضعة افراد، بينما تدك القصير بكل انواع الاجرام، وترمى الغوطة بالكيماوي وغيره، وما من مجيب؟!!!.
ألم يكن بمقدورهم، رفض اي اجتماع كي يظهروا للعالم رفض تدخل حزب مرتزقة في شؤون بلدهم؟، ألم يكن بمقدرهم التهديد بحل الائتلاف ان لم امرا للذنب بشار، بفتح ممر لعلاج الجرحى والمصابين؟. وهل هذا ائتلاف يمثل ثورة بكل هذه الالام، وفيها شخص يلهو مع الراقصات كالممثل جمال سليمان؟، وهل يجوز لطائفة مجرمة شاركت بكل عفونتها مع النظام، بأن يمثلها كم يزيد عن نسبتها في المجتمع بمرات عديدة؟.
الائتلاف ومن فيه خير معين على الثورة، فأحزابه واهمة، تراهن على المستعمر، ولا تراهن على بيضتها، وارضها، وافراده اصبح الراتب الههم، والتصوير والفضائيات تسليتهم.

-- هناك قادة كتائب في الثورة، اصبحت مهنتهم هي الثورة، لا يتحركون الا ذا قبضوا ثمن سلاحهم وذخيرتهم، مرات عدة، ومع هذا فقد يعدون، ويتسلحون، ثم لا يناصرون. ومنهم من انسحب من المطار، ثم انسحب من البويضة، فغطى مكانه الشباب. لقد اصبحت الثورة، وتسخين بعض نقاطها مهنة للتكسب والربح على حساب الدماء والالام، لا بارك الله في كل شارب للدم، خائن لامانة نصرة الاخوة في سبيل درهم لن ينفعه.

-- المناطقية في توزيع المال: فما معنى أن مؤتمرا" لدعم المحاصرين في حمص، ينتهي ب 410 آلاف لحماه، و190 فقط لحمص؟، رغم عظم الاختلاف في المساحة، والسكان.
-- أولويات الدعاية والإعلان: فبينما يتكلم البعض عن الرافضة والمجوس، نراهم مشغولين بآبار النفط، وآخرون يملؤون النت عن عمليات واطلاق صواريخ، ويتركون مدينة كاملة تذبح، ربما لانهم يرون انها مشروعا خاسرا، او ان ممولهم قد حدد لهم ان حمص خطا احمر، فلينشغلوا بريف حماه البعيد عن الاطراف في تحقيق انتصارات على قرى شبه فارغة!!!.
-- الاحزاب السياسية: للاسف كم نوهنا كي لا يتم إعادة درس الثمانينات، في إهمال التركيز على الارض، والرهان على الغرب. كم أكدنا أن الغرب يسعى، ويستجدي مادامت القوة للارض.
لكن الكل يعود، ويصرف الأموال على مؤتمرات، وورش عمل فارغة، لن يكون لها أية اهمية إن لم يتم التحرير على كامل التراب، وغير ذلك فكله محض وهم!!!.
-- الدعم الغربي: لقد هزم الثوار النظام، ودمروا له دباباته بأسلحة بسيطة، عندما كان قرارهم داخليا، وكانت قلوبهم متآلفة. وعندما دخل الدعم الغربي، حصل التشظي، وأصبحت الإستخبارات تلعب في الثورة ومعاركها، وتمنع دعم الاخ والمحاصر. وأصبح بعض من كل مجموعة من كبار العسكريين تتبع دولة.
لقد أمرنا الله، بأن نسير في الارض ونرى سنة الاولين، ومن تلك السنن أن كل ثورة، نعم كل ثورة بلا إستنثناء اعتمدت كليا" على الدعم الغربي قد فشلت، لأنها أصبحت رهينة تسويات دولية على حساب أبنائها، وكل ثورة اعتمدت على ذاتها، واكتساب السلاح من عدوها نجحت، وهناك كتاب اسمه "حرب المستضعفين" لكاتب امريكي يشرح بالتفصيل اكثر من ست ثورات.
نحن لا نقول مقاطعة العالم، ولكن نركز على الارض، والفعل، ونحصل على الدعم بأن نبتزهم، ونلاعبهم باوراقهم، وليس بوضع كل البيض في سلتهم!!.
-- الحكام العرب: اذا كانت الثورة محاصرة، فمن ينصرها غيركم، ولو ببعض الفتات؟!!. هل تريدون اعادة درس العراق، وصحوات جديدة كي تنهي على البقية الباقية؟.
لقد خسرتم العراق، فهل تظنون انه بعد خسارة الشام -التي لن تخسر- ستساعدكم امريكا او غيرها ضد عدوكم الجاثم على حدودكم، والذي يطوقكم من جهات عدة؟.
لا يطلب الشعب منكم مواقف كبيرة، فتلك صعبة، والكل يدرك ذلك، نظرا لتعقد وتشابك المصالح الدولية، ولكن بعض ارادة، كي تفرضوا شروطكم!!.
ألم يكن بمقدوركم ان تصدروا تهديدا للمجتمع الدولي، كي يسمح بإخراج الجرحى، او امر ذنب ايران بأن يسحب مرتزقته الجبناء، لانه تدخل في شؤون دولة اخرى؟
لا يريد الشعب منكم وقفة كوقفة الملك فيصل بن عبد العزيز، ولكن فقط بعض ارادة!!!.

في النهاية: فهذه حرب عصابات، وهي كر وفر، واذا لم تتوحد الجهود، والقلوب، في كل الارض السورية، واذا لم يتم التركيز فقط على فعل الارض، وادراك ان الكل واحد، وان الكل مستهدف،
وان المعركة واحدة، وانه لا مناطق محررة اذا لم يتم قتل بشار، وازاحة عصابته، فإن الألام ستطول، ولن تقف الثورة، والكل سيتألم حتى في دول الجوار.
بالنسبة لتجار الدم، وبعض ممن يضع رجل مع الثورة، واخرى مع النظام، فالحساب من رب العباد في الدنيا قبل الاخرة، وهذا غذاء حرام تطعمونه ابناءكم، وتغذون به جسدكم، وما غذي بالحرام تحرم عليه الجنة.
الى الكتائب المقاتلة على الارض السورية، النظام يدعمه كل العالم للقضاء على الثورة، وكل مخازن التسليح، والخبراء، والاقمار الصناعية في خدمته، في غرف عمليات موحدة، وهو يسير يقضم المنطقة تلو الاخرى، وان اي تأخير في الوحدة، او اي وهم تحرر، قد يعتبر خيانة امام الله قبل عباده، والمعركة ستطال الجميع.
الى المجتمع الدولي: ان اي رهان على فرض اي حل لا يتضمن ازاحة العصابة، وحل مليشيات الجيش والامن، هو محض وهم، لمن يريد الاستقرار الدولي حقا. فكل بيت ملكوم، ومن كان عمره 12 عاما مع بدء الثورة، سيغدو 16 عاما العام المقبل، ومن كان 14 عاما سيغدو 18 عاما، اي ان الثورة ماضية، ولكن بنوع من الرجال لا يعرف الشفقة، او الرحمة، فقد ذاق الاهوال، وادرك التآمر، ووعى ان حضن البندقية هو الارحم والاكثر جدوى. فهل من يريد الحل يدرك اين هي امور تسير؟ ام ان استعذاب فرض لجنة عسكرية اخرى يتوهمون!!!. لن ينفع اي حل بلا ثلاثة اسس حقيقية هي ازاحة الذنب بشار، وحل العصابات مليشيات الجيش والامن.

والثورة باقية، وهي منتصرة بإذن الله، وهي حرب كر وفر، وان غدا لناظره قريب.

منقول : عبد الغني محمد المصري
تنسيقية مدينة القصيرالحرة