{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أجمل ماكتبت بسمة
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
من أجمل ماكتبت بسمة
كنت في عيادة طبيب العيون اليوم. كانت غرفة الانتظار مليئة، فحمدت الله من فوري أنني أحمل كتاباً تشدّني صفحاته، وستحميني من ملل الانتظار، لا أذكر أنني أمسكت بكتاب لأمين معلوف فطردني أو شرّدني بعيداً عنه، وهذا ما أريده فعلاً في الآن. تجلس قبالتي سيدة وخادمتها وأمها، تحمل السيدة في حجرها طفلاً نائماً، عرفت أن عمره بضع أشهر من الأفرهول الأصفر الذي يلبسه، أحب اللون الأصفر على الأطفال.
يجذبونني الأطفال حيثما كانوا، أحبهم بشكل خاص بعمر خمسة أشهر وحتى العامين. الطفل كان نائماً مطمئناً، حاولت استراق النظر إليه، رأسه عند صدر أمه، ملامحة غير ظاهرة لي. فعدت إلى كتابي،.
عدت إلى سنة 1860 في لبنان تحديداً، كنت أقرأ صفحات عشق طنوس لـ سوسان، التي أتت الجبل من زحلة هرباً من المذابح الطائفية، فكانت تتبادل وطنوس الابتسامات المسروقة وكلام العيون، بقي هذا الحال حتى عادت سوسان إلى زحلة، فعرف طنوس أن لا حياة هانئة له بعيدة عندها، فذهب مشياً لمدة ست ساعات متواصلات ليراها في بيت أهلها، وحين وصل لم يجد حجّة يغطي بها قدومة إلى زحلة إلا :"لدي مصلحة في زحلة لعدة أيام"، فلم يجد والد سوسان إلا أن يعزمه طيلة تواجده في زحلة. فكان ما أراد، صار طنوس يمشي مسافة ست ساعات ليصل، يجلس قليلاً في مجلس والدها ويرى سوسان، ليعود بعد ذلك سيراً على قدميه مسافة ست ساعات، ينام قليلاً ليعود في اليوم التالي... استمر هذا حاله حتى ذبل ونحل جسده، ألحّ أبوها بسؤاله عن سبب نحوله وإن كان يعاني من مرض خبيث. فلم يجد طنوس مهرباً سوى أن يخبر أباها بالحقيقة، فما كان من الوالد إل أن قال له:
- هذه الليلة، سوق ترقد هنا، قرب أبنائي، وعندما ترتاح، تعود إلي القرية في وضح النهار، وليس في الليل! ولن تعود إلى زحلة إلا لعقد الخطبة!
ولكم أن تتخيلوا سعادة طنوس حين سمع بكلمة "الخطبة" وفعلا تزوج من سوسان، وأنجب منها عشرة أبناء، أحدهم كان جد أمين معلوف!
كنت أقرأ هذه الحكاية، وأنا أتنقل مع طنوس بين الحقول مشياً، وهو يقطف التين والعنب كي لا يزور أهل الحبيبة فارغ اليدين من هدية. وأنا أتخيل نظرات الحبيبين، ونوم طنوس ساعات قليلة كي يعاود المشي ليرى الحبيبة! وبينما كنت كذلك، استيقظ الطفل الذي تحمله السيدة التي تجلس قبالتي. لم أستطع منع نفسي من النظر إليه، كان شعره الخفيف مبتلاً بالعرق، وأمه تمشّط شعراته بيدها، جلس في حضنها فتلاقت نظارتي والطفل، ففاجأني ببتسامةٍ عريضةٍ، ابتسامةُ انتقلت لعينيه الخضراوين الواسعتين. بدأت ألاعبه، الأم تبتسم لطفلها الذي استيقظ مبتسماً بل و(يتحركش) بمن حوله. استأذنت من الأم أن أحمله. حملته ضحك وطرتُ فرحاً، (كاغَيْتُ له)، "يا حبيبي ما أحلاكْ"
وافقتني الأم، أنها اجتماعية، لكنها لا تضحك هكذا للجميع.
- بنت؟ ليش مو ملبسيتها حلق؟ شو إسمها؟
- يارا، خايفة على دانها تلتهب من الحلق.
يارا صارت ترفع يدها، تحاول الإمساك بنظارتي، شعرت برغبة بتقبيلها، لكني أعرف أن بعض الأمهات لا يحبذن أن يقبّل الغرباء أطفالهم، لكنني لم أستطع منع نفسي، فقبّلت يارا على خدّها الأيسر، وأخيراً تمكّنت من نظارتي، ولم تفلتها إلا بتدخّل من أمها.

يارا بشهور عمرها السّتة، كانت فرح يومي، حتى حين عادت لحضن أمها بقيت تلتفت إليّ وتضحك، وأضحك معها...
مرّة أخرى ويا رب لا تكون الأخيرة التي أكرّر ما قلته سابقاً: حين تمنحكُ الطفولة ثقتها، هكذا بشكلٍ سَخيِّ ودون سبب وجيه، هو أن يمنحكَ الله ذاته: ثقته محبته ورضاه...
:97:
02-17-2008, 01:36 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
من أجمل ماكتبت بسمة
هل هناك أجمل من أن يجدكَ طفلٌ لا يعرفُكَ "شخصاً أنيساً"، يبتسمُ لكَ يغمِزُ، أو يلوّح لك بيدهِ "باي" حتى قبل أن يقول "هاي" في باص مدرسته، أو في سيارة والديه أو في الشّارع ماشياً؟:)

حين تمنحكُ الطفولة ثقتها، هكذا بشكلٍ سَخيِّ ودون وسبب وجيه، هو أن يمنحكَ الله ذاته ثقته محبته ورضاه...

منذ أشهر طويلة لم أستقل باص العمل، ولم يُوصلِني إلى تلك النّقطة القريبة من منزلي، والتي لا تزيد عن مشي سبعة دقائق. اليوم، وبينما كنتُ أشكر "مازن" سائق الباص، وأنزل درجتيه حذِرةً من الوقوع والسّقوط الذي أحترفه ويترك علاماته رتوقاً على بلاطيني عند الرّكبتين، رأيتُ طفلاً لا يتجاوز التسع سنوات، ابتسمنا لنا، وقال لي على خجل ولكن بثقة عاليةٍ: "السلام عليكم"، فما كان منّي إلا أن أقيم أعراس هذه الطّفولة المدهشة: "أهلين وعليكم السّلام، كيف حالك؟"، "منيح الحمد الله"

مشيناً جنباً إلى جنب، وبخطوات سريعةٍ ربما هرباً من تسلّط لهيب الشمس فوق رأسينا، فجأةً توقَّفتُ، نسيتُ نفسي أنني في الشّارع، واحدة من عدة أشخاص مُشاة، بين بعض الدّكاكين والمَحالِ، أضع على كتفي حقبتين: حقيبة يدي وحقيبة كمبيوتري المحمول. وقدَّمتُ قدمي اليمنى إلى الأمام، وبقيت اليسار مكانها. نظر إليّ الولد الذي ما خطر لي سؤاله عن اسمه باستغراب، لكني خطفتُ دهشته سريعاً ووضعتهُ أمام تحدٍّ أعرفُ مسبقاً أنني الخاسرة: نشوف مين أسرع، شو رأيك نتسابق؟ بس بشرط ما في غش..!!

وقفنا جنباً إلى جنب، قامتي تفوق قامته الضّعف، نبتسم، نضحك دون كركرة، يقدِّم قدمه اليمنى، وتبقى اليسار مكانها، نحني جذعينا للأمام، وأنطق: واحد، إثنين، ثلاااااثة.....

ركض الولدُ السّهم أمامي وحاولت جاهدةً اللحاق به، أعرف أنني ومنذ الطفولة لا أجيدُ الرّكض، بل وأعرف أن أطول مسافة أستطيع ركضها، ما يعادل عشرة خطوات واسعات، ركضتُ وركضُ، سبقني كثيراً، إلتفتَ للوراء يبحث عن المجنونة الطيّبة –أمدح نفسي، أليس هذا ضرباً من جنون- يجدني خلفه، أرفع له إبهام يدي اليمين مشيرةً أنه الفائز بجدارة واضحة، وقفتُ بعدها وقفة عسكرية وضربتُ له "تعظيم سلام"....

يمضي، وأخاله مبتسماً، أكمل مشواري غير متلفتة للمشاة بالشارع، غير عابئة بهم، أمشي وأنا في داخلي أرقص، أغني، أطير، ألفُّ حول ذاتي وأقهقه بصوتٍ عال.

يا للحياة، يا للحياة...!!
أيّها الطفل –مهما كان اسمك- أحبّك، وأشكرك جزيل الشّكر.

02-17-2008, 01:43 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
من أجمل ماكتبت بسمة
عندما تكتب بسمة عن الطفولة فهي تبدع بحق .....لا زلت أذكر مشاعرها وهي تكتب عن وفاة ابنة أو ابن أختها أو أخيها لا أذكر ....رحمها الله ....
02-17-2008, 01:46 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #4
من أجمل ماكتبت بسمة

منك لله يا دكتور بسام جعلت الدمعة تفر من عيني

الحديث عن الطفولة والاطفال من الاشياء التي تملئني بالفرح والحزن في وقت واحد
واجمل اللحظات في حياتي هي عندما اعود للمنزل فاضم جبران بين احضاني وأنظر في وجهه الرائع وكأني ارى الله



(f)لبسمة

(f)لبسام


02-18-2008, 04:56 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
-ليلى- غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,167
الانضمام: Feb 2005
مشاركة: #5
من أجمل ماكتبت بسمة
Arrayحين تمنحكُ الطفولة ثقتها، هكذا بشكلٍ سَخيِّ ودون وسبب وجيه، هو أن يمنحكَ الله ذاته ثقته محبته ورضاه... [/quote]

جملة جميلة جداً
بالفعل اجمل لحظة يمكن ان تمر بنا ، هى عندما يبتسم لنا طفل لا نعرفه.

د. بسام
محمد
(f)
02-18-2008, 10:12 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
من أجمل ماكتبت بسمة
Array


واجمل اللحظات في حياتي هي عندما اعود للمنزل فاضم جبران بين احضاني وأنظر في وجهه الرائع وكأني ارى الله

[/quote]
الله يحفظلك جبران من كل شر ....اسم جبران جميل ونادر وموفق ...
02-18-2008, 11:42 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
من أجمل ماكتبت بسمة
mouhamad

this song for your son joubran

http://www.youtube.com/watch?v=AvZnHdKEFYg
02-18-2008, 07:20 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أجمل قصائد الموشحات المروءة والشهامة 4 4,217 04-27-2009, 01:17 AM
آخر رد: عاشق الكلمه
  أجمل القصائد كمبيوترجي 6 1,536 12-02-2006, 03:27 AM
آخر رد: خالد
  شرشف أبيض للكاتبة الأردنية بسمة فتحي إبراهيم 14 2,974 08-18-2005, 11:16 PM
آخر رد: بسمة
  أجمل عشر قصائد حب arfan 7 2,715 04-30-2005, 11:10 PM
آخر رد: كمبيوترجي
  بسمة فتحي تطهر أحلام النيام في "شرشف أبيض حسان المعري 10 1,824 04-21-2005, 06:04 PM
آخر رد: coco

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS