لندن، باريس: دهمت الشرطة البريطانية منازل وقامت بعمليات اعتقال الاحد في وقت تعهدت فيه الحكومة البريطانية مواجهة "شر الارهاب" واضعة البلاد في اعلى مستوى تأهب بعد ثلاث محاولات هجوم فاشلة. واعلنت الشرطة صباح الاحد انها فتشت عددا من المنازل في منطقتي غلاسكو وليفربول فيما ارتفع عدد الموقوفين الى خمسة بينهم رجل في وضع حرج لاصابته بحروق بالغة وهو في احد المستشفيات. واعلن بيتر كلارك رئيس شعبة مكافحة الارهاب في شرطة سكتلنديادر الاحد ان التحقيق حول محاولات الاعتداء الثلاث الفاشلة يتقدم "بسرعة قصوى".وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في غلاسكو "التحقيق يتقدم بسرعة قصوى"، موضحا "لا ابالغ ان قلت ان معلومات جديدة تظهر بين ساعة واخرى".
وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ان بريطانيا تواجه تهديدات من القاعدة بعدما حاولت سيارة اقتحام محطة الركاب الرئيسية في مطار غلاسكو بعد محاولتين فاشلتين لتفجير سيارتين في وسط لندن. واضاف بروان الذي يخضع لمعمودية نار بعد ايام على خلافته توني بلير لمحطة "بي بي سي" التلفزيونية "لن نستسلم ولن نخضع للترهيب"، مضيفا ان الارهاب "لا يمكن ان يبرر بتاتا على انه فعل ايمان". وتابع "انه من اعمال الشر مهما كانت الظروف من الواضح اننا في مواجهة اشخاص مرتبطين بشكل عام مع تنظيم القاعدة".
واعلنت الشرطة صباح الاحد انها تفتش عددا من المنازل في منطقة غلاسكو بعد الهجوم على مطار المدينة الذي يشهد اكبر حركة في البلاد، ما ادى الى اقفاله. واعيد فتح محطة الركاب الرئيسية في هذا المطار بعد ظهر الاحد لكن الحركة لا تزال محدودة فيه. واعلنت الشرطة في ليفربول انها تفتش منزلين وانها اوقفت رجلا بعد العثور على سيارة مشبوهة في مطار جون لينون في المدينة مساء السبت ما ادى الى اقفاله موقتا.
ورفضت وزيرة الداخلية جاكي سميث التعليق على معلومات ان الشخصين اللذين اوقفا على طريق سريع قرب ليفربول ليلا، هما اللذان تركا سيارتي مرسيدس محشوتين بالمتفجرات في لندن. واكدت شرطة سكتلنديارد ان رجلا في السادسة والعشرين وامرأة في السابعة والعشرين اوقفا على الطريق السريعة "ام 6" ويتم استجوابهما في احد مراكز الشرطة في لندن.
ووضعت بريطانيا في اعلى مستوى تأهب امني وهو "الحرج" قبيل الذكرى الثانية لهجمات السابع من تموز/يوليو 2005 التي قتل فيها 52 شخصا واربعة انتحاريين. والمستوى "الحرج" هو الاعلى على سلم من اربع درجات ويعني ان هجوما قد يكون وشيكا.
وفي حادث غلاسغو قاد رجلان سيارة شيروكي بسرعة عالية مقتحمين المحطة الرئيسية للمطار ومحطمين الحواجز قرب المداخل الرئيسية. وقال الشاهد جيمس ادغار لمحطة "سكاي نيوز" التلفزيونية "لو تمكنت السيارة من الدخول لقتلت المئات". وقال شهود ان احد الرجلين وقد اشتعلت النيران بملابسه حاول الهرب لكن بعض المارة امسكوا به. وقد تم اعتقال الرجلين. وتلقى بعض الاشخاص العلاج من جروح طفيفة. وتم اخلاء المستشفى الذي نقل اليه المهاجم مصابا بحروق لفترة قصيرة بعد العثور على جهاز معه اثار الشبهات، لكن الشرطة اعلنت بعدها ان الجهاز ليس عبوة ناسفة.
وقد عززت الولايات المتحدة الاجراءات الامنية في مطاراتها اثر الهجمات الفاشلة في بريطانيا. وفي باريس دعت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال اليو ماري الى اجتماع مع قادة الاجهزة الامنية للبحث في الاحداث التي تشهدها بريطانيا دعت اثره الفرنسيين الى "اليقظة الشديدة".وبدأت هذه الاحداث في الساعات الاولى من يوم الجمعة عندما تركت سيارتان مليئتان بالوقود وقوارير الغاز والمسامير في منطقة بيكاديلي سركس التي تشهد ازدحاما حتى خلال الليل في وسط لندن.
وقد ركنت احدى هاتين السيارتين امام ناد ليلي يشهد اقبالا كثيفا. اما الثانية فركنت في مكان قريب لكن الشرطة قطرتها اثر تعرضها لمخالفة بسبب ركنها في مكان غير مناسب الى موقع للسيارات المخالفة من دون ان تعرف انها محشوة بالمتفجرات. وقد اكتشفت المتفجرات في وقت لاحق. ويتركز الاهتمام الاحد على الحفلة الموسيقية التي يستضيفها ملعب ويمبلي احياء لذكرى الاميرة ديانا ويحضرها اكثر من 63 الف شخص ويشارك فيها الكثير من النجوم.
وفي ويمبلدون يتم التدقيق في كل السيارات التي تدخل المواقف وكل الداخلين لحضور مباريات دورة كرة المضرب. وفي مقال نشر الاحد قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الامنية وقائد شرطة سكتلنديارد سابقا لورد جون ستيفنز "يجب الا تكون لدينا اوهام، هجمات نهاية الاسبوع هي مؤشر الى تصعيد كبير في الحرب التي يشنها الناشطون الاسلاميون". وكتب ستيفنز في المقال الذي نشرته صحيفة "وورلد ويكلي" الاسبوعية ان نفوذ القاعدة تعاظم في بريطانيا.واضاف "استوردت القاعدة الان التكتيكات المعتمدة في بغداد وبالي الى شوارعنا".
حال تأهب في دول عدة وتشديد الإجراءات الأمنية
إلى ذلك دفعت محاولات الاعتداء الثلاث التي تعرضت لها بريطانيا الجمعة والسبت بالعديد من الدول الى تعزيز اجراءاتها الامنية في المطارات التي تشهد حركة مزدحمة مع بدء موسم العطلة الصيفية. ودعت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال اليو ماري الاحد الى اجتماع امني حضره مسؤولو اجهزة الامن الداخلي كافة بحث في "تدابير وسبل مكافحة الارهاب في بلادنا في سياق الاحداث التي تجري في بريطانيا". وفي ختام الاجتماع اعلنت اليو ماري انها "دعت اجهزة الامن الداخلي الى اليقظة الشديدة" مشيرة الى ان "اليوم، وحتى وان لم يكن هناك اي خطر معين يتهدد بلدنا فان فرنسا تبقى هدفا محتملا للارهاب". واشارت اليو ماري الى ان الخطة الامنية "فيجي بيرات" ستبقى على مستواها الراهن وهو مستوى اليقظة الحمراء اي الدرجة الثالثة من سلم مؤلف من اربع درجات.
من جهته اعلن وزير الامن الداخلي الاميركي مايكل شيرتوف الاحد ان الولايات المحتدة سترفع عدد عناصر الشرطة في الرحلات المتجهة الى بريطانيا وفي المطارات الاميركية "لطمأنة" الركاب حول "يقظة" السلطات. وقال شيرتوف "سنعزز انشطة الشرطة الجوية باللباس المدني (...) في الرحلات المتجهة الى بريطانيا".
ويساور السلطات الاميركية "قلق بالغ خلال فترة العطلات هذه" التي تسبق احتفالات العيد الوطني في الرابع من تموز/يوليو، ولكنها اشارت الى "انه لا يوجد حتى الآن اي مؤشر الى وجود تهديد محدد او ذي مصداقية ضد الولايات المتحدة".
من جهتهما اوصت الحكومتان الاسترالية والنروجية رعاياهما المسافرين الى بريطانيا بتوخي اقصى درجات الحيطة والحذر. وكان المفوض الاوروبي للشؤون الامنية الايطالي فرانكو فراتيني حذر في 22 حزيران/يونيو من ان خطر الاعتداءات الارهابية "يعني اوروبا باكملها". وقال فراتينتي "لقد سجلنا زيادة في حركة الاشخاص الجاهزين لتنفيذ هجمات ارهابية والذين تدربوا في اماكن يصعب الوصول اليها بين افغانستان وباكستان".
واقترحت السلطات الاميركية والفرنسية على السلطات البريطانية تقديم المساعدة. واعلن المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو ان الرئيس الاميركي جورج بوش الموجود في دارته العائلية في كينيبنكبورت، حيث من المقرر ان يستقبل نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يتم ابلاغه بصورة مستمرة بتطور الاوضاع في بريطانيا.
من جهته اعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لرئيس الوزراء البريطاني عن "استعداد فرنسا التام" لتقديم "مؤازرة كاملة" الى بريطانيا. وكذلك اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن دعمه للسلطات البريطانية وادانته لمحاولات الاعتداء. وقال بان في بيان "ما من سبب يمكنه ان يبرر افعال ارهابية كهذه".
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2...244672.htm