الزميل طيف ..
ربما هذا المقال يفيدك ويقوي حجتك ضد الزميل إيراني قح :D
مضمون المسألة القومية وظاهرة التعصب القومي -الفارسي - في ايران
جابر احمد
المقدمة .
اكدت الدراسات والبحوث في فروع علم اجتماع اللغوي والاقوام ( الاثنولوجيا ) ان الاساليب المستخدمة في العصرالراهن في توحيد الدول ذات التعدد القومي عبر استخدام المؤسسات والاجهزة القمعية وممارسات الظلم والطغيان فقدت الكثير من نجاعتها، لان وجود الثقافات الوطنية والمحلية ، حقيقة لايمكن لاحد مهما استخدم من ادوات البطش والارهاب والاضطهاد القومي ان يستل الستار عليها او ينكرها ، فما ان تضعف الدولة المركزية ويجتاحها الفساد وتزداد فيها درجات الاجحاف او تصيبها ازمة اقتصادية حتى تقفز هذه الحقيقة مرة اخرى الى الواجهة من جديد ، وقد يتخذ ظهورها طابع العنف وعدم المساومة وبالتالي يدق ناقوس خطر تجزئة و تفكك الدولة المركزية ذات التعدد القومي ، كما هو الحال بالنسبة للدولة الايرانية الراهنة .
ولايرى علماء الاجتماع والمختصين بمسائل القضايا القومية والتنوع الثقافي ، في مختلف البلدان البتة ، ان طرح مثل هذه المسائل يعني العودة الى الوضع القبلي او الاقطاعي السابق ، لانه مثل ما تتأثر النظم والمؤسسات السياسية والاجتماعية بالتنوع والتعدد ، لايمكننا استثناء المسائل القومية والثقافية من هذه القاعدة .
لقد اصبح اليوم السعي من اجل تحقيق الهوية القومية والثقافية والتمتع بحق تقرير المصيرمطلب الغالبية العظمى من القوميات في مختلف بلدان العالم ، وهذا الامر لايمكن ان نستثني منه ايران ذات التعدد والتنوع الثقافي والقومي ، كما ان من بين 189دولة من الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة هناك 150 دولة متعددة القوميات واللغات ، حيث يعتبر تجاهل المسائل القومية وعدم ايجاد حلول لها من بين اهم العوامل التي تقف حائل في وجه التطوروالتقدم الاجتماعي ، الامر الذي يستدعي من هذه الدول ومن مؤسساتها السياسية والتعليمية اتخاذ التدابير الضرورية والمناسبة لايجاد حل مناسب لها ، من شأنه ان يحفظ ويصون الهوية الوطنية و الثقافية لمختلف القوميات، كما ويضع المقدمات الاساسية من اجل ايجاد مجتمع ديمقراطي في بلد مثل ايران بمعزل عن النظام الراسمالي العالمي .
ان البلدان الراسمالية المتطورة في المركز ( العالم الاول ) قد عانت سابقا من حروب قومية و من نزاعات واختلافات داخلية ، الا انها في نهاية المطاف، توصلت الى نوع من التجانس الوطني فيما بينها ، كما هو الحال في العديد من البلدان مثل سويسرا ، فرنسا وغيرها من البلدان وذلك من خلال الاعتراف بالهويات القومية في بلدانها و بالاقرار وقبول مبدأ حق تقرير المصير . اما في بلدان الاطراف المتخلفة "تجملا النامية " بقيت هذه المسألة دون حل يذكر ولعل مرد ذلك يعود الى اسباب و عوامل تاريخية وسياسية والتي هي في الاساس وليدة كيفية تحرك حركة الرأسمال العالمي في هذه البلدان .
وفي الوقت الذي استطاعت فيه الغالبية العظمى من البلدان المتطورة ذات التنوع اللغوي ، الديني ، العرقي ، الاثني ، ان تحل مثل هذه المسائل، وان تعيش شعوبها ضمن الحفاظ على هويتها القومية جنبا الى جنب بسلام وامان ، الا اننا كثيرا ما نشاهد في البلدان النامية القلاقل والحروب القومية – الاثنية ، الحادة لأن احد العوامل المؤلمة والتاريخية لهذه الاوضاع هو رفض الاعتراف بمبدا حق تقرير المصير القومي واستفحال ظاهرة التطرف القومي في هذه البلدان وخاصة بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة ( 1990 – 2000) .
وفي هذه المقالة ساحاول وبعد شرح نمو ظاهرة الاضطهاد القومي وعدم قبول مبدا حق تقرير المصير القومي ( جوهر المسألة القومية ) ان اعرج مرة ثانية على الشوفينية القومية والتطرف القومي الفارسي في ايران والذي اعتبره احد العوامل الاساسية لعولمة الراسمال في العالم .
السابقة التاريخية للاضطهاد القومي في ايران :
ان نظرة اجمالية على الحالة الاثنية وهوية القوميات المتنوعة القاطنة في ايران (1) ترينا بوضوح ان ايران بلد متعدد القوميات ، وان الامور المرتبطة بالمسألة القومية – خاصة الاضطهاد القومي ومبدأ حق تقرير المصير - هي امور معقدة ومهمة للغاية ، وان حلهما على اسس ديمقراطية ينطوي علي اهمية مصيرية ، لانه طالما لايخلي الاضطهاد القومي مكانه للحرية الوطنية واحقاق حق تقرير المصير لمختلف القوميات الساكنة في ايران ، فانه من غير الممكن استقرار الحرية والتخلص من النظام الرأسمالي العالمي .
وان كان الاضطهاد القومي ( العرقي ) والديني في ايران قد مورس بكثرة بحق القوميات الايرانية من قبل الحكام المستبدين في المرحلة التي سبقت تكوين وتطور علاقات الانتاج الرأسمالية و مظاهر وتفضيل قومية على قوميات اخرى من قبل الحكام المستبدين – بدءا من الاستغلال ،النهب الى الابادة الجماعية والسجن والنفي – الا ان هذا النوع من الاضطهادات يختلف من حيث المضمون مع الاضطهاد القومي الذي يمارس بحق هذه القوميات في عصرنا الراهن ، لان الاضطهاد القومي باعتباره الجوهر الاساسي للمسالة القومية ظاهرة جديدة تعتبر من الناحية التاريخية وليدة نمو علاقات الانتاج الرأسمالية ، وفي الاساس يعتبر الاضطهاد القومي والنضال ضده من خصائص عصرنا الراهن ، وفيها يلعب تطور علاقات الانتاج الراسمالية انطلاقا من اسس حركة رأس المال على المستوى العالمي والاعراض الناتجه عنه – تقسيم العمل والتنامي المتزايد لتجارة البضائع بين الشعوب – وتوسع السوق الداخلية اهمية متزايدة .
ان الاستيلاء على السوق الداخلية والمحلية وحمايتها ، يعد العامل الرئيسي للتنافس بين الرأسماليين الكبار من مختلف الشعوب، وقد جلب معه الاستغلال والتمييز ، وما الحروب المدمرة والازمات التي حدثت في السنوات العشرة الاخيرة في مناطق البلقان والقفقاس وافريقيا المركزية والغربية والقرن الافريقي ( بين ارتيرية واثيوبيا ) الا خير دليل على مانقول .
ومنذ ان اجتاحت بالتدريج موجة السوق الحر و طريق الرأسمالية ، خاصة في العقد الاخير ( بعد انهيار المعسكر الشرقي والاتحاد السوفيتي ) المناطق الانفة الذكر حتى تزايدت في هذه المناطق اكثرفاكثر مظاهر الفوضى الاقتصادية ، الانهيار الاجتماعي ، التضخم والاحتكار ، واخيرا الحروب الدموية بين مختلف الشعوب بشكل لايمكن للعقل تصوره .
بدأت تتشكل في ايران في اواخر القرن التاسع عشر علاقات الانتاج الرأسمالية والصحوة القومية بين مختلف القوميات والاثنيات القاطنة في ايران ، وازدادت على اثرها حدة التنافس البرجوازي من اجل الاستيلاء على السوق وازداد حمى التنافس ايضا بين مختلف رأسمالي هذه القوميات وقد جلبت معها هذه الحالة الاستغلال والتمييز واخيرا تهيئة المناخ لنمو النضالات الوطنية للشعوب المغلوبة والواقعة تحت الاضطهاد القومي . الا ان ظاهرة الاضطهاد القومي دخلت مرحلة جديدة من حركتها التطورية بعد هزيمة ثورة الدستور واعتلاء رضاشاه البهلوي على قمة الديكتاتورية بعد مؤامرة الثالث من اسفند ( 21 فبراير 1921 ) .
.
تطور الشوفينية والتعصب القومي في ايران :
التحقت ايران في عهد رضا شاه البهلوي والذي استمرة حكمه ما يقارب ال 20 عاما بعجلة النظام الرأسمالي العالمي واصبح الظلم القومي وبروز ظاهرة التعصب القومي الجديد في ظل هذا الاندماج ظاهرة عامة وشاملة ، وتبدلت الى المحتوى الاساسي للمسألة القومية في ايران ، واثناء عام 1920 اقدم نظام رضا شاه وبعدالمجازر التي ارتكبها بحق الاحرار و مناضلي مختلف الشعوب الايرانية ، بتفيذ سلسلة من الاجراءات السياسية والدعائية، ليتمكن من خلالهما الى اشاعة الافكار الشوفينية المتمثلة " بالوحدة الثقافية " و " افضلية العرق الاري " في كافة انحاء ايران .
وفي عام 1931م ومقارنة مع استفحال نمو الفاشية في اروبا الغربية ووصول الحزب النازي بقيادة ادلف هتلر الى السلطة في المانيا زاد رضاشاه وانصاره وبدعم من فاشيي اروبا من هجومهم الثقافي والعنصري ضد مختلف الشعوب الايرانية ، وفي تلك المرحلة تسببت سياسات الابواب المفتوحة المنتهجة من قبل النظام انذاك على الغرب ، الى ترسيخ الافكار الفاشية بواسطة النازيين وانصارهم في ايران، الامر الذي ساعدها على نمو العقائد الشوفينية الالمانية -الارية اكثر فاكثر . وتحت تأثيرهذه الافكار الاستعلائية النازية تأثر عدد من الاقطاعيين واصاحب رؤس الاموال ممن يوالون الملكية ، مما زاد من ممارساتهم ضد القوميات غير الفارسية في مختلف مقاطعات تلك القوميات . وفي هذا المجال نجح النظام وانصاره بالحصول على دعم وتأييد عدد من المثقفين وعلماء الدين .
في الواقع ان الشوفينين القوميين المسيطرين اليوم على قطاع واسع من الثقافة والادب في ايران قد توارثوا ارثا معيبا خلفه وراءهم الكتاب والباحثين العنصريين الايرانيين "الفرس " منذ العهد البهلوي . وان مرورا عابرا على كتابات ومؤلفات هؤلا الكتاب خلال 70 عاما الماضية يظهر ان الغالبية العظمى من هؤلا الكتاب ليس انهم لا يعترفون بحق تقرير المصير الثقافي لمختلف القوميات ويرفضونه وحسب ، وانما بذلوا قصارى جهودهم وتحت لواء " الوحدة الوطنية " او تحت اغطية اخرى مثل " الوحدة " و"امن البلاد " الى ازالة وجود هذه القوميات، وادعوا ان لغات مثل البلوشية ، اللرية ، والكردية هي ليست لغات وانما هي " لهجات محلية فارسية " كما ان لغات مثل التركية الاذرية ، التركمانية ، والعربية هي لغات اجنبية دخيلة ، قد فرضت على مواطني ايران فرضا . ويرى هؤلاء الكتاب ان الايرانية والارية والتكلم باللغة الفارسية هما شئ واحدا وتلقوا " الشراكة القومية" و "الشراكة في البلاد" على قدم المساوات . لقد بذل هؤلاء قصارى جهدهم لايهام الرأي العام الايراني ان " اللغة الواحدة " هي دلالة على " الوحدة القومية " واعتبروا اللغة الرسمية كما هي النقود الرسمية، تدل على هوية الايرانيين وعلى اساس هذه الافكار الشوفينية تجاهل العنصريين الفرس الايرانيين الحقائق الاثنية والتيارات التاريخية – الثقافية في ايران بشكل تام . وسوف اشير هنا الى نماذج من الاطروحات غير العلمية والمنافية للتاريخ ، للعنصريين الفرس الايرانيين .
الاطروحة غير التاريخية لفرض اللغة الفارسية من قبل المغول :
ايران بلد يتكلم فيه ساكنيها ونتيجة لعوامل تاريخية وثقافية بلغات مختلفة ، كالفارسية والكردية والبلوشية واللرية ( الارية ) ، التركية ، والتركمانية و القشقائية ، والافشارية ( التاتي ) ، العربية ، والعبرية والاشورية ( لغات سامية ) وعلى الرغم من هذه الحقائق، فان سعي الشوفينيين ينصب على اثبات ، ان اللغات المتدوالة في اذربايجان وكردستان وغيرها ، هي ليست اللغات الاصلية لسكان تلك الديار، وانما لايعد كونها " لهجات محلية " فرضت عليهم من قبل اطراف اجنبية ، انهم يدعون ان التركية الاذرية هي ليس لغة المواطنين الاتراك في آذربايجان وبقية الناطقين باللغة التركية في ايران ، لان لغة هؤلاء الناس قبل مجي المغول كانت لغة ( التاتي ) او هي لهجة من لهجات اللغة الفارسية، أما اللغة التركية فقد فرضت ابان السيطرة المغولية على الناس ، بعبارة اخرى ان المغول اللذين كانوا يكنون علاقة حميمية للأدب للفارسي قد علموا الاتراك الاذريين اللغة التركية وقد اجبروهم على التكلم بهذه اللغة ، وقد تسبب ذلك في ان ينسى اهالي اذربايجان لغتهم الام وقد قبلوا على مضض وخوفا من المغول اللغة التركية .
الا يحق لنا ان نسأل هؤلاء الشوفينيين لماذا لايفرض المغول مثل هذه البرامج وينفذوها في المقطعات الايرانية الاخرى كمقاطعة "خراسان مثلا"؟ ، ثم كيف استطاع المغول – مع معرفتنا اليوم بمرحلة التطور ومستوى حضارتهم في ذلك العهد – وقبل 700 عاما ونيف ان ينجحوا باجبار المواطنين الاذريين على التحدث باللغة التركية ؟ ولكن في القرن العشرين كيف لم تسطيع الملكية البهلوية وبعد 57 عاما من حكمها وامتلاكها جميع الامكانيات و كل ادوات القمع من القتل الى السجن الى النفي ، ان تجبرالمدن والنواحي التركية اوالكردية على نسيان لغتهم والتكلم باللغة الفارسية ؟ لاندري كيف استطاع المغول بتلك التكنلوجيا ووسائل الاتصال المتخلفة والاساليب البدائية ان يجبروا ملايين من المواطنيين في مقاطعات آذربايجان ، زنجان ، همدان ، قزوين ، كركوك ، ارضروم ، على تعلم اللغة التركية أو حتى يجبروهم على نسيان لغة امهم يعني ( التاتي ، والهرزني او الفارسية ) .
ما يثير الدهشة والعجب ان المغول وحسب نظرية الشوفينيين وبتلك الوسائل التربوي المتخلفة والاساليب التربوية البدائية استطاعوا ان ينشروا اللغة التركية في اوساط المقاطعات والقرى النائية لهذه المناطق اكثر من المدن التي من المفترض ان تكون مراكز للتعليم والتربية ، لان اللغة التركية المتدوالة في القرى وبين الرحل ، هي اكثر نقاوة من اللغة التركية المتداولة في المدن والافراد اللذين صادف وان سافروا الى قرى آذربايجان وهمدان وجلسوا واحتكوا مع المواطنيين هناك يدركون هذه الحقيقة جيدا .
اضافة الى ذلك لم يستطيع العنصريين الاجابة على هذا السؤال قط ، وهو لماذا لم يفعل المغول هذا الشي - تجاه لغتهم – ؟ وعلى العكس من ذلك فقد ذابوا بالتدريج في اوساط الاتراك واصبح كالتاتيون والهرزيون اتراكا ، وخلافا لأدعاءات العنصريين الفرس فان التاريخ يرينا ان المغول والتيموريين اثناء حكمهم في ايران ، انهم لم يفرضوا تدريس وتعليم اللغة التركية على المواطنيين الاذربايجانيين وبقية انحاء ايران وحسب وانما لعبوا دورا هاما في اشاعة اللغة والادب الفارسي .
وطوال 200 عاما والتي كانت فيها ايران جزءا من الامبراطورية الاسلامية الاموية والعباسية وحتى قرون بعد ظهور الدول المستقلة في ايران كان الغالبية العظمى من الكتاب و والعلماء المؤرخين الايرانيين يؤلفون باللغة العربية – التي تعتبر آنذاك لغة عالمية في الشرق – فالكتب الكلاسيكية مثل " القانون " في الحقوق ، و"الشفاء " في الطب لابن سيناء ، و " تاريخ الطبري " و" دائرة المعارف الحاوي " لمحمد بن زكريا الرازي ، و "الآثار الباقية عن القرون الخالية " لابو الريحان البيروني و " كيمياء السعادة " لمحمد الغزالي وعشرات من المؤلفات التاريخية والعلمية والثقافية الاخرى خير شاهدا على هذا الادعاء . في حين تطورت الكتابة باللغة الفارسية في العصر المغولي وخاصة في عهد التيموريين كثيرا ، وهناك مؤلفات خالدة مثل " تاريخ البيهقي " تأليف ابو الفضل البيهقي " ، جامع التواريخ " تاليف الخواجة نصيرالدين فضل الله الطوسي وكذلك اثار عليشير نوائي كلها كتبت بالفارسية وبامكانها ان تسلط الاضواء على كذب هذه الادعاءات كما ان التيموريين ، كانوا من بين اللذين روجوا للغة الفارسية وليس للتركية .
اسطورة العرق الآري :
يدعي بعض الشوفينيين العنصريين الفرس ان اتراك ايران ( الاذريون ، القشقائيون ، الافشاريون والشاهسون وغيرهما ) هم ليسوا اتراكا وانما عرقهم ايراني ( آري ) وهؤلا دون ان يعطون تعريفا علميا وانتربولوجيا عن مفهوم " العرق " يسعون وتقليدا للعنصريين الاوروبيين والاتراك واليونان والعنصريين في البلدان العربية ان يخلقوا من القوميات والاقليات القومية المختلفة الساكنة في ايران " عرقا" اصطناعيا وان ينحتوا وعلى غرار النازيات الجديدة الالمانية " عرقا افضل " ولغة واحدة" خيالية واخيرا امة واحدة ، حتى يستطيعون وحسب زعمهم ان يحافظوا على " استقلال ايران " و من وجهة نظر هؤلاء الشوفينيين ، بما ان وحدة اللغة ، تضمن الاستقلال والسيادة في ايران ، لذلك فاذا ، درْس هؤلاء اللغة الاذرية في اذربايجان فان ايران سوف تتجزأ وسوف تنفصل اذربايجان
عن ايران وعلى سبيل المثال سوف ينضمون الى تركيا او الى جمهورية آذربايجان .
ان هذه الافكار الشوفينية هي نتيجة لطريقة التفكير العنصري والخرافات والاساطير القومية ، وهي ممزوجة بالجهل ايضا ، وان تاريخ ايران اكبر شاهد على بطلان مثل هذه الاعتقادات ، فبعد قرون اعاد الاتراك السلاجقة بناء ايران ، وجاء من بعدهم الصفويون الاتراك ( القرن السادس عشر ) ليجعلومنها دولة مركزية منسجمة .
ويدعي البعض الاخر من متعصبوا ايران ، ان الاتراك ينتمون الى "عرق " و الايرنيين ينتمون الى"عرق " آخر هو العرق" الآري " يعني العرق " الافضل " ، ان هذه النظرية ايضا لاتستند على قاعدة علمية ، وهي انعكاس للخرافات والاساطير القومية .
ان مفاهيم مثل " ترك " و " اتراك " و "تركي " ، هي مفاهيم ذات دلالات لغوية وثقافية ، ولا تعني بأي حال من الاحوال على انها مفاهيم ذات دلالات عرقية وهي تطلق على تلك الجماعات الذي تكون لغة امهم هي اللغة التركية وهم على دراية بعادات وتقاليد نظرائهم في اللغة ، وهذا الامر ينطبق ايضا على " الاكراد" و "الكردي " و" اللر " و " اللري" و...الخ .اضافة الى ذلك فمفهوم " الآري " او " الهندو- ايراني " ليس مفهوما ذا دلالات " عرقية " وانما يطلق على مجموعة من البشر لها خصائص لغوية خاصة بها ، تمييزها عن اللغات التركية التي تنتمي الى ارومة لغة (التالي ) او العربية التي تنتمي الى ارومة اللغات السامية وهنا لابد لنا من التأكيد على :
اولا : ان الآرية ليست عرقا ، وانما تطلق على مجموعة من البشر يتكلمون احد اللغات الآرية ( الفارسية، الكردية ، البلوشية ، اللرية ، البختيارية والطاجيكية ) .
ثانيا : لا يرتبط الانتماء الى ايران بالعرق ، الدين ، واللغة ا والعقيدة السياسية الخاصة، فأيران بلد متعدد القوميات واساسا لايستطيع اي احد ان يدعي الافضلية ، ثم ان اولئك اللذين يعتقدون بافضلية العرق قد انتهكوا مبدأ العدالة ، وقاموا ولسنوات عديدة بممارسة شتى انواع الظلم والاظطهاد والقتل بحق الاقليات والقوميات العرقية في تاريخ العالم المعاصر ، فالايطاليون من انصار موسوليني في العشرينات من القرن الماضي (1920) والالمان النازيين من خلال تبنيهم نظرية " "افضلية العرق الجرماني " في الثلاثينات (1930-1940) ومن ثم الصهاينة في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية ، اللذين تبنوا افكار الاستعمار الجديد " افضلية الشعب اليهودي " في الشرق الاوسط هي من العوامل الاساسية لزعزعة الامن والاستقراروالحروب التي وقعت في العالم خلال ال70 عاما الماضية .
ان التعصب القومي الايراني مثله كمثل التعصب القومي العربي والتعصب القومي التركي والتعصب القومي الهلنيسي ( في اليونان ) مغاير لمبادئ حق تقرير المصيروقد بني على اساس الظلم وعدم المساواة الوطنية ، و يعمل بالضد من الديمقراطية و الجماهير .
هل انكار اللغةالكردية واللغات الاخرى غير الفارسية ومعارضة انتشار الكتب الادبية ، الرواية ، الشعر والفلكلور باللغات الاخرى سيؤدي الى ترويج ونشر اللغة الفارسية ؟ والاهم من ذلك هل تسطيع ان تؤمن وحدة البلاد الوطنية ؟ . ان سياسة الافضلية القومية ومن بينها سياسة التعصب القومي الفارسي ليس لا تؤمن الوحدة الوطنية وحسب ، وانما تؤدي الى النفاق والفرقة ، فالتنوع اللغوي والقومي ، هو احدى المنابع الغنية والسليمة في ايران ، وليس عامل النفاق والتجزئة ، فافكار الشوفينيين القوميين ، هي التي من شانها ان تجعل النفاق والانفراط ان يحل محل الوحدة والتضامن .
في رفض نظرية " القومية الواحدة واللغة الواحدة " :
بما ان المتعصبون الايرانيون وبسسب ايمانهم با لافكار والخرافات والاساطير العنصرية لا يريدون ان يقبلوا هذه الحقيقة، وهي ان مختلف القوميات القاطنة في ايران، على الرغم من اختلاف لغاتهم فهم ايرانيون ، وفي النتيجة فانهم يتجاهلون حقوقهم المادية ، وانطلاقا من هذا المبدأ فان الشوفينيون المتعصبون الايرانيون لايكنون اي احترام للخصائص العرقية ، الدينية ، اللغوية والثقافية ، لهذه الشعوب . وانما ارادو دائما وتحت شعار " الامة الواحدة – اللغة الواحدة " ان يفرضوا على القوميات الاخرى مشاريعهم الشوفينية المشؤومة .
ان انتخاب لغة واحدة وفرضها بالاجبار في بلد مثل ايران على مختلف القوميات الاخرى وعلى حساب لغتهم الوطنية لغة الام ، ليس عملا غير عقلانيا وحسب ، وانما انجر دائما الى العدواة والبغضاء والانزجار . ان استبعاد لغة و ثقافة القوميات غير الفارسية وعدم احترامها من لدن الشوفينيين والمتعصبين الايرانيين ، لها جذور عميقة ، بحيث ان اليوم طيفا وسيعا من مواطني هذه القوميات لايستطيعون القراءة والكتابة بلغتهم القومية .
لقد بدأت السياسات العنيفة في احتكاراللغة الواحدة واهانة الاقليات اللغوية الاخرى ، منذ عهد رضا شاه واستمرت بدون رحمة حتى يومنا هذا ، وقد نظمت هذه السياسة ونفذت بطريقة بحيث حتى ان قسما وسيعا من المثقفين قد انخرط بلعبتها ووقع في شركها .
مما لاشك فيه ان سياسة فرض لغة واحدة على مجتمع متعدد اللغات ، غالبا مايتم ضمن اطار سياسة استبدادية مبرمجة ، و في الجمهورية الاسلامية يشكل الاضطهاد القومي احد الاسس الثابتة لاهداف واضعي السياسات الكبرى ، حيث تعتبر احدى العوائق الاساسية للوصول الى الديمقراطية في ايران ، وفي هذا المجال تبدلت اللغة الى وسيلة سياسية ، تركت اثارا هامة ليس على الوحدة الوطنية وحسب وانما انتهت الى العداوة ، وحرمان الملايين من ابناء القوميات من ابسط حقوقهم الانسانية البدائية وزادت من التوتر والعداوة لان احتكار اللغة وتكرار اسطورة الافضل سيزيد من مستوى التمايزات الثقافي والاجتماعية في هذه البلاد .
والحقيقة هي ، انه بالاضافة الى تيوقراطية ولاية الفقيه لنظام الجمهورية الاسلامية ، لايزال ايضا و بعد 22 عاما من التجربة التاريخية ، سوءا الملكيين اومختلف اطياف المتعصبيين الفرس لايعادون مبدا حق تقرير المصير الوطني وحسب ، وانما يعادون ايضا حق التعلم بلغة الام واستخدامها بشكل رسمي ، و من وجهة نظرهم ، ان التمتع بابسط الحقوق القومية البدائية هو نوع من الدعوة الى" الانفصال "يعرض سلامة و "وحدة الاراضي " الايرانية للخطر .
ان مثل هذا التفكير اقيم على خطط مدرسة " الدكتور افشار " السياسية التي ترعرعت في الثلاثينات من القرن الماضي (1930) ابان فترة حكم رضاه الديكتاتوري ، حيث اطلق العنان للقوات الحكومية لاسكات صوت الشعوب وتوحيد المجتمع ، متمحورة حول اللغة من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية كما تدعي ، وان مثل هذه السياسة لا تزال مستمرة بحق القوميات الايرانية الى يومنا هذا، لقد كان محمود افشار يعتقد ان الوحدة الوطنية لايمكن تحقيقها طالما لايتكلم جميع مواطني ايران اللغة الفارسية ، هذا الشخص كان رئيسا لتحرير جريدة المستقبل "آينده " وكان من الصحفيين الايرانيين المعروفين في الثلاثينات ، كان يبلغ ، ان الطريق الوحيد للوصول الى الوحدة الوطنية ونشر اللغة الفارسية في مناطق كردستان ، اذربايجان وبقية المناطق القومية لايتم الا من خلال تدمير آداب وثقافات وعادات وتقاليد الاكراد الآذريين ، العرب ** ، اللر والقشقائيين وغيرهم من ساكني تلك المناطق .
ان نظرة متأنية على اوضاع البلدان المتنوعة اللغات تبين لنا ، ان هذا التنوع اللغوي لم يتسبب في التجزءة والانفصال ولم يعرض اسس الوحدة الوطنية لتلك البلدان الى الخطر، و باعتقادي ان نظرة تحقيق الوحدة الوطنية عبر فرض اللغة الوحدة من قبل البلدان ماهي الا جهل تام بمبادئ الديمقراطية والمدنية الحاكمة على هذه المجتمعات المتعددة اللغات ، فالاختلافات اللغوية لايستطيع حلها عن طريق فرض لغة بعينها وتحريم ومنع ساير اللغات الاخرى . ان تعدد اللغات في مجتمع ما ، له سابقة تاريخية ، لقد كانت ايران على الدوام ملتقى مختلف الحضارات وموطنا لنفوذ الهجرة والحملات التاريخية الكبرى ، لذلك من الطبيعي ان نجد فيها هذا التنوع الاثني – القومي المتنوع وقد عاش فيها شعوب مختلفة وباساليب حياتية متنوعة ، وان حرمان البشر من الوصول الى التعليم والتمرن على لغة الام ، في الواقع ما هو الا تجاهل تام لتلك الشعوب والقوميات ، اخذين بعين الاعتبار هذا المبدأ ، وهو التعبير عن هويتهم ومشاعرهم وآمالهم الا عبر الروافع اللغوية ، وعبر هذه اللغة ايضا بامكانهم اقامة العلاقات مع ساير الشعوب الاخرى . ان التميز اللغوي او منع او تحديد القراءة والكتابة باي لغة ، في الواقع قطع صلات تلك القومية بتلك اللغة ويدل على تدمير هوية تلك القومية .
يشهد التاريخ ان السلطات التي سعت الى توحيد المجتمع المتعدد اللغات عبر فرض لغة واحدة ، كانت لاتفرض سياساتها العدوانية هذه على الاقليات القومية في داخل بلادها وحسب وانما تخطت هذه السياسات لتشمل الشعوب المجاورة ، مدعية الافضلية والحكم وهذا الامر يصدق ايضا على المتعصبين القومين الايرانيين ايضا .
مواجهة المتعصبين الايرانيين مع الشعوب المجاورة لايران .
لاتنحصر ظاهرة الشوفينية وسياسة الافضلية للتعصب القومي الايراني على القوميات الساكنة في ايران فقط ، فمرورا على ادبيات هكذا تفكير، خلال السبعين عاما الماضية يرينا بوضوح ان المتعصبين الايرانيين يحسون تجاه حضارة وثقافة البلدان المجاورة بالافضلية، والرغبات العدوانية حيث يدعي هؤلاء عموما ان ثقافة وحضارة الشرق الاوسط قد انبثقت من ايران ، وان السومريون اللذين يعدون من اولى الا قوام المتحضرة في العالم القديم قد هاجروامن مرتفعات و واحات ايران ومناطقها الجنوبية الى وادي الرافدين واقاموا دولتهم هناك ، اما الابجدية فقد كانت من اختراع الايرانيين ايضا ، وفي هذا المجال فان الفينيقيين والاراميين وغيرهم كانو " اقوام صغيرة " تابعين لهم ، وحسب اعتقاد بعض هؤلاء المتعصبين ، ان الاسلام نفسه لولا سلمان الفارسي واصدقائه لم يستطع ان يتطور اوينتشر ، هذا الامر ينطبق على المسيحية ايضا حيث كانت في الاساس نتاج الهامات وتفكير نبي ايراني قد ظهر في عهد شابور الساساني الاول وبعدها انتشرت افكاره في ارجاء الدولة الرومانية ، اضافة الى ذلك يدعي العنصريين الايرانيين ان ايران لم تهزم او تغلب من اي قوم قط ، ماعدى المغول البرابرة غير المتحضرين ، وقد تمت هذه الغلبة بفعل خيانة المانيين ، كما ان انتصارات الاسكندر المقدوني ماهي الا "اسطورة " ، اما العرب واللذين احتلو ايران و انقرضت على أيدهم الدولة الساسانية ، كانوا من الايرانيين اللذين "هاجروا " قبل سنوات الى العراق وشبه الجزيرة العربية ، وقد عادوا الى ايران ، اذاكان العالم مديون بظهور دين جديد ، الدين ( الاسلامي ) فان هذا الدين ، هو في جوهره ، امتزاج بين تعاليم عقيدة زرادشت والمزدكية ، وفي النتيجة اذاكان العالم الاسلامي فيه شي من العلوم والفنون فهذا كله يعود الى فضل الفرس ، لانه حسب زعمهم ان العرب كانوا جماعة من " الجهلة والهمج اللذين يأكلون الجرابيع " وكانما علماء ومؤرخين مثل ابن رشد الاندلسي وابن خلدون وابن بطوطة المراكشي ليسوا بعرب او انهم نتاج الاساطير او بنات افكار " انحرافات " التمدن البشري !.
الشوفينية القومية والمحلية من خصائص مرحلة ما بعد " الحرب الباردة " (1900- 2000)
لو نطرنا نظرة اجمالية على حوادث السنوات العشرة الاخيرة ، لما جرى في مناطق البلقان /القفقاس ، كردستان ، افريقيا المركزية والجنوبية وحتى في بلدان متطورة مثل المانيا الموحدة ، لارئينا ، بوضوح شيوع مرض الشوفينية القومية والرغبات القومية المحلية ،هي من احد السمات البارزه للاوضاع الدولية في مرحلة ما بعد " الحرب الباردة " حيث تبدلت الاساليب الشوفينية وعروج الافكار الفاشية الجديدة والخرافات المحلية بالتدريج في هذه المناطق الى موانع كبرى في طريق الكسب الواقعي للحريات القومية الحقيقية واحقاق حق تقرير المصير ، فالبديل القومي ، الكرواتي ، والصربي في البلقان والارمني والجورجي في القفقاس ، والهوتسي والتوتسي في افريقيا المركزية وعدد من القوميات والشعوب الاخرى في افريقيا الغربية وخاصة في السراليون وليبيريا قاموا وبدل مواجهة النظام الرأسمالي العالمي ، بمقاتلة بعضهم البعض معرضين حياة الملايين من البشر الى الموت والفقر والخوف والاذلال والدمار .
لقد اوجدت الشوفينية ووجود الرغبات الاستعلائية والعنصرية بين اوساط قادة هذه الشعوب والقوميات، الى تهيئة الارضية المناسبة ، للتدخلات القوى الخارجية في هذه المناطق ولحركة االرأسمال العالمي بحرية وامان .
ويدعي شوفيني ومتعصبي القفقاس و البلقان والقوميون المحليون ، في القرن الافريقي ( ارتيريا واثيوبيا والصومال ) وفي افريقيا المركزية والجنوبية ، انهم اذا استقبلوا ودعموا استراتيجية " النظام العالمي الجديد" ( سياسة الابواب المفتوحة تجاه الشركات العالمية الكبرى المتعددة الجنسيات) و تحت عنوان التعريف بالسوق الحرة والرأسمالية فانهم سيحضون بفرص وحضوض اكثر من اجل احقاق حقوقهم القومية .
ان الاضطهاد القومي والتمييز اللغوي الذي مورس بحق الشعب الكرواتي والبوسني ، الاذري ، الارمني ، الامهري ، ( في اثيوبيا ) وتيغراي ( في اريتريا ) ، الا يستوجب على قادة هذه الشعوب اللذين تبدلوا في العقد الاخيرة الى مدراء للشركات الاحتكارية العالمية المتعددة الجنسية في بلدانهم ان الواجب يدعوهم الى التفكير بمصالح شعوبهم اولا ومن ثم اقامة علاقاتهم الدوليةانطلاقا من هذه المصالح ثانيا .
ان هؤلاء القادة وبفصلهم ظاهرة الاضطهاد القومي عن المحتوى التاريخي وعن منطق حركة الرأسمال في هذه المناطق ، وبقبولهم الانتماء الى محور النظام الرأسمال العالمي ، ينشدون اهدافهم الخاصة ، والتي تتجلى حقيقتها على ارض الواقع من خلال فتح ابواب اسواق هذه البلدان على مصرعيها بوجه البنوك والشركات المتعددة الجنسية والتي تتناقض اهدافها وعلى المنظور البعيد مع اهداف ومتطلبات الجماهير الكادحة في بلدانهم .
ان مبدأ السير في طريق تحقيق " المصالح القومية " بابعادها الشوفينية الاسطورية التعصبية هي المعيار الوحيد للافكار والعقائد التي يحملها هؤلاء القادة ، وهي مبادئ على غاية من العنصرية ، تكشف الافلاس الاخلاقي والثقافي والسياسي لهولاء القادة ، وذلك من خلال ممارساتهم اليومية ، وعلى ضوء هذا الاستدلال فان القادة الشوفينيين في البوسنة ، كرواتيا ، اذربايجان ، صربيا ،كوسوفو وفي افريقيا لايهمهم التدخلات العسكرية الامريكية المنفلته من عقالها في بلدان مثل البوسنه ، الصومال كوسوفو والعراق في التسعينات ( 1990) ولم يقتصر التدخل محصورا في هذه البلدان فقط بل توسع ليشمل كل منطقة الشرق الاوسط ،البلقان ، القفقاس ، وافريقيا المركزية والمنطقة العربية ، حيث اصبحت المنطقة برمتها دون ما اي منازع تحت السيطرة الامريكية ، وكذلك العسكرة المتزايدة بغية تثبيت الشبكات الصناعية – العسكرية التابعة لكبار الراسماليين واحكام قبضتها على هذه المناطق من العالم .
لقد ادت الحركة المتسارعة لحركة الرأسمال العالمي ونفوذه ، الى تعميق الهوة بين قطبي الغنى والفقر ، والى اشاعة عدم الامن والاستقرار في تلك المناطق التي يتكون 85% من سكانها من الكادحين . ولا فرق اذا كان ثمن هكذا تحالفات تدمير العراق ، يوغسلافيا ، الكنغو، وقتل وتشريد الملايين من العرب ، الاكراد ، الاذريين ، الارمن ، الصرب والافارقة ، ليصل قادة هذه الدول الى " الحقوق القومية " ، الاانهم في الحقيقة ينشدون " حقوقهم البرجوازية " ليس الا . وبعبارة اخرى ، عندما يتحدث قادة المتعصبون الاذربايجانيون " قادة جبهة الشعب " وحيدرعلييف ،
و ارمينيا " الطاشناق " ، الكرواتيون والبوسنيون والالبان في مناطق البلقان وشوفيني الهوتو والتوتسي في افريقيا المركزية وبقية البلدان الافريقية ، عن حصولهم على " الحقوق القومية " لا يأخذون بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية و السياسية لمساواتهم القومية ومبدأ حق تقرير المصير ومبدا الاستقلال الاقتصادي والانفصال عن محور الرأسمال العالمي، وانما تنحصر اهدافهم ببساطة بالارتزاق ووضع احزابهم والمجموعات العاملة في دولهم في احضان السوق الرأسمالية الحرة "المباركة " و " المقدسة " .
ان مواصلة العمل من اجل تحقيق مثل هذه الاهداف الشوفينية الضيقة ، تتناقض عمليا واصل مبدأ حق تقرير المصير القومي لساير الشعوب الواقعة تحت الاضطهاد القومي ، ومن الطبيعي فانها لن يؤدي الى تقوية اواصر العلاقة وحسب ، وانما سيؤدي الى النزعات والحروب المناهضة لمصالح الجماهير الكادحة القاطنة في هذه البلدان ، ولعل ابرزنماذجها شاهدناه بوضوح خلا ل السنوات العشرة الماضية ، في كل من آذربايجان ، ارمينيا ، طاجكستان ، ازبكستان ، كرواتيا ، صربيا ، سلوفينا ، البوسنة و مقدونيا وفي راوندا ، بوروندي ، الصومال ، اثيوبيا وارتيريا وغيرها من البلدان . وان دراسة الاوضاع السياسية في هذه البلدان ، ترينا تصورات الافضلية القومية واللغوية والمعتقدات التعصبية والايدلوجية المشخصة و التاريخية للبرجوازية في هذه البلدان ، والتي تكمن جذورها في الاطماع الهادفة للسيطرة على اسواق هذه المناطق .
واننا سنختم بحثنا باختصار وعلى ضوء ماورد لنصل الى النتيجة التالية ، التالية ، وهي ان ايران بلد متعدد اللغات وموطن تاريخي لقوميات مختلفة ، وهذه القوميات في الوقت الذي لديها مايمييزها من الناحية الاثنية ( مثل اللغة ، الثقافة ،الارض ، والعادات والتقاليد ) الا ان هناك اوجه اشتراك ايضا تجمعهم على الصعيد الاعتباري والتاريخي – السياسي سهلت حياتهم المشتركة على امتداد التاريخ الايراني الحافل بالاحداث والوقائع الهامة ، ان هذه الشعوب سواءا الاكثرية منها اوالاقلية وسؤاءا اولئك الذين سكنوا ايران قبل 2000 عام و اولئك الذين سكنوا ايران قبل 1500 او 500 او 100 عاما الاخيرة يجب ان يتمتع جميعهم بحقوقهم المادية وامور القومية والثقافية ومن بينها حقهم في تقرير مصيرهم القومي واللغوي . انهت
الكاتب : البرفيسور يونس بارسابناب
المترجم : جابر احمد
الهوامش :
1 – سجل الاثنيات – القوميات الايرانية ( يبلغ سكان ايران حسب احصاء عام 1999 ما يقارب ال 70 مليونا )
الف : الآريون (63 ) وهم :
- الفرس ، الكرد ، البلوش ، المازندرانيون ، الكيلكيون ، اللر ، البختياريون ، الطالشيون ، الهزارة ، الافغان ( البشتون ) والطاجيك ، والتاتي والهرزن ، والخلخاليون وغيرهم .
ب : الاتراك 31% وهم :
- الآذريون ، التركمان ، القشقائيون ، الشاهسون ، التيموريون ، الافشاريون ، الجمشيديون ، القاجاريون ، والبيات وغيرهم .
ج : الساميون 5% وهم :
- العرب ، الآشوريون ، العبرانيون .
د :
الارمن (1%)
ه :
باكستانيون وهنود وروس وغيرهم (1%)
* يونس بارسا بناب من مواليد مدينة تبريز عام 1937 كان احد نشطاء الكنفدرالية العالمية لاتحاد الطلبة الايرانيين في الخارج ترأس في الفترة مابين عامي 1963 الى 1968 مجلة " درسات في التاريخ الاقتصاد السياسي في ايران " كما استلم رئاسة تحرير مجلة " الطاولة المستديرة " في الفترة الواقعة بين عام 1968 الى 1993 ، مؤلف كتاب " تاريخ الاحزاب والمنظمات السياسية في 100 عام " المجلد الاول ( من ثورة الدستور الى ثورة بهمن ) يعمل كبرفيسور في علم الاجتماع السياسي والتاريخ السياسي في جامعات الولايات المتحدة الامريكية ومقالته هذه نشرت بالفارسية في جريدة"شهروند" العدد921
**يقول الدكتور افشار : ان الخطر الذي يمكن ان يحدق بأيران ، هو اذا ما تأججت القومية العربية في خوزستان وعن طريق الحدود العراقية وبناءعلى ذلك اقترح على حكومة رضاخان الديكتورية خططا منها ، الغاء وتقليص اللغة العربية كلغة متكلم بها ، من قبل ابناء الشعب العربي الاهوازي ، اعادة التقسيمات الادارية للمقاطعة ، بحيث يمكن اخفاء المعالم العربية فيها وكذلك تهجير القبائل العربية الاهوازية ، الى مناطق اخرى من ايران " لمزيد من الاطلاع راجع دراسة المترجم "موجز الاوضاع السياسية في عربستان من العام 1925 الى 1980 "و المنشور على سايت مركز دراسات الاهواز
المترجم
www.ahwazstudies.com