{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
اسحق غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,480
الانضمام: Jul 2004
مشاركة: #61
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
د. مصطفي محمود كاتب ومفكر مصري




وما هم بخارجين من النار


القرآن ينفي إمكانية خروج من يدخل النار في الكثير والعديد من آياته. يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم المائدة- 37 . ويقول أهل النار في سورة المؤمنون: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسأوا فيها ولا تكلمون (المؤمنون 107-108 . ويقول في سورة البقرة كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار البقرة- 167 . ويقول الله لمحمد عليه الصلاة والسلام في سورة الزمر: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار والكلام لرسول الله مباشرة في استفهام استنكاري الزمر- 19 والله ينكر على رسوله أن يقول مثل هذا الكلام. وهذه الثوابت القرآنية تتناقض تماماً مع مرويات الأحاديث النبوية في كتب السيرة عن إخراجه لمن يشاء من أمته من النار مما يؤكد أن هذه الأحاديث موضوعة ولا أساس لها من الصحة ولا يمكن أن تكون قد صدرت عن النبي. بل إن درجات النار وأقسامها قد تحددت سلفاً في القرآن ومواقع المجرمين قد عُلمت. وإن جهنم لموعدهم أجمعين. لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم الحجر- 43-44 فكل مجرم قد تحددت مكانته من قبل في النار، واختصت به واختص بها.. وهذا يؤكد أن كل ما ذكر عن إخراج الرسول عليه الصلاة والسلام بشفاعته للبعض من النار وإدخالهم الجنة يناقض صريح القرآن ولا يمكن أن يكون له أساس من الصحة. وشفاعة الملائكة للبعض في القرآن لا تأتي أبداً سابقة للحكم الإلهي بالعفو بل تأتي بعده لا يشفعون إلا لمن ارتضى فالحكم الإلهي بالعفو يأتي أولاً وتكون شفاعة الملائكة أشبه بالبشارة.. حينما تعلم الملائكة أن الله قد ارتضى تبرئة فلان فإنها تبشره فالمقام الإلهي مقام جليل مرهوب.. وفي الحضرة الإلهية لا يملك أحد أن يسبق الله بكلمة أو رأي لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون 27- الأنبياء . وفي سورة النبأ الآية 38 يقول القرآن عن الملائكة: .... لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا . وكم من ملك في السماوات والأرض لا تغنى شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى. ومعنى ذلك أن شفاعة الملائكة لا تأتي إلا بعد الإذن وبعد العلم بأن الله قد عفا عن فلان.. فهي بشارة وليست شفاعة وهي أقرب إلى التهنئة بالنجاة. والقانون العام في ذلك اليوم.. يوم الدين.. يوم تدان الأنفس بما عملت.. أنه لا شفاعة تجدي ولا شفاعة تُقبل.. لأنه لا أحد يملك هذه الشفاعة.. فلله الشفاعة جميعاً.. لمن الملك اليوم لله الواحد القهار.. لا أحد غيره.. ولا كلمة إلى جوار كلمته. يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله. لا تملك أي نفس لأي نفس.. مهما علا مقام هذه النفس التي تشفع ومهما بلغت درجتها.. لا تملك من أمر الله شيئاً. ويلخص القرآن قانون هذا اليوم الرهيب في كلمات قليلة: قل لله الشفاعة جميعاً. فجمعية الأمر والنهي في يده وحده.. هو وحده الملجأ والملاذ وجمعية الشفاعة بأسرها في يده فهو وحده صاحب العلم المحيط وهو وحده أرحم الراحمين ولا يستطيع مخلوق أن يدعي أنه أكثر رحمة بعباد الله من الله أو أعلم بهم منه.. فهو وحده عالم الغيب والشهادة.. وهو وحده الذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيط أي منهم بعلمه إلا بما شاء.. وهو وحده الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير. ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا. والجزاء في هذا اليوم على قدر العمل والعفو والصفح حق لله تعالى وحده فلله الشفاعة جميعاً لا يشاركه في هذا الحق مخلوق. وإذا كان الهدف من شفاعة الشفعاء هو إضافة معلومة عن عذر المذنب وظروفه فالله تعالى أعلم بظروفه من أي مخلوق.. يقول القرآن: إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم .. (فمن منكم عنده مثل هذا العلم الإحاطي) لينافس رب العالمين في هذا المقام.. لا أحد قطعاً.. والله وحده هو الجدير به.. ولهذا تخلص الشفاعة له وحده في جمعية تنفي تدخل أحد.. ولا يملك الكل إلا أن ينتظر ما تنطق به المشيئة. وتبقى بعض حالات مفوض أمر أصحابها في الآخرة إلى الله عز وجل وحده مثل ما جاء في هذه الآيات. وأخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم. وآخرون مُرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم. ومنهم المستضعفون في الأرض يقال لهم ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفورا . فهو وحده الذي يتكرم بهذه التوبة.. وهذا معنى الآية فلله الشفاعة جميعا . ويبقى السؤال عن المقام المحمود ما هو؟ ومن يكون الموعود به في القرآن.. ومن كان المخاطب بهذه الآيات من سورة الإسراء. وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا.. أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا.. ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا . والمخاطب هو محمد عليه الصلاة والسلام وحده لا سواه بلا شك. والمقام هو مقام البشارة العظمى والله أعلم وليس مقام الشفاعة العظمى كما يذكر المفسرون وذلك لأن جمعية الشفاعة كلها لله وحده كما ذكر القرآن وكرر في محكم آياته وأنه لا أحد أعلم بخلقه منه ولا أرحم بهم منه.. فهو أرحم الراحمين وليس لله منافس في هذا ولا يجوز أن يكون له منافس في هذا المقام.. والأقرب أن يكون هذا المقام المحمدي هو مقام البشير الأعظم .. ويؤكد ذلك القرآن مكرراً في آياته أنه هو الذي أرسل رسوله للعالمين نذيراً وبشيراً.. وبحكم القرب من الله سيكون أول من يعلم بالعفو عن السعداء من أمته وسيكون أول من يبشرهم بالجنة والرضوان.. أقول ذلك اجتهاداً والله أعلم فالموضوع غيب.. ويوم الدين بأهواله.. وبما سيجري فيه هو غيب الغيب ولا يملك قارىء القرآن إلا أن يحاول الفهم دون المساس بالثوابت القرآنية.. وخصوصية المقام المحمدي من الثوابت التي لا شك فيها.. كما أن خصوصية الشفاعة لله وحده وأن جمعية الشفاعة ينفرد بها الله وحده هي ثابت مطلق آخر من ثوابت القرآن لا مرية فيه. وعلينا أن نفهم الشفاعة في هذه الحدود. والقرآن هو الكتاب الوحيد الذي تولى رب العالمين حفظه بنفسه من أي تحريف وقال في كتابه المحكم.. إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.. ولم يقل لنا رب العالمين أنه حفظ كتاب البخاري أو غيره من كتب السيرة.. وما يقوله البخاري مناقضاً للقرآن لا يلزمنا في شيء.. ويُسأل عنه البخاري يوم الحساب ولا نسأل نحن فيه. ولم يكن البخاري رضي الله عنه وأرضاه هو الوحيد الذي خاض في موضوع السيرة النبوية ولكن كتاب السيرة كثيرون وقد تناقضوا واختلفوا بين بعضهم البعض.. وامتلأت كتب السيرة بالموضوع والمدسوس من الأحاديث والعجيب والمنكر من الإسرائيليات. وقرأنا في أكثر من كتاب من كتب السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام مات ودرعه مرهونة عند يهودي. وهو كذب وافتراء لا يعقل فقد مات سيدنا رسول الله والغنائم وخيرات البلاد المفتوحة تجبى من كل مكان وللرسول ولفقراء المسلمين نصيب فيها وله الخمس بحكم القرآن. والقرآن يقول لرسوله: ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى. الله يقول بأنه أغنى رسوله.. فما حكاية هذه الدرع المرهونة عند يهودي إلا أن تكون إسرائيليات مدسوسة.. وغيرها الكثير.. فلا أقل من أن نحتكم إلى العمدة في أمور ديننا حتى لا تنفرط وحدتنا وحتى لا نتفرق بدداً. والعمدة المعتمد في جميع أمور الملة هو القرآن المجيد نتمسك به ونحتكم إليه في كل صغيرة وكبيرة.. وما تناقض في كتب السيرة مع القرآن لا نأخذ به فالذين كتبوا السيرة بشر مثلنا يخطئون ويصيبون.. أما القرآن فهو الكتاب المحفوظ من رب العالمين وهو الكتاب الوحيد الموثق بين كل ما تبقى من كتب مقدسة بين أيدينا وهو المهيمن عليها جميعها بلا استثناء. ألم يقل ربنا تبارك وتعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام في سورة آل عمران الآية 128 ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون . فكيف نقلب الأمر ونجعل من النبي صاحب الأمر يوم القيامة والمنفرد بالشفاعة من دون الله.. وهو الذي قال له معاتباً.. ليس لك من الأمر شيء.. وحينما جاء البلاغ للنبي في سورة الشعراء: وأنذر عشيرتك الأقربين الشعراء- 214 . ألم يبادر النبي فينادي على أهل بيته يا خديجة إني لن أغني عنك من الله شيئا يا عائشة إني لن أغني عنك من الله يا فلان يا فلان.. ولم يدع أحداً من أهل بيته إلا أبلغه. وهذا كلام السيرة وكلام كتاب السيرة أنفسهم أن النبي قد أخلى مسؤوليته وتبرأ من الوساطة لأحد حتى لأعز الناس.. حتى لابنته الغالية ومهجة قلبه فاطمة.. فكيف انقلبوا على أنفسهم وكيف نكسوا على رؤوسهم وجعلوا بعد ذلك من النبي وسيطا يتشفع عند الله ليخرج من النار بعض من دخلها من أمته.. فيخرجهم ربنا من النار وقد امتحشوا من أثر جهنم أي تفحموا. وكيف يقبل هذا الكلام ويوضع في كفة واحدة مع كلام الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكيف نقلب موازين العدالة في ذلك اليوم الذي تشيب لهوله الولدان ونحولها إلى وساطات وشفاعات وتزكيات ونجعل من أنفسنا صفوة الأمم وخيرها على الإطلاق. ولقد قال ربنا.. كنتم خير أمة أخرجت للناس.. كنتم فعل ماض.. فجعلنا هذه الخيرية صفة مطلقة ثم جعلنا من أنفسنا المالكين ليوم الدين.. فجعلنا الله أذل الأمم وأضعفها وأضيعها وأفقرها وأقلها شأناً. ونرجو أن نبدل من أحوالنا ليبدل الله من أقدارنا وأن نتوب عن ذنوبنا ليتوب علينا.. إنه سبحانه نعم التواب.
10-06-2006, 07:18 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #62
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود


محاضرة : محطات شطحات / للدكتور محمد اسماعيل


كتابين في الرد على د.مصطفى محمود في انكاره الشفاعة



مع أنني أحب كلام الدكتور مصطفى محمود جدا في كتاباته الصوفيه والقلبية إلا أنني أخالفه في كثير من وجهات النظر وتجدني أرد عليه وأناقشه في هذا الشريط يا اسحق ...

هذا مسلك ربما يكون غريبا عليك أو على البعض , ولكني أراه حقا وعدلا , أن أأخذ جانب الصواب وأترك الخطأ من كل أحد

:97:
10-06-2006, 08:02 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #63
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود

لماذا تمرض نفوسنا ( 2 )



و النفس المؤمنة في دهشة طفولية دائمة من آيات القدرة حولها و هي في نشوة من الجمال الذي تراه في كل شيء.. و من ابداع البديع الذي ترى آثاره في العوالم من المجرات الكبرى الى الذرات الصغرى.. الى الالكترونات المتناهية في الصغر.. و كلما اتسعت مساحة العلم اتسع أمامها مجال الادهاش و تضاعفت النشوة.. فهي لهذا لا تعرف الملل و لا تعرف البلادة أو الكآبة.

و حزن هذه النفس حزن مضيء حافل بالرجاء، و هي في ذروة الألم و المأساة لا تكف عن حسن الظن بالله.. و لا يفارقها شعورها بالأمن لأنها تشعر بأن الله معها دائما، و أكثر ما يحزنها نقصها و عيبها و خطيئتها.. لا نقص الآخرين و عيوبهم.. و لكن نقصها لا يقعدها عن جهاد عيوبها.. فهي في جهاد مستمر و في تسلق مستمر لشجرة خطاياها لتخرج من مخروط الظل الى النور المنتشر أعلى الشجرة لتأخذ منه الحياة لا من الطين الكثيف أسفل السلم.

انها في صراع وجودي و في حرب تطهير باطنية.. و لكنه صراع هادئ واثق لا يبدد اطمئنانها و لا يقتلع سكينتها لأنها تشعر بأنها تقاتل باطلها بقوة الله و ليس بقوتها وحدها.. و الاحساس بالمعية مع الله لا يفارقها، فهي في أمن دائم رغم هذا القتال المستمر لأشباح الهزيمة و لقوى العدمية بداخلها.. فهي ليست وحدها في حربها.

ذلك هو الجهاد الأكبر الذي يشغل النفس عن التفاهات و الشكايات و الآلام الصغيرة و يحفظها من الانكفاء على ذاتها و الرثاء لنفسها و الاحتفاء بمواهبها.. فهي مشغولة عن نفسها بتجاوز نفسها و تخطي نفسها و العلو على ذاتها.. فهي في رحلة خروج مستمرة.. رحلة تخطي و صعود، و دستورها هو: (أن تقاوم أبدا ما تحب و تتحمل دائما ما تكره)


و مشاعر هذه النفس منسابة مع الكون متآلفة مع قوانينه متوافقة مع سننه متكيفة بسهولة مع المتغيرات حولها.. فيها سلاسة طبيعية و بساطة تلقائية.. تلتمس الصداقة مع كل شيء.. و مثالها الكامل هو النبي محمد صلى الله عليه و سلم حينما كان يحتضن جبل أحد و يقول: هذا جبل يحبنا و نحبه.. فالمحبة الشاملة هي أصل جميع مشاعرها.. انها في صلح دائم مع الطبيعة و مع القدر و مع الله..

و الوحدة بالنسبة لهذه النفس ليست وحشة بل أنس.. و ليست خواء بل امتلاء.. و ليست فراغا بل انشغال.. و ليست صمتا.. بل حوار داخلي و استشراف نوراني.. و هي ليست وحدة بل حضن آمن.. و عذابها الوحيد هو خطيئتهاو احساسها بالبعد و الانفصال عن خالقها.. و هو عذاب يخفف منه الايمان بأن الله عفو كريم تواب يحب عباده الأوابين المستغفرين.. و هي أقرب ما تكون الى ربها و هي ساجدة ذائبة حبا و خشوعا.. يقول بعض الأولياء الصالحين: نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف، و لكن أنى للملوك أن يعرفوها و هم غرقى الدنيا و سجناء ماديتها.

ان السبيل الى ميلاد تلك النفس و خروجها من شرنقتها الطينية هو الدين و الطاعة و المجاهدة و لا يوجد سبيل آخر لميلادها.. فالعلم لا يلد الا غرورا و الفن لا يلد الا تألها.. و الدين وحده هو المحضن الذي تتكامل فيه النفس و تبلغ غايتها.

و بين العلماء مرضى نفوس مشغولون باختراع القنابل و الغازات السامة.
و بين الفنانين متألهون غرقى اللذائذ الحسية
و الدين وحده هو سبيل النفس الى كمالها و نجاتها و شفائها

و النفس المؤمنة نفس عاملة ناشطة في خدمة اللآخرين و نجدتهم لا يقطعها تأملها عن الشارع و السوق و زحام الأرزاق.. و العمل عندها عبادة.. و العرق و الكدح علاج و دواء و شفاء من الترف و أمراض الكسل و التبطل.. حياتها رحلة أشواق و مشوار علم و رسالة خدمة.. و العمل بابها الى الصحة النفسية.. و منتهى أملها أن تظل قادرة على العمل حتى النفس الأخير و أن تموت و هي تغرس شجرة أو تبني جدارا أو توقد شمعة.. تلك النفس هي قارب نجاة، و هي في حفظ من أي مرض نفسي، و لا حاجة بها الى طب هذه الأيام، فحياتها في ذاتها روشتة سعادة..

:redrose:





10-09-2006, 01:35 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #64
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود



[CENTER]النفس و الروح

في اللغة الدارجة نخلط دائما بين النفس و الروح، فنقول إن فلاناً طلعت روحه.. و نقول إن فلاناً روحه تشتهي كذا، أو أن روحه تتعذب أو أن روحه توسوس له، أو أن روحه زهقت، أو أن روحه اطمأنت، أو أن روحه تاقت و اشتاقت أو ضجرت و ملت.. و كلها تعبيرات خاطئة، و كلها أحوال تخص النفس و ليس الروح.

فالتي تخرج من بدن الميت عند الحشرجة و الموت هي نفسه و ليست روحه.

يقول الملائكة في القرآن للمجرمين ساعة الموت:
(( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) (93 - الأنعام)

و التي تذوق الموت هي النفس و ليس الروح.
(( كل نفس ذائقة الموت )) (185 - آل عمران)

و النفس تذوق الموت و لكن لا تموت.. فتذوقها الموت هو رحلة خروجها من البدن، و النفس موجودة قبل الميلاد، و هي موجودة بطول الحياة، و هي باقية بعد الموت، و عن وجود الأنفس قبل ميلاد أصحابها يقول الله: إنه أخذ الذرية من ظهور الآباء قبل أن تولد و أشهدها على ربوبيته حتى لا يتعلل أحد بأنه كفر لأنه وجد أباه على الكفر.

(( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذريةً من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون، و كذلك نفصل الآيات و لعلهم يرجعون )) (172، 173، 174 - الأعراف)

فذلك مشهد أحضرت فيه الأنفس قبل أن تلابس أجسادها بالميلاد، و ليس لأحد عذر بأن يكفر بعلة كفر أبيه، فقد كان لكل نفس مشهد مستقل طالعت فيه الربوبية.. و بهذا استقرت حقيقة الربوبية فطرتنا جميعاً.ثم إن الروح لا توسوس، و لا تشتهي و لا تهوى و لا تضجر و لا تمل و لا تتعذب، و لا تعاني هبوطا و لا انتكاسا. إنما تلك كلها من أحوال النفس و ليس الروح.

يقول القرآن:
(( فطوعت له نفسه قتل أخيه)) (30 - المائدة)
(( و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه)) (16 - ق)
(( و نفس و ما سواها، فألهمها فجورها و تقواها)) (7، 8 - الشمس)
(( بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل)) (18 - يوسف)
(( و ضاقت عليهم أنفسهم و ظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه)) (118 - التوبة)
(( إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا و تزهق أنفسهم)) (55 - التوبة)
(( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) (130 - البقرة)
(( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 - الحشر)
(( و أحضرت الأنفس الشح) (128 - النساء)
(( و ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)) (53 - يوسف)

فالنفس هي المتهمة في القرآن بالشح و الوسواس و الفجور و الطبيعة الأمارة، و للنفس في القرآن ترق و عروج، فهي يمكن أن تتزكى و تتطهر، فتوصف بأنها لوامة و ملهمة و مطمئنة و راضية و مرضية.

(( يأيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي، و ادخلي جنتي)) (27 - 30 الفجر)

أما الروح في القرآن فتذكر دائما بدرجة عالية من التقديس و التنزيه و التشريف، و لا يذكر لها أحوال من عذاب أو هوى أو شهوة أو شوق أو تطهر أو تدنس أو رفعة أو هبوط أو ضجر أو ملل، و لا يذكر أنها تخرج من الجسد أو أنها تذوق الموت.. و لا تنسب إلى الإنسان و إنما تأتي دائما منسوبة إلى الله.
يقول الله عن مريم:
(( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)) (17 - مريم)

و يقول عن آدم:
(( فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (29 - الحجر)
يقول (( روحي )) و لا يقول روح آدم.
فينسب ربنا الروح لنفسه دائما.
(( و أيدهم بروح منه)) أي من الله (22 - المجادلة)
و يقول عن القرآن و نزوله على النبي عليه الصلاة و السلام:
(( و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)) (52 - الشورى)
و يقصد بالروح هنا الكلم الإلهي القرآني.
(( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق)) (15 - غافر)
(( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده)) (2 - النحل)

و الروح هنا هي الكلمة الإلهية و الأمر الإلهي.

و الروح دائما تنسب إلى الله، و هي دائما في حركة من الله و إلى الله و لا تجري عليها الأحوال الإنسانية و لا الصفات البشرية.. و لا يمكن أن تكون محلا لشهوة أو هوى أو شوق أو عذاب.
و لهذا توصف الروح بأوصاف عالية.


فيقول القرآن عن جبريل: إنه روح القدس.. و الروح الأمين.

و يقول عن عيسى إنه (( رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه)) أي روح منسوبة الى الله تشريفا (171 - النساء)

أما النفس فهي دائما تنسب إلى صاحبها.
(( و ما أصابك من سيئة فمن نفسك)) (79 - النساء)
(( و من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)) (15 - الإسراء)
(( و ضاقت عليهم أنفسهم)) (118 - التوبة)
(( و ما أبرئ نفسي)) (54 - يوسف)
(( و كذلك سولت لي نفسي)) (96 - طه)
(( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) (9 - الحشر)
(( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) 130 - البقرة)

و حينما تنسب النفس إلى الله فتلك هي الذات الإلهية.
(( و يحذركم الله نفسه)) (28 - آل عمران)
ذلك هو الله ليس كمثله شيئ و هو مما لا يستطيع الإنسان أن يتخيل له شبيها و لا يصح أن نقيس النفس الإلهية على نفوسنا..
فالنفس الإلهية هي غيب الغيب.
يقول عيسى لربه يوم القيامة:
(( تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك)) (116 - المائدة)
فالنفس الإلهية لا تتشابه مع النفس الإنسانية إلا في اللفظ و لكنها شيء آخر البتة..
(( ليس كمثله شيء)) (11 - الشورى)
(( لم يكن له كفوا أحد)) (4 - الإخلاص)

و السؤال إذن:
ما نصيب كل منا من الروح؟
و ماذا نعني حينما نقول إن لنا روحا و جسدا؟
ثم ما علاقة نفس كل منا بروحه و جسده؟


أما نصيبنا من الروح فهو النفخة التي ذكرها القرآن في قصة خلق آدم.
(( إني خالق بشرا من طين، فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)) (71، 72 - ص)

و ما حدث من أمر التسوية و التصوير و النفخ في صورة آدم يعود فيتكرر في داخل الرحم في الحياة الجنينية لكل منا.. فيكون لكل منا تسوية و تصوير، ثم نفخة ربانية حتى تتهيأ الأنسجة و يستعد المحل لتلقي هذه النفخة، و ذلك يكون في الشهر الثالث من الحياة الجنينية، و ينتقل الخلق بهذه النفخة من حال إلى حال..

يقول ربنا عن هذه المراحل:
(( ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)) (14 - المؤمنون)
فيقول عند النفخة: ((ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)).. إشارة إلى نقلة هائلة نقل بها المضغة المكسوة بالعظام إلى مستوى لا يبلغه و لا يقدر عليه إلا أحسن الخالقين.. و ذلك بالنفخة الربانية.


و يتكلم عن هذا النفخ في الجنين بعد تسويته في آية أخرى عن نسل آدم.
(( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه و نفخ فيه من روحه و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة)) (8، 9 - السجدة)
و نفهم من هذا أن السمع و البصر و الفؤاد هي من ثمار هذه النفخة الروحية.. و إنه بهذه المواهب ينقل الإنسان من نشأة إلى نشأة و من مستوى إلى مستوى، و هذا هو معنى.. ((ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)).


إن نصيبنا من هذه الروح إذن هو نصيبنا من هذه النفخة.. و كل منا يأخذ من هذه النفخة على قدر استعداده.
و بفضل هذه النفخة يصبح للواحد منا خيال و ضمير و قيم و عالم من المثل.. و الجسد و الروح فينا أشبه بأرض الواقع و سماء المثال.


و علاقة نفس كل منا بروحه و جسده هي أشبه بعلاقة ذرة الحديد بالمجال المغناطيسي ذي القطبين.

و الذي يحدث للنفس دائما هو حالة استقطاب، إما انجذاب و هبوط إلى الجسد، إلى حمأة الواقع و طين الغرائز و الشهوات، و هذا هو ما يحدث للنفس الجسدانية الحيوانية حينما تشاكل الطين و تجانس التراب في كثافتها، و إما انجذاب و صعود إلى الروح، إلى سماوات المثال و القيم و الأخلاق الربانية، و هو ما يحدث للنفس حينما تشاكل الروح و تجانسها في لطفها و شفافيتها.. و النفس طوال الحياة في حركة و تذبذب و استقطاب بين القطب الروحي و بين القطب الجسدي.. مرة تطغى عليها ناريتها و طينتها، و مرة تغلبها شفافيتها و طهارتها.


و الجسد و الروح هما مجال الامتحان و الابتلاء، فتبتلى النفس و تمتحن بهاتين القوتين الجاذبتين إلى أسفل و إلى أعلى لتخرج سرها، و تفصح عن حقيقتها و رتبتها و ليظهر خيرها و شرها.


و من هنا نفهم أن حقيقة الإنسان هي((نفسه))، و الذي يمتحن و يبتلى هو نفسه، و ما يجري عليه من الأحوال و الأحزان و الأشواق هي نفسه.. أما جسده و روحه فهما مجرد مجال تماما مثل الأرض و السماوات في كونهما مجال حركة بالنسبة للإنسان لإظهار مواهبه و ملكاته.. فكلما أعطى الله لهذه النفس عضلات (جسدا) كذلك أعطاها روحا لتحيا، و تعمل و تكشف عن سرها و مكنونها و تباشر خيرها و شرها.

و بهذا المعنى تكون كلمة ((تحضير الأرواح)) كلمة خاطئة، فالأرواح لا تستحضر، و لا يمكن لأي روح أن تستحضر، لأن الروح نور منسوب إلى الله وحده، و هو ينفخ فينا هذا النور لنستنير به.. و هذا النور من الله و إلى الله يعود و لا يمكن حشره أو استحضاره.. أما ما يحشر و يستحضر فهي الأنفس و ليس الأرواح.. هذا إذا صح أن هؤلاء الناس يستحضرون أنفسا في جلساتهم.. و أغلب الظن أن ما يحضر يكون من الجن المصاحب لهذه الأنفس في حياتها (القرناء)، و كل منا له في حياته قرين من الجن يصاحبه، و هو بحكم هذه الصحبة الطويلة يعرف أسراره و يستطيع أن يقلد صوته و إمضاءه، و هذا الجن هو الذي يلابس الوسيط في غرفة التحضير المظلمة، و يدهش الموجودين بما يحسبونه خوارق.

أما الأرواح فلا يمكن استحضارها.

أما الأنفس فلا يحشرها و لا يحضرها إلا ربها.

و النفس لا يمكن أن تتحول إلى روح، و إنما هي في أحسن أحوالها ترتقي حتى تشاكل الروح و تجانسها بقدر ما تتخلق بالأخلاق الربانية، و بقدر ما تقترب من المثال النوراني (الروح التي نفخها الله في الإنسان).
كذلك يمكن لهذه النفس أن تتدنى و تهبط حتى تشاكل الشياطين، و تجانس إبليس في ناريته.

و النفس التي تتطهر و تتزكى حتى تشاكل و تجانس الروح في لطفها هي التي يقربها الله من عرشه يوم القيامة، و هي التي يقول عنها إنها ستكون (( في مقعد صدق عند مليك مقتدر)) (55 - القمر)
.. لأنها بهذا التطهر و الترقي تصبح نفسا ربانية مكانها إلى جوار الله.

أما النفوس المظلمة التي تهبط بفجورها و غلظتها إلى الدرك الشيطاني فهم الذين يقول عنهم ربهم يوم القيامة:
(( إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)) (15 - المطففين)

و هؤلاء سيكون مكانهم مع النفوس النارية السفلية في قاع الظلمة و الجحيم. أما الروح فلا مكان لها في جنة أو جحيم، و إنما هي نور من نور الله تنسب إليه، و هي منه و لايجري عليها ابتلاء و لا محاسبة و لا معاقبة و لا مكافأة.. و إنما هي المثل الأعلى في الآية:
(( و له المثل الأعلى و هو العزيز الحكيم)) (60 - النحل)
(( و له المثل الأعلى في السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم)) (27 - الروم)

و ذلك عالم المثال النوراني الذي يستمد قدسيته و نورانيته من كونه من الله و من أمر الله.

(( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) (85 - الإسراء)


:redrose:









10-09-2006, 08:10 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير فارس اللواء 0 1,163 01-03-2012, 09:16 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انتفاضة البحرين وآفاق الحوار/ بقلم محمود إسماعيل فارس اللواء 0 1,095 09-13-2011, 12:27 PM
آخر رد: فارس اللواء
  رد الدكتور سليم العوا علي الشيخ حازم شومان بشأن أفكاره عن الليبرالية فارس اللواء 5 2,969 08-03-2011, 09:05 PM
آخر رد: فارس اللواء
  مؤمن مصلح يسأل هل سمعتم عن الدكتور داهش؟ مؤمن مصلح 20 6,771 06-24-2011, 07:42 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  الدكتور مهاتير محمد نجاح بلا حدود السيد الحسيسى 0 1,413 01-14-2011, 01:25 AM
آخر رد: السيد الحسيسى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS