اقتباس:19 - لبنان . إلى أين ؟
فائز البرازي |16/09/2006 م، 08:48 مساء (السـعودية) 05:48 مساء (جرينيتش)  
حتى نستطيع إعطاء إجابة تقترب من الواقع الحالي ، وإستقراءآ للتاريخ ، لسؤال ( لبنان إلى أين ؟ ) ، لابد أن نقرأ بعض الأحداث ومجريات الأمور . وفي البحث دائمآ تكون الإجابة والنتيجة ، في النهاية كمستخلص للمقدمات والطروحات . لكن هنا وإن خالفت أصول البحث ، أطرح ` النتيجة ` التي يمكن إضاءتها بالمقدمات ومجريات الأحداث . النتيجة : في رأيي تقول : - [ ان المشكلة في لبنان .. وليست في سوريا ] .. لماذا ؟ . صفحات من التاريخ : 1-في التاريخ البعيد : ومنذ منتصف القرن الثامن عشر ، تعايش وتعاون المسيحيين المارونيين ، مع قوة الدعم الفرنسية ضد الدولة العثمانية . وعندما أسطر هنا ` المارونيين ` فأعني الكثرة منهم ، كما في التوصيف لكل طائفة أخرى . 2- في التاريخ القريب : ومنذ الإحتلال الفرنسي التواجدي للبنان وسوريا ، نمى هذا التعاون حتى أصبح متغلغلآ في نفوس بعض اللبنانيين وسيكيولوجيتهم وفي جيناتهم التي تورث لأبنائهم . وأصبح نقطة إستناد ومنطلق في جميع المواقف والقرارات التي تحكم معظم هذه النخبة ومريديها في لبنان ، وبعيدآ عن صوابية تلك المواقف أو خطأها الذي ينعكس على ` الوطن لبنان ` والذي لايمكن عزله عن إنتمائه العربي . 3- ان معظم الأوقات والظروف السياسية التي عاشها لبنان وسوريا ، وفي أزمنة متعددة ومتباعدة : فترة الإحتلال العثماني – فترة الإحتلال الفرنسي – فترة إستقلال الدولتين – فترة الوحدة السورية المصرية – فترة حكم الإنفصال – فترة حكم حزب البعث لسوريا .. ، كلها كانت أوقاتآ وظروفآ متشنجة ، صدامية ، وعدائية . وإن لم تكن كذلك على المستوى الشعبي الغالب ، إلا أنها كانت كذلك على مستوى بعض النخب ومعظم المتحكمين بالقرار السياسي اللبناني ، المنعكس عن مواقف وإسقاطات ذاتية . وهنا تحديدآ لابد من توضيح أمر ، هو : أن ذلك وإن كان مرتبطآ ومنعكسآ على طائفة ما في لبنان ، إلا أن ذلك لايعني وجود تعاطف ومواقف من أشخاص ونخب تنتمي إلى طوائف أخرى .. أي : كان على الدوام إنقسام وتوزع على أحد مشروعين أساسيين في لبنان : • مشروع التبعية ، و ` التفضيل ` للخارج الغربي : فرنسا ، أمريكا ، إسرائيل . • مشروع مقاوم رافض لهذا المشروع ، بتأكيد إنتماء لبنان العربي ، للمشروع القومي العربي ، ضد التحالفات والتبعيات المشبوهة . ففي فترة الإحتلال التركي العثماني : ومع كل المقاومة والنضال من القوميين العرب مسلمين ومسيحيين ، ضد الإحتلال والقهر ، وعلقت لهم المشانق في لبنان وسوريا ، وطالتهم جرائم / جمال باشا / السفاح المشهودة في كتب التاريخ ، وقف معظم ` الموارنة ` على الحياد في هذا الصراع العربي / التركي ، بل كانوا ينكرون على المقاومين القوميين تصديهم لسياسة التتريك والإضهاد لما تسببه من قلاقل ، وبرروا ذلك بأن الأمر لايعنيهم .. فالأتراك ` مسلمين ` ، وهم ` مسيحيون ` ، والمقاومة ` عربية ` ، وهم ` فينيقيون ` وليسوا عربآ . ولم يستطع أحد أن يفهم طروحاتهم تلك .. وهم النازحون والهاربون من ( سوريا ) بلدهم ومنبتهم ، نتيجة الإضطهاد العثماني – الذي لايعنيهم - ، وهم من ` سوريا ` .. هم ` آراميون ` أصلآ ولغة . أي : سريان سوريون ، وسريانيو اللسان ، لا فينيقيوه . وهم ( بالذات كموارنة ) ، لايمتون بصلة للفينيقيين . وكمعلومة تاريخية : فإن ` هيرودوت ` : 484-425 ق.م في تاريخه / تاريخ هيرودوت / ، وعندما وثق تاريخ العرب ، بين أن أصل ( الفينيقيين ) هو من منطقة الخليج العربي ، وأنهم إنتقلوا إلى الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط الذي يصفه بأنه يشكل الحد البحري لبلاد العرب . وطلبوا منذ عام 1888 من السلطان / عبد الحميد الثاني / الإنفصال عن ` ولاية سوريا ` ، مع بقائهم تابعين للسلطة العثمانية ، فأجابهم على طلبهم . في فترة الإحتلال الفرنسي : وكانت الصورة السوداء أيضآ من الداخل اللبناني . ففي صراع تركيا مع فرنسا على مساحة رحبة من العالم ، كانت فرنسا ومنذ عام 1860 تدعم ` المسيحيين الموارنة ` وتحميهم . لاسيما أن أكثرية هؤلاء قد تربوا في الإرساليات المقيمة في لبنان ، وهم يتكلمون الفرنسية بطلاقة ، وقدمت لهم مراكز عديدة في الإدارات الجديدة بعد ` الحرب العالمية الأولى ` وإنهيار الإمبراطورية العثمانية . وكذلك تسهيلات مختلفة لمساعدتهم عل إنشاء مراكز تجارية ، وشجعتهم على الإنتقال التدريجي من فلاحين ريف ، إلى تجار مدينة ، في رأس بيروت والأشرفية . وأصبحوا القاعدة الأكثر ولاءآ لفرنسا ، وأصبحت أحياء بيروت تشكل ولأسباب عملية وعاطفية ، جزرآ ثقافية ودينية ، وهي جزر قابلة جدآ للنفوذ ، وتابع أبناء : بطرس ، وليندا سرسق ، والإخوان تويني ، تحت الإنتداب الفرنسي ، ما كانوا يتابعونه تحت الحكم العثماني . وأصبحوا ينافسون الأسر السنية التي كانت تسكن في رأس بيروت والتي كانت وحتى مجيئ الفرنسيين ، سادة المدينة خلال أربعة قرون ، من أسر كعائلة : الغندور ، البلطجي ، الداعوق ، بيهم ، الصلح .. وهم على وئام مع الأسر : الرومية الأرثوذكسية . وفي عام 1918 تاريخ مغادرة العثمانيون لبنان ، بعد أن تركوها في عهدة حكومة ألفها / عمر الداعوق / ، إحتشد البيروتيون في تاريخ 4/11/1918 ، في ساحة ` القشلة ` – السراي الكبير – والتي تحولت فيما بعد إلى مقر رئاسة الحكومة اللبنانية ، وإحتفلوا برفع ( العلم العربي ) على سارية القشلة . وحتى 8/11/1918 تاريخ نزول الفرنسيين الساحل اللبناني بعد قصف البوارج الفرنسية والإنكليزية خلال يومين ، طلبوا من / شكري الأيوبي / الحاكم العربي ، بإنزال العلم العربي ، ورفع العلم الفرنسي . فقال لهم مواجهة في سرايا بعبدا ، وبعد أن وضع مسدسه أمامهم على الطاولة : [ المسدس أمامكم وفي مقدور أحدكما قتلي – ضابطين فرنسي وإنكليزي – إذا أراد . ولكن لن أنزل العلم العربي ] . وبقي حتى ليل 11/11 حيث أنزله الفرنسيون ليلآ وبالسر . في عام 1919 نفذ الفرنسيون وعدهم ، الذي أعطاه /كليمانصو/ رئيس الوزراء الفرنسي ، للزعيم الماروني : البطريك / إلياس الحويك / خلال زيارة حويك في شهر آب / 1919 للباخرة الحربية الفرنسية ، فوسعت متصرفية جبل لبنان على حساب ولاية بيروت ، وتحويل هذه المتصرفية إلى ` كيان لبناني ` ذي طابع خاص . وفي تموز 1920 وضع أعضاء / مجلس إدارة جبل لبنان / ، وكانوا في غالبيتهم العظمى من الموارنة ` مضبطة ` – عريضة – وجهت إلى / غورو / لرفع المظالم !! عنهم ، وإحترام ` إستقلالهم ` ، ضمن التفاهم وحسن الصلات الأخوية بين [ شطري الوطن الواحد ] سوريا ولبنان . في أيلول 1920 حشد الفرنسيون ، أعيان البلاد اللبنانيين في / قصر الصنوبر / وخاطبهم / غورو / بخطاب طويل إختتمه .. [ ان جنود فرنسا الفتيان قد عززوا أمانيكم بمعركة واحدة – معركة ميسلون – ضد تلك القوة المشؤومة - الجيش العربي السوري – التي كانت تطمع لإستعبادكم . ان جنود فرنسا الفتيان هم كفلاء إستقلالكم ، فلا تنسوا أن دم فرنسا الكريم قد سال لأجل هذا الإستقلال ، كما سال لأجل إستقلال شعوب كثيرة .. ليحيا لبنان الكبير .. لتحيا فرنسا ] . ثم أقام / البطريرك إلياس الحويك / قداسآ دينيآ في ` كاتدرائية مارجرجس ` في بيروت ، ألقى المطران / بطرس الفغالي / كلمة إستهلها بقوله : [ هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، تعالوا نسرّ ، ونفرح به ] . وبعد المطران الفغالي ، قام المطران / أغناطيوس مبارك / رئيس أساقفة بيروت ، وقال مخاطبآ الجنرال / غورو / الذي أقيم القداس على شرفه .. [ .. بعد إستيلائك على الشام يامولاي ، جلوت عن الشعب غيوم الأوهام فأصبح في حالة من الفرح والشكر والحماس لاتوصف . لأن هذا الإنتصار أنقذه من كابوس التشوش والقلق الذي كان يضغطه ويثقل عليه ، فأصبح الآن يشتغل ويعمل في راحة وهناء . وإسمح لي يا حضرة القائد أن أشكرك بإسم الشعب الساذج الذي أنقذته من أغلال الجور والإستبداد ، وأشكرك أيضآ على إستيلائك على الشام التي كانت حكومتها السابقة منشأ تلك الإضطرابات . أشكرك على ( لبنان الكبير ) الذي فتح لك السبيل فصرت سيدآ على سوريا كلها ] . في عام 1937 حصلت لبنان على رئيس جديد / إميل إده / بعد أن ربحت الجبهة الشعبية الإشتراكية الإنتخابات في فرنسا . وكان / إده / محبذآ للإنتداب الفرنسي ، ويرى أن البلاد المقسمة بين : [ وطنيين لبنانيين ] ، وبين [ وطنيين عرب ] يطالبون بالوحدة مع سوريا التي فصلت لبنان عنها .. – المملكة العربية ، وسوريا الطبيعية التي كانت ولاية واحدة مركزها مدينة دمشق منذ 1864 - . كان يرى إده أن لبنان ليس من الإستقرار بعد ، بحيث يستغني عن الحضور الفرنسي . في عام 1943 وفي إنتخابات المجلس النيابي ، تصارعت كتلتان هما : ( الكتلة الوطنية ) الموالية لفرنسا والمؤيدة لإنعزال لبنان عن البلاد العربية ، و ( الكتلة الدستورية ) برئاسة / بشارة الخوري / والمؤيدة ` لتعاون ` لبنان مع الدول العربية . ولعب `المال السياسي ` دورآ أساسيآ من قبل الكتلتين . ونجحت : الكتلة الدستورية / بشارة الخوري ، ثم إنتخب البرلمان بشارة الخوري ، رئيس للجمهورية اللبنانية . وإستطاع التغلب على معارضة ( الإكليروس الماروني ) والمؤيد / لأميل إده / ، بإقناعهم بواسطة [ المال ] . وتورد ` مجلة الصياد / سعيد فريحة` تفاصيل العشرين ظرفآ من ` البنكوت ` المعنونة بأسماء منها ( غبطة البطريرك ) . في أواخر عام 1949 تسلم / خالد العظم / رئاسة الحكومة في الجمهورية العربية السورية . وكانت العلاقات مع الحكومة اللبنانية بين شد وجذب منذ حصول كلا البلدين على إستلالهما قبل ست سنوات . وكان سبب توتر العلاقات ` شعور السوريين بالغبن ` من هيمنة الرأس المال اللبناني على الإقتصاد في سوريا ولبنان معآ . وذلك بسبب الوحدة الجمركية بين البلدين . فقد كانت الجمارك المشتركة ، مرؤوسة دائمآ من قبل مدير لبناني ، وكانت الحكومة اللبنانية ترفض تداول رئاسة الهيئة بين البلدين . وإرتأى / العظم / قيام وحدة إقتصادية بين البلدين . ولتحقيق ذلك تم التشاور والدراسة لهذا الموضوع ، من وزير إقتصاده / معروف الدواليبي / وقادة الرأي الإقتصادي في سوريا . ووصل الجميع إلى رأي موحد : ( إما وحدة إقتصادية ونقدية يخلص لها البلدان . وإما إنفصال جمركي يكون فيه كل البلدين حرآ في إتباع السبيل الذي يناسبه) ورفع هذا الأمر إلى / رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح / فجاء رده ` سلبيآ ` وأن حكومته لايسعها التسليم بمحتوى المذكره السورية ، ووصفها بأنها أخذت شكل ( إنذار ) . وفي اليوم التالي أصدرت حكومة العظم مرسومآ بفصل الجمارك السورية ، عن اللبنانية وتأسيس مديرية عامة للجمارك السورية ، مع وقف تدفق القطع السوري إلى لبنان لتبدياه بالليرة اللبنانية لتسديد قيمة البضائع التي تشتريها سوريا ، وهو المؤدي إلى هبوط الليرة السورية وإرتفاع قيمة الليرة اللبنانية . ثم تقرر .. منع نقل البضائع من لبنان إلى سوريا ، بإستثناء البضائع العابرة ` الترانزيت ` .. أي أي : تم شبه إغلاق كبير للحدود بين سوريا ولبنان . هذه الصفحات من التاريخ ، حتى أوائل خمسينات القرن الماضي ، حيث تكون ذاكرة البعض قد وهنت ، وقد يكون هناك من لم يعرف ما سبق ، بسبب عامل السن والشباب . أما ما بعد ذلك ، فسأمر عليه سريعآ لأنه لازال ` طازجآ` تقريبآ : 1958 كميل شمعون ، وسوريا / الوحدة . والإنزال الفرنسي الأمريكي في لبنان ، والمقاومة الشعبية . 1962 والإنتقام من الوحدة ، بالإنفصال ، وعقد مؤتمر / شتورة / بين الإنفصاليين السوريين ، ومصر . وكانت الدعاية والأبواق تصب غثاءها مؤيدة للإنفصاليين ، الذين كانوا يصرخون .. أين طائراتنا ياعبد الناصر ؟؟ وتردد بعض الأبواق اللبنانية هذا السؤال . وفي نفس الوقت وعلى الجهة الأخرى لم يخل الأمر من شد وجذب بين لبنان وسوريا . 1990 – 2005 الهجوم الظالم و ` المقصود ` على التظام السوري ، - بعيدآ عن الأخطاء والخطايا التي ساهم بها مع سياسيين أساسيين من لبنان . 1975 الإقتتال اللبناني اللبناني ، وما فيه من حروب طائفية ، سواء بين طائفة وطائفة ، أو داخل الطائفة الواحدة ، مرورآ بأحداث 1968 / 1969 ، وكل الإغتيالات السياسية الطائفية ، وصولآ إلى إغتيال ( حبيقة ) ، وإغتيال ( الحريري ) ، اللذان أكاد أراهما متشابهين وبيد واحدة . متضمنة تلك الأحداث ، أدوار لهيئات وشخصيات لعبت دورآ مؤثرآ من وراء ستار ، ولم تظهر دائمآ على ساحة الأحداث إلا ما ندر . منها : المؤسسة اللبنانية للسلام : المقر / أمريكا – القدس . حكومة لبنان في المنفى : أمريكا / القدس – اللجنة الأمريكية من أجل لبنان حر ، وحلقتها الذهبية – زياد عبد النور – موراي كال – ناجي نجار – حراس الأرز / إتيان صقر ` أبو أرز ` صلة الوصل الرئيسية مع إسرائيل – روبرت مارون غانم / `كوبرا ` – سمير جعجع – إيلي حبيقة – بشير الجميل – جوني عبدو .. الخ المرتبطون كليآ بأمريكا وإسرائيل . وهنا لن أدخل في تفاصيل الأدوار ، ومن خلال المراجع والدراسات والكتاب الغربيين ومراكز الأبحاث ، والتصريحات الغربية والأمريكية ، وتصريحات الفرقاء أنفسهم ، لن أدخل الآن في هذا لسعة الموضوع . وقد أدخل إليه لاحقآ في مقال مستقل . لقد عبر عن هذه الحالة اللبنانية ، الرئيس اللبناني / شارل الحلو / في كل ندوة أسبوعية كان يعقدها مع الصحفيين اللبنانيين ، حيث يرحب بهم قائلآ : [ أهلآ وسهلآ بكم في وطنكم الثاني لبنان ] . ولم يكن مغزى هذا الترحيب ليغيب عن الصحفيين ، إذ كان القصد من هذا الترحيب : بأن ` وطنهم الأول ` يتمثل بالجهة الخارجية الداعمة لصحفهم . وكان يقول : أن ( الإستثناء ) من ذلك ، ( يثبت القاعدة ) . كل ماسبق ، يعيدنا بالتأصيل ، إلى السؤال : لبنان إلى أين ؟؟ .. إن شعورآ داخليآ وغريزيآ عند ( كل طائفة لبنانية ) بالعجز منفردة في تخوفها من الطائفة الأخرى ، يدفعها بالضرورة للبحث عن ` خارج ` للإستقواء به ، بوعي أو بدون وعي في إطار التبعية للمرجع والحامي الخارجي ، وهذا الشعور متراكم وقديم . ولم تصل ` الوطنية اللبنانية ` إلى مرحلة اللحمة العضوية التامة بين الطوائف التي يتشكل منها لبنان . وبالتالي فأكاد أرى وأردد منذ 15/7 بعد أيام من الغزو الإسرائيلي للبنان ، أن : تاريخ 12/7/2006 هو تاريخ فاصل .. ما قبل وما بعد ، في المنطقة وفي لبنان على وجه الخصوص . وهذا يضعنا مرة أخرى أمام خيارين : 1- بقاء حال لبنان الطائفي كما هو خلال قرون ماضية ، مع تغيير أسماء وتشكيلات وأسباب وقوى خارجية ، ترتكز إليها هذه الطوائف . 2- أو الدخول في تاريخ جديد من المواطنة القائمة على المساواة وتكافؤ الفرص والإلتحام الوطني ، نبذآ للطائفية وللتبعية للمرجع الخارجي . إن ذلك سيضع جميع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم للتوحد الوجداني ، وخلق الدولة اللبنانية السياسية القوية ، المتشكلة : من أرض منيعة ، ومجتمع مواطن محمي ، وحكومة وطنية . وأكاد أرى الآن ... أن الوصول إلى هذه الدولة ، يقتضي من جميع اللبنانيين : 1- العمل على قيام ( دولة قوية وطنية ) ، تتجاوز ` صيغة الطوائف ` بمحاولة أولى بإستبعاد الزعامات التقليدية لهذه الطوائف من مركز ( القرار السياسي ) ومن مؤسسات الدولة والتي يجب أن تقوم على أساس ` سياسي تشاركي ` من أكفأ وأنظف وأخلص الشعب اللبناني ، وتشكيل ( حكومة وحدة وطنية ) تساهم فيها جميع القوى السياسية الممثلة لكل تيارات المجتمع . وتعمل على وضع ` إستراتيجية دفاعية ` يتفق عليها إنطلاقآ من تحقيق منعة لبنان وصموده ، حيث أن بقاء البلاد بدون هذه القوة الإستراتيجية والمقاومة والرادعة ، هو : إلغاء كامل ( لسلطة الدولة وسيادتها ) . 2- وضع مبدأ ( السيادة ) كهدف أساسي وثابت ، وضمن نطاق ` الوجود الحقوقي الطبيعي ` الحاضن لها وهو المجتمع ، في توصيف أي دولة ومن ضمن وظائفها الأساسية بالحفاظ عليه . إن السيادة تعني ` مقاومة ` جميع المشاريع والمخططات والتطلعات التي تروم الإنتقاص من السيادة ، لخدمة أهداف أخرى . و ( السيادة ) الحقيقية تتم في دولة قوية . ولا دولة حقوقية / قومية ، بدون أمة طبيعية ، يكون هدفها ومبرر وجودها هو : الإقرار بأن السيادة مستمدة من ` الشعب ` . وأن الشعب لم يوجد للدولة ، وإنما الدولة وجدت من أجل الشعب . وهذا مبدأ ` ديمقراطي ` تقوم عليه ` القومية ` . وبالمحتم يمكن القول : ( أن الدولة الديمقراطية هي دولة قومية حتمآ ) . إن مفهوم ` الدولة القومية ` تتلازم مع مفهوم ` السيادة ` ، منذ .. / هوبس ، لوك ، روسو / وباتت السيادة كل شيئ ولا تزال بتعزيز ( مصالحها القومية العليا ) . 3- إن ( السيادة ) لايمكن أن تستقيم مع نظام محاصصة داخلي طائفي ، يقوم على أساس ` الإستقواء بالخارج` من طائفة ضد طوائف أخرى . إذ طالما إعتبرت ` الطوائف ` نفسها في صراع وتناحر فيما بينها ، وفي ذات الوقت فإن هذه الطوائف قد إقتسمت الوطن وحولته إلى كانتونات ، وبالتالي تقاسموا السلطة ، وتقاسموا المصالح والمنافع ، وكان لابد لذلك أن يذهب الوطن ، وتذهب السيادة مع الريح . إن تاريخ سويسرا وشعبها يماثل ما مر بع اللبنانيون ، قبل أن يقولوا وداعآ ` للمرجع الألماني ` و ` المرجع الفرنسي ` وبقية المراجع التي كانت تحرضهم على بعضهم البعض . فبحثوا عن خلاصهم الوطني الخاص ووجدوه . 4- ان حكومة وحدة وطنية لجميع اللبنانيين ، غير محدودة المدة ، ضمن مبدأ تغيير الأشخاص الممثلين فيها نتيجة العودة إلى تفويضاتهم الممنوحة لهم من الشعب ، ومعتمدة على مبدأ الكفاءة وتنفيذ برامج الحكومة ، وتعيد للوطن تماسكه وغندماجه التدريجي في دولة السيادة والسياسة ، وتنتقل بالمواطن والمؤسسات من مفهوم الإنتماء الطائفي ونظام المحاصصة ، إلى مفهوم الإنتماء السياسي الوطني ، ستخرج لبنان ` تدريجيآ ` وتراكميآ من وضع طائفي شاذ غستمر قرونآ . إن قوة لبنان في تماسكه ، وتحويله من دولة طوائف إلى دولة سياسية ديمقراطية مقاومة وبانية . إن مفهوم : ( ثقافة المقاومة ) لايرتبط فقط بالجانب العسكري والحربي ، وإن كان هو البداية والمنطلق لحماية هذه الدولة ، وغنما هو مفهوم مقاوة وممانعة لجميع المخططات الداخلية والخارجية التي تهدف إلى زعزعة إستقراره والتحكم به وبقراراته ، وسلبه إنتمائه القومي .