{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
إذا الموءودة سُئلت- د. كامل النجار
Gkhawam غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 331
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
إذا الموءودة سُئلت- د. كامل النجار

عندما أصاب الزلزال البحري " تسونامي" جزيرة سومطرة في إندونيسيا يوم 26 ديسمبر عام 2004، سارعت جريدة " التجديد " المغربية المقربة من حزب العدالة والتنمية الأصولي بإظهار الشماتة بإندونيسيا عندما قالت إن التسونامي هو غضب الله على البلدان التي تشجع السياحة الجنسية، وحذرت المغرب من نفس العقاب، على أساس أن المغرب بلدٌ سياحي، ولا يخلو، كمعظم البلاد السياحية، من المتاجرة بالجنس. وتهللت أسارير اليمين الإسلامي والمسيحي واليهودي عندما دمرت عاصفة " كاترينا " مدينة " نيو أورلينز " الأمريكية، مع الاختلاف الشاسع في تفسير أسباب العاصفة والدمار والموت الذي نتج عنها. فقد عزاها اليمين اليهودي لأسباب سياسية بحتة، وهي الضغط الأمريكي على إسرائيل للانسحاب من مستوطنات غزة، مما أثار غضب الرب على أمريكا لتطاولها على شعب الله المختار. واليمين الإسلامي كذلك قد عزا العاصفة إلى أسباب سياسية، وهي غضب الله على أمريكا لاحتلالها العراق، بينما زعم اليمين المسيحي أن الله قد غضب على مدينة " نيو أورلينز " لأن المثليين الأمريكان كانوا قد أعلنوا عن مسيرة ضخمة في المدينة المنكوبة، فعاملهم الله كما عامل أهل سدوم وعمورية.. وقد نفهم أن يغضب الله على جزيرة " بالي " في إندونيسيا لسماح السلطات للسياح بارتياد الأندية الليلية التي تصم الآذان بموسيقاها وتعتم على عقول الشباب الغربيين بخمورها الأسترالية، كما يقول الإسلامويون، لأن الله قد حرّم الخمر. وقد نفهم تعليل الذين زعموا أن الله غضب من مسيرة المثليين التي كان من المزمع القيام بها في " نيو أورلينز "، لأن الله قد منع اللواط والسحاق. وإذا غضب الإله فلا بد أن يُظهر غضبه لعباده ليتعظوا. ولكن الإله العادل لا يلجأ إلى العقاب الجماعي الذي يتنافى مع الفطرة البشرية، ناهيك عن الإلهية. فعندما طبقت إسرائيل العقاب الجماعي على الفلسطينيين في رام الله وغزه وغيرها، رداً على صاروخ أو صاروخين من طراز " القسام " أطلقا من غزة، أدانت جميع الدول ومنظمات حقوق الإنسان هذا العقاب الجماعي الذي أخذ البرئ بجريرة المذنب. فما بالك إذا جاء العقاب الجماعي من إله قال لنا: " لا تزر وازرة وزر أخرى ". فلا شك أن الله كان يعلم أن الغالبية من سكان مدينة " نيو أورلينز " لم يكن في نيتهم الاشتراك في المسيرة المزعومة، وأن أغلبهم لم يشارك في احتلال العراق ولم يقولوا لجورج بش: أضغط على إسرائيل لتخرج من غزة، بل إن أغلبهم لم يصوت لجورج بوش في الانتخابات الأخيرة. فهل من المقبول عقلياً أن يعاقب الإله الغالبية البريئة بجريرة الأقلية " المذنبة "؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فهل كان في مقدور الإله أن يختار طريقة أخرى لإظهار غضبه وينتقم من " المذنبين " فقط ولا يصيب غضبه الأبرياء ؟ بالطبع لا يعجز الإله عن إيجاد وسيلة يعاقب بها " المذنبين " فقط، فقد جربها سابقاً مع بني إسرائيل الذين أغضبوه بصيدهم السمك يوم السبت وكان قد منعهم من ذلك. فعندما غضب علي الذين اصطادوا يوم السبت ليعولوا أطفالهم، مسخهم قردة وخنازيراً، وترك البقية الذين لم يعتدوا على حرمة السبت. وكان ممكناً أن يملأ شوارع " نيو أورلينز " قروداً. ولكنه بدلاً من ذلك اختار العقاب الجماعي. " ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ".
