noooneh
Banned
المشاركات: 114
الانضمام: Jul 2007
|
خواطر نونية..... في الدين والآلهة (1)
غالباً ما تراودني رغبة في الكتابة عن قناعاتي، عن تصوراتي، عن آلهتي ومعتقداتي ورغباتي… خصوصاً حين تتكاثر علي الأسئلة، وتكثر الأحاديث عن الدين الذي أعتنقه… وفي الواقع كانت الفكرة تتوقف كلما قررت تغيير اعتقاداتي، ونبذت منها على الطريق الذي أسير فيه ما يزيد تناقضاتي ويشتت مساري.
اليوم قررت أن أنشر أفكاري على الملأ، فهي ليست مجرد أفكار شخصية وقناعات. ربما يمكن الحديث عنها كدراسة شاملة وافية لاتجاهات أغلب الشباب ممن هم في مثل سني، وبالتالي قد تكون هذه الدراسة قادرة على مساعدة كثيرين ممن هم مثلي لو قرؤوها بالوعي والفهم الكافيين، ودون تسلط فكري أو ديني أو مذهبي عليها.
لم يكن من السهل أبداً الخروج من الشرنقة التي ولدت فيها، فحينما نعيش في بيئة ما، نتعود دائماً أن ننظر في اتجاه واحد غالباً –اتجاه البابا والماما- ونبدأ في الاعتياد على ذلك، ومع ذلك فجميعنا تراوده –في لحظة من اللحظات- الرغبة للنظر في الاتجاه المعاكس ولو قليلاً… رغم أن هذه النظرة ستكون مشوهة، مؤدلجة، وتكون نتائجها جاهزة في أذهاننا حتى قبل أن ننظر.
مهما كان الاتجاه الأول رائعاً، مهما كان يحتوينا ويغمرنا ويكفينا… فإن المجتمع يجرم بحقنا جميعاً بلا استثناء، ويحرمنا من أهم حرياتنا حين يضع على عيوننا تلك (المساكات) كالبهائم التي تجر العربات من تحتنا. وسواء عدتُ إلى حيث بدأتُ أم انتهيت في مكانٍ آخر أم بقيت طوال حياتي باحثاً عن حقيقةٍ ما ليست أكثر من حلم، فأنا مبسوطٌ بممارستي لوجودي وإنسانيتي كما يجب.. ولن أقبل أبداً أن أكون قطعة أثاثٍ أو جهازاً إلكترونياً يزعمون أن (الكتالوج – دليل الاستخدام) قد أرفق بي منذ ولدت.
إن أكبر الأسئلة التي راودتني هي الإله. لا أملك دليلاً على أن الإله هو الذي خلق الإنسان، لكنني أملك ألف دليل على أن الإنسان خلق الإله منذ القدم. حاول دائماً أن يخلق إلهاً يلائم حاجاته، يلائم تصوراته، يلائم أفكاره… بل إن أحد الأدلة النادرة على تطور الإنسان في زمانٍ ما هو الإله الذي اخترعه… وكلما تطور الإنسان تطور إلهه معه، فقد انتقل من الحيوانات، إلى النار وقوى الطبيعة الخارقة، إلى الكواكب والنجوم… وكلما توسعت مداركه وأدرك كنه إلهه القديم، اخترع إلهاً جديداً أبعد، وأقوى، ولا يمكن إدراكه بالوسائل الحالية…
لكن شيئاً واحداً كان هو الخطوة للوراء، هي فكرة "عقلنة هذا الإيمان" التي للأسف اجتاحت الأديان بشكل عام وشوهتها في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي وخلطت الأوراق ببعضها. لا يهمني كم إلهاً تعبد أو إذا كنت تعبد إلهاً أصلاً، ما يثير حنقي هو أن تجند الفيزياء والكيمياء والطب والجيولوجيا والجغرافيا لتثبت لي أن هناك إلهاً لهذا الكون، وأنه واحد، وأنه إلهك أنت بالتحديد…
الإيمان نشاط عاطفي أعمى، اقتناع مسبق بفكرة لم تطرق باب عقلك أساساً، ولا أعرف كيف يمكن أن تقنعني بأن اتحاد جزيئتين من الهايدروجين بجزيء من الأوكسجين يعني أن هناكً إلهاً ما وأنه إلهك أنت.
أنا واحد من المؤمنين للأسف، وأقول للأسف لأنني الوحيد الباقي بين المؤمنين الذي يعتبر أن إيمانه لم يزل "إيماناً" ولم يتحول بعد إلى (قانون للجاذبية) أو (جدول دوري للعناصر)… الوحيد الباقي الذي يعتبر أن إيمانه فكرة فردية، عاطفية، أؤمن بها بملء إرادتي لأني أحبها.. ولا أود الدفاع عنها لأن أحدأً غيري لن يفهمها كما هي… فما بالكم بالأغبياء الذين يريدون من هذه الأفكار أن تصبح (كتاباً مدرسياً) للأطفال والمراهقين؟… هل سيفهمونها حقاً؟؟؟
د.نائل
|
|
| 02-27-2008, 04:25 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
noooneh
Banned
المشاركات: 114
الانضمام: Jul 2007
|
خواطر نونية..... في الدين والآلهة (1)
غالباً ما تراودني رغبة في الكتابة عن قناعاتي، عن تصوراتي، عن آلهتي ومعتقداتي ورغباتي… خصوصاً حين تتكاثر علي الأسئلة، وتكثر الأحاديث عن الدين الذي أعتنقه… وفي الواقع كانت الفكرة تتوقف كلما قررت تغيير اعتقاداتي، ونبذت منها على الطريق الذي أسير فيه ما يزيد تناقضاتي ويشتت مساري.
اليوم قررت أن أنشر أفكاري على الملأ، فهي ليست مجرد أفكار شخصية وقناعات. ربما يمكن الحديث عنها كدراسة شاملة وافية لاتجاهات أغلب الشباب ممن هم في مثل سني، وبالتالي قد تكون هذه الدراسة قادرة على مساعدة كثيرين ممن هم مثلي لو قرؤوها بالوعي والفهم الكافيين، ودون تسلط فكري أو ديني أو مذهبي عليها.
لطالما حسدت الإنسان البدائي على حياته، على الوقت الفارغ الذي يملكه كي يفكر فيما يحدث من حوله. حينما يمسك بحجري صوّان ويطرقهما ببعضهما فتنطلق الشرارة، وحينما يلقي بالماء فوق النار فتنطفئ…
كان لديه من سعة الخيال وبدائية التفكير ما سمح له أن يفترض قوى شريرة تطلق الشرارة، وأن الآلهة قد تغضب فتقرر فجأة ألا يطلق الصوّان شرارات بعد اليوم. ومن ثم صار يمارس طقوسه السحرية لدفع الشر وجلب الخير، استرضاء للآلهة وتحقيق رغباته. كانت تنهكه تلك الرقصات المجنونة والتعاليم المعقدة كلما عطش، لكنه كان يؤمن أنها الطريقة الوحيدة لاستجلاب المطر، وأن إتقانه لهذه الرقصة يعني رضا الآلهة واستجابتها له.
وكبر الإنسان، بدأ يتعلم أن الاحتكاك يولد الحرارة، وأن المياه تطفئ النار، وصار يعرف أنه حين يحرق نفسه فإن ذلك لأن النار تحرق في ذاتها، لا لأن الآلهة غاضبة عليه.
كان في داخل ذلك الإنسان عطش إلى أن يكون صغيراً، خائفاً، ذليلاً… وكان يبحث عن أي قوة كبرى كي يخرّ تحت قدميها ويعلن طاعته وولاءه. بدأ بالبقرة والثور ثم قوى الطبيعة من نار ورياح وصواعق، ثم ابتعد أكثر فوصل إلى النجوم والكواكب، وبقي عطشه الذي لا يروى مقتنعاً بأنه يجب أن يبقى صغيراً وذليلاً تحت رحمة قوى كبرى… وإذا صغر إلهك يا صديقي وأصبح مجرد كيانٍ كأي كيانٍ آخر، فابحث عن إله أكبر.. تماماً كما يكبر الإنسان وتضيق ثيابه عليه فيبحث عن ثياب أكبر… هكذا كان الإله يكبر.
أحسد الإنسان البدائي (ولو كان بدائياً) فهو على الأقل يؤمن بما يظن، بما تفتق عنه تفكيره ودلته إليه استنتاجاته. بينما نحن حين كبرنا، لم يعد لدينا هذا الوقت كي نفكر فيما نريد أن نعبد، صرنا نستورد آلهتنا استيراداً، ونحفظ صلواتنا استيراداً، وندافع عن معتقدات استوردناها بدفاعات نستوردها. لم يعد الإله تلك الحاجة الكبرى إلى قوى أكبر منا تحتوينا وتتوحد معنا. صار الإله شيئاً ما ككل الأشياء. له تقام صلوات تشبه في حركاتها تلك الرقصات البدائية التي كانت تستجلب المطر… كبر الإنسان وبقيت طقوسه البدائية واحدة، لم يحدث سوى أنها فرغت من المعنى تماماً.
كان الإله في كل مرة يكبر أكثر، يكون قمراً فيصبح شمساً، يكون عجلاً فيصبح ناراً… وكان في كل مرة يسدّ ذلك النقص في إلهنا القديم… فيزداد إيماننا بالمعنى الجديد. وفي يومٍ من الأيام قرر البعض أن يكون لدينا إله أخير، وألا يكون هناك بعده من إله آخر… فأعطانا إلهاً بلا أبعاد، بلا شكل، بلا لون، بلا معنى واحد. صار كبيراً لدرجة تسع كل شيء. فلم نعد نفهم، ولا هو عاد يريدنا أن نفهم. صار الكلام كلامه، صارت الإرادة إرادته، والقرارات قراراته. صارت الأسباب أسبابه، والأراء آراءه، والأحكام أحكامه.
هكذا مات الإنسان القديم. ذاك الذي كان يرقص في العراء فرحاً بنفسه منتظراً أولى قطرات المطر. وحل محله إنسان جديد. يرقص لإله يريده أن يرقص. برغم أن هذا الإله غير محتاج لرقصاته أو حركاته أو طقوسه، ورغم أن كل هذا لن يغير رأي هذا الإله شعرةً واحدة. لكنه –برغم هذا- يريد أن يقوم البشر بكل هذه الطقوس، له وحده. مهما كان رأيهم فيه، أحبوه أو كرهوه، عرفوه أو جهلوه، كان المهم فقط أن يعطوه ولاءهم وكفى.
أحسد الإنسان القديم، فقد كان إلهه إلهه هو، مخزوناً لأحلامه وآماله. ورغبته في أن يكون إلهه مثلما يشاء… أما اليوم فإلهي هو إله شيخي وعمي وجدي وأبي وأمي وخالتي، أورثوني إياه دون أن يعرفوا عنه سوى أنه كان إله شيوخهم وعماتهم وجداتهم وآباءهم وأمهاتهم وخالاتهم، أيضاً.
كم نحن بدائيون أيها البدائي… نحن اليوم بكل حضارتنا وصلنا تماماً إلى العهد الذي بدأت فيه، لكنك كنت تمشي على أربع، وتسعى قليلاً قليلاً لأن تنتصب على قامتك… وترفع رأسك نحو السماء كي تأكل، أما نحن فنمشي بعكسك، ونسجد نحو الأرض أكثر فأكثر.
د. نائل
|
|
| 02-27-2008, 04:30 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}