{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
وقفة مع المهلهل
الختيار غير متصل
من أحافير المنتدى
*****

المشاركات: 1,225
الانضمام: Jun 2001
مشاركة: #1
وقفة مع المهلهل
تحياتي للجميع

قبل ايام قرأت ديوان المهلهل ، و قد استوقفتني الكثير من الأبيات التي وجدت فيها براعة و بلاغة و صور شعرية مدهشة ، لذلك رغبت في مشاركتم بها .

قبل أن أدخل مباشرة في شعر المهلهل ، لا بأس من تعريف سريع به .

هو امريء القيس بن ربيعة من تغلب (غير امريء القيس صاحب المعلقة) ، أخو كليب زعيم تغلب في زمنه ، و الذي أشعل فتيل حرب دامت 40 سنة بين التغالبة و البكريين ، ابتدأت بمقتل كليب التغلبي على يد جساس بن مرة البكري ، و الذي صهر كليب أيضاً ، و انتهت بموت المهلهل أخي كليب .

و هو خال امريء القيس صاحب المعلقة ، و جد عمرو بن كلثوم صاحب المعلقة الأخرى ، و توفي تقريبا في 525 م ، أي قبل الدعوة المحمدية بـ 85 سنة ، أو حوالي 98 ق.هـ

المهلهل هو لقب لشاعرنا ، و لُقّب أيضاً بالزير ، و ذلك لأنه كان كثير الزيارة للنساء ، و الذي لقّبه بذلك هو أخوه كليب ، و الزير سالم هو لقب أطلقه عليه القَصّ الشعبي الذي حاك ملحمته بكثير من الخيال خلال العصر المملوكي ، بهدف التشويق و الإثارة .

اختلف المؤرخون في اسم المهلهل و سبب تلقيبه بهذا اللقب ، و أشهر الأسباب أنه "هلهل الشعر" أي "أَرَقَهُ" ، أي جعله رقيقاً ، و هو فعلاً كذلك ، فيدهشك كم هو سلس هذا الشعر و رقيق في أغلب مواقعه ، و مع اختلافهم في سبب جعله المهلهل فقد اتفقوا أن كنيته هي "أبو ليلى" .

و السبب الرئيس في شهرة المهلهل هو شعره في الحماسة و مراثيه لأخيه كليب ، و لولاً حرب البسوس و ما حدث فيها من إراقة للدماء لربما ما عرفنا شيء عن المهلهل ، لأن شعره ما قبل قتل كليب يكاد يكون معدوماً ، فلا نجد له شيئاً يُذكر في الغزل أو النسيب كغيره من الشعراء الجاهليين (مع التحفظ على وصفهم بالجاهليين و عصرهم بالجاهلي) .

و قصة حرب البسوس مشهورة ، و لا بأس من التذكير بها في هذا المقام . يقال أن البسوس هي خالة جساس البكري كان لها ناقة ، و أخذت هذه الناقة ترعى في مراعي كليب التغلبي ، فقلم كليب بضرب ضرعها فقتلها ، فصاحت البسوس "وا ذلاه ! وا جاراه ! " ، مما دفع الحميّة في قلب جساس ليثأر من كليب ، فكان أن كمن جساس و ابن عمه عمرو بن الحارث لكليب و قتلاه غدراً ، و عندما سمع بهذا الأمر المهلهل ، حمل على بكرٍ و من والاها من القبائل تقتيلاً و تذبيحاً بحرب لا هوادة فيها دامت أربعين عاماً كما يقول المؤرخون ، أربعين عاماً كاد أن يفني فيها المهلهل قبيلة بكرٍ جميعها ، و كل هذا خلّده فيما تركه لنا من قصائد تصور معاركه و حروبه .

طبعاً هناك بعض الاختلافات في هذه الأخبار ، و هناك من ينكرها جميعها كطه حسين ، و لكن هذا لا يعنينا هنا ، فنحن سنتكلم عن جمال اللغة و الصور الشعرية عند المهلهل ، فسواء كان هو صاحبها أم غيره فهذا لن يغير من جمالها شيئاً .

الآن سأقتبس بعض الأبيات التي قالها المهلهل ، و التي استوقفتني لسبب أبينه في حينه ، و من شاء قراءة الديوان كاملاً ، فعليه بكتاب "شرح ديوان المهلهل - شرح و تحقيق محمد علي أسعد - دار الفكر العربي - الطبعة الأولى" و الذي اعتمدته في هذا الموضوع .

ملاحظة : رغم أن ما أقوم به هو شيء متعلق بالأدب ، إلا أنك قد تجد لي ملاحظة هنا أو هناك لها علاقة بأفكاري اللادينية .
فالطبع يغلب التطبع يا عزيزي القاريء .

سأجعل الأبيات مرتبة حسب مواضيعها لا حسب ذكرها في الديوان ، و التي هي مرتبة حسب القافية ، أي قافية الألف فالباء فالتاء فهكذا .


يقول في رثاء كليب و وصف أحزانه :

ويْح أمي و وَيحـها لقتيــلٍ *** من بني تغلبٍ و وَيحاً و واحا

الويح : كلمة تقال رحمة و توجعاً لمن تنزل عليه بلية .

لاحظ كم مرة ذكر الويح و ويح أمه ليصور لنا مدى وجعه في فقد أخيه و ما يعتصر في قلبه من ألم بتكرار كلمة ويح بتصريفات مختلفة .

و يقول :

أبت عينايَ بعدكَ أن تكفّـــــا *** كأنّ غضا القتـادِ لهـا شِفارُ

الغضا : شجر صلب
القتاد : شجر له شوك
الشِّفار : أصل منبت الأهداب (الرموش) في الجفن

هنا يصوّر الشاعر حالته النفسية بوصف عينيه اللتين لا تكفّا عن البكاء ، و كأن أهدابها عبارة عن أشواك ، تخيّل عيون تحفها الأشواك بدل الأهداب كيف يكون حالها ؟

تصوير رائع و موفّق لحالة الحزن الدائمة المستديمة التي يغرق فيها المهلهل .

و يقول :

فدُرتُ وقد عشا بصري عليهِ * * * كما دارت بشاربها العقارُ

هنا يصوّر الشاعر ما آلت إليه عيناه من كثير البكاء ، فقد عشيتا ، أي أصبحتا ضعيفتي الإبصار في الليل ، و يصوّر حاله كحال المخمور الذي أصابه الدوار من هول فاجعته .
هذا البيت يذكرني بابيضاض عيني يعقوب من البكاء على يوسف .


يقول :

كأني إذا نعى الناعي كليباً * * * تطاير بين جنبيَّ الشرارُ

صورة غاية في الإتقان للتعبير عن مدى الغضب و الحرقة التي تملأ صدر هذا المهلهل كلما نعى أحدٌ أخاه كليباً ، فالصورة مليئة بالحركة التي يثيرها تطاير الشرار ، كذلك يمكننا أن نسمع صوت هذا الشرار و فرقعته ، فلا يوجد شرار بلا صوت ، مما يوحي بقوة هذا الغضب الذي يعتمل في صدره .

و يقول :

لمّا نعى الناعي كُليباً أظلمتْ * * * شمس النهارِ ، فما تريد طلوعا

و يقول في وصف ليله الطويل المليء بالأحزان :

وصار الليل مشتملاً علينا *** كأن الليل ليس له نهارُ

هنا يصف الليل و شموله لهم و كأنه ليلٌ بلا نهار ، كناية عن طوله .

و يقول في نفس القصيدة :

و ابكي و النجــوم مطلّعـاتٌ *** كأنْ لم تحوِها عنّي البحارُ

مطلّعات : أي طالعات
لم تحوها البحار : في اعتقادهم أن ما بين الأرض و السماء بحاراً .

هنا يصف الشاعر طول ليله و دوام نجومه و كأنها تأبى أن تذهب لتغرق في بحار السماء ، فهي ساهرة أبداً ، فليله طويل و النوم يجافيه و الألم يخنقه .

و يقول :

نعى النُّعاةُ كليباً لي فقلت لهم : * * * مالتْ بنا الأرضُ أو زالت رواسيها
ليت السماءَ على من تحتها وقعتْ * * * وانشقّت الأرضُ فانجابت بمن فيها
الحزم و العزم كانا من صنيعتهِ * * * ما كل آلائه يا قومُ أحصيها
لا أصلحَ الله منّا من يصالحكم * * * ما لاحت الشمس أعلى مجاريها


في هذه الأبيات ينعى المهلهل كليباً ، فيصوّر الأرض و كأنها تميل به من شدة هول الموقف ، أو كأن رواسيها (الجبال) قد زالت ، و نلاحظ هنا أن المهلهل كان يعتقد بأن الأرض ثابتة لا تتحرك ، بل و الجبال رواسي فيها .
كذلك هو يتمنى سقوط السماء عليه و من معه ، و انشقاق الأرض من تحته ، و تحدث عن جريان الشمس ، و كل هذه التعابير نجد القرآن استعملها من بعد .

كذلك لفت انتباهي وصفه لمزايا و فضائل كليب بأنها لا تُحصى ، هذا يذكرني بقول القرآن : وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها


و يقول في إصراره على الثأر :

ولستُ بخالعٍ دِرعي و سيفي *** إلى أن يخلعَ الليلَ النهارُ
وإلا أن تبيدَ سَراةُ بكرٍ * * * فلا يبقى لها أبداً أَثارُ

السراة : سادة القوم

ها هو يصوّر لنا إصراره على لبس الدرع و السيف إلى أن يبيد سادات بكر جميعاً ، أو يخلع النهارُ الليلً .
و متى يخلع النهارُ الليلَ و ينسلخ منه ؟
تصوير ناجح لإصراره على المضي في هذا الأمر أبداً حتى يقضي ثأره .

و يقول :

فقتْلاً بتقتيلٍ و عقـراً بعَقركـم *** جزاءَ العُطاسِ ، لا يموت من اثّأَرْ

العقر : القتل و الهلاك
جزاء العُطاس : تشميته
اثّأر : أخذ ثأره

و كأنه يصوّر سرعة انتقامه و ثأره لأخيه بأسرع من تشميت شخصٍ لآخر قد عطس .


و يقول :

يا لَبكرٍ أنشِروا لي كليباً * * * يا لَبكرٍ أين أين الفرارُ

هنا يطلب من بكر أن ينشروا كليباً أي يعيدوا خلقَه ، من النشور ، إعادة البعث . و هذا طلب تعجيزي و يجيبهم في عجز البيت بأنه لا فرار لهم ، و كأنه يقول :
أحيوا لي كليباً و لستم بفاعلين فأين تفرون مني ؟

و يقول :

كلا وأنصابٍ لنا عاديّةٍ * * * معبودةٌ قد قُطّعتْ تقطيعا

يقسم بأنصاب معبودة منسوبة إلى قوم عاد في القدم .

حتى أَبيدَ قبيلةً و قبيلةً * * * وقبيلةً وقبيلتينِ جميعا

لاحظوا كيف يكرر كلمة قبيلة لتخدم فكرته في الإصرار على إبادة كل هؤلاء الذين تحالفوا على قتل أخيه .

وتذوقَ حتفاً آل بكرٍ كلُّها * * * ونهُدَّ منها سَمكَها المرفوعا

سمك البيت سقفه .
المعنى واضح

حتى نرى أوصالهم وجماجماً * * * منهم عليها الخامعاتُ وقوعا

الخامعات : الضباع

ونرى سباع الطيرِ تنقرُ أعيُناً * * * وتجُرُّ أعضاءً لهم وضلوعا

سباع الطير : الطيور الكواسر

والمشرفيّةُ لا تُعرّجُ عنهمُ * * * ضرْباً يقُدُّ مغافراً ودُروعا

المشرفية : سيوف منسوبة إلى "مشارف" في اليمن ، و هي مشهورة بحدتها و قوتها .
يقدّ : يشطر
المغافر : جمع مغفر و هو زرد يلبسه الفارس ليحمي رقبته و أعلى ظهره .

هنا يقول المهلهل أن السيوف المشرفية لن تحيد عنهم و هي تشطر دروعهم و مغافرهم ، فلا شيء يحميهم اليوم ، لا الدروع و لا المغافر .

و بنفس المعنى يقول :

حتى تبيدَ قبائلٌ و قبيلةٌ * * * و يعَضَّ كلُّ مثقّفٍ بالهامِ

المثقف : هو الرمح المسنن
الهامات : الرؤوس

و يقول أيضاً :

ولأَقتلنّ جَحاجحاً من بَكْرِكُم * * * ولأُبكِيَنَّ بخا جفونَ عيونِ
حتى تظلّ الحاملات مخافـةً * * * مِن وقعنا يقذفنَ كلَّ جنينِ


الجحاجح : السادة الشجعان ، وقد صرفها ضرورةً .

يقول المهلهل في التحريض على القتال :

أنادي بركْب الموتِ للموت غلّسوا *** فإن تلاع العَمْقِ بالموتِ درّتِ

غلّسوا : أي سيروا في آخر الليل
تلاع العمق : أرض مرتفعة قرب يثرب .

ما شدّني في هذا البيت هو أسلوبه في تحريض فرسانه على القتال ، فيسميهم "ركب الموت" ، و لا يخفى على أحد ما لهذه التسمية من وقع على أذن السامع ، فهم الموت نفسه يمضي في ركب في آخر الليل ، و يحرضهم بأن الأرض (تلاع العمق) غزيرة بالموت ، تدرّ الموت كما تدرّ الناقة لبنها ، و كأنه يعرف ضمناً أن النتيجة واحدة ، قتلى و قتلى و قتلى كدرّ اللبن من آل بكر .

لقد أبدع هنا في التحريض على القتال ، أبدع في تصوير ما سينجم على المعركة و كأنه نتيجة ضمنية ، فالمنطقة التي يذهب إليها مع فرسانه تدرّ الموت درّاً ، مما يشجع فرسانه للمضي و يملؤهم حماسة بتحقيق هذا الأمر الذي يصفه كتحصيل حاصل .

و يقول :

وقصيدةٌ شَعْواءَ باقٍ نورُها * * * تبلى الجبالُ وأثْرها لم يُطمَسِ

قصيدة شعواء : منتشرة فاشية

هنا نقف أمام نبوءة من نبوءات المهلهل ، فهو يقول بأن قصيدته ستبقى خالدة أبد الدهر ، بل نور قصيدته سيبقى خالداً ، حتى أن الجبال تزول و لا تزول تلك القصيدة .

و كان كما قال .


و في المعارك و أهوالها :

يقول في وصف جيشه :

تلمَع لَمْعَ الطّيـــرِ راياتُهُ * * * على أواذي لُجِّ بحـــرٍ عميـقْ
وقد علتْهــم للِّقـا هَبــْوةٌ * * * ذات هيــاجٍ كلهيــب الحريـــقْ

أواذي : أمواج ، مفردها الآذي
لجّ : موج عالٍ
الهبوة : الغبار

يشبّه المهلهلُ رايات جيشه و كأنها طيور تلمع على أمواج بحر لجّيٍ عميق ، صورة حية ترينا أمواج الجيش الغزيرة و الرايات البيضاء فوقهم . أقول بيضاء رغم أنه لم يقل ، لأن هذا اللون الغالب على طيور البحر .
و يصوّر جيشه و قد علاه غبار المعركة بلهيب الحريق .
صورة غزيرة غنية بالصوت و الحركة ، أمواج البحر و طيورها و قعقتها و لهيب الحريق و ما فيه من شراسة لالتهام كل شيء و جنون و قوة و إصرار .

و يقول في نفس القصيدة :

ذبحاً كذبح الشاةِ لا تتَّقي * * * ذابحَها إلا بشْخبِ العروقْ

الشخب : هو السيلان ، و شخب العروق يعني سيلان دمها .

ما الذي يمكن أن ينقذ الشاةَ من ذابحها ؟
لا شيء إلا سيلان دمها
فمصير الشاة محتوم ، و راحتها بذبحها ، كذلك مصير آل بكرٍ محتوم ، فلا شيء يقيهم من ذبّاحِهم إلا سيلان دمائهم . أي ذبحهم .

و يقول :

ولَعَمري لقد وطئتُ بني بَكْـــ * * * ـــرٍ بما قد جَنَوْهُ وَطءَ النِّعالِ

لا تحتاج إلى أي شرح .

و يقول :

قد ذبحنا الأطفـالَ من آلِ بَكــرٍ * * * وقهَرنا كُماتَهُمْ بالنضالِ
ونبكي ، حين نذكركم ، عليكم * * * و نقتلـكم كأنّـا لا نبالــي


ما هذه القسوة يا شاعرنا !!!
و تبكي عليهم !!!
ولا تبالي !!!

أي حالة نفسية تلك التي تجعله يجمع كل هذه المتناقضات ؟!!!

لو كنتُ أقتل جِنّ الخابلَيْنِ كما *** أقتلُ بكراً لأضحى الجنّ قد نفدا

الخابلين : الليل و النهار

هنا يصور لنا المهلهل كم قتّل من بكر بدمِ أخيه ، فلو كان يقتل الجن في الليل و النهار كما يقتل بني بكر لأضحى الجن قد فني من الدنيا .

و يقول أيضاً :

أكثرتُ قتـل بني بكـرٍ بربـهمُ *** حتى بكيتُ ، و ما يبكي لهم أحدُ

بربهم : بسيدهم ، يقصدبدم كليب سيدهم .

هذا البيت استوقفني كثيراً ، فكأننا نقرأ إنسانية هذا الرجل خلف هذه الكلمات ، فها هو يبكي لكثرة ما قتل من بني بكر بدم كليب ، حتى أنه لم يُبقِ أحداً منهم يبكي عليهم ، مما أثار في نفسه الحزن للبكاء لهم .

لا أدري هل هو بيت على سبيل السخرية ، أم التلوّع حقيقة ، لكنه تصوير جميل يبيّن لنا بوضوح المدى الذي غلا فيه المهلهل ليثأر لأخيه كليب .

و يقول :

أتغدو يا كليبُ معي إذا ما * * * حُلوقُ القومِ يشحذها الشِّفـارُ ؟

يشحذها : يحدها و يصقلها
الشفار : جمع شفرة وهي السكين أو النصل

و هنا يخاطب أخاه كليباً الغائب ، و يطلب منه أن يكون معه ساعة يشحذ نصاله و سيوفه بحلوق القوم من بني بكر ، صورة موفقة جداً تدل على مدى الحقد و الغضب الذي يملأ على المهلهل عقله .

فهو جعل من حلوق القوم مشاحذ لشفار سيوفه .


و يقول :

ولكنّا نهكنا القوم ضرباً * * * على الأثباجِ منهم و النحورٍ

نهكنا القوم : أجهدناهم
الأثباج : الأوساط

و البيت واضح المعنى ، و أعجبني تعبيره "نهكنا القوم ضرباً" لما فيه من تصوير واضح لما حلّ بأعدائه من كثرة الضرب .

و يقول :

و صبّحنا الوُخومَ بيوم سَوءٍ * * * يُدافعنَ الأسنّةَ بالنحورِ

الوخوم : من القبائل المعادية

ها هو يقول أنه هاجم الوخوم صباح يومٍ سيءٍ عليهم ، فكانوا يصدّون السيوف بنحورهم !!!
هل يوجد أكثر من هكذا تصوير لإظهار تفوّق جيش المهلهل عسكرياً !!!
و هل يوجد أكثر من هكذا صورة لتخبر كم هم ضعفاء عزّل هؤلاء الوخوم أمام المهلهل و جيشه !!
فهم يدافعون عن أنفسهم بصد السيوف بنحورهم .

و يقول :

ولقد خبطتُ بيوت يَشكُرَ خَبطةً * * * أخوالنا وهمُ بنوا الأعمــامِ
ليســت براجعــةٍ لهـــم ايامُهـــم * * * حتى تزولَ شوامخُ الأعلامِ
حتى تلـــــفَّ كتيبــــةٌ بكتيبــــــةٍ * * * ويحُــلَّ أصـرامٌ على أصرامِ
حتى ترى غُرراً تُجَرُّ وجُمَّــــةً * * * وعِظامَ رُوسٍ هُشّشمتْ بعظامِ

الأصرام : الجماعات ، جمع صرم
الغرر : جمع غرة ، و هو الشريف في قومه
الجُمّة : مجتمع شعر الرأس
روس : أصلها رؤوس ، خففت للضرورة الشعرية .

و يقول :

فالإنس قد ذلتْ لنا و تقاصرتْ * * * و الجنُّ من وقع الحديد الملبَسِ

بيت آخر يصوّر فيه انتصاراته و قوة جيوشه المجلَّلة بالحديد ، فالإنس قد ذلت لتغلبَ بل تقاصرت عن بلوغها ، و الجن كذلك حاله أمامه .

و يقول ليومٍ دارت فيه عليهم الدائرة و كانت الغلبة لبني بكر :

غلَبــونا ، ولا محالةً يوماً * * * يقلبُ الدهرُ ذاكَ حالاً فحالاً

نعم غلبهم البكريون في ذاك اليوم ، لكن المهلهل يُطلق نبوءته بأن الدهر سيقلب هذا الحال يوماً ، و يكون الغلب لهم لا للبكريين .

يذكرني هذا الأمر بما يعتبره الإعجازيون في آية "غُلِبَتْ الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيَغلِبون في بضع سنين" بأنه نبوءة معجزة !!

أي نبوءة و أي إعجاز و هو ما يمكن أن يقوله أي إنسان حين يهزم هو أو من ظنّ أنه سيفوز ، كما قالها المهلهل من قبل .

و يقول :

ولقد شفيتُ النفسَ من سروَاتِهمْ * * * والخيلُ تعثرُ في الدماءِ وتعبِسُ

السروات : مفردها السري و هو الرفيع و السيد في قومه .
تعبس : تتجهم

يقول أنه أراح نفسه بعد أن أتى على سادات بكرٍ و قتّلهم تقتيلاً ، حتى أن الخيول باتت تتعثر من كثرة الدماء و تعجز عن المواصلة ، بتعبس و تتجهم لكثرة الدماء التي تعوقها عن مواصلة الحرب .

أنظروا كيف أشرك الخيول بل أنسنها و جعلها تتوق إلى مواصلة الحرب و تعبس و تتجهم لكثرة الدماء التي تعوقها عن مواصلة جزّ رؤوس أعدائه .

فإن كانت هذه هي إرادة الخيول المُسوسَةُ و هذا موقفها ، فكيف هي إرادة الفارس الذي يسوسها و يمضي بها للحرب !

صورة عجيبة !

و بنفس المعنى قال :

والخيلُ تقتحمُ الغبارَ عوابساً * * * يوم الكريهة ما يُردْنَ رجوعا



و يقول [SIZE=4]في وصف الحياة و الموت
:

يعيش المرء عنـد بنـي أبيـهِ *** و يوشك أن يصيرَ بحيث صاروا
أرى طول الحيـاة وقـد تولّى *** كمـا قـد يُسلـبُ الشـيء المُعـــــارُ


يقول هنا أن الحياة قصيرة ، فينشأ الفتى بين أبويه حتى يوشك أن يصير بحيث يصيرون إذ يواريهم الموت ، كناية عن قصر الحياة و سرعة الفناء فيها ، فما يكاد المرء يولد حتى يموت .

و في البيت الثاني يشبه الشاعر الحياة بالشيء المُعار و الذي لا بد من إعادته .

و قال :

جَلَّلوني جِلدَ حَوْبٍ ، فقــد * * * جعلوا نفْسـيَ عند التّراقي

جلد الحوب : أي جلد البعير الضخم .

يلفت انتباهي بلوغ نفْسه عند التراقي ، كناية عن اقتراب الموت، و هو تعبير نجد مثله في القرآن حيث يقول في سورة القيامة :

كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ 26 وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ 27 وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ 28


بهكذا يكون الموضوع قد انتهى
10-20-2006, 02:51 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #2
وقفة مع المهلهل

عزيزي الختيار:

تحياتي لك (f)

كيف عرفت أن الديوان الذي بين يديك ليس منحول وأنه حقاً منسوب للمهلهل عن جدارة؟ في كتاب الأدب الجاهلي قال طه حسين إن جميع الشعر الجاهلي الموجود بين أيدينا اليوم منحول كل النحل. من أدرانا أن هذا هو إبداع حماد الرواي أو غيره من رواة الشعر وهم أهل العنعنة و لاتوجد برديات أو ثائق تفيد ذلك...كيف تثق بديوان حفظته صدور الحفاظ و مع ذلك تعصمه من النحل؟ مارأيك؟ شكرا.
10-20-2006, 04:40 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الختيار غير متصل
من أحافير المنتدى
*****

المشاركات: 1,225
الانضمام: Jun 2001
مشاركة: #3
وقفة مع المهلهل
اقتباس:  إبراهيم   كتب/كتبت  
 
عزيزي الختيار:

تحياتي لك (f)

كيف عرفت أن الديوان الذي بين يديك ليس منحول وأنه حقاً منسوب للمهلهل عن جدارة؟ في كتاب الأدب الجاهلي قال طه حسين إن جميع الشعر الجاهلي الموجود بين أيدينا اليوم منحول كل النحل. من أدرانا أن هذا هو إبداع حماد الرواي أو غيره من رواة الشعر وهم أهل العنعنة و لاتوجد برديات أو ثائق تفيد ذلك...كيف تثق بديوان حفظته صدور الحفاظ و مع ذلك تعصمه من النحل؟ مارأيك؟ شكرا.

عزيزي إبراهيم

هل قرأت الموضوع ؟

لو أنك قرأته لقرأت كلامي حول هذه النقطة ، حيث قلت :

اقتباس:طبعاً هناك بعض الاختلافات في هذه الأخبار ، و هناك من ينكرها جميعها كطه حسين ، و لكن هذا لا يعنينا هنا ، فنحن سنتكلم عن جمال اللغة و الصور الشعرية عند المهلهل ، فسواء كان هو صاحبها أم غيره فهذا لن يغير من جمالها شيئاً .

فجمال اللغة و جمال بيت الشعر ليس له علاقة بصاحبه ، فلو كان حماد الراوية كما تقول أو المهلهل فهذا لن يغير من جمال الصورة الأدبية في شيء ، فمثلاً قوله :

أبت عينايَ بعدكَ أن تكفّـــــا *** كأنّ غضا القتـادِ لهـا شِفارُ

فهذا تشبيه موفق جداً و غاية في الإتقان ، سواء كتبه المهلهل أو غيره .

أما بخصوص مقالة طه حسين عن الشعر الجاهلي (مع التحفظ على التسمية) ، فهي في رأيي أسوأ مقالة يمكن أن يخرج بها مفكر عربي ، ناهيك عن أن جميع حجته مبنية على تشابه بين قصص الشعراء و غيرهم ممن ظهروا في العصر الأموي و غيره .

هل قرأت كتابه ؟

إنه يذكرني بكتاب كمال الصليبي الذي قال سماه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" و خالف به جميع الآراء الميثولوجية القديمة و الحديثة التي تجعل مصادر التوراة نهرية (فراتية و نيليّة) . و بنى كل فكرته على تحويرات لفظية لأسماء الأماكن لتوافق ما هو موجود في جزيرة العرب بشكل متكلف و واضح جداً .

مقولة أن شعر ما قبل البعثة المحمدية هو منحول بمجمله ، هو تهوّر شديد و كلام فارغ ، فلا يمكن لأحد أن ينحل ثقافة بأكملها .

فنحن نعرف أن العرب كانت تحتفي بالشعر بشكل كبير جداً ، و أنها كانت تقيم له المحافل كسوق عكاظ و ذي المجاز و المجنّة ، و يتبارى فيها الشعراء و الخطباء ، فهل من المعقول أن يصل العرب إلى هذا المستوى من البلاغة دون أن يمرّ شعرهم بمرحلة طويلة من النضج و التعاطي و الممارسة قبل ذلك بقرون ؟

و ها هو عنترة يشتكي من الشعراء السابقين عليه ، و يتساءل إن أبقوا له معنى لم يسبقوه إليه ، فقال :

هل غادر الشعراء من متـردم * * * أم هل عرفت الدار بعد توهمِ

فأي شعراء هؤلاء السابقين على عنترة ؟ و الذين سبقوه إلى كل معاني و أغراض الشعر ؟

عنترة الذي عاصر محمد نبي الإسلام وتُوفّي قبل بعثته ، أي أنه ليس بذاك القِدَم السحيق الذي يتصوره أصحاب التشكيك في الشعر الجاهلي (مع التحفظ) ، فهل من المعقول أن يتم اختراع كل هذه الشخوص كاختراع شخصية آدم و حواء ؟؟!!!

الشخصيات المخترعة غالباً تكون سحيقة في القدم ، و على مر السنين و القرون يؤلف الناس الحكايا حولها و يزيدون عليها و يحوّلونها إلى خيال شعبي و أسطورة ، فتصبح كأنها حقيقة بعد قرون عديدة ، لابتعاد الزمن و إمكانية التحقق مما يرويه الرواة .

لكن أن ينتحل المنتحلون كل هذه الشخصيات و هذه الأسماء و هذا الفن الذي لا يُشك في ثبوته في زمن محمد نبي الإسلام و وجود الشعراء المخضرمين و غيرهم كالخنساء و زهير و الأعشى و حسان بن ثابت و كعب بن مالك و غيرهم و غيرهم ، و من يقرأ شعرهم يجد نضوجاً كبيراً لصناعة الشّعر ، فمتى نضج هذا الشعر و متى خبروا بحوره و فنونه و اضطراره و إقوائه و غيره ؟؟؟

صناعة الشعر جعلت منه مفخرة يعلقها صاحبها على الكعبة ليقرأها الناس ، فإن شككت في مسألة التعليق فلا بأس ، لكن هل تشك في وجود المعلقات نفسها ؟

كيف نضج هذا الأمر و بلغت هذه الصناعة كل هذا المبلغ ؟

فجأة و كأن كائنات فضائية هبطت عليهم و لقّنتهم الشعر ؟

صدقني لو كان لكل مفكّر وصمة ، فوصمة طه حسين هي هذا القول المتهوّر الذي لم يوافقه عليه أحد من شتى الملل و النحل ، مجرد مقولة يتم تداولها دون تحقيق ، و من يقرأ الكتاب (و هو منشور على النت) يجد أن جميع حجج طه حسين مجرد افتراضات و مقاربات و تخمينات تعتمد تشابه الشخوص و ظروفها و أسمائها و كلامها .


أما بخصوص ما دخل على الشعر الجاهلي (مع التحفظ على التسمية) من تحوير لبعض بيوته أو كلماته ، فهذا لا مراء فيه نتيجة لاعتماده الرواية الشفوية و التي هي أقل ضبطاً من الكتابة ، و شأنه في هذا شأن جميع الموروث القديم ، فهذا تجده في جميع الثقافات و الحضارات و لا يماري فيه أحد ، فاستبدال كلمة بأخرى من خلال الراوي ، لا يعطي مبرراً لإنكار الشعر الجاهلي (مع التحفظ) كله . هذا تهور ما بعده تهور .


على كل حال

أعيد و أكرر ، أن ما يهمنا في هذا الموضوع هو الصور الأدبية الموجودة في هذا الشعر ، و هذا ما أعجبني بشكل شخصي من ديوانه فأحببت أن أشرككم فيه .

تحياتي لك (f)

10-20-2006, 11:51 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Arabia Felix غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,085
الانضمام: May 2002
مشاركة: #4
وقفة مع المهلهل
:) والله لك وحشة ياصديق..
بخصوص انعكاس نص المهلهل على اهتماماتك اللادينية .. ولنقل اهتمامامك بالنص القرآني.. ألم تعرف أن القرآن "وحي".. يعني كلماته ماهي إلا ايعاز من السياق لغة وثقافة ونظام وزمن.. وغيره..

ليش انت مفكر أن القرآن منزل من اللوح المحفوظ.. لو كان كذلك لماذا لم ينزل بلغة اللوح الذي لا نعرف عنها شيء (في عالم الغيب).. ولماذا لا ينزل بلغة يفهمها كل البشر.. على بيعة المعجزات يعني..
:P

10-20-2006, 06:31 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #5
وقفة مع المهلهل
عزيزي الختيار:

أشكرك كثيرا على ردك وصبرك معي. (f)

اقتباس:هل قرأت الموضوع ؟

نعم قرأت واستمتعت به لكن للأسف لم أنتبه لهذه الفقرة الهامة والتي هي لسان حالي تقريباً في شأن الشعراء الجاهليين وقضية النحل وأتفق معك هنا مائة بالمائة في قولك:



اقتباس:طبعاً هناك بعض الاختلافات في هذه الأخبار ، و هناك من ينكرها جميعها كطه حسين ، و لكن هذا لا يعنينا هنا ، فنحن سنتكلم عن جمال اللغة و الصور الشعرية عند المهلهل ، فسواء كان هو صاحبها أم غيره فهذا لن يغير من جمالها شيئاً .

أما من جهة قولك:

اقتباس:أما بخصوص مقالة طه حسين عن الشعر الجاهلي (مع التحفظ على التسمية) ، فهي في رأيي أسوأ مقالة يمكن أن يخرج بها مفكر عربي ، ناهيك عن أن جميع حجته مبنية على تشابه بين قصص الشعراء و غيرهم ممن ظهروا في العصر الأموي و غيره .

هل قرأت كتابه ؟

فحقيقة أني يصدمني أن هذا رأيك فيه وفي مقالته. ما يقوله هو من حقه في أمر التحقيق ومسألة التدوين والنقل الشفاهي.

ونعم، قرأت كتابه والحقيقة أني لم أقرأ له شيء إلا وشعرت أني نملة صغيرة أمام عملاق ولن يتكرر. تصور.. أقرأ لمستشرقين وبحاثة وأتعجب كيف كان هذا الرجل ينقد نقد علمي محض ويلازم الدقة في نقده وتعبيراته دون التعميم المفرط والذي لازم زكي نجيب محمود العظيم في بعض كتاباته مثل قصة الفلسفة اليونانية ويوسف كرم رجل الفلسفة المؤمن الذي استحمر من خالفه في المنهج.. طه حسين رجل مختلف تماما يا الختيار.

اقتباس:إنه يذكرني بكتاب كمال الصليبي الذي قال سماه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" و خالف به جميع الآراء الميثولوجية القديمة و الحديثة التي تجعل مصادر التوراة نهرية (فراتية و نيليّة) . و بنى كل فكرته على تحويرات لفظية لأسماء الأماكن لتوافق ما هو موجود في جزيرة العرب بشكل متكلف و واضح جداً .

اسمح لي هناك فرق كبير يا عزيزي الختيار وأين الصليبي هذا من طه حسين! فرق السماء من الأرض! الصليبي يضع أطروحه ما ويجتهد في قراءة تاريخ العبرانيين وربما يحاول إقحام الموضوع ليثبت شيء ما كباحث. هو يريد للتوراة أن تتأصل في جزيرة العرب فقدم أطروحة لم يقدم عليها أي من الباحثين الغربيين اللامعين المنشغلين بالدراسات السامية.. هو في وادي لوحده يغرد أنشودته عن التوراة في جزيرة العرب. لكن طه حسين يختلف جدا. طه حسين يتعرض لقضية المخطوطات وهذا من حقه. هل الكتاب عندك؟ لو ليس عندك يمكن أن أتصرف وأجعله متاح حتى ما نناقشه باستفادة واستفاضة. لو الكتاب عندك فأستميحك الرجوع إلى الفصل بعنوان "مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن لا في الأدب الجاهلي". الطبعة الموجودة عندي من سنة 1927. وبما أني أروج لكل ما كتبه طه حسين أرجو أن لا يفوتك قراءة أعماله عن أبي العلاء المعري وهي ممتعة والآن موجودة على النت.

ما قاله طه حسين ربما هو تهور من وجهة نظر البعض أما من وجهة نظري فقد فتح المجال أمام بني المشرق ليتعرفوا على عدم الوثوق بأي شيء إلى أن تثبت صحته وخاصة إذا كان المصدر هو العنعنة والنقل الشفاهي. العرب ينسبون أصولهم لإبراهيم ويجعلون من اسماعيل جدهم ويرد طه حسين على هذا رد بديع في كتابه "في الشعر الجاهلي" ويقارن بينهم وبين الرومان وهم يبتغون الحسب والعزة في النسب بنسبة أصولهم لشخصية عريقة بين الساميين. بسبب طه حسين تعلمنا الفرق بين التقاليد الشفاهية والمصادر المدونة والتي تعرضت للتحقيق كمخطوطات وتعتبر شواهد ومصادر يعول على بحثها. ذهب طه حسين للمصير الأبدي حيث نذهب جميعاً وتبعه جيل "قال الله وقال الرسول" ثم كانت انتكاسة من جديد.

بقية ما قلته أعجبني ولا أقدر أن أعترض أو أوافق فيه بل هو يستوقفني للتفكير والرجوع إليه مرة تلو المرة شاكراً لك. بالمناسبة، أنا معجب بكل ما ذخره لنا الأدب العربي وأراه ديواننا سواء كان شعر جاهلي أو عباسي أو أي شعر من عصور النهضة الأدبية هذه. تحياتي لك وشكرا على ردك.

(f)
10-20-2006, 08:35 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS