حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $jumpsel - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Trying to access array offset on value of type null - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$forumjump_select - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined variable $avatar_width_height - Line: 2 - File: inc/functions_post.php(344) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(344) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 344 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumrcvtyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumptyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumtyls" - Line: 602 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 602 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "posttime" - Line: 33 - File: inc/functions_post.php(947) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(947) : eval()'d code 33 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 947 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval





{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من الحروب اللامتوازية إلى "الفوضى البناءة"
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
من الحروب اللامتوازية إلى "الفوضى البناءة"
اخترت لكم هذا المقال الذي أعجبني لمروان بشارة من صحيفة اللوموند ديبلوماتيك (النشرة العربية) لشهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
http://www.mondiploar.com/article670.html

(f)

مروان بشارة
من الحروب اللامتوازية إلى "الفوضى البناءة"

الالتباس في الفكر الاستراتيجي الأميركي

"نحن نرى مستقبلاً باهراً يبدأ بإرساء جذوره في الشرق الأوسط الكبير"، هكذا صرّح الرئيس الأمريكي جورج و. بوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. مع ذلك، فإنّ المراقبين والمحللين يضعون محصّلة أكثر من نقديّة على "الحرب العالمية ضد الإرهاب" التي أطلقتها الولايات المتحدة منذ خمسة أعوام. وواشنطن تظهر أكثر من عاجزة عن تفهّم الصراعات الجديدة في نوعيتها.


كان من المفترض بي أن أعطي محاضرةً في الجامعة الأميركية في باريس، بالذات في 12 أيلول/سبتمبر 2001، تحت عنوان "الحرب غير المتوازية asymmetric في حقبة العولمة". وجاءت الأحداث التي وقعت عشيّة هذا التاريخ في الولايات المتحدة، لتوفّر، بطبيعة الحال، دراسة حالة نموذجية: ألا وهي حالة تنظيم "القاعدة"، مجموعة خارجة عن نطاق الدول وفق نموذج SPIN، أي شبكة مجزّأة متعدّدة المراكز مرتبطة عبر شبكة عقائديّة (Segmented, Polycentric, Ideologically Network)، وفق تركيبة غامضة الملامح وأفقية، على غرار بعض مجموعات الدفاع عن البيئة والحركات النسائية، إنما أيضاً على شاكل المنظمات السرّية كالمافيا، وكارتيلات المخدّرات وسواها من شبكات التهريب الغير قانونية [1].

لكن منذ 11 أيلول/سبتمبر، أعادت واشنطن تعريف التهديدات والأعداء غير المتوازيين. فلم تعد تميّز سوى "منْ هم معنا" و"منْ هُم ضدنا"، بحسب مزاج ومصالح أصحاب القرار، دون أيّ رابطٍ كبير مع التهديدات الجديدة "الحقيقيّة". وقد شكّل تحويل حركات المقاومة التقليدية المُعادية للاستعمار والأنظمة العلمانية إلى أهدافٍ للحرب الشاملة ضدّ الإرهاب، على غرار "القاعدة" وغيرها من الشبكات الإجراميّة، أكثر من مجرّد خطأ: كان ذلك كارثة.

فخلال السنوات العشر الماضية، لقى حوالي أربعة ملايين شخص، غالبيّتهم من المدنيّين، حتفهم خلال حروبٍ إجرامية غير تقليدية، جاء تمويلها من تهريب الماس والمخدّرات أو الأسلحة. هذا ما خفّف قليلاً من حدّة التفاؤل الذي وُلِد مع نهاية الحرب الباردة. ففيما مضى، كانت غالبيّة الحروب ناتجة عن العداوة بين القوّتيْن العظمتيْن. ومن الآن فصاعداً، أصبح المخطّطون في البنتاغون يربطون الحروب الجديدة بالعولمة ويدرسون التهديدات التي تشكّلها بالنسبة لأمن الغرب.

فهم يحدّدون، بشكلٍ خاصّ، نوعيْن من التهديدات "غير المتوازية": من جهة حروب داخليّة، مرتبطة بشكلٍ أساسي بضعف أو تفكّك بعض الدول تحت ضغط العولمة؛ ومن جهةٍ أخرى تهديدات عابرة للدول، ليس مصدرها نظاماً آخر أو أرضاً أو ديناً، إنما مشهدٌ استراتيجيٌّ جديد أكثر عنفاً: "حروبٌ إجراميّة صغيرة"، تخلّفٌ وتحوّلات ديموغرافيّة.

ويُعتبَر عامّةً أنّ التهديدات العالميّة غير المتوازية، من نوع "القاعدة"، تنتج عن تمرّد الشعوب التي زعزعتها العولمة. إذ من الدول المتداعية كالصومال، وصولاً إلى بؤَر البؤس الموجودة في الدول الأكثر ثراءً، هناك ثورةٌ على المراكز التي تحكم العالم. ويلجأ هذا التمرد، وقد ألهبه الظلم الذي تولّده السيطرة النيوليبيرالية، إلى استخدام تقنيّات الاتصالات الحديثة، التي تُقرِّب المتمرّدين في كافّة الدول من بعضهم البعض.

وليس هنالك رابطٌ كبير بين كلّ ذلك وحركات مثل حماس وفتح وحزب الله، أو سواها من حركات المقاومة الوطنيّة كتلك الموجود في العراق. ولكن إدارة جورج و. بوش قد اعتبرت كافّة هذه المجموعات شيطانيّة، فربطتْها بتنظيم "القاعدة" واعتبرتْها متمحورة حول "الفاشيّة الإسلامية"، بدل إدخالها في سياقاتٍ سياسيّة تساعدها على تحرير أراضيها، الأمر الذي كان سيساهم في الحرب على "القاعدة". وإذا ما قامت هذه الحركات بحروب عصاباتٍ في المدن ضعيفة الشدّة، فهذا لا يجعلها تنتمي - حتى ولو كانت تلجأ أحياناً إلى الإرهاب- إلى الخطر غير المتوازي العالمي نفسه. فهي تعتمد، خلافاً لـ"الجهاد ضدّ الصليبيّين واليهود"، على قاعدة شعبية وتُعلِن عن أهدافٍ محقّة محدّدة جغرافياًً؛ كما تعلن عن استعدادها للقيام بتسويات سياسيّة.

وإذا كانت الولايات المتحدة لم تتعرّض (بعد) لاعتداءٍ جديد، فالاعتداءات التي خضّت مدينتي مدريد ولندن قد نُفّذت من قبل مسلمين غربيّين. هؤلاء استقوا وحيهم من برنامج "القاعدة"، إنّما أيضاً من صور الحرب الآتية من العراق وفلسطين - هذا بالضبط تعريف الاعتداءات العالميّة ذات الطابع الشامل و"غير المتوازي".

ويستفيد تنظيم "القاعدة"، وغيره من المجموعات، من الحرب التي أُطلقت للقضاء عليهم منذ خمسة أعوام. إذ تكمن قوّتهم في قدرتهم على تأمين دعم ومؤازرة مسلمين مظلومين ومُستائين، الذين يشعرون بأنهم مُستهدَفون من "الحرب العالميّة على الإرهاب" التي تقودها واشنطن وحلفاؤها في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان. وتظهر المفارقة بشكلٍ لافت بين حذاقة هذه الأعمال غير المتوازية الذي لا يمكن التكهّن بها، وبين الاستخدام المفرط للقوّة من قبل الولايات المتحدة خلال تلك الحروب الإقليميّة التي خاضتها، المتوَقَّعة بقدر ما هي فاشلة.

وقد اعتبر بعض الكتّاب الأخلاقيّين الحرب الأولى على "إرهاب يوم الساعة" - في أفغانستان- بأنها "أول حرب عادلة" للولايات المتحدة. فقد تمّ شنُّها بوسائلٍ وأهدافٍ محدودة. لكنّ الظلم الذي يترتّب عن استخدام "وسائلاً تعسّفية وعن اعتماد أهداف مفرِطة [2]" سرعان ما عرّضها للفشل. فقد لطّخ الاستخدام المفرِط للقوّة، مقارنةً مع الأهداف المُعلَنة، شرعيّة الحرب وأعاد تأجيج لهيب النضال الإسلامي وبرّر الدعوات إلى الجهاد المقدّس. وكانت طائرات الـF-16 وصواريخ التوماهوك تغزو السماوات، لكن "على الأرض، كان الحكم لرشّاشات الكلاشنيكوف [3]". وكان بإمكان الولايات المتحدة التخلّص من تنظيم القاعدة، من خلال ضرباتٍ محدّدة تستهدف مخطّطي ومنفّذي اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، دون أن يؤدّي ذلك إلى فقدانها مؤازرة الشعب الأفغاني بأكمله، والذي كان قد أصبح غير عابئٍ، لا بل حتى مُعادٍ لـ"الأفغان العرب".

وليس من باب الصدفة إذاً أن تعود حركة طالبان بعد خمسة أعوام، أكثر تصلّباً من أيّ وقتٍ مضى. وهكذا ففي خطابٍ ألقاه في 12 أيلول/سبتمبر 2006، شدّد الرئيس الباكستاني برويز مشرّف على خطر "انتشارٍ جديدٍ لحركة طالبان"، ما يشكّل تهديداً استراتيجياً لكلٍّ من أفغانستان وباكستان. فتوسّع هذا النوع من الأصوليّة الدينيّة العنيفة، هو أكثر خطورةً بكثير من التركيبة المتشعّبة لتنظيم "القاعدة"، ويجب محاربته أولاً، بحسب تقديره، بوسائلٍ سياسيّة [4].

تكذيبٌ صارخٌ للعسكريين
فمنذ أن بدأت الحرب، خارج كابول، لم يتمّ إحراز أيّ تقدمٍ، ولا زال الشعب يعاني من الحرب والحرمان. واستمرّت الفوضى وعاد تهريب المخدّرات (يشكّل أكثر من 90 بالمئة من الموارد العالميّة للأفيون)؛ أمّا زعماء القبائل وأمراء الحرب والإسلاميين فقد فرضوا سلطتهم على باقي أنحاء البلاد. وهكذا بعد خمسة أعوامٍ على سقوطهم، عاد قادة حركة طالبان يضايقون قوات حلف شمال الأطلسي ويكبّدونهم المزيد والمزيد من الخسائر - لدرجة أنّه تمّ طلب تعزيزات لهذه القوّات في أيلول/سبتمبر الماضي. وبالرّغم من وجود 20000 جنديّ أميركيّ، تمّ قتل حوالي 2000 شخص منذ بداية العام، منهم نوّابٌ وشخصيّاتٌ دينيّة ورؤساء بلديات إلخ...

وبحسب وسائل الإعلام، ما زالت "60% من البلاد محرومة من الكهرباء، و80% من الشعب لا تصله مياه الشفة. وقد خلق غياب شرطة موثوقة (...) فراغاً تملؤه تشكيلةٌ من القوى المُعادية للحكومة: الإسلاميّون في الجنوب، أسياد حرب الثمانينات في الغرب، مهرّبو المخدّرات في الشمال. وفي غضون ذلك، أوقفت المعارك بين قوى التحالف وحركة طالبان، مشاريع إعادة الإعمار الجديدة وخفّفت من فعاليّة تلك التي تمّ إنجازها. وتمّ فقط توزيع نصف كمّية المساعدات التي وُعٍدت بها البلاد في العام 2001، والطريق التي تصل كابول بقندهار - وقد شكّل إعادة إعمارها أكبر إنجازٍ للولايات المتحدة حتى الآن- أضحت غير صالحة للاستخدام اليوم بسبب حدّة العنف الذي يحوفها [5]".

تلك هي نتيجة عجز الولايات المتحدة عن التركيز على جهود إعادة الإعمار، دون أن نتحدّث حتى عن "خطّة مارشال" المُصغّرة التي وُعِدَ بها هذا البلد الذي حوّلته بوقاحة وصلافة كلٌّ من واشنطن وموسكو إلى ساحة قتالٍ في الحرب الباردة. وبعد سنة من شنّها، أصبحت عمليّة "الحرّية المُستدامة" "حرباً منسيّة" لم تعد توليها وسائل الإعلام الأميركيّة أيّ أهمّية، بعد أن تورّطت واشنطن في حربٍ أوسع وأكثر صلافةً.

في العراق، الجبهة الثانية لـ"الحرب العالميّة على الإرهاب"، لا يبدو في الأفق كيف سينتهي الاحتلال بعد أن دخل سنته الرابعة. فقد خيّب تصاعد العنف، هذا الصيف، التفاؤل الذي أعقب موت "أبو مصعب الزرقاوي" ،القائد المحلّي لتنظيم القاعدة: ولكن بحسب قول ريتشارد تشيني، نائب الرئيس الأمريكي، فإن "المقاومة تُنازِع". وفي المقابل، في تقريرٍ أخيرٍ له، كتب رئيس الأجهزة السرّية التابعة لقوات المارينز في العراق: أنّ "القوات العسكريّة للولايات المتحدة لا تستطيع القيام بأيّ شيءٍ فعليّاً من أجل تحسين الوضع السياسي والاجتماعي". والخسائر التي تكبّدتها الولايات المتحدة هناك قد قاربتْ في عدد ضحاياها.... اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر [6].

ويؤدّي العنف، بتعدّد أشكاله، إلى استقطاب العراق بين الشيعة والسنّة، والرفع من حدّة الاستبداد الذي يمارسه النظام الجديد ويغذّي، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، التصعيد ضدّ قوى الإحتلال. وقد أحصى المعهد الطبّي الشرعي في بغداد أكثر من 1500 جثّة عراقية في شهر حزيران/يونيو 2006 وحده، ثم كسر شهر تموز كافّة الأرقام القياسيّة بتسجيله 1855 قتيلاً. أما شهر آب فأسفر عن 1526 ضحيّةً، بالرغم من إنتشار 8000 جندي أميركي و3000 آخرين في العاصمة. وشكّل هذا التصاعد تكذيباً لاذعاً للعسكريّين الذين كانوا قد تفاخروا بانخفاضٍ بنسبة 52% في عدد الضحايا. ومن الآن فصاعداً، أصبح وزير الصحّة هو المكلَّف بإحصاء عدد الجثث، بعد أن "أُحيل المسؤولون في المعهد الطبّي الشرعيّ الذين نشروا هذه الأرقام إلى التقاعد [7]"!.

بعد أكثر من ثلاثة أعوامٍ على الحرب، هنالك احتمالٌ بين إثنيْن: إمّا أن يسوء الوضع، كما هو متوقَّعٌ، و"تغرق البلاد في الفوضى"، الأمر الذي تنبّأ به رئيس مجلس النوّاب محمود المشهداني؛ وإمّا ينجو العراق، بمعجزةٍ ما، من التدهور الحاليّ، لكنّ الورطة ستحوّل عمليّة "الحرّية للعراق" إلى حربٍ خاسرة. وفي كلا الحالتيْن، سيؤدّي تضاعف عدد مجموعات المتمرّدين والخلايا المقاوِمة، إنما أيضاً سرايا الموت والعصابات الإجراميّة والمجموعات الصغيرة من شبه العسكريّين، إلى تعقيد الانتفاضة المضادّة بشكلٍ كبير وكذلك أعمال إعادة الإعمار، هاتان الركيزتان المنوط بهما أيّ شكلٍ من أشكال النجاح.

الوضع معقّدٌ لدرجة أنّ بقاء الولايات المتحدة في العراق من جهة سيزداد خطورةً عليها، ومن جهةٍ أخرى لم يعُد من الواقعيّ الإعلان عن إنتصارها في المعركة في حين تركت البلاد تغوص في حربٍ أهليّة. وفي كلا الفرضيّتيْن، يطرح الأمر مشاكل ضخمة لمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية وقدرتها المتبخّرة على الردع في هذه المنطقة. فلقد جعل الفشل العراقيّ أعداءها أكثر قوّةً، وخاصّةً إيران برئاسة محمود أحمدي نجاد، كما أساء إلى أمنها الخاص. وليس من المٌستغرَب إذاً أنّ ثلاثة أميركيّين من أصل خمسة باتوا يعتبرون أنّ الحرب في العراق قد زادت من احتمال حصول اعتداءٍ إرهابيٍّ جديدٍ يستهدف أراضيهم.

الأمر ذاته بالنسبة للصومال التي باتت تشهد إنتشاراً للنموذج الطالباني منذ أن بسطت المحاكم الإسلامية سيطرتها، بعد انتصارها في موغاديشو على رؤساء القبائل الذين جنّدتهم القوات الأميركية في إثيوبيا وجيبوتي، وبعد توسّعها في مناطقٍ مختلفة. وتساهم المعارك في هذا البلد في زعزعة وضع القرن الأفريقي بكامله، على حساب مصالح واشنطن. ويُعتقَد أنّ هذه المنطقة كانت قد أوَتْ سابقاً مراكز التجنيد والتدريب، حيث تمّ تحضير اعتداءات حزيران/يونيو 1998 التي استهدفتْ السفارتيْن الأميركيتيْن في نيروبي ودار السّلام، ما أدّى إلى مقتل 225 شخصاً. وبحسب مجموعة الأزمات الدولية، يهدد الإنعدام الحالي للإستقرار "بالتوسّع ليشمل قسماً كبيراً من الجنوب، الأمر الذي سيؤدّي إلى زعزعة الوضع في أقاليمٍ مستقلّة مسالمة كأرض الصومال وأرض البونت، وربّما تنفيذ إعتداءات إرهابية على دولٍ مجاورة [8]".

وكذلك الأمر بالنسبة للحروب غير المتوازية التي تقودها إسرائيل في كلٍّ من فلسطين ولبنان (وكان الرئيس جورج بوش قد اعتبر أنّ بلاد الأرز تشكّل واحدةً من "الجبهات الثلاث للحرب العالميّة على الإرهاب [9]"). فقد أدّت هذه الحروب إلى مآزقٍ إستراتيجية، بعد التدميرات الهائلة وموت آلاف الفلسطينيّين واللبنانيّين والإسرائيليّين. فبالرغم من الدعم الديبلوماسي واللّوجيستي والاستراتيجي للولايات المتحدة لحرب إسرائيل على غزّة، وحثّها إيّاها على توسيع الحرب الى لبنان، ضخّمت هذه المغامرات من شعبيّة حركة حماس وعزّزت تأثير حزب الله على بلاد الأرز. ما أدّى إلى إضعاف قدرة الردع الإستراتيجية لإسرائيل، لدرجة أنها في حالٍ وضعت مشروع "الإنسحاب الأحادي" من الأراضي المحتلّة قيد التنفيذ، فإنها قد تشهد تشكيل مقاومة وفق نموذج حزب الله فيها [10].

إذاً اتضّح حتّى الآن بأنّ الحروب غير المتوازية قد كانت أكثر بكثير في مصلحة أعداء الولايات المتحدة من الحروب التقليدية، فهي نادراً ما تنتهي برفع علمٍ أبيض وبتمييزٍ واضحٍ بين خاسرين ومنتصرين. فحركات المقاومة لا تستطيع حقيقةً الإدّعاء بتحقيقها إنتصاراً كاملاً في حين تعرّض بلدها للقصف والاحتلال والتدمير - كما لا يستطيع أخصامها الإدّعاء ببلوغ أهدافهم. فالطرفان قد خسروا، لكنْ بإمكان الأضعف أن يدّعي أنّه حقّق انتصاراً استراتيجياً لمجرّد أنّ الأقوى لم يتمكن من فرض إرادته.

ومع ذلك، فالتقرير الذي نشره البيت الأبيض في أيلول/سبتمبر 2005، بعنوان "الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب"، لا يتناول سوى "الإنتصارات" و"التحدّيات" التي تمّت مواجهتها في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى؛ ولا يأتي أبداً على ذكر الهزائم. ولكن جُلّ ما ولّدته قدرة واشنطن على الاستمرار بـ"الفشل بنجاح" هو تصعيد الجدل ورهانات الحرب: إذ أنّها قلّلَت من إمكانيّة وضع حدٍّ لهذا التسابق نحو الهاوية.

إنّ التوسّع المستمرّ للحرب خطيرٌ، إلاّ في حال أخذْنا الكلمة بمعناها المجازيّ - كما حين يُقال أنّ "محاربة" الإجرام أو الفقر لا يُفترَض أن تؤدي إلى حلٍّ نهائي-، فـ"الحرب الدائمة من أجل سلامٍ دائم"، التي تحمل تناقضاًً في مفهومها، لا يمكن أن تؤدّي، على المستوى الإنساني، سوى إلى الموت. وهكذا فلقد دخلْنا في نطاق إستراتيجيّةٍ ماورائيّة ضدّ الشرّ المُطلق وفق برنامج بنّاءٍ... للتدمير.

وفق هذا المنظار، حقّقت واشنطن "نجاحاً" استراتيجياً عبر زرع "الفوضى البنّاءة" في المنطقة، من خلال تأليب الأنظمة والمجموعات والأعراق المتنافسة على بعضها. فالإرادة الصلفة الدنيئة بـ"نقل الحرب عند العدوّ" تقتصر في الواقع على مبدأ "دمّرْ وفرّقْ تسُدْ". هكذا، تأتي الحرب الأهليّة العراقيّة نتيجة الضغط الذي يمارسه المحتلّ، في حين تمزّق الحروب الداخليّة الصومال. وفي لبنان، تزداد حدّة التوتر بين حزب الله الذي تدعمه إيران والمدافعين عن السياسة الأميركيّة، بعد أن دمّرت إسرائيل جزءاً كبيراً من البُنى التحتية ودفعت بثلث الشعب إلى النزوح وقتلتْ أكثر من 1200 مدنيّ، دون أن تتوصّل إلى تحقيق أهداف الحرب التي خاضتْها.

في غضون ذلك، يستمرّ الحصار على الأراضي المحتلّة مع دعم الولايات المتحدة، الأمر الذي يعزّز موقع الإسلاميّين في حماس في وجه "المُعتدلين العلمانيّين" في حركة فتح ويدفع، كما في العراق، إلى إلغاء مركزيّة السلطة التي تتنازع عليها ميليشياتهما المحلّية.

من الدبّ القوي إلى الثعالب الخطرة
تُضعف النزاعات والحروب الحكومات المركزيّة، من خلال تقويض سيادة الدول وفتح الطريق أمام أطرافٍ جديدة أكثر فعاليّةً. والدولة التي لم تعد قادرة على حماية مواطنيها تخسر كلّ شرعيّتها: لذا إنّ إستبدال حكومات الشرق الأوسط - مهما كانت قمعيّة- بفعّالياتٍ داخل أو فوق نطاق الدول لإدارة الأمن، يؤدّي حتماً إلى كارثة. فالدولة يُمكن إصلاحها. أمّا حكم تلك الفعّاليات فسيؤدّي - بحسب صيغة آلان جوكس- إلى امتداد "إمبراطوريّة الفوضى"، من الصومال إلى أفغانستان، وصولاً حتى إلى أحزمة البؤس في العواصم الغربيّة.

فلنُسلّمْ بأنّ مخرج هذه الحرب يحدّده السؤال الذي يطرحه السيّد دونالد رامسفيلد: "هل نقتل أو نقبض على جهاديين بصورةٍ أسرع مّما يولد منهم؟". ويتّفق غالبيّة المراقبين على جواب وزيرٍ سابقٍ للبحريّة، السيّد جون لومان، أيْ "كلاّ مفخَّمَة" [11]. فبعد خمسة أعوامٍ وخمس حروبٍ وخمسة مليارات دولار، ساهمت حرب واشنطن العالميّة على الإرهاب في تقوية أعدائها الأصوليّين وإضعاف زبائنها "المُعتدلين". هذا ما يعترف به حتّى المحافظون الأمريكيون. لقد تصرّفت إدارة بوش على غرار رجل الإطفاء الشاعل للحرائق: لقد طبّقت استراتيجيّات وقائيّة متعدّدة الأطراف وإجراءات خاصّة للاستخبارات لكي تحمي نفسها من الإعتداءات الإرهابيّة. ولكنّها في الحقيقة، قد ضاعفت ، كما رأينا، التهديدات التي بلغت ذروتها في الإعتداءات التي استهدفت نيويورك وواشنطن [12].

وخلافاً للاستنتاجات التي أتى بها التقرير المذكور أعلاه، الذي يعطي تبريراً ذاتياً للحرب، تلطّخت "النجاحات" التي حقّقتها العمليّات العسكريّة الأميركيّة على الأرض بفعل الهزائم الاستراتيجيّة، ما حوّل وعودهم بالنصر إلى أوهام. فمن أفغانستان حتى الصومال والمجتمعات الاسلاميّة في العالم أجمع، تضخّمت التهديدات "غير المتوازية" التي تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها. ويزداد عجز القوّة العظمى العالميّة الوحيدة في التحكّم بمشروعها المدمّر.

ها نحن بعيدون كلّ البعد عمّا كان الوضع عليه قبل 11 أيلول/سبتمبر. فحتّى ولو لم تذرِف شعوب الشرق الأوسط دموعاً على البرجيْن التوأميْن، فهي لم تبكِ أيضاً سقوط حركة طالبان وتنظيم "القاعدة". وبالرغم من الاعتداءات على العراق وتلك التي نفّذتها إسرائيل على فلسطين، استفادت الولايات المتحدة من تعاونٍ واسعٍ في حربها على الإرهاب من قبل الأنظمة العربيّة. كما اعتمد هؤلاء، في العام 2002، مبادرة طموحة لتحقيق السلام من أجل وضع حدٍّ للصراع مع إسرائيل، على أمل أن تعتمد واشنطن سياسةً تهدئة. لكنْ دون جدوى: فلقد فضّلت إدارة بوش الإنتقام على الإعمار. وأتت بهذه الإستراتيجية لتقوم مقام إستراتيجيّة الحصار السابقة التي اعتمدت ضد الاتحاد السوفياتي. وهكذا تختصر إحدى الإعلانات الانتخابيّة الجمهوريّة الوضع كالتالي: يمكن استبدال دبٍّ واحدٍ قويّ بعدّة ثعالب خطيرة ومخيفة (!).

وتثابر إدارة بوش، بشكلٍ خاصّ، في عمليّاتها الجديدة على نشر قوّاتها عبر العالم. وخلال جولة أوروبيّة له في العام 2004، صدم نائب وزيرة الخارجيّة مارك غروسمان حلفاءه في حلف شمال الأطلسي بتوسّع عمليّات إعادة الإنتشار المُرتقَبة للقوات الأميركيّة المُتمركزة حالياً في أوروبا، باتجاه آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. حتى أنّ البعض رأى في ذلك بوادر حربٍ عالميّة جديدة. ويطال هذا الإنتشار فرقاً صغيرة متنقّلة من القوى الخاصّة، أولاً في وسط وجنوب آسيا، ثمّ في إفريقيا وبلاد البحر المتوسط. لم يُؤتَ على ذكر أميركا اللاتينية الخاضعة أصلاً للنفوذ الأميركي. أخيراً، قد يكون هنالك انتشار لعددٍ من الفرق في بعض دول القارّة العجوز [13].

كانت الولايات المتحدة مُحقّة بتحسّبها لتهديدات غير متوازية قبل 11 أيلول/سبتمبر، لكن منذ ذلك الحين، أخذتْ توصي بحلولٍ سيّئة. فإذا كانت أوروبا أساءت تقدير التحدّيات الجديدة، غير أنها عادت لتقترح مقاربةً أفضل بكثير للتهديدات، ترتكز على جهود متعدّدة الأطراف وعلى إدارة أكثر عدالةً global governance وحساسيّةً تعكس توجّهها الخاصّ نحو مشروعٍ إقليميٍّ سلميّ يفضّل اللّجوء إلى الدبلوماسيّة.

إنّ ابتذال العنف والتعوّد على صوره، في ظلّ حروب "الشرق الأوسط الكبير" التي لا تنتهي، ذا تأثيرٍ قويّ على المجتمعات العربيّة المُسلمة في الغرب، الأمر الذي يهدّد بامتداد خطوط الشرخ من ضواحي بغداد والقاهرة إلى ضواحي المدن الغربية الكبيرة.

فواشنطن تغرق في رّمال "الشرق الأوسط الكبير" المتحرّكة في كلّ خطوةٍ تقوم بها، لأنّ إدارة بوش ترفض أن تتعلّم درسيْن حول الحرب غير المتوازية في هذه المنطقة. أوّلاً، لقد برهن 11 أيلول/سبتمبر أنّه، في زمن العولمة، لا يمكن للعنف والأصوليّة التي تغذّيها الحروب الإجراميّة والإحتلالات غير الشرعيّة وشعارات بعض الدول، سوى تخطّي الحدود الوطنيّة والإقليميّة لتعريض العالم الغربيّ للخطر في عقر داره، بفضل التسهيلات التي تؤمّنها النقليّات الحديثة والبثّ المباشر عبر الأقمار الاصطناعيّة لصور الحرب والخطابات الناريّة التي تشكّل جميعها تحريضاً وحثّاً على المواجهة.

ومع ذلك، لم تتركّز جهود الغربيّين على إجراءات لتحقيق المصالحة وردّ الاعتبارات، كمثل إعادة إعمار أفغانستان أو حلّ المسألة الفلسطينية التي تشكّل المصدر الأساسي الأول لمشاعر العداء لأميركا. فقد فضّلت إدارة بوش، بدفعٍ من الشركات الكبيرة التي تُعنى بالنفط أو الصناعات العسكرية، نشر قواتها: وقد اجتاحت العراق واحتياطاته الخياليّة من النفط، ودعمت العدوان الاسرائيلي الأخير في فلسطين، وساهمت بصورة أشمل بزعزعة الاستقرار في المنطقة.

فلننتقلْ إلى الدرس الثاني الذي علّمنا إيّاه القرن العشرون: إذ لم يتمكّن أحد من التغلّب على أيّة عصابة من المتمرّدين أو حركة انتفاضيّة، ضمن إطار حربٍ ذات وتيرةٍ خفيفة، فوق أرضٍ أجنبيّة. وتشهد على ذلك تجارب السوفيات في أفغانستان والفرنسيّين في الجزائر. فعلى الولايات المتحدة أن تدرك، من خلال قصّتها الخاصّة في فيتنام، وبالرغم من إمتلاكها السلاح الأكثر تطوّراً والأكثر تدميراً، أنّ معنويات فرقها ستظلّ أقل تحفّزاً بكثير من أخصامها، وستبقى أكثر عطوبةً، وبالتالي أكثر عرضةً كي تنكسر.

ضمن إطار حربٍ يُنظر إليها كمواجهةٍ بين حملة صليبيّة مغروضة وجهادٍ نزيه، يسعى الجنود الأميركيّون والإسرائيليّون والبريطانيّون، المُدرَّبون والمجهّزون والمتقاضون أجوراً عالية، بشكلٍ أساسيٍّ للبقاء على قيد الحياة في حربٍ غالباً ما يعتبرونها دون أهمية. أمّا أخصامهم، فهم متطوّعون مجاهدون، يمتلكون تجهيزاتٍ متواضعة، لكنّهم مستعدّون للتضحية بحياتهم في مواجهةٍ يعتبرونها ضروريّة. وفي حين تبكي الولايات المتحدة ضحاياها، تحتفل المجموعات المقاومة بمن سقط من صفوفها.

وفي كلٍّ من الحروب الخمسة المذكورة، وفي خضم الصراع غير المتوازي، أدّت تجزئة مجموعات الثوّار والمتمرّدين والمقاومة إلى تفاقم الصعوبات التي تعترض الولايات المتحدة. ويساهم في ذلك ارتفاع مشاعر العداء لأميركا في الأراضي التي تعرّضت للتدمير. يجب أن يكون الهدف من وراء أيّ حربٍ هو الوصول إلى سلام؛ وهذا لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال مفاوضات سياسيّة. لكنّ هذه الأخيرة تزداد جدليّةً كون الولايات المتحدة تفتقر لأهدافٍ منطقيّة ومحدّدة. ممّا يزيد من تعقيد "المشهد الاستراتيجي"، حيث هناك أعداء كثيرون لواشنطن لا يتواجدون على أراضٍ محدّدة، لكنّهم مزوّدون بمشروعٍ سياسيّ محدّد جيّداً.

ذاك ما يُجنّب طرح السؤال الأساسي: فأيّة إستراتيجيّة تؤدي إليها حقّاً الحرب على الإرهاب؟ في الولايات المتحدة، تجهد وسائل الإعلام والكونغرس في الجواب عن ذلك، بعد مجموعةٍ من الإخفاقات التي تكبّدتها في مشروعها للـ"شرق الأوسط الكبير". فهل أخطأتْ حكومة بوش؟ هل ضلّتْ في حروبها في الشرق الأوسط ( من قضيّة أسلحة الدمار الشامل إلى الأزهار التي رشقها الشعب العراقيّ المتحرِّر على الجنود الأميريكيّين)، أو أنّها خادعتْ عمداً شعب الولايات المتحدة بسياسةٍ خاطئة متعمّدة لخدمة أهدافٍ محدّدة؟

تبدو فرضيّة المُخادعة قابلة أكثر للتصديق من نظريّة سوء الفهم. وللإقتناع بذلك، يكفي مراقبة كيف أخذ الرئيس بوش، خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة لـ 11 أيلول/سبتمبر، يدمج بين كافّة أعداء الولايات المتحدة، مُعتبراً إيّاهم "خطراً إرهابيّاً"، ليخلص بسهولة كي يَعِدَ بـ"الفوز بمساعدة اللّه في أكبر صراعٍ أيديولوجيّ في القرن الواحد والعشرين".

فكيف يمكن التوفيق بين تحليقات خطابيّة كهذه وبين الفضائح المذهلة التي سلبت حربه شرعيّتها حتى قبل البدء بها، في الوقت الذي تتحوّل فيه الصورة التي تنجلي لفترة ما بعد الحرب إلى كابوس؟





* أستاذٌ مشارك في الجامعة الأميركية في باريس، من مؤلّفاته: Palestine/Israel: la paix ou l’apartheid, La Decouverte, Paris, 2002.





[1] إقرأ : زمن الحروب اللامتساوقة، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تشرين الأول/أكتوبر 2001، http://www.mondiploar.com/oct01/articles/bichara.htm إقرأ أيضاً ملف لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، ملف خاص عن خمس سنوات من "الحرب على الإرهاب"، أيلول/سبتمبر 2006 http://www.mondiploar.com/rubrique100.html

[2] Richard Falk, The Nation, New York, 29 octobre 2001.

[3] Michael Howard, The Invention of Peace and the Reinvention of War, Profile, Londres, 2001, p. 102.

[4] شدّد الرئيس الباكستاني على المسؤولية الجغرافيّة-السياسيّة لباكستان والغرب وخصوصاً الولايات المتحدة، في صعود الأصوليّة الدينيّة في أفغانستان، كونها جلبت اليها 30000 مجاهداً من العالم أجمع خلال الثمانينات قبل التخلّي عنهم في نهاية الحرب.

[5] Time, New York, 18 septembre, 2006

[6] Washington Post, 11 septembre 2006.

[7] Mark Brunswick et Zaineb Obeid, Miami Herald, 9 septembre 2006, Los Angeles Times, 10 septembre 2006.

[8] ICG, “ Can the Somali Crisis Be Contained ? ”, Africa Report, Bruxelles, n° 116, 10 août 2006 :www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4333&l=1

[9] Le Monde, 16 août 2006.

[10] Robert Malley, New York Review of Books, 21 septembre 2006.

[11] Los Angeles Times, 21 août, 2006.

[12] “ The Cost of Iraq, Afghanistan, and Other Global War on Terror Operations since 9/11 ”, Congressional Research Service, 14 juin 2006.

[13] Foreign Affairs, New York, septembre-octobre 2006.

10-20-2006, 07:51 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  مستنقع الطائفية: الغرق جميعاً ام النجاة جميعاً....خالد الحروب * بسام الخوري 0 414 11-17-2013, 01:20 PM
آخر رد: بسام الخوري
  "مرگ بر امريكا": هل يقولها موالو النظام بلغة "الفوضى الغبية"؟ SH4EVER 5 1,869 07-13-2011, 08:51 AM
آخر رد: طريف سردست
  مَنْ يدفع مصر إلى الفوضى؟ الحوت الأبيض 0 696 05-10-2011, 07:21 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 2,719 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  هل هى الفوضى الخلاقه؟ عاشق الكلمه 16 5,298 02-27-2011, 05:59 AM
آخر رد: ATmaCA

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS