اطرح موضوعا عاما آمل ان يجد تشجيعا ومشاركة من الجميع.
عند الجميع توجد اسئلة او مفاهيم علمية شائعة لايعرف المرء مقدار صحتها من خطئها. احيانا توجد قضايا يخجل المرء من طرحها واحيانا اخرى لايعلم انها تستحق الطرح.
لذلك اطرح موضوعا سيكون مفتوحا للجميع للنناقش مع بعض تساؤلاتنا وشكوكنا بما يخص كافة القضايا الصغيرة او الكبيرة، المهمة او التافهة او حتى السفيهة.

مارأيكم؟؟؟

مثلا، كنت اسمع في طفولتي كيف تذهب امي الى الشيخ لتحضر " حجاب" وخرزة زرقاء. (الحجاب ليس غطاء الشعر العادي). مرات اخرى كنت اسمع عن " الرقية" ودورها الفعال والشيوخ المشهورين بالرقية الجيدة. كما لاانسى قصص "العين" والاصابة بالعين التي تصيب الاطفال او من يخسر ثروته. والحقيقة فالاصابة بالعين كانت توضح اغلب المشاكل.

المثير اني قرات منذ فترة قصيرة فتوى " لدكتور" وهابي موجهة الى الحرس الوطني السعودي يؤكد لهم فيها ان " ضربة العين" ليست فقط صحيحة بل لها القدرة على ايقاف وتعطيل الطائرات.

من يدري لربما تستخدمها القوات المسلحة السعودية في دفاعاتها الجوية.

فهل حقاً يمكن لهذه الوسائل ان تكون فعالة؟؟

والى اي درجة يمكن الوثوق بها علميا؟؟

مرحبا أستاذ طريف ..
بداية أحبّ أن أعبّر لك عن امتناني لما تطرحه من مواضيع مفيدة .. تأكّد أننا جميعاً متابعون .. ولو أنّنا لا نملك أحياناً فتات الكلام لننثره ..

بداية بالنسبة لموضوعك هذا .. يجدر بنا أن نعلم جميعاً أنّ أقدم دين عرفه الإنسان هو "السحر" .. ويقوم السحر (في أحد مبدأيه) على اختلاق موقف وهمي شبيه بالموقف الأصلي .. يؤدّي إلى إخضاع الموقف الأصلي للإرادة .. بمعنى .. أن أرسم حيواناً برياً وأصوّب سهامي تجاهه قبل خروجي للصيد .. فهذا يعني أنّني سأصطاده فعلاً .. وقد سحبت منه طاقته بهذه الطريقة .. ولم يبق لي إلا أن أذهب للإتيان به ..
من هنا .. نشأت الرسوم الجداريّة الحيوانيّة (في الكهوف) مخلّفة من العصر الحجري القديم (الباليوتيك) ..

ولتوسّع أكثر .. فالسحر في الحقيقة ينقسم إلى قسمين .. من حيث الأسلوب :
سحر "مشابه" .. أو محاكي .. وهو كما المثال أعلاه .. قائم على اختلاق مشهد وهمي يطابق الأصل ..
وسحر "معدٍ" .. مثل أن أقوم مثلاً بجلب قطعة شعر من العدو .. وأمثّل بها .. وبهذا أوقع الضرر به .. فأنقل عدوى "الضرر" إليه ..

كما ينقسم إلى قسمين من حيث "الفاعليّة" :
أعمال إيجابيّة فاعلة .. وأعمال سلبيّة ..
الإيجابيّة هي ككلّ ما شرح أعلاه ..
أما السلبيّة فتهدف إلى درء الذات من المخاطر .. مثلاً حينما تخرج القبيلة من الرجال للصيد .. يحرّم على النساء القابعين في بيوتهم أعمالا معيّنة يمكن أن تجلب السوء على الرجال في رحلة صيدهم .. كأن يقطعو شيئاً بسكّين مثلاً .. أو ما إلى هنالك من أمور ..


عقليّة الإنسان البدائي عقليّة نرجسيّة طفوليّة .. تعتقد أنّها بوساطه أفكارها تستطيع السيطرة على على الطبيعة .. وهذا ما أسماه فرويد "كليّة قدرة الأفكار" .. وقارنة بأعراض العصاب الوسواسي "القهري".. حيث يظنّ المريض أنّه بمجرّد أن تخطر له فكرة سيّئة تجاه أحدهم .. أنّه ارتكب ذنباً تجاهه .. وأنّ فكرته ستتحقّق لا محالة .. فإذا سلّمنا بأنّ العصاب الوسواسي هو عبارة عن عمليّة "إرجاع" إلى مرحلة الطفولة (المرحلة الشرجيّة الساديّة) وهي المرحلة الثانية من مراحل نمو الشخصيّة بعد المرحلة الفمويّة .. يمكن أن نعتبر أنّ البشر في مراحل سابقة من التاريخ قد توقّف نموّهم الشخصي عند هذه المرحلة حيث تكون طاقة الليبيدو موجّهة نحو الأنا ..

لذا .. يمكن بهذه النظرة أن نعتبر كلّ ما يدور حول هذا الأمر عبارة عن خرافة بشريّة .. تورثناها حتّى اليوم ..

من جهة أخرى .. هناك علم جديد باسم "الباراسيكولوجي" يبحث في هذه الأمور الخارقة .. فيتحدّث عن طاقة لا واعية ربّما تنشأ عن الـ99% من الـ DNA الذي لا نعرف له وظيفة لليوم .. وهنا يجد هذا العلم تعريف آخر للاوعي "الجمعي" يختلف عن تعريف "يونغ" .. حيث يرى يونغ أنّه عبارة عن ميول وصور موروثة ذات تأثير في التكوين النفسي .. بحيث تكتسب النفس عناصر ليست ناتجة عن التجربة الذاتية .. بل هي موروثة من التجارب الإنسانيّة السابقة قد تتجلّى بصور بالأحلام تحمل معنى لم يختبره الإنسان في حياته.. أما في الباراسيكولوجي .. فيعتقدون بوجود لاوعي جمعي حي بشكل دائم .. وكأنّه بركة تحوي كلّ المكوّنات النفسيّة للبشريّة جميعها يمكن للفرد أن يلتقط منها شيئاً .. في لحظات روحانيّة ما .. ويمكن بوساطتها أيضاً التأثير بالطبيعة .. بتفسيرات "طاقيّة" ما .. مثلاً .. رغم سفري .. سبق وأن حلمت يوماً أنّ زوجة خالي أنجبت ولداً .. وحين استيقظت اتصلب بخالي فوراً .. فأنبأني أنّه بطريقة للمشفى مع زوجته لإتمام الولادة .. ربّما يمكن تفسير ذلك بأنّني التقطت فكرة من اللاوعي الجمعي تخصّ خالي .. هذا شرح بأبسط المفردات .. وهي قصّة حصلت معي فعلاً ..
يضعف اللاوعي الجمعي بازدياد الفرديّة الإنسانيّة .. بحيث أنّه في المجتمعات الحاليّة يبلغ أضعف مدى له .. لكنّه قد يستعيد تأثيره بقوّة في التجمّعات البشريّة الهائلة كما في "الملاعب" مثلاً .. أو كما يحدث في صلوات الاستسقاء ..
المشكلة .. أنّ علم "الباراسيكولوجي" أمسى اليوم عبارة عن "طاقة" ينفّد منها الدجّالون أوهامهم بشكل يدّعون به العلميّة .. وهو لا يعتمد على أي استقراء منطقي علمي .. لذلك لحد اليوم أنا أفقد الثقة بهذا العلم .. ولا أستطيع أن أضع حكماً شخصياً حاسماً لأنّي على اطلاع لا يكفي لأن أميّز الدجل .. من العلم .. في هذا المجال ..

ولتوضيح أكثر .. فإنّي أعتقد أنّ ليونغ الأثر الأكبر في تكوّن هذا العلم .. فيونغ خلط بين روحانيّاته واختصاصه العلمي .. فتحدّث عن "حدس" وهو عبارة عن إدراك لا واعي .. ينبثق للشعور فجأة .. يختلف عما أسماه "الشعور" والذي هو إدراك واعي بأصله ومنشئه .. ويذكر يونغ أمثلة تحدث معنا كثيراً .. كأن تفكّر في حل مسألة رياضيّات .. تمضي وقتك عليها كلّه بلا فائدة .. وحينما تقوم لتنسى الموضوع .. وتجلس على التلفاز .. تشعر فجأة أنّك عرفت حل المسألة رغم عدم تفكيرك بها .. فاللاوعي بعمل مستمر .. وهو بعمله يعكس متطلّبات النفس بشكل يدلّ على غائيّة ما تعشّشت في فكر يونغ .. فالنفس بعكسها لحالتها قد تتنبّأ بمصيرها بشكل قد يعبّر عن نفسه بأعراض عصابيّة مرضيّة لا بشكل مباشر .. مثلاً يونغ يفسّر عصاب أحد المرضى الطموحين .. بأنّ نفسه تقول له توقّف عن طموحك .. قد بلغت مداك الأعلى .. وعلاجه له كان بأن ينصحه بإيقاف طموحه اللامتناهي في الغنى والنجاح .. وبالطبع فالنفس حينما تتنبّأ بمصيرها تستطيع أن تتنبّأ بغيرها .. لأنّ كل شيء خارجي عنها .. حينما ندركه ننقله للداخل .. ليمسي صورة داخليّة .. ومكوّن نفسي ..
غنى الحياة اللاوعية عند يونغ .. ينتج عن الغنى الوراثي من التجارب الجمعيّة .. الغنى التاريخي لهذه العناصر يمكن أن يعطى حدساً بالمستقبل .. فأنت تحتاج لمعرفة السرعة البدئيّة .. لتتنبّأ بمصير نقطة قذفت بشكل شاقولي ..

كتبت ردي على عجالة واستخدمت مصطلحات لمّا أشرحها.. لكنني أعد بالعودة لتوضيح ما قد يكون غامضاً ..


خوليو

مرحباً ..
لا أدري ماذا حصل بالنادي .. لكن تمّ حذف بعض الردود بالنادي ومنها ما طال هذا الموضوع ...
لحسن الحظ .. فإنّي وجدت ما كان قد كتب هنا في الهستوري الخاص بجهازي ..
لذلك .. سأنقل ما كان قد كتب هنا ..


العزيز طريف سرديب كان قد ردّ بالرد التالي :
Arrayالعزيز خوليو
كنت اعتقد ان هذا الموضوع سيكون جزيرة للاستراحة ولكنك افحمتني وادهشتني. بهذه القدرات كان من الواجب ان تعطي اكثر او لربما سأعود للبحث عن عطاءاتك.

الاحظ استخدام منتجات فرويد كثيرا من قبل مثقفينا وكأنها مفاهيم علمية لازالت سارية المفعول، في الوقت الذي ، وحسب اطلاعي المحدود، يعتبر فرويد مؤسس علم النفس الحديث ولكن ماتوصل اليه اصبح جزء من "تاريخ" علم النفس الحديث وليس علم النفس الحديث.

حسب مااتذكر فأن "العصاب الوسواسي القهري" (واشكرك على ذكر المصطلح بالعربية الذي كنت ابحث عنه طويلا) ليس مرتبطا بالطفولة وليس عملية ارجاع كما كان يعتقد فرويد (بالرغم من انه في حد ذاته كان ربطا ذكيا) ولكن إرتباطه جيني بالرغم من انه يحتاج الى عامل اجتماعي ثقافي سلوكي من اجل اطلاقه. واعتقد ان قصور استنتاج فرويد مبرر تماما إذ ان العلماء اليوم تمكنوا من الوصول الى النتائج الراهنة بمساعدة وسائل لم تكن متاحة لفرويد.
واعود الى بداية تعليقك عن السحر، فأتذكر فيلم علمي رأيته منذ فترة قصيرة عن اساليب حياة قبائل برية في جنوب افريقيا، حيث يقوم الصيادين بإختيار طريدة وملاحقتها بإستمرار متابعا آثارها وعندما يلتقيان وجها لوجه نشعر وكأن الطريدة تعلم عنه وتنتظره وكأنه قام بتنويم الطريدة تنويما مغناطيسيا ليقترب منها بهدوء وهي تنظر اليه منتظرة حتى يصل اليها ويذبحها بدون ان يرف لها جفن او تحاول الهرب.
ويبرر الصياد الامر بأن روحيهما قد اتحدا

وسأعود قريبا من جديد[/quote]

وكان لي بعدها الرد التالي :


Arrayمرحباً عزيزي طريف ..
أشكر جداً ردّك المشجّع .. واسمح لي أن أعلّق على بعض ما ورد به .. ريثما أعود للمشاركة بالمزيد ..
في البدء .. أنا لست طبيباً في علم النفس .. لكنني طالب طب ومهتم بمجال علم النفس على وجه الخصوص .. وقد كان لي تجارب في مشافي الأمراض النفسيّة لكنني لا أدّعي الاطلاع الكافي .. فهي بالنسبة لي بالنهاية هواية ولم تتحوّل إلى اختصاص .. وفي الحقيقة أحبّ علم نفس الأسوياء .. ولست أحبّ الجانب المرتبط بالأمراض منه .. أي أنني أرى به ما يمكن أن يعطي تفسيرات تمكننا من دراسات أنتربولوجيّة على جانب أكبر من الصحّة .. ويمكن أيضاً تفسير العديد من الحوادث التي نمرّ بها بهذا العلم ودوافعها .. إلخ .. إلخ .. هذه قناعة شخصيّة بالنهاية ..
لذا .. ما أريد قوله بأنّي سأجيب على حسب اطلاعي المتواضع ودراستي المتواضعة .. وأرحّب أشد الترحيب بمن يملك معلومات معارضة ..

في الحقيقة .. فرويد لم ينتهي في مجال علوم النفس .. فطالما مازلنا نمارس التحليل النفسي .. ففرويد موجود .. وقد أدّعي أنّه موجود وحده تقريباً ... إذ أنّ مدرسته اليوم هي المدرسة الأقوى في علم النفس بلا منازع (سمعت إحصائيّة مرّة أنّ 90% من المحللين النفسيين فرويديين اليوم ولست أدّعي صدق الإحصائيّة لكنها تعكس شيئاً ما).. وبالطبع فهناك أساليب حديثة في العلاج النفسي كطريقة القناع وكالسايكودراما (عبارة عن مسرحيّة يشارك بها المريض) إلخ إلخ.. أضف إلى ذلك الأدوية التي لم تكن متوفّرة لفرويد كما اليوم .. لكن علينا أن نعلم أنّ "الأدوية" النفسيّة هي عبارة عن مهدّئة ومسكّنه للمرض .. وليست تستأصل المرض .. وأن ننتبه إلى أنّ الأساليب الحديثة لا تعارض الجوهر الفرويدي .. فالحياة عادت لمدرسة فرويد منذ ظهور "لاكان" .. وهي اليوم في تطوّر مستمر ..
لكن .. الذي حصل .. أن تغيّر متطلّبات العصر أدّى إلى صعوبة العلاج بطرق فرويد التقليديّة المتمثّلة بالتداعي الحر والإيحاء وما إلى هنالك .. فالمريض عند فرويد يحتاج إلى أربع جلسات أسبوعياً .. لمدّة ثلاثة أو أربعة أعوام .. وهذا الوقت غير ممكن توفيره في عصر السرعة لا للمريض ولا للطبيب .. لذلك فإنّ أساليب العلاج وطرقه تغيّرت محافظة على الجوهر القديم .. ودخلت علوم جديدة كالوراثة وما إلى هنالك أدّت لوضع نقاط أكثر على الحروف .. لكن هذا لم ينقض أبداً المفاهيم التي أرساها فرويد ..

وبالمناسبة .. أنا لست متعصّباً لفرويد .. بل ألقيت أكثر من محاضرة في جامعتي تناقش علوم فرويد .. بإظهار نقيضها .. أو لنقل وجهات النظر الأخرى .. ويسمّيني أصدقائي عدو فرويد .. لأنني أستشهد بمدارس أخرى أكثر مما أستشهد به .. فأتكلّم عن الحب بنظر رايك .. وعن فلسفة الحياة بنظر رانك .. وعن التاريخ بنظر يونغ .. إلخ إلخ .. مع أنّ فرويد تحدّث عن كل هذه الأمور .. وفرويد عند مثقّفينا اليوم كـ"جورج وسوف" .. إما يسمعون له ..و لا أحد سواه .. أو يتقيّؤون حينما نباغتهم بصوته ..

بالنسبة للعصاب الوسواسي .. فأنا استخدمت مفردة "إرجاع" لحالة طفوليّة لسهولة هذا المصطلح .. أما المصطلح الحقيقي المستخدم في علم النفس هو "النكوص" .. والنكوص هو العودة لموضوع الإشباع التي تتميّز به مرحلة سابقة ..
مع العلم أنّه ليست جميع الأمراض العصابيّة والذهانيّة تكون عبارة عن رجوع كهذا .. بل هذا يميّز العصاب الوسواسي .. حسب فرويد ..
الآن .. فرويد لا ينكر بالطبع الإستعداد الوراثي لهذا النكوص .. ففرويد لم يفهم كيف تختار النفس ردّات فعلها المرضيّة بهذه الطريقة .. لما نشأ العصاب عند هذا المريض .. وعند مريض آخر قد يكون عاش حياة مشابهة نشأت هستيريا مثلاً .. إلخ ..
لكن فرويد لم يكن يملك الأدوات المناسبة للحديث عن ذلك بإحصائيات مثلاً .. أو بمكانيزميّات معيّنة .. مع العلم أنّ هذا لا يلغي هذا .. فقد اكتشفنا أنّ أغلب الأمراض النفسيّة إن لم تكن جميعها .. تتضمّن استعداداً جينياً .. لكن هل هذا يعني أنّ فرويد تكلّم جزافاً .. !!
فرويد لم يهمل التأثير الجيني .. لكنّه أوجد علاجاً لهذا المرض يساعد المريض على استعادة توازنه النفسي .. ووصفه بأنّه عودة لشكل طفولي .. وفقط .. وقد نجح في مداواة المرضى .. ولحد اليوم ينجح ..
في جميع الأمراض النفسيّة .. الإستعداد الجيني موجود .. لكن المرحلة الطفوليّة هي التي تنشّط هذا الاستعداد .. أو توقفه .. وحتّى اليوم فعلاج العصاب الهستيري يتم بأساليب التحليل النفسي .. لا غيره .. مثلها مثل أي استعداد جيني مرضي آخر .. فهو ليس مرض موروث .. بل إن الاستعداد له هو الموروث ..

وبالنهاية .. فرويد قالها بشيء من التكبّر .. وأنا أوافقه عليها .. هناك ثلاثة قلبوا العالم ولن ينساهم العالم .. كوبرنيك .. دارون .. و فرويد .. (وأضيف لهم أينشتاين) .. وإن قلنا أنّ فرويد انقرض اليوم .. وكأننا نقول أنّ دارون انقرض .. مع أنّ الذي حصل للمدرستين أنّهما خضعتا لتطوير لم يخرج عن أسسهما .. ونعلم أنّ كثيراً مما قاله دارون ثبت خطأه .. لكن نظريته هي الأقوى بلا أي منازع اليوم ..

أتمنّى أن أكون قد وفّقت في الإجابة ..

خوليو[/quote]

العزيز خوليو سلاما


كنت اعتقد ان هذا الموضوع سيكون " سياحي"، اي يسمح براحة فكرية ومناقشة امور وتتداعيات صغيرة لاتحتاج الى وجع رأس، ولكن مداخلتك قلبت كل توقعاتي.

بإعتقادي ان السحر قد بدأ بحسن نية عند الشعوب الاولى، ليتطور متخذا اشكالا دينية عميقة في وعي الانسان وليتحول الى وسيلة للخداع والاستغلال.

قبل فترة قصيرة رأيت فيلما علميا عن قبائل تعيش في جنوب افريقيا. كانوا يعيشون على صيد الغزلان وماشابه. ويطاردون طريدتهم اياما معتمدين على قراءة الاثار. وعندما يواجهون الطريدة تظهر وكأنها في إنتظارهم واقفة لاتهرب حتى يتقدم منها الصياد ويذبحها بهدوء.

والصياد كان يعلم بأن الامور ستنتهي بهذا الشكل ولم يكن الامر مفاجآة، ويبررها بأن ارواحهم قد اتحدت في خضم المطاردة وانهم " مكتوبين لبعضهم".


من جهة اخرى احب ان اشير الى اشارتك الى فرويد. شخصيا اعتبر ان فرويد مؤسس علم النفس الحديث ولكنه اصبح "تاريخ" علم النفس وليس علم النفس الحديث. ان القول بأن " عصاب الوسواس القهري" (واشكرك على سرد المصطلح الذي كنت احتاج الى معرفته بالعربي) هو عملية إرجاع الى مرحلة الطفولة، هو قول لم يعد له وجود اليوم، تماما كما لم تعد لبقية مراحل التطور الفرويدية اي وجود، تماما كما هو الامر مع طريقة فرويد في تقسيم واستخدام الانا العليا والانا الدنيا.

ان الوسواس القهري هو اختلال جيني بالرغم من ان انطلاقة عوارضه مرتبطة بإختلال إجتماعي سلوكي يؤسس لتفعيل انطلاق الخلل الجيني.

ومع ذلك لايتعارض ذلك مع استنتاجك بأن كل مايدور حول هذا الامر هو سلوك مكتسب وموروث لتراكمات الخرافة في الللاوعي والوعي الاجتماعي التضامني.

للاسف لازلت حتى اليوم لم اتعرض ابدا لعلم الباراسيكولوجي، ولم اطلع على اي من توجهاته، واشكرك لعرض لمحة عنه.

وبالمناسبة اثارت مداخلتك دهشتي لعدم رؤية مشاركات اكثر لك في القسم العلمي بالرغم طاقاتك الواضحة.

مع احر التحيات

Array

بإعتقادي ان السحر قد بدأ بحسن نية عند الشعوب الاولى، ليتطور متخذا اشكالا دينية عميقة في وعي الانسان وليتحول الى وسيلة للخداع والاستغلال.
[/quote]

عزيزي طريف الا ترى انك قد عممت كثيرا في هذه الفكرة ؟
الا ترى ان السحر كاية اداة او علم آخر يستخدم سلبا و ايجابا منذ بداية ظهوره ؟
الا ترى بان هناك من يستخدم السحر لاجل غايات نبيلة ، و فكرة معروفة و شائعة منذ القدم الا وهي استخدام موسى عصاه لردع السحرة من خصومه في حضرة الفرعون ، واضحة لترينا ان السحر لا يستخدم فقط كوسيلة للخداع و الاستغلال ، كما ترينا انه استخدم سابقا و ما زال يستخدم لغايات مختلفة .

تحياتي ؟

Array

بإعتقادي ان السحر قد بدأ بحسن نية عند الشعوب الاولى، ليتطور متخذا اشكالا دينية عميقة في وعي الانسان وليتحول الى وسيلة للخداع والاستغلال.
[/quote]

عزيزي طريف الا ترى انك قد عممت كثيرا في هذه الفكرة ؟
الا ترى ان السحر كاية اداة او علم آخر يستخدم سلبا و ايجابا منذ بداية ظهوره ؟
الا ترى بان هناك من يستخدم السحر لاجل غايات نبيلة ، و فكرة معروفة و شائعة منذ القدم الا وهي استخدام موسى عصاه لردع السحرة من خصومه في حضرة الفرعون ، واضحة لترينا ان السحر لا يستخدم فقط كوسيلة للخداع و الاستغلال ، كما ترينا انه استخدم سابقا و ما زال يستخدم لغايات مختلفة .

تحياتي ؟

العزيز Awarfie سلاما
شكرا على مساهمتك معنا
لااعتقد انه تعميم، فالشعوب البدائية لم تكن تعرف النصب والخداع، وكانت تقوم بممارساتها بصورة عائلية وصادقة. كما ان هذه الممارسات نشأت في سعيها الجماعي نحو توضيح المجهول وخلق امل. بعد هذا بفترة طويلة ظهرت ظاهرة إمكانية الاستغلال.
ان الشعوب البدائية المقصودة بكلامي ليست شعب موسى ومصر الفرعونية، بل قبل ذلك بكثير.
ومثل هذه الجماعات والشعوب لاتزال تعيش بقاياها بيننا حتى اليوم ولازالت تملك البراءة الاولى.
وفي هذا المقال تجد نموذجا عن هذه الشعوب المقصودة:
http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Soc...Sience-0009.htm

كل الود

Array
العزيز Awarfie سلاما

لااعتقد انه تعميم، فالشعوب البدائية لم تكن تعرف النصب والخداع، وكانت تقوم بممارساتها بصورة عائلية وصادقة.
كل الود
[/quote]

طريف :97:
كنت أظنك ليس من اولئك الذين يتحدثون عن الماضي الذهبي مقابل الواقع التعيس . كيف يكون كلامك " ليس تعميما " و انت ما زلت تتحدث عن بشر انقياء صادقين في عصر معين بشكل عام . انت تتحدث كالسلفي الذي يحدثك عن عصر الخليفة عمر الذي شبع الناس في عصره حتى دعا الداعي في الشوارع قائلا : هل من جائع في المدينة لنطعمه !

حسب علمي ، البدائي هو اكثر من خبيث و مخادع عندما تضطره مصالحه لذلك ، مهما كانت متواضعة ! ان الممارسات التي تصفها بانها كانت لطيفة و صادقة ، تخفي خلفها صراعا دمويا ، في كل يوم ، على مرتبة الكاهن الاكبر او الشامان او الزعيم او كبير السحرة او اللقمة اليومية يا سيدي ! ففي ذلك العصر لم يختلف الانسان عن اي قرد نراه في الوثائق العلمية للمجلة الجغرافية الوطنية في صراعه مع غيره حتى الموت ، للسيطرة على اكبر عدد من الاناث ، او على مجال حيوي محدد ...الخ

تحياتي !


:Asmurf:

Array
طريف :97:
كنت أظنك ليس من اولئك الذين يتحدثون عن الماضي الذهبي مقابل الواقع التعيس . كيف يكون كلامك " ليس تعميما " و انت ما زلت تتحدث عن بشر انقياء صادقين في عصر معين بشكل عام . انت تتحدث كالسلفي الذي يحدثك عن عصر الخليفة عمر الذي شبع الناس في عصره حتى دعا الداعي في الشوارع قائلا : هل من جائع في المدينة لنطعمه !

حسب علمي ، البدائي هو اكثر من خبيث و مخادع عندما تضطره مصالحه لذلك ، مهما كانت متواضعة ! ان الممارسات التي تصفها بانها كانت لطيفة و صادقة ، تخفي خلفها صراعا دمويا ، في كل يوم ، على مرتبة الكاهن الاكبر او الشامان او الزعيم او كبير السحرة او اللقمة اليومية يا سيدي ! ففي ذلك العصر لم يختلف الانسان عن اي قرد نراه في الوثائق العلمية للمجلة الجغرافية الوطنية في صراعه مع غيره حتى الموت ، للسيطرة على اكبر عدد من الاناث ، او على مجال حيوي محدد ...الخ

تحياتي !
:Asmurf:
[/quote]
مرحباً أورفاي ..
في الحقيقة .. طريف تكلّم صواباً .. وأنت تكلّمت صواباً .. لكنّكما اشتبكتما على "لاشيء" ..
بالنسبة لطبيعة الإنسان الأوّل .. فذاك نقاش فلسفي ما كان منه طائل .. منهم من وجده مخلوقاً اجتماعياً يتماهى بالمجموع .. ومنهم من وجده إنساناً أنانياً .. لا يعرف أكثر من ذاته .. وهذا جدال ليس منه طائل .. إذ حتّى مدارس علم النفس تختلف فيه .. بين فرويد الذي يرى في الغرائز شراً وتفرقة .. ويونغ الذي يرى في اللاوعي الجمعي اتحاداً ..
لكن .. حينما نتحدّث عن أعمال سحريّة .. فنحن نتكلّم هنا عن "قبيلة" و"جماعة" تعايشت .. ونتحدّث عن نشوء تجربة روحيّة ما احتضنت الإنسان .. لذلك يمكن اعتبار ذاك مرحلة متطوّره من التجربة الإنسانيّة .. وأوّل تمييز له عن الحيوان ..

ما قاله طريف .. تؤيّده كل المكتشفات العلميّة في هذا الإطار .. فالسحر لم يأخذ شكلاً دجلياً .. إلا عند نشوء "المدينة" .. في حدود الألف الثالثة قبل الميلاد .. بينما في مجتمع "القرية" الزراعية (الألف الثامنة قبل الميلاد) .. و"القبيلة" أو "الطوطم" قبله وخلاله .. فنحن نمتلك أدلّة يقينيّة على عمق التجربة الروحيّة وصدقها .. بالإضافة لأدلّة منطقيّة .. فالغرائز الإنسانيّة العدوانيّة لا يمكن ترويضها إلا بوجود "تابو" حقيقي .. فاعل في النفس الفرديّة .. ومؤثّر حتى الموت ... وقد تمّ ترويضها فعلاً .. فما معنى ذلك .. !!
الأدلّة يمكن تلخيصها بالتالي "وأنا الآن أتكلّم بالسبيّة .. أي دون ترتيب للأفكار .. إنما هي محاولة عشوائية لتوضيح بعض الأفكار" .
أوّلاً : الدراسات الوصفيّة التي أجريت على القبائل الطوطميّة البدائية الموجودة اليوم .. (دراسات فريزر هي الأكثر شموليّة وعمقاً) .. وهذه القبائل الموجودة في أستراليا وأفريقيا تعيش على حالة قمّة في البدائيّة .. بحيث يمكن أن نعتبرها كنزاً "أنتربولوجياً" ننفذ من خلاله للتاريخ ..

ثانياً : الدراسات التحليليّة .. التي راحت تحاول تخيّل التطوّر النفسي لهذه القبائل .. عن طريق المقارنة وتطبيق نظريّات علم النفس عليها ..


في هذه القبائل نلاحظ التالي :
أوّلاً .. المنصب الكهنوتي .. أو بمعنى منصب الملك أو الساحر .. هو منصب يشكّل وبالاً على الفرد .. فالقيود المفروضة عليه تشكّل عبئاً لا يتخيّله عقل بشري .. بعض الملوك مطالبون بالجلوس على كرسي خاص مثلاً طوال حياتهم دون حركة .. هو خادم للقبيلة ومطالب بتسيير الطبيعة لمصلحة هذه القبيلة .. ولا يتمتّع بأي حريّة بل على العكس تماماً ..
انطلاقاً من هنا .. اخترع "يونغ" مفهوماً أسماه "القناع" .. بمعنى هو الشكل الظاهر من الشخصيّة الذي لا يعكس الذات بأي شكل من الأشكال .. كالضابط الذي يعيش حياته كضابط .. ويعامل أولاده وزوجته كضابط (أي يرتدي قناع الضابط) .. وظيفته لبسته .. فبدى بها حراً .. لكنّه على العكس .. مقيّد بها .. وما ذاك الشكل إلا وراثه للشكل القديم الذي يتمثّل بالساحر .. أو الملك ..
فذاك الساحر أو الملك .. يتميّز بزيّ معيّن يرتديه .. وبحركات معيّنة خاصّة به .. لكنّه عبد خاضع .. يرتدي ثيا حر ..

ثانياً .. رهاب "التابو" الذي يظهر على هؤلاء الأفراد .. فحسب بعض معتقداتهم .. مخترق التابو يموت وحده بتأثير من "المانا" أو الروح الكونيّة .. والمفاجأة أنّه فعلاً يموت وحده .. فمن يخترق التابو يعيش بقلق نفسي هستيري .. ينتهي بالموت .. ويمكن أن يكون هذا القلق ناشئ عن لمس الساحر مثلاً .. فلمس الساحر محرّم .. فالمقدّس عند هذه القبائل هو مدنّس أيضاً (حتى أن مفردات اللغات القديمة تجعل المقدّس والمدنّس شيئاً واحداً) .. وهذا الشيء مفهوم جداً من الناحية النفسيّة .. لكنني لن أتطرّق له لكي لا أتفرّع بالموضوع .. إنما أقول قولاً واحداً .. لا يوجد حرام أو تابو إلا ويرافقه رغبة بانتهاكه .. فالحرام أو التابو بالأصل هو عبارة عن تحريم "رغبة" .. لولا الرغبة لما وجد التابو .. أي أنّ مجال نشوء التابو هو مجال الرغبات فقط (هذه قاعدة انتربولوجيّة تنطبق على القبائل البدائيّة بشكل أكيد) .. ومن هنا كان التابو والمقدّس .. مدنساً وشريراً بنفس الوقت ..
انظر .. تحليل الأمر ليس بالأمر الهيّن .. فالحكم على عقلية الإنسان البدائي بتطبيق وعينا عليه .. فيه مغالطة تاريخيّة كبيرة .. تثبتها الدلائل الماديّة .. أكثر مما يثبتها العقل .. وأنت هنا كان خطؤك عزيزي أورفاي ..

إذاً .. نلاحظ بسهولة عمق التجربة الروحيّة عند هذه القبائل .. نضيف إلى ذلك .. فإن "شرور" الإنسان الأوّل كانت شرور غريزيّة وليست بالشرور الواعية .. لذا فإنّ جعلها واعية بهذه الطريقة واعتبار أنّ اختراع السحر مجرّد خدعة قام بها أحدهم لخداع الآخرين .. هو أمر لا يمكن قبوله منطقياً .. إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور العقلي "الواعي" للإنسان البدائي .. أما السيطرة التي سبقت التجربة الروحيّة .. فهي كانت سيطرة القوي عضلياً على الضعيف .. سيطرة أبو القبيلة .. وذاك حسب تحليل "دارون" .. قبل أن يؤكّده من لحقوه .. فالغريزة شرّيرة .. لكنّها ليست "خبيثة" ..

هذا تلخيص سريع ..


طريف ..
ردّك السابق كنت قد وضعت رداً عليه .. عد وراءه رداً واحداً ..:).. ناقشت فيه ما قلته عن فرويد ..

تحياتي ..

خوليو

العزيز خوليو
الحوار معك ممتع وغني
اعود الى قضية فرويد

من حيث الجوهر فلايوجد خلاف، كل مافي الامر انني عبرت عن دهشتي لكوني التقي " بالعظماء" فقط في حواراتي العربية، اما مع الاخرين فالحديث يجري عن معطيات اخر الابحاث بغض النظر عن وجهة نظر " الاب القائد". هذا كل ماردت الاشارة اليه.

واشكرك لهذا العمق والغنى في طروحاتك كما اشكرك لتعليقك الاخير المسهب.

تقبل مني اعمق التقدير