شيء في مسألة الزمن: فلسفة ..متى..!!
قد يكون السؤال متى بالنسبة لي أمر غريب. ف ..متى تعني الزمن و الزمن أمر فيه من الأمور ما لم يبت بعد. متى سؤال يأتي جوابه عددا. قد يكون الجواب عددا من الوقت في الحاضر و قد يكون في الماضي. و في الحالتين فالإجابة ليست دقيقة..
تقول سيدة من أطراف سيبريا أنها ودعت زوجها ذات صباح لسفره خارج المدينة للتجارة, و كان في نيته أن يمضي بضع أسابيع بعيدا عن داره ثم يعود. هكذا تعودت زوجته. الا أن أمرا ما حدث بعد سفره, أشعل في قلبها نار الحيرة و القلق. فقد رأت في منامها ذات الليلة التي سافر فيها زوجها وهو في الثلاثين من العمر, أن أحدا يطرق باب بيتها الذي خرج منه زوجها, فهرعت نحو الباب و كأنها تفتحه, ثم و كأنها رأت زوجها و هو يقف على الباب و كأن الشيب قد اشتعل في رأسه و كأنه قد تجاوز الستين..
و حين نهضت في الصباح, قصت رؤيتها على جيرانها, وهي تبكي مذعورة من تلك الرؤيا. فطمئنوها أقرانها بأنها اشتاقت اليه و دق حنينها له قلبها فرأته قد عاد شيبا. و حاولوا إقناعها بأن ما رأته لا يتعدى فراشها وأن زوجها بخير و سيعود قريبا..
لكنها لم تطمئن إلى قولهن, و ظلت قلقة فترة طويلة من الزمن, حتى وافاها نبأ مقتل زوجها أثر عراك بينه و بعض السماسرة, و عبثا أن تصل الى جثته التي خبأها الثلج في جوفه, كما أدعى من أوصل إليها خبر مقتله. و عاشت بعدها تبحث عن جثته حتى ملأها اليأس, فتزوجت و بات أمر مقتله في طي الزمن.
ثم انتقلت الى بيت زوجها الجديد. ولكنه كان صلفا حاد الطباع. يسكر يوميا فينهال عليها ضربا و شتما. وكلما هاج الرجل حملت بعض منها وانتقلت الى بيتها الأول, حيث تمكث هناك بضع أيام حتى يأتي زوجها الثاني و يطلبها السماح لتعود. فتعود المسكينة..
وذات ليلة سكر زوجا و أخذ يضربها و يشتمها كما هي عادته. فهربت الى بيتها الأول و أقسمت ألا تعود إليه حتى يمتنع عن الشرب نهائيا. فمكثت في بيتها الأول شهورا وحيدة. إلا أن وحدتها لم تستمر طويلا, اذ بعد عدة أشهر دق الباب نهارا, فهرعت نحوه, و لكن ما أن فتحته إلا و تفاجأ بزوجها الأول يقف على الباب و قد اشتعل الشيب في رأسه و هرم جسده فانحنى نحوها يقبلها و هي تحضنه باكية لا تصدق عينها..
قال لها أنه حين غادر المنزل مسافرا, غارت عليه نوبة ثلج سيبيري, فاختار نزلا رخيصا يسكنه, و ما أن استراح قليلا في غرفته, إلا و كان البوليس في بهو الفندق يطلبني للتحقيق معي في جريمة قتل. و كانت كل القرائن ضدي. فحكم علي بالسجن ثلاثون عاما. و لم أجد وسيلة لتبليغك بما حل بي. فقد سجنوني مع المحكوم عليهم بالإعدام و المحكوم عليهم بالسجن المؤبد. و بعد بضع سنين استطعت أن استعطف أحد رجال السجن بأن يوصل لك خبر سجني , لكن الرجل وصل إلى المنزل و لم يجد أحدا فيه, فعرفت أنك قد تزوجت أو غادرت القرية.
و السؤال هنا: متى غادر الرجل, و متى عاد؟ فاذا كان الرجل قد غادر المنزل و عاد بعد ثلاثون عاما, فمن هو الذي عاد اليها في نفس الليلة؟ فقد شاهدته في نفس الليلة بنفس هيئته بعد الثلاثون عاما..!!
حصلت هذه القصة في مطلع القرن التاسع عشر في سيبيريا. و كتبت المرأة قصتها في مذكراتها, وبعد أن استولى البلاشفة على الحكم في روسيا و الاتحاد السوفيتي لاحقا, نشرت إحدى الجرائد القصة, التي ترجمها أحد الكتاب المصريين و نشرها في إحدى المجلات المصرية..
هناك عشرات الألوف من القصص المشابهة, لها علاقة ب..متى. فإذا كانت الرؤيا تعني المستقبل من الأحداث, فهل هذا يعني أن لكل إنسان بالفعل لوح مكتوب فيه قدره لا يخرج عنه..؟؟!!
هل هذا ممكن..؟؟؟
حسام راغب..
|