{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 3 صوت - 2.33 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
حوار مع فيصل القاسم


حنان بديع
youhanan@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1532 - 2006 / 4 / 26


مقدمة: هو صاحب المقالات النارية والبرامج الملتهبة وصراع الديكة على الهواء مباشرة، وهو الوجه الاعلامي الذي يعرفه كل صغير وكبير بغض النظر عن اهتماماته السياسية أو الادبية أو الرياضية ...
من أي قاعدة أرضية ينطلق هذا الاعلامي ومن أين جاءت شهرته وجماهيرية برامجه ؟
وهل موقفه باتجاه اليبرالية محسوم ؟ أم أنه يتبع الاتجاه المعاكس ليخاطب الآخر ويستفزه ؟ ترى من المدين الى الآخر .. هل هو فيصل القاسم أم قناة الجزيرة .. ؟
وماذا قال فيصل القاسم ؟؟

حوار فيصل القاسم

• عرف عنك انك مكافح وعصامي، كيف كانت البداية وهل توقعت يوما أن تصبح أشهر اعلامي في الوطن العربي ؟
فعلاً أعتز كثيراً بالعصامية والعصاميين. وأجل أولئك الذين بدأوا من الصفر وواجهوا التحديات ليحققوا فيما بعد شيئاً. وقد كنت معجباً جداً بكاتب أمريكي كان من شدة الفقر يقرأ الصحف والمجلات على الرصيف أمام كشك بيع الجرائد لأنه لم يمتلك ثمنها،لكنه اصبح فيما بعد واحداً من أشهر أعلام الأدب الأمريكي. وكان هؤلاء المسحوقون الذي تغلبوا على واقعهم بارقة أمل بالنسبة لي خاصة وأنني ولدت لعائلة كانت تعاني الأمرين للحصول على قوت يومها. لكنني كنت دائماً مليئاً بالآمال بأن أصرع واقع البؤس وانطلق إلى عالم الشهرة. ومما زاد في إصراري أنني قرأت ذات يوم رسالة كان قد أرسلها عمي لوالدي الذي كان يعمل خادماً في لبنان بعد يومين من ولادتي وقال له فيها متهكماً: إن زوجتك أنجبت لنا مولوداً وسميناه فيصل وقد ألقى المولود بياناً بعد الولادة عبر الراديو هاجم فيه دول الاستعمار ويمكن أن تسمع أخباره في الإذاعة. وطبعاً كان عمي يسخر من والدي ووضعنا البائس. وما زلت احتفظ بالرسالة بعد أن حققت نبؤءة عمي التهكمية. وكم أنا حزين أن عمي توفي قبل أن يراني فعلاً اثير الزوابع التي تنبئ بها على سبيل السخرية. بالطبع لم أكن أتوقع أن اصبح مشهوراً إلى هذا الحد، فقد كنت أحلم فقط لو أصبح مذيعاً للنشرة الجوية في التلفزيون السوري أو مذيعاً في اي اذاعة طالما أن الناس سيشاهدونني وسيسمعونني.لكن الله عز وجل أعطاني أكثر بعشرات المرات مما حلمت به.
• وإذا لم تكن مذيعا وإعلاميا ناجحا أين يمكن أن نجد فيصل القاسم ؟
في مجال قريب من الإعلام، يمكن في التعليم، خاصة وأنني أكاديمي أيضاً وحاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الانجليزي.

• هل الشهرة دليل نجاح بالضرورة وهل تزعجك ؟
بالطبع الشهرة دليل نجاح. فليس من السهولة بمكان أن تصل إلى الناس إلا إذا كان لديك شيئ تجذبهم به. صحيح أن الفضائيات صنعت أحياناً من بعض السخفاء والسخيفات مشاهير، لكنها شهرة زائفة، وشتان بين شهرة وشهرة. أما الزبد فيذهب جفاء. الشهرة لا تزعجني فقد كابدت كثيرا كي احققها. لكنها بالطبع سلبت مني حرية الحركة والحياة الطبيعية، فقلما اظهر الآ مرتديا طاقية كي اسير بحرية


• من أضاف الى الآخر .. فيصل القاسم أم الجزيرة القطرية ؟
إنها عملية تكاملية فلولا الجزيرة لما وصلت إلى ما وصلت إليه، لأنها فسحت لي المجال وشجعتني ودعمتني وأخذت بيدي ومنحتني الحرية للانطلاق وفجرت طاقاتي الدفينة. وأنا بكل تواضع أعطيت الجزيرة الكثير من جنوني وحماستي وحيوتي مما ساهم بالتأكيد في شهرتي وشهرتها معاً.
• ما هو أصعب وأجمل حوار تلفزيوني أجريته ؟

أصعب الحوارات كانت في بداية عملي حيث كنت جديداً على المهنة وغير متمرس ثقافياً. وأتذكر أنني كنت في غاية الخوف عندما قدمت تلك الحلقة الشهيرة عن العلمانية والإسلام بين العلامة الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر العلماني الدكتور صادق جلال العظم. فوجدت نفسي بين عملاقيين وأنا مجرد هاو، لكنني بالتصميم والتحضير خرجت من تلك الحلقة الصعبة بسلام لا بل ثبتت أقدامي على ساحة الحوار. من أجمل اللقاءات التي أجريتها لقاء مع الرئيس الكوبي فيديل كاسترو لأنني واجهته بأسئلة نووية وكانت ردوده في غاية الروعة والإقناع. فقلما تجدين زعيماً مثقفاً من طرارز كاسترو أو تشافيز.
• من القائد الذي شعرت برهبة في حضوره ؟ ولماذا ؟
بصراحة كاستر وصدام حسين. ولا عجب.






• ماذا عن لقاءك مع الرئيس السابق صدام حسين ؟ وكيف ترى شخصيته في ظل الاحداث الأخيرة ؟

كان لقاء مهماً خاصة وأنني تجرأت على طرح أسئلة في الصميم وتحديته في عقر قصره بالرغم من انه كان يجيب على بعض أسئلتي النارية بعينين مخيفتين كانتا تزرعان الرعب في قلبي عندما تتحركان يميناً وشمالاً. وقد حاول اثناء اللقاء أن يخفف من غلوائي عندما قال لي : كل أسئلتك يا فيصل سياسية، فلنتحدث قليلاً عن الجنس اللطيف.

• سبق أن اتهمت بالعمالة الى اسرائيل أو سوريا وأحيانا أميركا ومرة اتهمت بمواقف مع أو ضد صدام حسين .. لماذا تنصب الاتهامات على رأس فيصل القاسم ممثلا عن برنامج الاتجاه المعاكس وهل هو أسلوبك في الطرح المتميز جعل من البرنامج مثارا للجدل ؟

لم يبق جهة استخباراتي ألا واتهمونني بالتعامل معها، فاليوم أني عميل لأمريكا وغدا لإسرائيل وبعده لصدام وبعده لسوريا وهلم ما جرى. وأحمد الله أنهم لم يتهموني بالعمالة لبوركينا فاسو وساحل العاج حتى الآن. والسبب في توجيه الاتهامات أن العمالة أسهل وأرخص تهمة يستخدمها المتضررون من سهام الاتجاه المعاكس. لكن بما أن الاتهامات كانت تأتي من كل حدب وصوب فهذا يعني أنني أسير على الطريق المستقيم إعلامياً

• ما رأيك بالإصلاح العربي الجديد وهل هو ذاتي أم مفروض من الدول العظمى؟ولماذا اهتمت هذه الدول بهذا الوقت تحديدا بعملية الاصلاح؟
ليس هناك أي نية حقيقية للإصلاح، فكلها ترقيعات للمد بعمر الأنظمة الحاكمة، فالإصلاح لو تم يقضي على تلك الأنظمة. وقد شبهت ذات مرة الأنظمة العربية بقبور الفراعنة يمكن للجثة داخلها أن تعيش ألوف السنين وتبقى متماسكة وما أن تدخل إلى القبر نسمة هواء عليل حتى تتفسخ الجثة. وهكذا الأمر بالنسبة للدول العربية فهي يمكن أن تعيش طويلاً على هذا الحال وما أن تأتيه نسمة إصلاح حتى تبدأ بالانهيار لأنها تعيش اصلاً على الفساد والانحراف والتعفن. أما صرعة الإصلاح الحالية فهي بسبب ضغوط خارجية وهي لا تعدو كونها لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون، فالإصلاح لا تصنعه سوى الثورات الشعبية وطالما أن شعوبنا مستمتعة بدو القطيع فعيش يا كديش ليطلع الحشيش.

• هل ترى أنه اصلاح حقيقي أو اصلاح اعلامي للتسويق فقط ؟
هو إصلاح دعائي فقط.

• في خضم الاحداث والظروف الحالية هل أنت متفائل بالوضع العربي العام
الوضع العربي من سيء إلى أسوء. والدليل على ذلك أننا كنا في الماضي نسخر من بيانات الشجب والاستنكار والإدانة الفارغة التي كانت تطلقها الحكومات العربية باتجاه اسرائيل وأمريكا. لكننا بتنا الآن نترحم ونحن الى تلك الأيام الخوالي التي كان فيها حكامنا قادرين على مجرد الكلام القوي. أما الآن فحسبهم أن يصمتوا ويمشوا الحيط الحيط ويقولوا يا ربي السترة. هذا هو وضعنا: رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه.



• هل تعتقد أن هناك رغبة امريكية للاساءة والتشهير بنا ؟

أمريكا يهمها اولا وأخيرا مصالحها حتى لو ذبحتنا. لكن بدلا من لوم الأمريكان يجب ان نلوم انفسنا لأننا اصبحنا ملطشة للي يسوي وما يسواش.

• وبمعنى آخر هل هناك استهداف امريكي للعرب والمسلمين أن انه قصور بالعقل العربي ؟
هناك مثل شهير يقول: لا تحني ظهرك كي لا يركبك الآخرون. وطالما ظهرونا منحنية فلنتوقع أن نكون مطية للجميع.

• هل نستطيع أن نصدق أن هناك اعلام موضوعي وحيادي ؟وهل هي نظرية قابلة للتطبيق ؟
الإعلام الحيادي كذبة كبيرة في الشرق والغرب إلا ما ندر. فالاعلام هو سياسة شئنا أم ابينا. وبما أن السياسات تتصارع وتختلف فمن الطبيعي أن يكون الإعلام متذبذباً وبالتالي غير موضوعي ولا حيادي. ولو نظرت الى الصحف الكبيرة في الغرب تجدين أنها ابواق لهذا الحزب او ذاك.







• هناك دولا عربية سبق أن سحبت سفرائها من قطر احتجاجا على ما تبثه قناة الجزيرة وأحيانا تكون هناك خطوات عملية تعكس الغضب الرسمي ليس من الجزيرة فقط بل من شخصك مثلما حدث مع ترحيل شقيقك المطرب مجد القاسم من مصر ؟فما مدى مسئوليتك عن اعداد الحلقات وهل سبق ان انحزت الى فريق ضد آخر
فعلا فقد تسبب البرنامج بسحب أكثر من خمس سفراء من قطر احتجاجا على برنامج الاتجاه المعاكس لأن الأنظمة العربية لم تعتد على مدى الخمسين عاما الماضية على سماع صوتها فجاء من يعكر عليها صفوها فتحركت وراحت تخبط يمينا وشمالا لكنها اعتقد خسرت المعركة معنا واذا لا يعجبها عملنا فلتضرب راسها باقرب حائط.


• يرى البعض أن مداخلات الصهاينة في برامج الجزيرة نوعا من التطبيع مع الكيان الصهيوني يقدم في اطار الرأي والرأي الآخر ؟ فما ردك ؟
أرجو توجيه هذا السؤال للأدارة.
• ما رأيك بالشروط التي فرضتها أميركا على الاسلاميين للحصول على الجنسية الأمريكية ؟
من حق كل بلد أن يطبق الاجراءات الأمنية التي يراها مناسبة. لكن يجب ان نقول ايضا ان امريكا بدأت تتحول الى دولة بوليسية من النوع الرديء.

• كتبت في احدى مقالاتك أن الشعوب لم تعد قادرة على تشكيل وعيها الخاص في ظل وسائل اعلام تصوغ الرأي العام كما يحلو لها .. كنت تتحدث عن الاعلام الغربي فهل نسألك ماذا عن اعلامنا العربي؟

الإعلام الرسمي العربي شيعناه منذ زمن ولم تعد تجوز عليه الا الرحمة كونه يقبع في ديار الحق. أما الآعلام العربي المستقل فبدأ يحقق قفزات ممتازة. وقد أحدثت الجزيرة ثورة في العالم العربي بكل معنى الكلمة وهي بدأت تشكل رايا عاما عربيا حقيقياً.
• يتهمك البعض بأنك تتشدق باسم الحيادية في الموضوعات واعتبروا صورك المنشورة على النت والتي تجمعك مع سكرتير صدام فضيحة ؟ فما تعليقك

لدي صور مع مئات وعشرات الشخصيات العالمية والعادية، فهل كلما تصورت مع رئيس أكون قد اصبحت عميلا له. فلو صح ذلك لكان الصحفي الغربي الذي اجرى مقابلة مع بن لادن وتصور معه عميلا لبن لادن. فلينشروا ما تيسر لهم من صور واذ ملوا من نشر نفس الصور فانا على استعداد ان ازودهم بصور جديدة.
• بعيدا عن الميدان السياسي .. ما هي هوايات فيصل القاسم واهتماماته ؟
امضي جل وقتي على الانترنت وقلما اشاهد التلفزيون، فالمستقبل للانترنت كما قال بيل غيتس. كونها تجمع بين كل وسائل الإعلام. أكتب كثيرا. وامارس الرياضة للحفاظ على نوع من اللياقة كوني دخلت في سن الأربعين
• يقولون أن الرجل "طفل كبير " هل تعتقد أنها الحقيقة بشكل أو بآخر أم أنها احتيال على الحقيقة لمنح الرجل حق مغفرة الخطايا ؟
فعلا الرجل طفل كبير. وأتمنى لو أنني اتخلص من طفولتي وأنضج.
03-21-2008, 02:07 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
الجمعة,آذار 22, 2002

نجم الجزيرة الأول ومقدم برنامج الاتجاه المعاكس يفصح عن اتجاهاته الفكرية في حوار صريح


عندما التقينا به في منزله بالدوحة اعترف لقرائنا بأنه قومي الاتجاه وإن كان لا ينتمي إلى أي حزب من الأحزاب القومية الموجدة حاليا بالساحة. وحمل ضيفنا بشدة على الليبراليين والأصوليين قائلا بأن التيار الليبرالي مرتبط بالاستعمار وقضيته ضعيفة مهما تجمل بمسوحات الديمقراطية وحقوق الإنسان . أما التيار الأصولي فهو في نظر فيصل القاسم نتاج الآخرين ومصطنع وليس ابن بيئته وقال إن جهات خارجية كانت وراء ظهور بعض التيارات الأصولية وأن الإسلاميين شجعوا في أكثر من بلد لمقارعة تيار آخر قبل أن يبدأوا في مقارعة سلطات تلك البلدان. ودافع ضيفنا عن ثقافة الصراخ وحوارات الطرشان، ولم يخلو الحوار معه من فائدة لأن الرجل ، اختلفنا معه أو اتفقنا ، ذو ثقافة واسعة وجريء جدا في طروحاته وقد دار الحوار معه كما يلي:

رسالة الاتجاه المعاكس

كيف جاءت فكرة برنامج الاتجاه المعاكس ؟ وماهي الرسالة التي يروم توصيلها؟

كنت أعمل في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وكان هناك برنامج كنت أتناوب على تقديمه مع زميلة معروفة هي مديحة رشيد المدفعي ، هو برنامج الرأي الآخر ومدته ربع ساعة ويقوم على فكرة معينة برأيين مختلفين ولكنه لم يكن برنامجا حيا يبث بشكل مباشر بل كنا نسجل البرنامج مسبقا قبل بثه. و فكرة الاتجاه المعاكس فكرة جديدة على الإعلام العربي حيث أنه لأول مرة نقوم بمناقشة موضوعات جدلية ساخنة و حساسة إلى أبعد الحدود بآراء مختلفة على الهواء مباشرة. فعندما أتيت إلى الجزيرة طلب مني أن أهيىء برنامجا ففكرت ببرنامج معين فكان أن ظهر هذا البرنامج واخترت له اسم الاتجاه المعاكس وكانت أول حلقة محكا حقيقيا حيث تعمدنا أن تكون عن مجلس التعاون الخليجي يومها قلت أريد أن أقدم حلقة ساخنة فاخترت هذا الموضوع وأتينا بالأمين العام السابق للمجلس عبد الله بشارة من الكويت وأتيت في مقابله بعبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي وأردت أن أضرب هذا المجلس من جميع الجهات وبالفعل كانت حلقة جريئة إلى أبعد الحدود تناولنا فيها كل المحرمات السياسية وعندما خرجنا من البرنامج كنت أتوقع أن يقولوا لي حزم أمتعتك واخرج من البلد ولكن هذا لم يحدث وبدأنا من هناك وفي كل حلقة تزداد جرأتنا في بعض الأحيان لم أكن أستطيع مناقشة بعض الأفكار التي كانت تراودني بيني وبين نفسي من الخوف من أن تكون إحدى المخابرات العربية تتجسس على مخي ودماغي ولكن أسبوعا بعد أسبوع بدأت تزداد الجرعة أو الجرأة إذا صح التعبير وفي الأخير كل الأفكار التي كانت محضورة في مخيلتي ظهرت على البرنامج.

أما عن رسالة الاتجاه المعاكس فأوقول بأننا في أمس الحاجة للحوار أو شيء اسمه الحوار في العالم العربي لماذا؟ لأن ثقافتنا السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والثقافية كلها تقوم على شعار احفظ واخرس ، في المنزل الفتى لايستطيع أن يناقش أي شيء مع والده في المدرسة وفي المصنع وفي السياسة لا تستطيع أن تأتي بأي رأي معارض فكل ثقافتنا تقوم على التلقين والتحفيظ ، ممنوع الحوار في كل شيء حتى في أسعار البطاطة والفجل والخص فأنت تؤثر على الأمن القومي ، فرسالة البرنامج أن نفتح أبواب الحوار وثقافتنا السياسية والاجتماعية والدينية يجب أن تتحرر ، فهل تستطيع أن تنافش الخطيب يوم الجمعة ؟ فقد يكون أحد خطباء ثقافته لا تتعدى ثقافة حمار، ولكن عليك أنت أن تستجيب إلى كل شيء وعليك أن تتقبل كل ما يأتي به وإن كانت أفكاره تنتمي إلى القرون الوسطى . سياسيا حدث ولا حرج ، فنحن بحاجة للتحرر من ثقافة التلقين فالأمم كلها تحررت وتطورت بالنقاش والجدل ، فالرسالة أن نرسي دعائم لنوع من الديمقراطية خاصة أنها غريبة عن كل مجالاتنا الحياتية وأعتقد أننا حققنا شيئا على أرض الواقع فلو دخلت أحد الصالونات الشعبية ترى الناس يناقشون موضوعات كانت ضمن المحرم مثلا الناس يناقشون ما حصل في الاتجاه المعاكس وهذا كان غير مسموح به في السابق.

ولكن لماذا جئتم بشكل جماعي إلى قناة الجزيرة من البي بي سي؟

لم نأت بشكل جماعي من البي بي سي بل البعض يعتقد أن هذه القناة انتقلت إلى قطر هذا ليس صحيحا كل ما في الأمر عندما كانت الجزيرة تحضرللانطلاق كان تلفزيون البي بي سي العربي على وشك الإقفال لأسباب بينها وبين الممول عندما أقفلت هذه القناة البريطانية وجد موظفوها أنفسهم على قارعة الطريق ما الذي تتوقع من قناة ناشئة مثل الجزيرة أن تستغل هذه الخبرات فكان أن اتصلت بهم واتقفت معهم للعمل معها هذا كل ما في الأمر .

واقع الحوار العربي

كيف تنظر إلى واقع الحوار في العالم العربي من خلال تجربة الاتجاه المعاكس ؟

كما قلت ثقافتنا العربية تقوم على مبدأ احفظ واخرس إذن نحن ليس لدينا حوار ، البعض يأخذ على الحوار الذي يحدث بالاتجاه العاكس بأنه نوع من صراع الديكة والغوغائية والإثارة وبأن العرب لايفهمون أسس الحوار وإلى غير ما هنالك من هذا الكلام ، ولكن أنا أرد على هذا القول نحن أمة مكبوتة ممنوعة من الكلام وأسوق مثالا على ذلك الرسم الذي رسمه الفنان الكريكاتوري علي فرزان حيث رسم قفصا عن يمين وشمال المذيع وفي داخل القفصين هناك شخصان وكل مافعله المذيع أنه فتح لهما الأبواب وهذان الشخصان يمثلان العالم العربي وهذا الأخير عندما تفتح له الأبواب سينفجر إذن هناك نوع من الكبت وبدأ يخرج وهناك كثير من القضايا الساخنة المدفونة منذ عشرات السنين تحت الرماد ولا يمكن مناقشتها إلا بنوع من الالتهاب مثلا الصحراء" الغربية" عندما تأتي بشخص ممثل للمغرب ولآخر للبوليساريو هذان الطرفان يتحاوران منذ أكثر من 25 عاما بالحديد والنار فجأة يلتقيان بالاتجاه المعاكس وجها لوجه هل تعتقد أن الحوار بينهما سيكون بتبادل الورود وبالهدوء أم أنهما سينقضان على بعضهما البعض؟ . من جهة أخرى يأخذون علينا نحن العرب أننا لا نفهم فن الحوار وهذا غير صحيح فكل المجتمعات فيها نوع من هذا الحوار مثال على ذلك انظر إلى الجلسات التي تدار داخل البرلمانات الغربية في أم البرلمانات بريطانيا يتعاركون ويتصايحون ويتقاتلون بطريقة أعنف بكثير مما يدور بالاتجاه المعاكس بل كانوا يتعاركون بالكراسي بالبرلمان الإيطالي إلى وقت قريب إلى أن جاء قرار من رئيس البرلمان بتثيت كراسي البرلمان بالإسمنت المسلح كي لا يستخدمها أعضاؤه في التحاور فيما بينهم .

سمعنا أنكم تعدون كتابا عن الحوار، هل من لمحة عنه؟

حاليا أعد كتابا عن ثقافة الحوار والبرامج الحوارية بشكل خاص . والكتاب سيعالج هذه القضية من وجهات نظر سياسية واجتماعية وثقافية وسأدافع عن ثقافة الصراخ في البرامج الحوارية وسأتحدث عن أن أي حوار هو عبارة عن حوار طرشان لأن هدف الحوار هو تماما كهدف المبارة الرياضية هناك طرفان يتحاوران وكل منهما يحاول أن ينتزع أكبر عدد من النقاط أو أن يتفوق على الآخر.

هل سينشر هذا الكتاب ضمن سلسلة كتب الجزيرة ؟

لا كتابي سينشر بشكل مستقل.

متى سيصدر ؟

خلال الأشهر القادمة إن شاء الله .

الحوار كما نعلم لابد أن يقود إلى نتائج ملموسة ومساحة مشتركة كما فعل الأوربيون باتحادهم فهل من خلال طرحكم ووجهة نظركم هل سيكون الحوار العربي العربي بدون نتائج؟

لا لن يكون بدون نتائج ولا تستطيع أن تحكم على كل هذه التجربة في خمس سنوات نحن في بداية الطريق دعنا أولا نتحاور على مستوى الأسرة والمدرسة لأن الديمقراطية ليست شيئا نفرضه بين عشية وضحاها ، الديمقراطية نبتة وبذرة تزرع وتسقيها وما إلى هنالك من هذا الكلام إذا لم نستطع أن نحقق الديمقراطية على مستوى المنزل والعلاقات الاجتماعية فكيف لنا أن نحققها على مستوى البرلمان والسياسة وهكذا ، يجب أن نبدأ . إننا بدأنا نرسي قواعد للحوارفمجرد أننا بدانا نتحاور فهذا شيء إيجابي حتى ولو تحاورنا بالصحون خاصة في مثل مجتمعاتنا التي تعيش في مرحلة المجتمعات الأبوية والقبلية ، نحن في حاجة إلى تربية أنفسنا أولا. أما قولك أن حوارالأوربيين تمخض عن وحدة هذا صحيح ولكن قبل توحدهم ارتقوا بمجتمعاتهم وجعلوها قادرة على التحاور وحققوا الديمقراطية الداخلية قبل أن يتحدوا ، وأنا أعتقد أن أحد أهم أسباب فشل مشاريع الوحدة العربية هو وجود أنظمة ديكتاتورية مستبدة لوكانت لدينا أنظمة ديمقراطية لتحققت الوحدة منذ زمن بعيد كل حاكم عربي يتعامل مع بلده كأنها مزرعته الخاصة يذبح وينكل بشعوبها يرفع من يشاء وغيرها من الأمور لأنه عندما يحقق الديمقراطية تنتفي فكرة المزرعاتية في السياسة.

وإذا عندنا إلى مسألة الحوار هل تستطيع أن تنكر أن السياسة صراع ؟ في الانتخابات الأمريكية تجد أن المتنافسين يتبادلون شتى أنواع الشتائم والاتهامات من أجل الفوز بالرئاسة وهو شيء أصبح موجودا ومباركا إن صح التعبير وعلى مدى التاريخ الناس تتصارع كي يفوز واحد بشيء ، وفي السياسة يتنافس حزبان في الانتخابات فيفوز أحدهما والآخر يخسر وإذا كانت السياسة كهذا فلماذا لايكون على مستوى الحوار خاسر ورابح ؟! والديمقراطية في الغرب تقوم على مبدأ الرابح يأخذ كل شيء .

ولكن ، بالنسبة لمسألة للديمقراطية التي أترتموها، هناك تغيرات في المجتمعات العربية نحو الديمقراطية هناك برلمانات وأحزاب سياسية وغيرهما ؟

كل البلدان العربية لديها برلمانات لكنها للضحك على الذقون للأسف الشديد ، إننا أخذنا من الديمقراطية شكلها الخارجي ولم نطبق أي شيء منها ومعظم البرلمانت العربية عبارة عن شهود زور ومشكلتنا في الوطن العربي هي الزعيم الديكتاتور وطالما الدولة أنا وأنا الدولة وهو الشعار الذي تستخدمه كل الأنظمة العربية فليس لدينا ديمقراطية.

هل حصل وأن ندمت على تقديم قضية معينة في برنامجك أو لم تعرضها ؟

لا أعتقد أنني نادم على أي قضية طرحتها على العكس تماما ، لم يعد الأمر بهذه السهولة أن أحجب قضية ما لا تستطيع أن تفعل ذلك في الإعلام الحر قد أكون أنا مثلا ممتنعا عن إثارة قضية معينة وتقدم حلقة ويأتي ضيف فيدخل فيها مباشرة فتخرج من يدك أصلا .

دكتور فيصل أشرت إلى أن برنامجك تناول قضايا كثيرة دينية وسياسية واجتماعية ولكن دعنا نضع خطا تحت كلمة دينية لأن الملاحظ أنك لم يتناول القضايا الحساسة دينيا بما فيه الكفاية فما هو ردك؟

بالعكس هناك حلقات كثيرة تناولت القضايا الدينية وأعتقد أنها كانت من أنجحها وأهمها ففي الحلقات الأولى من البرنامج كانت هناك حلقة مدوية عن العلمانية والإسلام بين الشيخ القرضاوي وبين واحد من أكبر العلمانيين العرب صادق جلال العظم وتكررت الحلقات التي تتناول الجانب الديني خاصة الحلقة التي ضمت كلا من الدكتور محمد عمارة ونصر أبو زيد وكانت هناك حلقات استضافت الفزازي من المغرب في أكثر من حلقة وهو الآن قابع في منزله جرد من وظيفته ومنع من أي تحرك بسبب مشاركته بالبرنامج فقد تناولنا الموضوعات الدينية الخلافية .

الآن وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على حياة البرناج ألاتفكرون في تغير طبيعته أو تطويره تحاشيا لاستمرار الرتابة ؟

وجهة نظري تقول الآتي ليس المهم دائما الإطار قد يكون لديك إطار لصورة معينة فهذا الإطار يكتسب أهميته وجماليته وقيمته من خلال الصورة الموضوعة داخله ، المهم في الاتجاه المعاكس ليس الإطار هل لايزال لدينا الكثير من القضايا الخلافية لم نتناولها أم لا ؟ لايزال لدينا آلاف القضايا الخلافية التي يمكن أن تملىء بها إطارا مثل الاتجاه المعاكس ، طبعا نفكر في التغيير بشكل بسيط ولكن نحن العرب أمة ملولة فنحن نعتقد أن برنامجا مر عليه خمس سنوات يجب أن نغيره ونأتي بغيره هناك برامج في القنوات الغربية لم تتغير منذ عشرات السنين من مثل برنامج " 60 دقيقة " في محطة CBS الأمريكية عمره ثلاثة وثلاثون عاما وهناك مسلسلات تلفزيونية في القنوات البريطانية عمرها أكثر من أربعين عاما وهنا أسأل هل الموضوعات التي يمكنها أن يناقشها الاتجاه المعاكس خفت أوانتهت ؟ بالعكس لديك دائما موضوعات جديدة لأسباب كثيرة فنحن جدد على ساحة النقاش والحوار والإعلام الحر.

ولكن هناك تكرار لكثير من الموضوعات بالإضافة إلى تكرار الضيوف وإهمال لبعض الدول ؟

ليس تماما طبعا بالنسبة للضيوف لا نعتقد أننا نكرر كثيرا كما في بعض البرامج الأخرى التي لا تستطيع العيش إلا على ضيف واحد يكررونه ويظهر في بعض البرامج أكثر من ظهوري أنا على قناة الجزيرة نحن لا نكرر إلا ما ندر.

كما أن البرنامج لا يهمل أي بلد فقد ناقشت قضايا كل الدول العربية دون استثناء

اليمن والمغرب مثلا لم يتم يتناول برنامجك قضاياهما إلا في بضع حلقات؟

نعم اعترف لك بأن هناك دولا لم تأخذ نصيبها ولكن هذا ليس من باب الإهمال بل يعتمد على الأحداث التي تفرض نفسها على الساحة العربية وقد تناولنا قضاياتتعلق باليمن والمغرب وغيرهما في أكثر من حلقة وربما سنتناول قضية الصحراء في قريب واالتقارب الأمريكي اليمني

الإعلام المؤدلج

يقال بأن الاتجاه المعاكس أضحى برنامجا بلا مضمون رغم إثارته لقضايا لكن من أجل الجدال والصراع وما إلى ذلك من هذا الكلام ؟

أنا أختلف مع هذا الرأي تماما ماذاتريد من برنامج سياسي ؟ هل تريد وصفة سياسية ؟ البرنامج ليست هذه مهمته نحن كإعلاميين ليست مهمتنا أن نكون مبشريين سياسين مهمتنا أن نطرح قضايا ونزيل الغبار عنها ونفضحها ونكشفها وهذه خدمة إعلامية جليلة وفعلا يستضيف البرنامج ضيفين يتناقشان ويتشاجران ويترك للمشاهد الرأي، وهنا نعود إلى الإعلام المؤدلج التوجيهي أو الإرشادي الذي ابتليت به الساحة الإعلامية العربية منذ أكثر من خمسين عاما هل تستطيع أن تنكر أن الحلقات التي تقدم تستفيد مهنا وتطلع على أمور جديدة وعلى وجهات نظر و آفاق وآراء جديدة طبعا كل ذلك من محصول البرنامج .

في نفس هذا الإطار يثير الاتجاه المعاكس قضايا جزئية لا تخدم لا المشاهد ولا مصالح البلد الواحد ولا التقارب العربي العربي بل تساهم في التشتت و التشرذم كما يقال؟

مثل ماذا؟

تناول قضايا الأقليات مثلا؟

لماذا تعتبر أن تناول مثل هذه القضايا لا يخدم المشاهد، ألا تعلم أن الصراعات العربية العربية أو ما يسمونها بالموضوعات الجزئية أوالتافهة أو الهامشية بالورقة والقلم قتلت من العرب أكثر مما قتل في الصراع الرئيسي ألا وهو الصراع العربي الإسرائيلي ، هذه القضايا التي يسمونها صغيرة هي السبب الرئيس في تخلف العرب ، نحن العرب مشكلتنا وتحت شعارات كبيرة جدا " الوحدة العربية" والأمن القومي العربي " والقومية العربية " نتستر على كثير من الأمراض السياسية السلطانية العربية بحجة أنها لا تخدم القضايا العربية علينا أن نناقش كل شىء كما فعل الغرب الذي ناقش كل الأمور الصغيرة والكبيرة ولم تؤثر لا على وحدته الوطنية أو القومية أو تطوره بالعكس بالشفافية والحرية تطور ونحن لازلنا متقوقعين بحجة عدم حرج هذه الوحدة أو تلك.

اختيار الضيوف

يلاحظ كذلك أنكم في اختياركم طرفي الحوار أنه يكون أحدهما أضعف من نده ويقال بأنكم إذا أردتم مناصرة رأي أو فكرة تختارون لها خضما ضعيفا؟

دعني أقول لك شيئا إنني أشعر بكثير من الحزن والإحباط عندما يكون لدي ضيف أقوى من الآخر فعندما يقع مثل هذا فإنني عادة ما أتدخل لخلق نوع من التوازن في الحلقة ولا أقصد بأي حال من الأحوال أن يكون واحد أضعف من الثاني بل أكون في غاية النشوة والانبساط عندما يكون الضيفان قويان إذ بهما تكون الحلقة قوية وأكون سعيدا جدا ولا أقصد أن أمرر وجهة نظري بل هذه ستمر شئت أم أبيت هذا من جهة. أما لماذا يتغلب ضيف على آخر في بعض الأحيان؟ في الاتجاه المعاكس هناك صراع فكري مثلا إذا كان لديك محمد علي كلاي وبطل آخر ضده في النهاية سيتغلب أحدهما على الآخر إما بالضربة القاضية أو بعدد النقاط حتى في الحياة هناك غالب ومغلوب فكيف بالاتجاه المعاكس. وفي بعض الأحيان هناك قضايا رابحة لأسباب كثيرة فقد تأتي بضيف قوي جدا جدا لكن القضية التي يدافع عنها قضية خاصة مثلا موضوع التطبيع مع إسرائيل موضوع من الصعب أن تدافع عنه لأنه مهما تكون فكل المشاهدين لن يتفاعلوا معك لأنها قضية وطنية . لكن أعترف في حلقات كثيرة لم نوقف لأسباب كثيرة منها الاعتقاد بأن الضيف الفلاني قوي وعندما ظهر على الشاشة كان العكس لأسباب كثيرة إما لأنه ارتبك أمام الشاشة أو أن الضيف الآخر لم يعطه المجال للحديث وغيرها ففي بعض الحلقات كنا نعتقد بأن هذا الضيف سيستحود على مجريات الحلقة لكن بعد 10 دقائق ينتهي.

وكيف تختاورن الضيوف ؟ أو ماهي المقاييس المعتمدة في اختيار الضيوف ؟

عندما نحدد موضوعا معينا نبدأ البحث عن من يستطيع التحدث عنه مثلا إذا كانت هناك قضية يمنية نبدأ بالاتصال بمعارفنا هناك من صحفيين وسياسيين وأصدقاء ما إلى هنالك من هذا الكلام ولدينا حاليا خبرة معينة بالشخصيات الموجودة بالساحة العربية أيضا ونقوم بالاستشارة واختيار نماذج نناقش معها موضوع الحلقة وهكذا . فعملية الاختيار عملية معقدة جدا وهذان الضيفان اللذان يظهران في البرنامج لانختارهما إلا بعد جهد جهيد .

هل حصل أن اعتذر ضيف عن عدم الحضور في اللحظة الأخيرة ؟

في بعض الأحيان هناك دول منعت الضيف من الحضور أو يأتي إلى هنا ويتلقى مكالمة من بلده تقول له عد إلى بلدك ولا تشارك .

هل يكون لديكم بديل؟

في آخر لحظة لا يكون هناك بديل . أما إذا ما وقع مثل ذلك قبل يوم من انعقاد الحلقة قد نفعل شيئا وقد حدث أن اتصل بي ضيف قبل ساعتين من بث الحلقة من الفندق وأخبرني بعدم مشاركته.

بالنسبة لاختيار الموضوعات هل لديكم جدول أعمال أم حسب الأحداث؟

نحن في معظم الأحيان نساير الأحداث لماذا ؟ هناك الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والفكرية وغيرها التي يمكنك أن تناقشها في أي وقت وهي قليلة مع ما يسمى بأحداث شؤون الساعة فنحن نساير الأحداث المطروحة على الساعة بقوة .

ولكن في بعض الحلقات لا يتم تناول حدث الساعة مثلا قمة عمان العربية في يوم الثلاثاء 27/ 3/ 2001 لم يتناولها الاتجاه المعاكس؟

صحيح يومها كانت الحلقة عن طالبان و ذلك راجع إلى أسباب كثيرة منها قد يكون الموضوع قد نوقش في أكثر من برنامج أو ليس لديك أي شيء عن القمة ، قد أناقشها بعد أسبوع من انعقادها ولكنننا لا نتجاهل الحدث أبدا .

في نفس الاتجاه قد تطرحون قضية معينة للنقاش فيكون هناك رد فعل رسمي من طرف الدولة المتضررة فيقوم البرنامج باستضافة من يصححون خطأ الاتجاه المعاكس ؟

أقول بكل صراحة لم يحدث أبدا أننا قدمنا حلقة عن بلد واضطررنا أن نوازن إذا حدث ذلك فهو يحدث لأسباب مهنية وإعلامية بالدرجة الأولى ليس لإرضاء هذا الطرف على حساب ذاك أو لتصحيح الوضع فهي ليست عملية مفروضة بل هي عملية تقوم على اعتبارات مهنية كما قلت، قد يعتقد بلد ما بأنه ظلم في حلقة ما وأنا ليس لدي أي مانع أن يرسل ذلك البلد بممثل عنه ويدافع عن القضية فنحن لسنا في معرض ازعاج بلد ما إذا كان هو مزعوجا فليتفضل وليشارك في حلقة من الحلقات خاصة وأن كثيرا من الأنظمة تتمنع ولا تشارك وليست هناك عملية تصحيح بالطريقة العربية المعروفة أو تكفييرا عن الذنوب، هي نوع من الموضوعية.

مضايقات بسبب البرنامج

هل تدافعون عن ضيوفكم الذين يتضررون من مشاركتهم في البرنامج ؟

فعلا لا أنكر مجموعة من الضيوف الذين شاركوا بالاتجاه المعاكس بعضهم كما يقول الإخوة المصريون "ذهبوا في 60 ألف داهية" بعض الضيوف سرحوا من عملهم وعقبوا عقابا شديدا وبعضهم سجن وآخر عوقبت عائلته وتعرضت لضغوط ، عندما يكون لدينا إثباتات كاملة لا مانع لدينا أبدا أن نقف إلى جانب الضيوف الذين ضيقوا بسبب البرنامج وفي الأيام القادمة إن شاء الله سيكون هناك اتصالات مع أشخاص يقولون أنهم تعرضوا للمضايقة سنعطيعهم المجال ليتحدثوا عن ما يتعرضوا له.

بالنسبة لكم شخصيا هل تعرضتم لمضايقات ؟

لو كنت أنا الوحيد الذي تضررت لكان الأمر مقبولا حتى إخوتي تعرضوا لمضايقات ولضغوظ ولعلك تذكر أن أخي المطرب مجد القاسم طرد من مصر بسبب الاتجاه المعاكس لمدة ثلاثة أشهر ورحل عنها وعائلتي في أكثر من مكان تم التضييق عليهم بسبب أنهم إخوتي وشخصيا تمارس علي ضغوظ كثيرة فالاحتجاجات الرسمية التي قدمت ضد الاتجاه المعاكس ومقدمه بالمئات وهناك بلدان وضعتني في القائمة السوداء وهناك بلدان لا أستطيع الذهاب إليها.

غيابكم الأخير عن الاتجاه المعاكس هل كان إنذارا من إدارة الجزيرة أم من جهات أخرى؟

لا تستطيع أن تقول أنه بمتابة إنذار ، طبعا تغيبت لمدة ثلاثة أسابيع باتفاق مع قناة الجزيرة ولا أنكر في ذلك الوقت كانت هناك ضغوط علي وعلى القناة حتى سمعت مدير القناة يقول أن أمريكا أوعزت إلى شركاتها إلى عدم الإعلان بالجزيرة ومازالت الضعوط مستمرة.

وماذا عن عدم تناول قضايا مرتبطة بأحداث سوريا مسقط رأسكم ؟

أولا قدمنا العديد من الحلقات التي مست الشأن السوري بينما أنت تقول هذا الكلام هناك إخوة سوريون يقولون لي لماذا تتناول القضايا السورية بكثيرمن الحدة هل لتبرهن للآخرين بأنك لست منحازا لسوريا ذلك أنه حتى في الحلقات التي لا علاقة لها بأحداث بلدي تأتي على الشأن السوري بعنف وقوة بل هناك دعوة قضائية مرفوعة ضد الاتجاه المعاكس في سوريا بسبب أحد الضيوف الذين شاركوا في البرنامج ، بالعكس تماما هناك انطباع لدى بعض الإخوة السوريين بأن البرنامج يستهدفهم بل البرنامج نفسه لاينظر إليه بإعجاب في كثير من البلدان العربية ومنها سوريا.

الجزيرة والخارجية القطرية

وبشأن قطر؟ لماذا تركز على بلدان دون أخرى ؟

نحن ليس لدينا أي هدف معين أو مصلحة ما هل تستطيع أن تنكر بأن القضايا التي تحدث بمصر أكثرمن القضايا التي تحدث بقطر بخمسين مرة وكذا المغرب والجزائر وغيرهما المشكلة أن أحداث قطر قليلة وعندما يحدث أي جديد نتناوله ، عندما كان هناك المؤتمر الاقتصادي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تناولناه وكان هناك ضيف هو عبدالله النفيسي شن هجوما عنيفا على وزير خارجية قطر وكذلك مؤتمر التجارة العالمية حتى قناة الجزيرة تعرضت لهجوم في الاتجاه العاكس

بذكر وزير خارجية قطر هناك من قال بأنه صاحب فكرة قناة الجزيرة وبصفتكم من المؤسسين الأوائل للقناة كيف كان تأسيس القناة؟

هناك الكثير من الإشاعات والأقاويل عن الجزيرة وعن برامجها وأطرها ، عن نفسي مثلا اتهمت ولله الحمد بأنني تعاملت مع معظم وكالات الاستخبارات الدولية باستثناء ساحل العاج وبوركنافاسو. من جهة أخرى اتهمت في يوم بأنني أصولي وفي آخر بأنني علماني وماسوني وصهيوني حتى قناة الجزيرة اليوم تمولها العراق وغدا إسرائيل وبعده أمريكا وهلما جرا ، قناة الجزيرة تمول من الحكومة القطرية لكنها تتمتع بهامش كبير من الاستقلالية والحرية.

الاتجاه الفكري لفيصل الفاسم

الدكتور فيصل مما يحسب لك أن مشاهدي برنامجك يعجزون عن تحديد اتجاهك الفكري عند استضافتك لضيفين متنافضين في أي قضية بعكس مقدمين آخرين يظهر توجههم في أول عشر دقائق فكيف تصنف نفسك للقراء؟



أنا لا أستطيع أن أنكر بأنني عروبي الاتجاه فأنا تهمني القضايا العربية من المحيط إلى الخليج ، يهمني أن أعمل بمبدأ الأقربون أولى بالمعروف إذا كانت هناك قضية عربية وآخرى غير عربية أهتم بالأولى هذا هو تصنيفي لكن لا أستطيع أن أحسب على تيار سياسي معين لماذا؟ صنفت مرة أني قومي عروبي وأنا كذلك لكن ليس على المستوى الحزبي لأن الأحزاب القومية العربية صارت مهزلة حتى أن البعض كفر بهذه الأحزاب التي تسمي نفسها قومية هذا من جهة . من جهة ثانية كلما توسعت في القراءة كان من الصعب أن تتخندق في خانة معينة ونحن في عصر المعلومات من الصعب أن نصمد في مكان معين لفترة طويلة وهناك مثال فرنسي يقول الأغبياء فقط لا يغيرون أراءهم بل من الصعب أن تشكل وجهة نظرك فقد تكون اليوم صحيحة ولكن بعد عشرة أيام قد تصبح خاطئة ، بشكل عام تألمني أي قضية عربية سواء كانت في مصر أو موريتانيا أو أي مكان آخر.

في إطار ما قلتم به من تغيير الأفكار والتصورات لقد فشل التيار القومي العربي وظهر تيار إسلامي ألا يؤدي هذا إلى تغيير في أفكار الدكتور فيصل القاسم ؟

أولا التيار الإسلامي ظهر على أنقاض التيارين القومي واليساري والتيار العروبي نجح في أحد حروبه لكنه فشل في غيرها من الحروب الكثيرة وخاصة في إدارة الصراع العربي الإسرائيلي والتياراليساري فشل وانهار مع انهيار الاتحاد السوفيياتي فاستفاد التيار الأصولي من الفراغ الأيديولوجي وامتطى العربة وحتى هذا التيار استعار الكثير من مفردات التيار القومي العربي وأنا أعتقد بأن التيار الأصولي نتاج الآخرين ومصطنع فهو ليس ابن بيئته وأعتقد أن هناك جهات خارجية كانت وراء ظهور بعض التيارات الأصولية وفي أكثر من بلد شجع الإسلاميون لمقارعة تيار آخروبعدها انقلب على السلطة.

ولكنه لعب على التوازانات ؟

سمعت هذا الكلام وأعطوا مثال الفرس والروم وما إلى هنالك من هذا الكلام .

كثيرا ما تثيرون قضية الصراع العربي الإسرائيلي في الاتجاه المعاكس ، ما هو الخيار الأقوم لحل هذه القضية من وجهة نظركم ؟

إن المقاومة هي الخيار الأمثل حسب ما نرى ولدينا الكثير من الأمثلة في جنوب لبنان وكل الصراعات العالمية وحركات التحرر حسمت في نهاية المطاف لصالح المقاومة وأعتقد أن ما تفعله المقاومة الفلسطينية الآن واضح للعيان ناس عزل وبدون سلاح يقارعون أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط وهناك من يقولن لماذا يلجأون إلى العنف ؟ لدينا في التاريخ خيار النبي شمشون الذي لم يجد أي خيار آخر ففجر نفسه ، وخيار المقاومة خيار ناجح على شرط أن تستمر وأن لا تخذلها القيادات كما فعلت أكثر من مرة مشكلة الثورات العربية في قياداتها ثورة القسام كادت أن تنجح لولا تدخل الدول العربية وبعض الحكام العرب.

هل ترون أن المستقبل هو للتيار الليبيرالي في الدول العربية في ظل التوازنات الدولية الحالية؟

من خلال تجربتي في الاتجاه المعاكس التيار الليبيرالي لازال ملعونا حتى ولو حمل أجمل القيم مثل حقوق الإنسان والديمقراطي وغيرها مازال مرتبطا بالاستعمار لكن لا نستطيع أن ننكر للصيغة الديمقراطية بشكلها الغربي شئنا أم أبينا طبعا الديمقراطية كما قال تشيرشل ليست أفضل شيء ولكنها أفضل الشرين وحتى الآن لم يستطع العالم أن يبتكر صيغة مثلها.

كيف تنظرون إلى تجربة الجزيرة في ظل الواقع الإعلامي العربي ؟

طبعا تجربة الجزيرة تجربة رائدة بكل المقاييس مقارنة بواقع الإعلام العربي عامة بل هي ثروة في الإعلام العربي بل لأول مرة تستطيع أن تشكل رأيا عاما عربيا ، نحن العرب دائما كنا ضحية لوسائل الإعلام الغربية نستقي منها أخبارنا ومعلوماتنا وكل شيء ، لأول مرة هناك وسيلة إعلام عربية قادرة على أن تقدم الخبر والرأي الصحيح وقادرة على أن تخوض في كثير من الأمور بجرأة وحرية إذن هي تجربة رائدة ومطلوبة جدا في عالم عربي مهمة الإعلام فيه هي التطبيل والتزمير للحكام والجزيرة قضت على هذا التقليد .

في تقديركم الشخصي نجاح الجزيرة يعود إلى نشرات أخبارها أم إلى برامجها الحوارية؟

لكي نكون منصفين في بداية انطلاق الجزيرة كانت البرامج الحوارية هي التي استندت عليها القناة إلى حد كبير ولازالت تشكل هذه البرامج وتشغل حيزا كبيرا في البث ولكن لا نستطيع في نفس الوقت إنكار الجانب الإخباري فهو مهم جدا خاصة وأن هناك أخبارا على مدار الساعة ولا أحد يستطيع أن ينكر التغطيات الممتازة التي تقوم بها الجزيرة في أكثر من مكان تغطية الانتفاضة والعراق والشيشان وأفغانستان فإذا كان هناك عمودان تقوم عليهما الجزيرة فهما الأخبار والبرامج الحوارية .

تحريض على العنف

تتهم القناة بأنها تحرض على العنف وتأجج المشاعر ؟

أعتقد أن المناظر التي يرتكبها الإسرائليون ليست بحاجة لأحد أن يحرض ضدهم وكل ما تقوم به الجزيرة أنها تنقل ما يحدث في فلسطين من مجازر وغيرها والمناظر التي تصلنا عبر الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام الغربية لا تدفع فقط للعنف بل تدفع إلى السخط الشديد وإلى كثير من الأمور

ولكن ألا يحسب لإسرائيل أنها تسمح بالتصوير في الوقت الذي تمنع فيه دول عربية الجزيرة من تصوير مظاهرة مناصرة للانتفاضة؟

كلام صحيح ولكن لا تستطيع أن تغطي الشمس بغربال فهناك انتفاضة كبيرة جدا وهناك مجازر وجرائم ترتكب ولا تستطيع إسرائيل أو غيرها التستر عليها.

تتهم الجزيرة كذلك بأنها بوابة للتطبيع ما رأيكم في هذا القول؟

من وجهة نظري الشخصية ولا أتكلم كممثل لقناة الجزيرة لو كان الأمر بيدي لما سمحت ولو لصهيوني واحد الظهور على أي شاشة عربية لأني أعتقد بأنه نوع من الاختراق للشارع السياسي والعربي وتسميمه بهذه الأفكار الصهيونية وأنا ضد كل أنواع التطبيع مع عدو بالمنطقة العربية أما إذا أردت أن تحصل على جواب شافي عن هذا الموضوع فالأفضل أن تتوجه به إلى القناة وليس إلى أحد موظفيها .

أجرى الحوار في الدوحة:
عبد الحكيم أحمين- منير الماوري
03-21-2008, 02:09 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
عاشق الكلمه غير متصل
فل من الفلول
*****

المشاركات: 6,017
الانضمام: May 2007
مشاركة: #3
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت


اقرا كلامك اصدقك .... اشوفك امورك استعجب.
03-21-2008, 03:21 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
خوليــــو غير متصل
متشائل
*****

المشاركات: 938
الانضمام: Jun 2004
مشاركة: #4
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
Arrayوأتذكر أنني كنت في غاية الخوف عندما قدمت تلك الحلقة الشهيرة عن العلمانية والإسلام بين العلامة الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر العلماني الدكتور صادق جلال العظم[/quote]

لم أكن قد شاهدت هذه الحلقة .. رغم إني سمعت عن حلقة كهذه ..
هل هي موجودة على النت .. !!

خوليو
03-21-2008, 04:10 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #5
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
that was between 1996 and 1998

and for this time they areno archiv for this programm

only al-jazeera and faisal al-kassem can help you

you can write on faisal al-kassem
03-21-2008, 04:48 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
فيصل القاسم يتحاقر من جديد ...أخجل من سوري بهذه الأخلاق


http://de.youtube.com/watch?v=8icewK-nG7I


http://taeralshmal.jeeran.com/archive/20...55076.html


الخميس, 01 مايو, 2008
فيصل القاسم يعلن وفاتي في الثلاثاء الأسود

أوسلو في الأول من مايو 2008

كل الذين يحبونني قاموا بتحذيري، فالمشهد أكثر وضوحا من أنياب أي سجّان عربي، والايقاع بي على الهواء مباشرة وأمام الملايين أمر في غاية الأهمية للذئاب التي تنهش في لحم المواطن العربي.
لكنني لم أستجب، وظننت أن ثلاثين عاما من عمر مناهضتي العلنية لأنظمة البؤس والفساد والطغيان كانت كافية لجعل لساني ينطلق في الشاشة الصغيرة، وتغضب معه الجماهير.

بكيت عدة مرات وأنا أقرأ، وأكتب، وأعدّ وثائق تدين كلاب البشر التي تفترسنا، لكن المسرحية كانت مُعَدّة بحِرَفيّة شديدة بدت فيها مهارة معظم أجهزة الاستخبارات مشتركة بنسب متفاوتة.

قيل لي في مطار الدوحة بأن الدكتور فيصل القاسم ينتظرك على أحرّ من الجمر، وقيل لي بأنهم لن يبُلغوا الضيف الآخر، مساعد وزير الداخلية المصري بشخصيتي قبل مساء الاثنين، ولكن هذا لم يكن صحيحا.

في غرفة الانتظار وقبل وصول اللواء مجدي البسيوني كنت فعلا قد وقعت في المصيدة قبل الخروج على الهواء.

انتحى بي المذيع الأكثر شهرة في عالم الإعلام وطلب مني أن أهاجم منذ اللحظة الأولى، وأنه يتعاطف معي من أجل الأبرياء الذين أهينت آدميتهم على أيدي الجلاوزة والسفاحين، وسيعطيني الكلمة، وسيمنحني الوقت، وسأقرأ أسماء المعتقلات والسجون وطرق وأساليب التعذيب، وسيسمع مني الملايين حكايات موثّقة عن منهجية التعذيب وأنها توجيهات دولة ورغبة سلطة.

وطلب أيضا التركيز على المعتقلات السورية، وتعجبت كثيرا فهو سوري لا يقترب قليلا أو كثيرا من عش الدبابير في دمشق، لكنني كنت قد انتهيت باعطاء التحليل العقلي عطلة صغيرة رغم أن الدلائل كلها تشير بمؤامرة محبوكة.

لم تكن تلك المرّة التى التي يطلبني فيها ( الاتجاه المعاكس )، وكنا نختلف فلا يقومون بدعوتي، وفي احدى المرات اختلفنا فقد تم الطلب مني أن أتحدث عن التآمر العربي ، خاصة من الكويت، واستوعبت آنئذ التحذير الذاتي من المصيدة فقد كان المطلوب رأس الكويت، لكن بصمات أكثر وزراء الداخلية العرب كانت هذه المرة تعتمد الحلقة، وتعد آلات الجلد على الهواء مباشرة، وفيصل القاسم يقوم بدوره الذي سيجعل اسمه خالدا ومرسوما على سياط الجلادين في التاريخ العربي المعاصر.

جاء اللواء مجدي البسيوني، وأعطى فيصل القاسم كيسا صغيرا فيه بعض الأدوية التي طلب منه شراءها من القاهرة قبل الوصول.

لم أكن مضطربا بالمرة في غرفة الاستقبال، فلقد ذاكرت كثيرا، وعملت مذيعا لأربع سنوات، وألقيت مرة كلمة في بغداد أمام مئات من قياديي الفكر في العالم العربي عن السلطة والصحافة، وقيل لي آنئذ بأنها أخطر كلمة استمع إليها الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وجعلتني لا أسافر إلى العراق بعدها أبدا.

قبل بدء البرنامج بدا لي الدكتور فيصل القاسم كأنه سيفتح لي الشاشة الصغيرة على مصراعيها، ويمنحني الفرصة، ويزيل أي وقفات غير متوقعة يتردد أمامها لساني لثانية أو أقل.
في مثل هذا الوقت، أي في 26 ابريل 2005 كان فيصل القاسم يعتذر عن استضافتي في برنامجه وكان عن العصيان المدني في مصر بعدما تم الاستعداد الكامل له، وقال لي بعدها بأن أوامر وصلته فجأة من كبير الكبار أن لا يثير حاكم مصر فهو خط أحمر لا يقترب منه أحد.

الرابع من مايو يقترب، وإسراء عبد الفتاح تعلمت الدرس، ومناهضو الطاغية منهم من حكم القضاء العسكري عليه، ومنهم من تم التنكيل به في الشارع، ومنهم من ينتظر ...

أجهزة الأمن في العالم تنتظر هي أيضا بصبر نافد جلدي وتحجيمي وتقزيمي في خمس وخمسين دقيقة على مشهد من الملايين، أما الاتفاق مع الضيف الآخر فلم يكن له أن يظهر إلا بعد بدء البرنامج. كان الرجل هادئا ويبدو كأنه لا يستطيع أن يؤذي عصفورا، وما عليه إلا أن ينفي وجود التعذيب، والمعتقلات، ومركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، وعلى فيصل القاسم أن يقوم بالمهمة كاملة.

قال لي قبلها بأنه رفض مئات العروض لمكالمات هاتفية مباشرة، لكن شخصا واحدا فقط سيتحدث، وتعجبت، وسألني عقلني إن كان المتحدث سيشير فقط إلى الكويت حتى أخوض أنا أيضا في هذا الموضوع، ولكنني كنت قد سقطت تماما في المصيدة، وأحاطت بي حسن النية كأنني لم أختبر الحياة من قبل، وأنا الذي أعيش في خطر، ولا أستطيع أن أسافر إلى ثلثي العالم العربي، وروحي أحملها أينما حللت.

سيعاتبني أحبابي ويسألون بدهشة: ما الذي ألجمك وقد بدأتَ بداية موفّقة، وكنتَ مستعدا، وأمامك ما لو أشرت إلى بعضه لأهتزت الملايين بكاء؟

تحوّل فيصل القاسم في دقائق قليلة إلى الجانب الآخر، واستبدل دكتور جيكل ومستر هايد مكانيهما، ووجدت نفسي أمام ضابطي شرطة وليس ضابطا واحدا.

كان فيصل القاسم قد استخرج شراسة لم أتبينها من قبل، وأعطاني ظهره، ومنح أذنيه للآخر، ولم أعد قادرا على تكملة جملة واحدة، وتهكم على ما أمامي، فالبرنامج ليس حوارا ولكنه صياح، والذي يديره لا مانع لديه أن يحوله إلى سلخانة شرطة، فالأسياد ينتظرون على الباب، و( الاتجاه المعاكس ) يمكن أن يراه كل السجناء في أقبية السجون العربية ، وربما بطلب مباشر من سجّانيهم.

كيف وقعت في المصيدة؟

كان هذا السؤال مطروحا من الذين يعرفون قدرتي على التعبير، وسهولة استدعاء الكلمات، وعدم رهبتي من الميكرفون، وكَمّ المعلومات المخلوطة بقناعة عقلية ووجدانية بالقضية التي أدافع فيها عن المساكين والمظلومين.

فيصل القاسم يتعجل نهاية البرنامج، ليرفع يَدَ السجّان في نهاية المباراة ويعلن فوز السجن وحبل المشنقة وكلاب الافتراس ورغبات الطغاة.

يأخذ نهاية الكلمة من أي جملة أبدأ بها ثم يجعلها موضع سخرية، فأي شخص وفقا لرأيه يستطيع ان يقول في الشارع أن السجون مليئة بالمعتقلين.

تحوّل الحَمَل الوديع قبل البرنامج إلى ذئب مفترس، وأخلف فيصل القاسم تعهده معي، وجعل يعطي أذنيه لضابط امن يحدثه عن أنواع المجرمين في السجون.

لم يبلغوا اللواء مجدي البسيوني أن الحلقة عن العالم العربي فقد جاء باتفاق مسبق بينهم وبين أجهزة القمع في مصر، وفيصل القاسم يطلب مني أن أتحدث عن السجون السورية، فإذا تم تقزيمي فقد رضوا عنه في دمشق، وفتحت له أجهزة الاستخبارات القاعة الذهبية لكبار الزوار.

حتى الأطفال الصغار الذين شاهدوا البرنامج فهموا على قدر عقولهم أنني أمام مذيع غير مهذّب على الاطلاق، ومحترف شتائم مبطنة، ومهيّجا للجماهير، وسوطا للاستبداد يجلد به على العلن من يناهض الطغاة.

نجح السجّانان نجاحا باهرا، وأعلن القاسم في نهاية البرنامج على غير العادة طوال سنوات بأن مبعوث الطاغية كسب كل الجولات، وكاد يرفع علامة النصر ويبصق في وجوه كل أحبابي والمتعاطفين والمؤمنين باخلاص وعودي تجاه السجناء والمغيبّين في عالم النسيان .. جحيم السلطات العربية.

أحاول أن أجلد ذاتي منذ مساء الثلاثاء الأسود،وأحلل كل كلمة، وأعود بأثر رجعي إلى بداية المؤامرة، ويا لغبائي فقد كانت كل الطرق تشير بوضوح إلى المسرحية، وأن فيصل القاسم لعب أهم أدواره على الشاشة في أقل من ساعة.

ماذا حدث لي؟
أين ذهب لساني وغضبي؟
لماذا لم أغادر الاستديو، أو أطلب منه أن يسمعني ولا يقاطعني؟
كان شرسا، وفظا غليظا بعد البرنامج، وخرجت منه كمية هائلة من الكراهية، واتهمني في تكملة مسرحيته بأنني قمت بتخريب برنامجه، وطلب مني، كأن الطلب ليس بلسانه، أن لا أقبل دعوة أيّ فضائية عربية للحديث.

انكشفت الأنياب، وقام بتهنئة اللواء مجدي البسيوني أمامي في الغرفة التي شهدته قبل ساعة ملاكا طيبا ووديعا، وباكيا على سجناء الضمير، وقال له: لقد كنت رائعا سواء اختلفت معك أمْ اتفقت.

لماذا لم أعلن على ملايين المشاهدين أنني وقعت في المصيدة، وأنْسَحب حفاظا على صورتي في أذهان الذين دافعت عن حرياتهم لأكثر من ثلاثة عقود؟

كان المطلوب أن لا تهتز صورتي أمام الناس فقط ولكن أمام نفسي وقناعاتي ونداءاتي المتكررة للعصيان المدني والانتفاضة ضد الطغاة،

طلب مني قبلها أن لا أكون مثل الدكتور منصف المرزوقي ، قلت له ولكنه رجل رائع وأعرفه شخصيا، وشاهدته بطلا في مؤتمر ( الكراهية )، ولم أعرض الأمر على عقلي الذي كان غائبا آنئذ في رحلة الفرح بأنني سأعرض هموم وأوجاع وعذابات المواطن العربي الذي تعتبره السلطة ممن يمشي على بطنه أو على أربع.

أعيد المشهد في ذهني فلا أرى نفسي فيه، وأعيده على ملايين المشاهدين فيرون صديقهم ممزقا على الهواء، وضابطا الشرطة، ممثل السلطة في مصر، وممثل الطغاة في الجزيرة، يضحكان حتى الثمالة، فقد نجحت المسرحية أكثر مما نجحوا في 18 يوما مع إسراء عبد الفتاح.

لكنني عاهدت نفسي أمام الله أن أقف مرة ثانية وعاشرة ولآخر رمق في عمري فأنا صاحب قضية وهم أصحاب السلطة، وسنرى من الذي يضحك في النهاية، ومن الذي ستعرف الجماهير بحدسها أنه الأقرب إليها.

أعتذر لكل الذين صدمهم ثلاثائي الأسود، وكانوا يتوقعون مني خيرا وصياحا وزعيقا ومقاطعة المتحدث الآخر لأشرح وأعرض عذابات وأوجاع ودموع السجناء وأهلهم في أقل من عشرين دقيقة هي عمر لساني خلال الدقائق المحسوبة متقاسمة معنا نحن الثلاثة.

هل أجلد نفسي أكثر من هذا، أم أستمر في جلدهم؟

هل يحتفلون بخسارتي وانكساري وهزيمتي وموتي، أم أقف من جديد فالجولة النهائية لم تحسم بعد؟

لم يجبرونني على الوقوع في المصيدة، لكنني ذهبت إليها بنفسي، وضربت بعُرض الحائط كل خبراتي السابقة، وأنحيت التحليل العقلاني والمنطقي جانبا، وغضضت الطرف عما كتبه الآخرون عن ( الاتجاه المعاكس)، ولكن الأحرار لم يصفقوا لفيصل القاسم وضيفه ضابط الأمن والسجان، إنما أحزنهم مَنْ لعب الدور الذي لعبته أنا دون أن أسأل عن مخرج المسرحية !
هي الضربة القاضية كما يظنون، وهو الدرس الأغلى سعرا في حياتي كما أراه.
مرة أخرى، أقدم اعتذاري الصادق والعميق لكل أحبابي والمؤمنين بقلمي، فقد خذلتهم، فجلدت نفسي بعدها بما فيه الكفاية.
إنهم يعلنون وفاتي، وأنا أعلن مولدي الجديد.
05-03-2008, 01:07 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
05-08-2008, 12:51 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #8
RE: حوار مع فيصل القاسم...امضي جل وقتي على الانترنت
لا تستهينوا بالمعارضة الإلكترونية!

GMT 23:30:00 2009 السبت 12 سبتمبر



الشرق الاوسط اللندنية

فيصل القاسم


الويل كل الويل لمن تسول له نفسه مزاحمة النظام أو الحزب العربي الحاكم في الاتصال بالجماهير والترويج لبضاعته السياسية . فهذا من الكبائر، وهو محرّم ليس فقط على العموم، بل أيضا على الأحزاب الهزيلة الأخرى المفترض أنها "معارضة" ومشاركة في اللعبة السياسية لكنها ارتضت لنفسها أن تخرس وتخمد وتكون مجرد تابع ذليل وخادم مُزايد للحزب الحاكم مقابل منافع شخصية معينة وضيعة. لا أدري أي نوع من الديموقراطية هذا الذي يسمح بتعددية حزبية ثم يمنع بقية الأحزاب من النشاط السياسي والتعبوي داخل الجامعات والمدارس والمعاهد والمصانع والهيئات الشعبية. ولا أدري أين يمكن لأحزاب المعارضة أن تنشط إذا كان ممنوعاً عليها التواجد في الأماكن التي تفهم في السياسة قليلا كالتجمعات الطلابية مثلا. هل تنشط في دورات المياه والسهول والوديان والأحراش بين الحيوانات المفترسة أو في دور البغاء مثلا لتسييس بائعات الهوى؟ لم يتركوا لها أي مكان لمزاولة نشاطها السياسي إلا في الغابات وفوق أعمدة الكهرباء.

وبالتالي فقد كان يتحول هواة العمل السياسي الحقيقيون والمخلصون إلى النشاط السري، واعتاد النشطاء السياسيون في الماضي اللجوء إلى توزيع المنشورات بطريقة سرية جدا لإيصال أفكارهم ومشاريعهم من بعضهم البعض وإلى الناس. وكانوا يمضون وقتا طويلا في نقل المناشير من مكان إلى آخر تحت جنح الظلام كي لا تكشفهم كلاب المراقبة السياسية المتحكمة بالمسرح السياسي في معظم الدول العربية وتقطّعهم إرباً إرباً بأسنانها النتنة.

لقد كان توزيع المنشورات السياسية والحزبية عملية بطولية بكل المقاييس، وكم سمعت بعض الحزبيين العرب يتحدث بكثير من الانتشاء والنشوة عن فتوحاته العظيمة المتمثلة بوضع منشور تحت أوراق شجرة أو تحت حجر كي يأتي زميله وينقله إلى مكان آخر بالتتابع حتى يصل في نهاية المطاف إلى بقية "المناضلين" أو الناس. لكن هذا النشاط السياسي والإعلامي كان جريمة لا تغتفر، فقد أمضى ممارسوه عشرات السنين وراء القضبان في غياهب السجون العربية الغراء. بيد أن الزمن الأول تحول.

كم أصبح سهلاً ويسيرا العمل السياسي المعارض هذه الأيام، فهو أسهل من شرب الماء بفضل ثورة المعلومات والاتصالات. فقد حدثني أحد المعارضين العرب ذات مرة أن جماعته كانت تحتاج أحيانا إلى ستة أشهر لإيصال خبر ما إلى الناس. لكن الأمور بدأت تتيسر أكثر فأكثر عندما ظهر جهاز الفاكس، فأخذت بعض الجماعات تستخدمه لإرسال آلاف المناشير من الخارج إلى الجماهير في بلد معين. وأثبت هذا التكتيك على بساطته نجاعة كبرى جعلت بعض الدول تتملل خوفاً من تأثيره على المتلقين. لكن الخوف زاد أضعافا مضاعفة لدى بعض الأنظمة الحاكمة عند ظهور وسائل اتصال أسرع وأكثر تأثيراً. ولا أقصد الفضائيات أو الراديو هنا لأن تلك الوسيلتين محكومتان بقيود كثيرة كونهما تخضعان لقوانين وشروط البلدان التي تبثان منها. ما أقصده هو الإنترنت تحديدا التي وفرت لمستخدميها مساحة تحرك وحرية لم يحلموا بها من قبل. فقد حولت الإنترنت بفضل هُلاميتها مثلا كل إنسان إلى ناشر وموزع للمناشير بعد أن كان مجرد حمل منشور سياسي ما جرماً خطيراً.

ودعوني هنا أختلف تماما مع الذين يهزءون مما يسمونهم بمعارضي الإنترنت. فهؤلاء المعارضون أصبحوا يشكلون قوة لا يستهان بها وهم في تصاعد مستمر مع ازدياد عدد المشتركين في خدمة الشبكة الدولية . فبالرغم من ارتفاع نفقات هذه الخدمة وصعوبة الحصول على جهاز كومبيوتر في بعض البلدان إلا أن جماعات المعارضة في الداخل والخارج بدأت تلتف على هذا الأمر بأن يساهم عدد من الأشخاص في حساب إنترنت واحد ومن ثم يتناوبون على استخدامه كل حسب دوره. يحدث هذا مثلا في بعض دول المغرب العربي.

صحيح أن بعض الدول العربية تأهبت منذ البداية لكبح جماح هذا القادم الجديد المسمى الإنترنت. فبعضها مثلا اشترى أجهزة متطورة جداً بملايين الدولارات لمراقبة وحجب مواقع الإنترنت التي تعتبرها معادية. وقد سمعت من أحدهم أن إحدى الدول العربية التسلطية دفعت أكثر من عشرين مليون دولار للحصول على تلك الأجهزة الكومبيوترية العملاقة بينما يتضور الآلاف من شعبها جوعاً، ولا يجدون ما يسترون به مؤخراتهم العارية. زد على ذلك أن بعض الدول العربية أصبح لديها أجهزة أمنية خاصة لمراقبة الإنترنت ومستخدميها. لكن كل هذه المحاولات الفاشلة لا تستطيع أن تقف في وجه هذا الطوفان الإعلامي الجديد مهما أنفقوا من ملايين، فمستخدمو الإنترنت يزدادون بالألوف حتى في العالم العربي الذي يعتبر أكثر بقاع الأرض تخلفاً في استخدام الكومبيوتر والشبكة الدولية.

ولا ننسى أن هناك ملايين العرب المغتربين في أوروبا وأمريكا وبقية بقاع العالم، فنسبة هائلة من هؤلاء تمتلك الكومبيوتر ولديها اشتراكات في شبكة الإنترنت نظراً لانتشارها بشكل هائل، ففي أمريكا مثلا يدخل إلى الإنترنت أكثر من خمسة وسبعين بالمائة من السكان. ولا ننسى أيضا أن جماعات المعارضة العربية في الخارج بدأت تعتمد اعتمادا كبيراً على الإنترنت في التحريض على الأنظمة الحاكمة ونشر برامجها ومشاريعها وبياناتها السياسية البديلة مما اضطر بعض البلدان إلى حجب المواقع والصحف الإلكترونية المعارضة، لكن الشعوب التائقة إلى الحقيقة والكلمة النظيفة داخل هذا الوطن العربي المكبل تعرف كيف تحبط ألاعيب وقيود الأنظمة على مواقع الإنترنت، فكم اندهشت عندما سمعت بعض الأشخاص في بعض الدول العربية يقولون لي إنهم قرأوا هذا أو ذاك الخبر على الموقع الفلاني فقلت لهم، لكنه موقع محجوب، فقالوا لي وهل تعتقد هذه الحكومات العربية المتخلفة أنها أذكى منا، فنحن لدينا ألف وسيلة ووسيلة للوصول إلى مواقع المعارضة ومنشوراتها الإلكترونية في الخارج.

لقد ولىّ زمان تكبد المخاطر والويلات لمجرد نقل منشور سياسي صغير من قرية إلى أخرى أو حتى من حي إلى آخر. إن بيانات جماعات المعارضة تظهر على الشبكة العنكبوتية الآن بسرعة البرق خارقة كل الحواجز والقيود والحدود لتصل إلى زوايا العالم الأربع بلمح البصر. وعلى ما يبدو هناك تضامن من نوع ما بين مستخدمي الشبكة، فهم دائما يرشدون بعضهم البعض إلى وسائل فك شفرات البروكسي للدخول إلى المواقع الممنوعة.

ولعل الأنكى من كل ذلك بالنسبة للحكام أن منتديات الإنترنت بدأت تشهد نقاشات حامية جدا بالكلمة والصوت والصورة مما يثير الرعب في نفوس بعض الأنظمة الحاكمة، فهناك مثلا غرفة نقاش على البالتوك لإحدى المعارضات العربية تلقى رواجا منقطع النظير داخل إحدى الدول العربية، ناهيك عن المنتديات التي تتمادى إلى أقصى حد في إيذاء الأنظمة الحاكمة من خلال التهجم العنيف والصارخ أحيانا، فلم يعد مجرد نقد بسيط للحاكم من البطولات التاريخية، فقد بدأ البعض يشن هجمات تجريح عنيفة جدا ضد الحكام لا بل يتلذذون في هجائهم وسلخهم وفضحهم. فالحاكم العربي صاحب عشرات الألقاب الفخمة و"الطنانة" لم يعد مقدساً بل مدنساً في منتديات الإنترنت. وبينما كان مجرد التلميح إلى الحاكم جريمة نكراء يختفي مقترفوها وراء الشمس أو يقضون نحبهم وراء القضبان، أصبح إذلاله وتسخيفه و"شرشحته" في غاية السهولة. وبما أن لدى الإنسان العربي إرثا طويلا من الكبت السياسي المقيم فإنه يبدو من خلال كتاباته في منتديات الإنترنت كالوحش الضاري الخارج للتو من القفص يستمتع إلى أقصى درجة بحريته المكتسبة حديثاً. ولا داعي هنا لذكر الألقاب البديلة التي يغدقها معارضو الإنترنت على الزعماء العرب.

ومن الملاحظ أن أكثر المواقع شعبية هي تلك التي توفر لزائريها منتديات نقاشية. وقد أصبح من الصعب فعلاً إحصاء عدد منتديات الحوار والنقاش على العربية الشبكة الدولية لكثرتها وتنوعها. وأبرز ما يميز هذه المنتديات مساحة الحرية وليس هامشها كما عودتنا الأنظمة العربية في مصطلحاتها. فبينما يتحدث العالم الديموقراطي عن الحرية كنا نحن العرب ومازلنا نتحدث عما نسميه هامش الحرية، لأن الحرية تُقدم لنا بالقطارة، لكن هذا المصطلح الرديء في طريقه إلى الاندثار والزوال من القاموس العربي السياسي بفضل تكنولوجيا المعلومات التي ألغت القيود على الفكر.

قد يقول قائل إنني متفائل أكثر من اللازم بمعارضة الإنترنت، فهي ليست أكثر من مواقع للبذاءة والتنفيس في أحسن الأحوال وليس لها أي تأثير يُذكر على الأنظمة الحاكمة التي تتصرف كما لو أنها ما زالت تعيش في الستينيات. وهذا غير صحيح، فالأنظمة العربية التي تبدو صماء لما يدور حولها تدرك أكثر منا جميعا أنها تخوض معركة خاسرة ضد الإعلام الحديث وعلى رأسه شبكة الإنترنت وأنها مهزوزة في داخلها بالرغم من أنها قد تبدو قوية في الظاهر. فالنظام الذي يحارب موقعاً إلكترونياً بسيطاً، ويسجن مدوناً، ويجند كلابه البوليسية ليل نهار، ويبذر أموال الشعوب من أجل التصدي لموقع إنترنت نظام متهاو أو آيل للسقوط. ولا ننسى أن بعض المواقع أصبحت تشكل صداعا مرعبا لبعض وزارات الداخلية العربية.

ولا شك أن هذا الصداع سيزداد إيلاماً بعد أن اهتز النظام الإيراني أخيراً وترنح تحت ضربات المعارضين الإلكترونيين، فلا تستهينوا بالمعارضة الإلكترونية!
09-13-2009, 11:38 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  سميح القاسم خالد 8 693 08-23-2014, 05:17 AM
آخر رد: Dr.xXxXx
  و أخيرا الزميل أبو القاسم .. سجين القفص الذهبي زمان 2 879 08-27-2012, 01:38 AM
آخر رد: ابن سوريا
Lightbulb حوار علي الهوا مع مشرف بالمنتدي نيو فريند 7 1,196 04-26-2012, 06:57 AM
آخر رد: نيو فريند
  حوار كوميدي جدا جدا بين مبارك وعز والعادلي وبن علي والقذافي وسرور عالفيس بوك وضاح رؤى 0 2,620 02-13-2011, 09:10 AM
آخر رد: وضاح رؤى
  كيف أتعالج من إدمان الانترنت؟ علي هلال 13 3,211 10-19-2010, 08:37 PM
آخر رد: علي هلال

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS