البقية
Array
في العملية السياسية أو محاولات التوصل إلى تسوية للصراع، فإن "فتح" تؤكد التزامها بالتنسيق العربي التام، وضرورة الحفاظ على المصالح العربية المشتركة. تقدر "فتح" هنا الجهد الدائم للمملكة العربية السعودية ومبادراتها في هذا المجال. وترى "فتح" ضرورة التمسك بمبادرة السلام العربية، وباعتبارها الموقف العربي الموحد، وأساس العمل العربي المشترك، فيما يتعلق بالتسوية السياسية. وعلى ضوء ذلك فإن "فتح" ترى، ومع احترامها للقرارات السيادية للدول العربية، ضرورة عدم استباق ما جاء في المبادرة فيما يتعلق بالعلاقة مع اسرائيل.
وفي مجال علاقتنا مع الدول العربية، لا يمكن لنا إلا أن نشيد بالموقف الأخوي لتونس الشقيقة على استضافتها لقيادة وكوادر م.ت.ف إثر الخروج من لبنان، ولحين العودة إلى الوطن.. وعلى حرصها طوال تلك الفترة على وضعنا الداخلي وعدم التدخل فيه.
وتؤمن حركة "فتح" بالتوجهات الوحدوية في العالم العربي التي توفرها وحدة التاريخ ومنظومة القيم والتحديات المشتركة، وإمكانات التكامل. والحركة جزء من هذه القوى في العالم العربي التي تعمل على دفع هذه التوجهات إلى الأمام، غير أن الحركة تفهم هذه المسألة بطريقة غير طوباوية، تختلف عن الفهم القديم لبعض الأحزاب القومية. الإنجازات الوحدوية ستتم فقط بالتدريج وبشكل علمي، وعلى أساس احترام النظام العربي القائم وضمان أمنه. ولا شك أن تجارب الآخرين يمكن أن تشكل دليل عمل مفيد في هذا المجال، الأمر الذي يقود إلى إعطاء الأولوية للجانب الإقتصادي.
إن عالم اليوم أصبح أكثر تعقيداً، لا مجال فيه للكيانات الصغيرة أو الضعيفة، لذا يتوجب على العالم العربي اتخاذ خطوات جادة في مجال التكامل والتوجهات الوحدوية. ولا شك أن جامعة الدول العربية يجب أن تكون نقطة الإنطلاق لما توفره فعلاً من آليات جاهزة قابلة للتطوير، ولما لديها من رصيد طويل في مجال تنظيم العمل العربي المشترك. لقد عملت فلسطين كعضو حريص في جامعة الدول العربية، مستفيدة من الدعم العربي في كافة المجالات. وكلنا أمل أن تكون قادرة دائماً على المساهمة الإيجابية في المسار العربي العظيم.
وفي مجال الحديث عن علاقاتنا العربية، لا بد من التعبير عن التضامن الكامل مع الشعب العراقي الشقيق في محنته. وتؤكد الحركة على وحدة العراق ارضاً وشعبا،ً وترفض كل محاولات تقسيم العراق وجره إلى حرب أهلية، وتدعو الحركة العالمين العربي والإسلامي وجميع الأصدقاء إلى تحمل مسؤولياتهم اتجاه العراق العريق، ومساعدة الشعب العراقي في تجاوز المحنة، وصولاً إلى الحرية وإنهاء الإحتلال وممارسة سيادته.
تؤمن حركة "فتح"، كما تؤمن م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية، أن شعبنا، وأن فلسطين القادمة جزء من الأسرة الدولية الكبيرة. وهكذا فنحن نحترم ميثاق الأمم المتحدة، ونلتزم به، ونحترم القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني. ولقد قامت م.ت.ف بالفعل بإيداع وثائق التزامها باتفاقيات جنيف لدى الدولة الوديعة. كما نؤمن بأهمية منظومة المعاهدات والإتفاقيات التي تنظم العلاقات الدولية.. علاقات الدول بعضها ببعض، وعلاقة المواطن بدولته. ولاشك أن هذه المنظومة تشغل حيزاً هاماً في البناء القانوني لفلسطين المستقلة.
لقد حرصنا، ومنذ البدايات على دور الأمم المتحدة، وعلى دورنا فيها، انطلاقاً من المسؤولية الدائمة للأمم المتحدة اتجاه قضية فلسطين لحين حلها من كافة جوانبها، وانطلاقاً من حرصنا على أن نكون جزءً لا يتجزأ من الأسرة الدولية. ولقد قامت الأمم المتحدة بالفعل بدور تاريخي تجاه القضية فتمسكت بالقانون الدولي، وعرفت حقوق شعبنا، وحددت موقفاً واضحاً حول كل عنصر من عناصر القضية، بما في ذلك القدس والمستعمرات والجدار. وقد شكل كل ذلك أداة ضغط جدية على اسرائيل، وعلى حلفائها. بالإضافة لذلك فقد شكلت قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن، ومؤخراً الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية شبكة حماية ناجعة لحقوقنا ولا مهرب لإسرائيل من قانونية كل ذلك إلا بالإتفاق مع الجانب الفلسطيني. المطلوب إذن هو استمرار التمسك بالقانون الدولي والشرعية الدولية وإعلاء شأنها.
إننا نتطلع أيضاً لتعزيز دور الأمم المتحدة في عالمنا، وإلى تعزيز مؤسساتها وإمكانيات عملها، والى مزيد من ديمقراطية العلاقات الدولية على حساب الهيمنة، وبما يحد من انتهاكات القانون الدولي وحقوق الدول وحقوق الإنسان.
إننا ندرك أيضاً الحاجة للتعاون والتكاتف لمواجهة المشاكل التي تواجه عالمنا مثل الفقر والأمراض والعنصرية وكراهية الأجنبي والعداء للإسلام والإرهاب. ولا شك أن الإرهاب أصبح هماً ثقيلاًَ وخطراً في عالمنا المعاصر. وبالرغم من أن الظاهرة ليست جديدة، إلا أنها تصاعدت في الحقبة الأخيرة واكتسبت بعداً دراماتيكياً مع هجمات 11 سبتمبر في نيويورك. لقد كان هناك بعض الخلط حول معنى الإرهاب، وحاولت بعض الجهات أن تصور أية أعمال عنف من قبل أية جهات غير الجيوش ورجال الأمن كأعمال إرهاب وهو ما قد يقود إلى اعتبار مقاومة الاحتلال الأجنبي ارهاباً. لم تتوقف هذه الجهات عن محاولاتها، ولكن بالمقابل هناك الآن توافق دولي على اعتبار استهداف المدنيين ارهاباً. وهناك توافق على إدانة ذلك ومحاربته. وهذا التوافق يشمل الجميع من الدول العربية التي عانى بعضها من مشكلة الإرهاب، إلى الإتحاد الروسي، إلى الولايات المتحدة الأميركية. من جهة أخرى كان هناك بعض الخلط حول مصدر الإرهاب، وحاولت بعض الجهات إلصاق الإرهاب بالإسلام الحنيف، والدفع باتجاه التوتر والمواجهة الدينية. ولكن هناك الآن فهم واسع لحقيقة أن جهات عديدة قامت بممارسة الإرهاب منها اسرائيل نفسها، ومنها بعض قوى اليسار المتطرف، وأخيراً منها جهات دينية متطرفة تدعي الإسلام وهو منها براء.
قضية فلسطين تضررت بشكل كبير مرتين بسبب تهمة الإرهاب. الأولى كانت مع خطف الطائرات والتي انتهت مع ممارسة الجبهة الشعبية نقداً ذاتياً لهذه السياسة. والثانية بسبب التفجيرات البشرية ضد المدنيين في اسرائيل. لقد كان أهم إنجاز حققته اسرائيل في صراعها معنا خلال العقد الماضي هو إلصاق تهمة الإرهاب بالنضال الفلسطيني وخلطه مع قضيتنا.
هناك اسباب كثيرة تدعو كل المناضلين الفلسطينيين، وكل الفصائل والقوى إلى إنهاء استهداف المدنيين في اسرائيل، والتمييز بين هذا ومقاومة الإحتلال. هناك القانون الدولي وضرورة احترامه من حيث المبدأ، ولأن ذلك مفيد لشعبنا وقضيتنا، وهناك التوافق الدولي ضد هذه الممارسة، وهناك الضرر الشديد الذي ألحقه بنا. وهناك حتى الجانب الأخلاقي، لأننا حتى وإن كنا الضحية، فنحن دائماً الأكثر سمواً وتعالياً. حركة "فتح" تفهم كان ذلك وتدعو بحزم لوقف هذه الممارسة.
أما في مجال علاقاتنا الخارجية، فقد آمنت الحركة بمبادئ حركة عدم الإنحياز وتضامن دول الجنوب. وقد احتضنت حركة عدم الإنحياز بالفعل القضية الفلسطينية، وقدمت لها كل الدعم، واعتبرت فلسطين عضواً كاملاً فيها. كذلك فعلت القارة الإفريقية، خصوصاً على ضوء التضامن التاريخي مع حركات التحرر هناك، خاصة في جنوب افريقيا وناميبيا. وكذلك القارة الآسيوية، وفيما بعد دول عديدة في اميركا اللاتينية. وفي وقت لاحق شكلت منظمة المؤتمر الإسلامي حاضنة أخرى لقضيتنا، وهي المنظمة التي كانت القدس وحريق الأقصى سبباً مباشراً لوجودها.
وفي وقت من الأوقات كنا نحن جزءً من تحالف تقليدي بين الدول الإشتراكية وحركات التحرر الوطني ودول عدم الإنحياز. ثم حدثت تغييرات دولية كبرى: انتهت المنظومة الإشتراكية، وأنجزت حركات التحرر الوطني استقلالها، وتغيرت بعض سمات حركة عدم الانحياز. لكن قضية فلسطين بقيت في مقدمة الأجندة الدولية عبر شبكة علاقات مختلفة مكنتنا من تحقيق ذلك.
ما زالت علاقاتنا ممتازة مع روسيا الإتحادية التي ما زالت تدعم حقوقنا والحقوق العربية عموماً. وروسيا كما هو معروف، عضو في اللجنة الرباعية، وعضو دائم في مجلس الأمن، وهو ما يمكنها من لعب دور هام في مجال القضية. كذلك الأمر مع الصين الشعبية الصديق الثابت لشعبنا، بالرغم من كل التغيرات الدولية. ولدينا بطبيعة الحال علاقات طيبة مع دول عديدة في عالمنا.
تطورت العلاقات الفلسطينية مع أوروبا بشكل دائم، بسبب خصوصية وضعنا، وبسبب رغبة الاتحاد الأوروبي في تطوير علاقاته مع الدول العربية عموماً، وخصوصاً دول البحر المتوسط. وقد قدم الإتحاد الأوروبي مساعدات كبيرة للشعب الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية كانت هي الأكبر بين المساعدات الخارجية. كما أنه تم مأسسة العلاقة الفلسطينية مع الاتحاد الأوروبي من خلال توقيع عدة اتفاقيات بين الجانبين. سياسياً حافظ الإتحاد الأوروبي على موقف متوازن ملتزم بأحكام القوانين الدولية ذات الصلة، وبالقيم الأوروبية في مجال العدالة وحقوق الإنسان. وبالتالي فإنه يمكن للإتحاد أن يلعب دوراً مفيداً بشكل حقيقي في مجال حل النزاع، خاصة إذا حافظ الإتحاد على موقفه. المشكلة أن اسرائيل كانت تبتز الإتحاد من خلال معارضتها لأي دور سياسي له. وللأسف فقد شهدنا بعض التآكل مؤخراً في المواقف الثابتة للإتحاد، قد نتحمل نحن جزء من المسؤولية عنها. ولكننا نثق أن هذا لن يؤثر على جوهر هذه المواقف، وسنستمر نحن في الدفع باتجاه قيام الإتحاد بلعب دور سياسي اساسي.
أما العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، فقد امتازت لسنوات طويلة بالعداء المطلق نظراً لانحيازها التام لإسرائيل. وقد اعتبرت الولايات المتحدة م.ت.ف منظمة ارهابية. وأصدر الكونغرس عشرات القوانين فصّلت ضد المنظمة. وما زالت قائمة حتى الآن. وعبر السنين مدت الولايات المتحدة اسرائيل بكميات هائلة من السلاح والمال، ووفرت لها حماية دائمة من عواقب انتهاكاتها للقانون الدولي. وعملت الولايات المتحدة بجدية على خلق مفاهيم غريبة تحاول تحييد الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وترك الأمور للأطراف حتى يتفاوضوا على ضوء ميزان القوى المختل. وبالرغم من ذلك فقد شهدت العلاقة الفلسطينية ـ الأميركية فترة تحسن كان فيها حوار بين الجانبين من ( ) إلى ( ). ثم قامت علاقات رسمية تقلبت في دفئها منذ اتفاقية اوسلو. وعموماً فقد حاولت بعض الإدارات بالفعل تحقيق تقدم في عملية السلام، وربما التوصل إلى اتفاق نهائي.
إن حركة "فتح" تدرك بالرغم من كل ما سبق، أن الولايات المتحدة هي القوة الأعظم في عالمنا، وأنه يصعب كثيراً خلق أية حقائق جديدة متعلقة بالصراع في ظل معارضتها المباشرة. كما أن الحركة تلحظ التطور الهام في الموقف الأميركي، بما في ذلك قبول الدولة الفلسطينية، ونحن نعتقد أن هناك مصلحة فلسطينية حقيقية في تحسين وتطوير العلاقة مع الولايات المتحدة، دون أن يكون لدينا أوهام في أن هذا سيكون على حساب الطبيعة الأساسية لعلاقتها مع اسرائيل.
والى جانب العلاقات الفلسطينية مع الدول والمنظمات الدولية، هناك أيضاً علاقاتنا الحزبية التي حرصت "فتح" على تنميتها على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف. وتنشط "فتح"، وهي عضو في عدة أطر حزبية دولية، لعل أهمها الاشتراكية الدولية التي تلعب دوراً هاماً في الشؤون الدولية وفي دفع عملية السلام.
ثم هناك حركات التضامن مع فلسطين ومنظماتها، والحركة كما هو شعبنا، تشعر بالإمتنان لهذه الحركات والمنظمات على الدور الكبير الذي لعبته في دولها وفي العالم. وترى الحركة أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الإهتمام والعمل، حتى تعود ظاهرة التضامن مع فلسطين إلى سابق عهدها بعيداً عن الإشكاليات الفلسطينية الداخلية ،وعلى قاعدة البرنامج الوطني الفلسطيني.
وأخيراً... عودة للشأن الدولي العام نؤكد على مسألة في غاية الأهمية، وهي ضرورة بناء منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك السلاح النووي. إن شعبنا في قلب الخطر، وكأن كل الأخطار الأخرى لم تكن كافية ونحن نلح على العالم أجمع لاتخاذ خطوات جادة من أجل تحقيق هذا الهدف[/quote]
لمزيد ومن اجل فهم روح الحوار عن هذا الموضوع داخل فتح بامكانكم مراجعة هذا الحوار فى موقع فتح الحوارى
http://www.fatehforums.com/showthread.php?t=105147