الحاكم العربي في النكتة السياسية: أمثلة من النكات على الرؤساء
فائز ناصر الدين - كلنا شركاء
06/ 05/ 2009
ليس من السهل تجاوز المحن والصعاب التي تعترض حياة الإنسان العربي فالأنظمة لا تتيح له الفرصة ليلتقط أنفاسه فعليها إشغاله ليل نهار بتامين لقمة عيشه أو البحث عن وظيفة أو ترقب ارتفاع الأسعار أو خلق الأزمات المتتالية من مازوت وغاز وزيت وسمنة وعلب محارم ودفاتر حتى بات منظر الناس وهم يتدافعون أمام المؤسسات الاستهلاكية منظرا مألوفا حيث يجهد المواطنون بالحصول على بعض المواد المدعومة وهي على قلّتها ورداءة نوعيتها تخفف عن كاهل المواطن بعض الشيء ويروى أن بعض الملوك العرب زار سوريا في مرحلة الثمانينات وكانت البلاد تخضع كما كان يقال لحصار اقتصادي خانق وفي أثناء تجول الوفد الضيف في شوارع دمشق لفت نظره وجود ازدحام شديد وتدافع للمواطنين في إحدى الشوارع فاعتذر ممثل الوفد الوطني المرافق من الوفد الضيف وذهب ليستقصي الأمر بنفسه ولم يكن الأمر سوى تدافع للمواطنين أمام إحدى المؤسسات الاستهلاكية نتيجة توزيع مادة السمنة المدعومة علّه يستحصل على علبة أما الوفد الضيف فلقد ظن نتيجة هذا الزحام أن الأمر لا يتعدى مجلس عزاء وأن رئيس الوفد الوطني المرافق له ذهب ليقوم بواجب العزاء وعند عودة ممثل الوفد الوطني سأله الوفد الضيف مستفسرا : " عزيت " فأجابه :" لا والله ع سمنة " ، هذه النكتة كانت حاضرة جدا في الثمانينات فمن منا لا يذكر تلك الأوقات العصيبة والقاسية التي قضاها أمام المؤسسات والأفران علّه يحصل على علبة سمنة أو زيت أو بطة خبز ، فظروف التنكيل التي يخضع لها المواطن العربي لا تجد لها مثيلا في أي دولة في العالم فالأنظمة تتفنن باختراع الأزمات ووسائل التنكيل حتى باتت بمثابة المرجعية السياسية التي يرجع إليها في قاموس القمع والتنكيل ومن هذه النكت التي تعالج فنون التنكيل تقول النكتة المصرية أن " الرئيس مبارك لقي فانوس سحري قام دعكه فطلعله منه إبليس فقال له : شبيك لبيك تطلب إيه؟
فقال له مبارك : بص بقي يا عم إبليس أنا عملت في الشعب بتاعي كل حاجه..قوللي بقى علي حاجة جديده اعملها !
إبليس قاله : بس كده..بسيطة..هات ودنك..وش وش وش وش وش
قام الرئيس قاله: إيه ياعم لعب العيال ده كلام برضه !!
قام إبليس قاله: بلاش دي..هات ودنك...وش وش وش وش وش قام الرئيس قاله: إيه يا عم ده ...أنت شكلك إبليس نص كم ولا إيه !!
إبليس قاله : معقول الفكرة دي مش عاجباك!!..طب خد دي بقي..وش وش وش وش
قام الرئيس قاله : ياعم أنت شكلك كده لا ليك في العفرته ولا حاجه..هات ودنك بقي أقولك أنا بعمل إيه في الشعب بتاعي....وش وش وش وش وش فقام إبليس ووجهه اصفر و قال لمبارك : يا راجل حرام اتقي الله " . وبعد كل هذه الأساليب المهينة والمذلة تأتي ما يسمى " عصة القبر " فكلما مر اسم الحاكم في مناسبة عليك بالتصفيق والهتاف ويقاس علو الصوت والهتاف بمدى وطنية الشخص فكلما علا صوته ازدادت درجته ومكانته وإلا فسيلقى الويل والثبور وعظائم الأمور باعتباره من الجماعة " التانيين " ويروى أن "
رئيس دولة عربية معروفة استدعى وزير داخليته ليستفسر عن مدى حب الناس له وحقيقة ذلك وسأله الرئيس : أريد أن اسئلك بصراحة هل الشعب يحبني حقاً ؟
وزير الداخلية : نعم يا سيدي إن الشعب يحبك من كل قلبه ، وعندما ننطق اسمك في أية مناسبة فالجميع يصفق بحرارة.
الرئيس : وهل تجبروهم أم يصفقون بحريتهم؟ فأجاب وزير الداخلية : طبعا بحريتهم ونحن لا نجبرهم أبدا .... لم يقتنع الرئيس بكلام وزير داخليته وأراد التأكد بنفسه من ذلك ، وفي إحدى المناسبات القومية تخفى بثياب رجل بدوي لكي لا يتعرف عليه احد ودخل قاعة الاحتفال ، وعند بدء الخطابات ذكر اسم الرئيس ، فصفق الجميع أما الرئيس فابتسم وهو جالس مكتوف الأيدي ، وبلحظة ضربه احد الجالسين بقربه على رقبته وصرخ عليه : ليش ما عم تصفق ولاه كلب " ؟؟ فالهتاف هو تعبير عن محبة الشعب لقائده المخلص وتقديره وامتنانه له على عطاياه ومنحه وجزيل كرمه لذلك كانت المسيرات والهتافات هي مجال للتباهي بين الحكام العرب حيث يحرص الحاكم على تنظيم زيارات استعراضية للوفود الزائرة ليروا بأم أعينهم الشعب وهو يتعلق بسيارة الحاكم هاتفا له وبالطبع تلك مسرحيات لا تنطلي على تلك الوفود فهذا الأمر لا يقع ضمن دائرة اهتمامها أصلا ما دامت مصالحها تسير على شكل جيد في المنطقة ويروى أن " ثلاث رؤساء عرب كانوا راكبين بالطيارة فقال الأول متفاخرا : أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي أسبوع ، وقال الثاني وقد ثارت حميته :أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي شهر ، أما الثالث فشمخ برأسه قائلا :أنا إذا رميت لشعبي كمشة رز بيهتفلي سنة ، فقال لهم الطيار: أنا إذا رميتكم من الطيارة بيهتفلي الشعب العربي كله مدى العمر "
أما الاختراع العربي الذي يسمى بالاستفتاء فله حصة واسعة من التهكم كونه تعبير ديمقراطي عن دكتاتورية الحاكم ونزعته المطلقة في البقاء على العرش إلى " الأبد " وهذا شعار ملازم لأي استفتاء بحيث يقضي المواطن العربي عمره الشريف كاملا وهو يجدد البيعة للحاكم " في مؤتمر صحفي قام احد الصحفيين ووجه سؤال إلى الرئيس مبارك وسأله : هل يا سيادة الرئيس انتهيت من خطبة الوداع للشعب المصري أم لا ؟ فما كان إلا أن رد عليه الرئيس مبارك وقال هوة الشعب المصري رايح فين "
فسياسة الملك العقيم هي سياسة متبعة عربيا ولا يسمح بالإخلال بها أبدا فمن الممكن تغير حرارة الأرض وأن تتغير التضاريس ويحدث ذوبان للجليد القطبي ومن الممكن أن تمطر في آب و أن يزهر أيلول وأن يصبح درب الطلعة نزول أما الحاكم فلا يحول ولا يزول " رئيس وزارة دولة عربية راح للرئيس بعد مـا أقالوه مـن الـوزارة وقـال لـه :أريد أن أعرف سبب إقالتي من الوزارة يا سيدي ؟؟ قــال لـــه : يـــا حبـيـبـي التغـيـيـر سـنــة الـحـيـاة . فسأله رئيس الوزراء : طــيــب ولمذا أقلت وزير الاتصالات ؟؟ قــال لـــه يـــا حبـيـبـي التغـيـيـر سـنــة الـحـيـاة ..! قال له طيب ,ممكن أسألك سؤال ؟ لماذا أنت الوحيـد اللـي مـا بتتغيـر؟ قال له : يا حبيبي تغيركـم انتـم سنـة ,لكـن أنـا وجـودي فـرض "!!!
يقول الأديب عباس محمود العقاد (النكتة هي المنطق الصحيح وهي الحجة المفحمة " ربما لأنها تختصر معاناة الشعوب فالقالب الكوميدي المختصر الذي تصب به يغني عن مجلدات من الشرح والتعقيب والتنظير فالعرف الشعبي العربي يميل عموما لتحميل الحاكم وحده لا شريك له مسؤولية تردي أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كونه يجمع بيده جميع السلطات والصلاحيات " فالأمر أمره والشورى شوره " فهو الحكام المتفرد الأوحد أما السؤال الذي يطرح بقوة فهو فكيف يسمح الحكام لنفسه بنسبة إي إنجاز له بينما يعلق أي خطيئة على كبش فداء تلصق فيه التهم ويصبح هو الغافل عما وصلت إليه أمور الشعب كونها لا تصل إليه بطريق صحيحة "
" ذهب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ في إحدى الأيام إلى دائرة الهجرة والجوازات لتفقد سرعة إنجاز معاملات المراجعين بعد أن زادت شكاوى المواطنين على هذه الدائرة. وقف في طابور المراجعين المزدحم جدا. أبدى الشخص الذي قبله رغبته الملحة في أعطاء دوره إليه احتراما لمكانته. كذلك فعل التالي ثم الآخر ثم الآخر إلى أن انتهى المطاف أن يتقدم ؟؟؟؟؟؟؟؟ على الجميع ليصبح الأول في الطابور. أنجز الموظف معاملة ؟؟؟؟؟؟ بسرعة مثالية وأصدر له جواز سفر وتأشيرة خروج نظامية من دون أي تأخير أو دفع رشاوى. التفت ؟؟؟؟؟ إلى الخلف فلم يشاهد ولا مراجع بعده فسأل الموظف: أين ذهب المراجعون؟! أجاب الموظف: سيدي لماذا يسافر المواطن إذا كان جنابكم يرغب بالسفر خارج البلد " !!
ويرى د. يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة " أن السخرية تعد من أهم الموروثات لدى الشعب المصري والتي يجد فيها فرصة لمعارضة الحكام على مر السنين، خصوصًا أن معظم من تولى حكم مصر عبر التاريخ كان بعيدًا عن معاناة الشعب الحقيقية".
بنما يذهب البعض من العلماء أن مراحل ازدهار النكات السياسية بالذات أحد مظاهر غياب الحرية ومؤشر على تراجع الديمقراطية" في إحدى المقابلات الصحفية مع ؟؟؟؟ تبجحت الصحفية الأمريكية بديمقراطية بلادها فرد عليها بأننا في سوريا نملك تعددية حزبية تفوق أحزاب الولايات المتحدة الأمريكية بعدة مرات ، فقالت له الصحفية : عفوا سيدي لكن بإمكان أي مواطن أمريكي أن يقف أمام البيت الأبيض ويشتم الرئيس الأمريكي ّ!! فرد عليها قائلا : وعندنا كذلك فبإمكان أي مواطن سوري أن يقف أمام القصر الجمهوري ويشتم الرئيس الأمريكي كذلك "
أما سرقة المال العام وفساد الحاشية وسياسة بلع الأخضر واليابس فلا تكاد تنجو منها أي دولة عربية حيث تتحد خزينة وموارد الدولة مع جيب الحاكم بوحدة اندماجية كاملة وأي شيء يخرج منها يعتبر بمثابة منحة ومكرمة "
فكر أحد العراقيين المسحوقين في كتابة رسالة استرحام إلى رب العباد الواحد القهار‚ ذلك من شدة اليأس وبئس الحال. فكتب في رسالته بأنه لا يجد مأكل ولا مشرب وقد ضاقت به السبل وطفح الكيل لشدة الجوع والظلم معا. وطلب عبد الله المسكين ملتمسا في استرحامه من الباري عز وجل أن يكرمه بمليون دينار ليأكل هو عياله وليسد النفقات المستحقة بذمته. وفعلا أرسل الرسالة التي قد وصلت إلى قسم التوزيع في دائرة البريد المركزي. تذكر عامل الرقابة السياسية الذي يقرأ رسائل الناس الشخصية كما هو معمول به في العراق بأن الرئيس صدام قد أمر بتحويل كل الرسائل ذات الطابع الديني له شخصيا ليقف بنفسه على ما يجري في العراق. قرأ صدام الرسالة التي أثارت لغتها في الاستعطاف والشكوى بعض من مشاعره وقال لمرافقه أن يرسل ربع مليون دينار لهذا العراقي الفقير ‚ الذي سيحكي للناس عن كرمنا وحبنا للشعب وهذه أحسن دعاية لي في مثل هذه الظروف. لم يصدق العراقي المسكين عيناه عندما أستلم الرد على رسالته ومبلغ الربع مليون دينار. فأكل وشرب حتى شبع ثم لم ينسى أن يشكر ربه رب الفقراء والمحتاجين على نعمته وعطفه ‚ فبدأ بكتابة رسالة شكر قال فيها: إلى الله رب العالمين - أما بعد ‚ أشكرك كثيرا ربي على إرسالك مليون دينار التي وكما يبدو أنك أرسلتها بواسطة القصر الجمهوري حيث يسكن هناك كبير الحرامية والمحتالين في هذا البلد. فقد سرق مني ثلاثة أرباع مكرمتكم وأرسل لي ربعها فقط. لذا أرجو إرسال مساعداتكم مباشرة للناس بالمستقبل " !!
والغريب أنه رغم تراكم ثروات الحكام والميزانية المفتوحة وانخراط أبنائهم بالعملية السياسية أو بالأحرى في دورة تدريبية رئاسية فإن أبناء الحكام ورغم ثرواتهم الطائلة يحشرون أنفسهم بجميع الصفقات والوكالات التجارية كشركاء إجباريين بأي صفقة لكن بدون رصيد أي شريك مساهم باسمه فقط فلا يكاد تاجر يستطيع الدخول بالسوق دون تغطية من فوق وكأن ذلك فرض لازم ولفساد الحاشية حضورها بالنكتة الشعبية " أحد الحكام أراد أن يتوب مما استولى عليه من أموال الشعب فذهب إلى وقال له:
- ماذا أفعل لأتوب؟
- قال له الشيخ: كم أخذت من أموال الشعب؟
- فقال: 10 مليار دولار .
- فرد عليه الشيخ: لابد أن تذهب إلى الحج وتدور حول الكعبة عشر مرات.
فذهب الحاكم إلى مكة وأخذ يدور حول الكعبة، وأثناء الدوران وجد أحد الموظفين الكبار في دولته يدور هو الآخر، فقال له:
- ماذا تصنع هنا يا فلان؟
- فقال الموظف جئت لأتوب، لكن ماذا تفعل هنا يا باشا؟
- جئت لأتوب أيضا!
- تصدق يا باشا ، ابنك أيضا جاء ليتوب!
- وهل رأيته هنا؟
- نعم ، إنه يدور بموتوسيكل حول الكعبة منذ الصباح"
وهكذا تعتبر النكتة السياسية بمثابة المنشور الذي يستطيع الوصول إلى جميع الناس دون حاجة للصقه على الحيطان أو رميه داخل المحلات فهي نبض الشارع العربي وأداته الديمقراطية في التعبير عن رأيه والالتفاف على كل وسائل القمع والإرهاب التي تنتظره لو أفصح عن رأيه في يوم من الأيام وهي تعبير صارخ عن حبه للحياة ورفضه للذل والدكتاتورية وإنه لن يعدم الوسيلة للبوح بمكنونات صدره .
http://all4syria.info/content/view/8319/104/