وقد احترنا لصمت جريدة " التجديد " وصمت " القاعدة " ببلاد الرافدين، وصمت اليمين المسيحي عندما ضرب الزلال المهول الذي بلغت قوته 7.6 على مقياس ريختر باكستان وكشمير والجزء الشمالي الشرقي من أفغانستان وأدى إلى مقتل ما يزيد عن عشرين ألف شخصٍ، وما زالت الأرقام في تصاعد مستمر، أغلبهم في ولاية كشمير المسلمة المنزوية تحت هضاب جبال " الهملايا " . والمعروف عن كشمير أنها ممزقة بالحرب الدائرة هناك منذ عشرات السنين بفعل المسلمين الذين يريدون الانفصال عن الهند والانضمام إلى باكستان المسلمة. بل هناك منظمة نسائية تقودها سيدة مسلمة متحجبة تدعى " آسيا عندربي " هدفها الرئيسي فرض الحجاب على النساء وإغلاق دور السينما وصالات الموسيقى في ذلك البلد المنكوب. وعندما اعتقلت الشرطة السيدة آسيا وزميلاتها في الجهاد المدني لاستعمالهن الإرهاب في دعوتهن، ظهرت منظمة نسائية أخرى تدعى " منظمة مريم " تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعصا. فكشمير ليس بها بلاجات ولا أندية ليلية ولا يؤمها السياح الأستراليون. فلماذا يا تُرى جعل الله مركز الزلزال الأخير في كشمير ؟ هذا الزلزال الذي قتل أكثر من عشرين ضعفاً من الذين ماتوا في " نيو أورلينز " وهدم مدرسة بنات بها 390 طفلة، قتلن جميعاً. وهدم مدرسة صبيان بها مالا يقل عن أربعمائة صبي. ونحن نعلم أن الله يقول: " ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " ( البقرة 155). ويقول الطبري في تفسير هذه الآية إن الثمرات تعني " الأولاد ". فالله يريد أن يختبر صبر الصابرين بموت أطفالهم. وقد قال سعيد بن المسيب عن أبي هريرة إن رسول الله ( ص) قال: " لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم " ( فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من مات له ولد فاحتسب ). ( و القسم الذي قطعه الله على نفسه هو قوله حينما تحدث عن جهنم: " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا " ( مريم 71). وموت الأطفال الأبرياء، سواء بمرض أو في حوادث طبيعية كالزلزال، قد سبب مشاكل عديدة للفقهاء في محاوراتهم مع المعتزلة. وقد قال المعتزلة إن الله قادر على عذاب الأطفال، وهو يعذبهم، والله عادل، ولكن ليس من العدل خلق طفل يعلم الله أنه سوف يعذبه ويقتله قبل أن يبلغ سن الرشد. وقال ابن خلكان: " سأل أبو الحسن الأشعري ( معتزلي) أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة أخوة كان أحدهم ( رجلاً ) مؤمناً برا تقيا والثاني كان ( رجلاً ) كافراً فاسقاً شقياً والثالث كان صغيراً فماتوا جميعاً، فكيف حالهم؟ فقال الجبائي أما الزاهد ففي الدرجات وأما الكافر ففي الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة. فقال الأشعري إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له ؟ فقال الجبائي: لا لأنه يقال له أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات. فقال الأشعري: فإن قال لله: ذلك التقصير ليس مني، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة. فقال الجبائي يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك ( فأمتك صغيراً حتى لا ترتكب الذنوب). فقال الأشعري: فلو قال الأخ الأكبر ( الذي في الدرك الأسفل ): يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلمَ راعيت مصلحته دوني ؟ ( أي لما لم تقتلني صغيراً حتى لا أرتكب المعاصي) فانقطع الجبائي " ( شذرات الذهب للدمشقي، ج2، ص 303).
وقال بعض الفقهاء إن الله يعذب الأطفال ويقتلهم ليعظ الكبار ولكنه سوف يعوض الأطفال في الحياة الآخرة. فرد عليهم ابن حزم الأندلسي بقوله : " وهذا غاية العبث فيما بيننا ولا شيء أتم في العبث والظلم ممن يعذب صغيراً ليحسن بعد ذلك إليه " ( الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج2، ص60). فقال بعضهم: إن الله فعل ذلك ليؤجر الوالدين، فرد عليهم ابن رشد بأن قال: " ‏ وهذا كالذي قبله في الجور بسواء. أن يؤذى من لا ذنب له ليأجر بذلك مذنباً أو غير مذنب حاشا لله من هذا إلا أن في هذا مزية من التناقض لأن هذا التعليل ينقض عليهم في أولاد الكفار وأولاد الزنى ممن قد ماتت أمه وفي اليتامى من آبائهم وأمهاتهم، ورب طفل قد قتل الكفار أو الفساق أباه وأمه وتُرك هو بدار مضيعة حتى مات هزلاً أو أكلته السباع، فليت شعري من وُعظ بهذا أو من أوجر به مع أن هذا مما لم يجدوه يحسن بيننا البتة بوجه من الوجوه، يعني أن نؤذي إنساناً لا ذنب له لينتفع بذلك آخرون. وهم يقولون أن الله تعالى فعل هذا فكان حسناً وحكمة، ولجأ بعضهم إلى أن قال أن لله عز وجل في هذا سراً من الحكمة والعدل يوقن به وإن كنا لا نعلم لما هو ولا كيف هو‏.‏" ( نفس المصدر والصفحة).
فلو تتبعنا منطق الفقهاء نجد أنهم يقولون إن الله يقتل ويعذب الأطفال:
1- ليختبر آباءهم وأمهاتهم
2- ليجزي والديهم أجراً أو يكفر عنهم سيئاتهم
3- ليحسن إلى الأطفال الذين قد علم مسبقاً أنهم سوف يرتكبون المعاصي فأماتهم صغاراً
4- لحكمة يعلمها هو ولا نعلمها نحن
وبما أن الإسلام يطلب منا أن نستعمل عقولنا ونتفكر، أجدني متفقاً مع المعتزلة في السبب الأول، فلا يُعقل أن يعذب الله الأطفال ليختبر والديهم وكان من السهل عليه أن يختبرهم في أنفسهم لو أراد أن يختبرهم أصلاً إذ هو يعلم قبل أن يخلقهم أي نوع من البشر سوف يكونون. والسبب الثاني لا يقل جوراً عن الأول، إذ كيف يُعقل أن يضحي الله بطفل برئ لم ير من الدنيا شيئاً ليكفر عن والده سيئةً وكان بإمكان الله أن يكفر السيئة بلا مقابل وهو القائل : إن الله يغفر الذنوب جميعاً ولا يغفر أن يُشرك به أحداً ".والسبب الثالث لا يتماشى مع متطلبات المنطق والعدل، إذ أن الإله العادل الذي خلق هؤلاء الأطفال كان يعلم مسبقاً أنهم سوف يرتكبون المعاصي، وهو الذي سمح لهم مقدماً بفعل ذلك وقرره عليهم لأنه يقول: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً " ( الإنسان 30). وقال كذلك: " من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم " (الأنعام 39). فلا يستطيع هؤلاء الأطفال فعل أي شئ منكر إلا أن يكون الله قد قدره لهم، فكيف يحاسبهم عليه ؟ وحتى لو قلنا إنهم مخيرون في أفعالهم، فالعدل يقضي أن يعطيهم الإله العادل الفرصة ليكبروا وربما غيروا آراءهم في ارتكاب المعاصي إذ أنهم مخيرون ويستطيعون أن يغيروا آراءهم. أما السبب الرابع فإنه يجافي المنطق كلياً إذ أن الإله العادل يحارب الجهل الذي يقود إلى ارتكاب المعاصي، فإذا كنا لا نفهم لماذا فعل الإله ما فعل، يحتم المنطق على الإله أن يبين لنا الأسباب حتى نتيقن من عدله ويزول جهلنا ولا يراودنا الشك في أفعال. فهو قد أقسم لنا في عدة آيات بالليل والنجوم وغيرها عندما أراد أن يهدينا إلى وجوده، وما كان محتاجاً أن يقسم لنا، لكنه أقسم لتوكيد ما أراد أن يقوله وليزيل الشك من عقولنا. فإذا قال لي الفقهاء إنه فعل شيئاً لحكمة لا أعلمها، فسوف يتطرق الشك إلى عقلي.
ولو أخذنا بمنطق اليمين الديني المتطرف من أن الكوارث الطبيعية ما هي إلا عقاب من الله للذين ارتكبوا المعاصي، وإذا أحصينا عدد الذين قتلوا في زلازل في البلاد الإسلامية على مدى الخمس عشرة سنة الماضية وقارنا هذا العدد مع عدد الذين ماتوا في نفس المدة في البلاد غير الإسلامية نتيجة الزلازل، لوجدنا أن المسلمين الذين ماتوا في أفغانستان وتركيا وإيران والجزائر وإندونيسيا يبلغ 287414 شخصاً، وعدد الذين ماتوا في البلاد الأخرى 40894 شخصاً ( الشرق الأوسط، 10 أكتوبر 2005 ). ولا بد أن عدد الأطفال الذين ماتوا في البلاد الإسلامية أكبر بكثير من عدد الأطفال غير المسلمين الذين ماتوا نتيجة الزلازل. وإذا رجعنا إلى الأسباب الأربعة التي قدمها الفقهاء لموت الأطفال، نجد أن أطفال المسلمين أكثر عرضة أن يكونوا من الذين سوف يرتكبون المعاصي عندما يكبرون، أو أن آباءهم وأمهاتهم قد ارتكبوا ذنوباً أكثر من ذنوب الكفار، وأراد الله أن يغفر سيئاتهم بقتل أطفالهم. وفي كلا الحالتين نجد أن الآية التي تقول: " وكنتم خير أمة أخرجت للناس " لا تجلس مستريحةً في الأمة الإسلامية. ثم أن الله قد أخذ على عرب ما قبل الإسلام قتلهم بناتهم وقال: " إذا الموءودة سئلت بأي ذنب قُتلت ". ويستطيع آباء وأمهات البنات اللاتي انهارت عليهن المدرسة في كشمير أن يسألوا الفقهاء نفس السؤال.

07-18-2007, 06:51 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من هو كامل النجار Gkhawam 3 8,743 07-10-2010, 03:48 AM
آخر رد: زوربا الفلسطيني
  زغلول النجار وزرقاء اليمامة Gkhawam 1 1,702 03-01-2009, 06:56 AM
آخر رد: Gkhawam
  أحمد محمد كنعان وسنن الوجود - د. كامل النجار Gkhawam 1 1,447 10-07-2007, 09:56 AM
آخر رد: Gkhawam
  أرحمينا أم أحمد.... د. كامل النجار Gkhawam 1 1,414 10-02-2007, 08:48 AM
آخر رد: Gkhawam
  الأديان ليست سماوية- د. كامل النجار Gkhawam 1 1,788 10-01-2007, 08:34 AM
آخر رد: Gkhawam

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS