{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الفتك، والفاتيكان
أين حقي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 245
الانضمام: Nov 2002
مشاركة: #1
الفتك، والفاتيكان


الفتك، والفاتيكان



عبدالله الناصر
لم يكن حديث بابا الفاتيكان وهجومه على الإسلام ونبيه حديثاً مستعجلاً، ولا مندفعاً.. بل كان حديثاً متأنياً، ومدروساً بعناية شديدة.. لأن معطيات الأمور ومساقاتها، طيلة الفترة الماضية، توحي بحدوث مثل هذا الحديث، الذي جاء في وقته، وفقاً لاستراتيجية مدروسة مؤداها انه آن الأوان للقول بصراحة ووضوح إن العالم اليوم مقسوم إلى قسمين متصارعين: غربي مسيحي نوراني متفوق، يملك المال، والتقنية والجبروت.. وإسلامي شرير يملك الفوضى والتخبط والثروات.
بابا الفاتيكان، وهو أكبر الرموز المسيحية الدينية، وقف أمام العالم كله وجهاً لوجه في عدائه مع الإسلام بوعي عنصري متأصل. مواكباً الحملات الإعلامية والعسكرية على الإسلام وأهله، والتي تنفذها، وتشنها، كتائب الغرب تحت قيادة وزعامة الولايات المتحدة، والتي سبق لرئيسها ان أعلن أمام الملأ انه يخوض حرباً صليبية مقدسة!! وكرر هذا الإعلان بصيغ مختلفة في أماكن وأوقات مختلفة.. كان آخرها منذ أسابيع، حينما شن على الإسلام هجوماً شرساً متهماً إياه بالفاشية.. وما يقوم به الرئيس هو امتداد لتاريخ متوارث يعرفه من قرأ كتاب «محمد» لجده الأعلى بوش.

ان ما تفوه به البابا ليس فلتة لسان، ولا زلة قلم، بل ضربة دقيقة وشديدة التوقيت، الهدف منها صدمة الرأي العام الإسلامي.. تلك الصدمة التي سبقتها صدمات هدفها هز النفسية الإسلامية، وكبتها، وتبخيسها، وتحطيمها، لترى بنفسها حالة العجز، والتبعثر، وقلة الحيلة، ومن ثم الارتداد إلى الذات ارتداداً محبطاً، لا يستطيع المرء المسلم معه أن يفعل شيئاً إلا إعلان عجزه، وضعفه، وضعته، ومن ثم احتقار ذاته المهزومة، واحتقار نفسه المأزومة، حيث أصبح أمام نفسه ضعيفاً، مكشوفاً، ممتهناً، عليه أن يستسيغ ويتقبل كل ما يوجه إليه من إهانات وضربات، فيستقبلها بصَغار، ومهانة، وعبودية، وهذا يجعله أكثر استعداداً للاستسلام والانحناء، وقبول الهوان، والشعور بالدونية المفرطة، ومن ثم تقويض، وتفكيك الوازع الديني الجمعي، ومسح قدسيته لديه، والاستخفاف به، واضطهاده بالعجز القهري، ليصبح الفرد الإسلامي - وبالذات لدى الناشئة - مفرغاً من أية حماسة، أو غيرة دينية، ومن ثم فإنه يصبح مستعداً لاستيعاب وتقبل كل الحملات القادمة، إن لم يكن بالرضا فبالاستسلام..

والبابا وجد مناخاً مناسباً، وظرفاً مناسباً، وفرصة مواتية لشن غزوة جديدة، بل الدخول في مرحلة جديدة في مواجهة الإسلام.. فلم يكن عبثاً أن يهاجم الإسلام ونبيه في هذا الوقت. ولم يكن عبثاً ان يتهم العقلية الإسلامية بالتخلف لعدم استيعابها خطابه..!! فالمسألة مدروسة بدقة وراءها عقل مدبر، وتخطيط محكم، فهي تسير في سياق ونسق ثقافي، وزمني، مبرمج، ممنهج.

إذن هي الحرب المعلنة، والمكشوفة، والصريحة، والتي لم يعد معها أحد من أتباع الغرب، وأذياله، ومواليه، ولا موظفيه الثقافيين في المنطقة، بقادر على أن يواري هذه السوءات، أو يتستر عليها، أو يدافع عنها.. بل لقد أصبح في ظل هذه الحملة مهيّأ لأن ينتقل إلى مرحلة الصراحة في الولاء، بل ربما تمجيد هذه الحرب الفكرية كما هو يعمل على تمجيد وتأييد حرب السلام والاحتلال في العراق وفلسطين.

٭ في محاضرة القدح والتشويه، والتشويش، يتهم البابا الإسلام بعدم إنسانيته، كما يتهمه بالبربرية، وأنه دين غير عقلاني..! ولو كان الحديث حديث إنصاف، أو لو كان هذا العالم خاضعاً لقوانين إنسانية، منصفة تديرها عقول يهمها أول ما يهمها المحافظة على كرامة بني البشر، وحرية بني البشر، وصونهما من العبث والاحتلال، والاستحلال، لو كان الأمر كذلك، لوجد الرجل المسيحي الأول، والرمز الديني الأول نفسه في مأزق أخلاقي وتاريخي عظيم فجميع أعمال القتل والإبادة والممارسات البشعة، التي تتنافى مع أبسط القيم والمبادئ البشرية هي أعمال غربية مسيحية، وليست إسلامية محمدية!!

ففي أوروبا نفسها وخلال عقدين قامت حربان عالميتان مهلكتان كان ضحيتهما أكثر من مائة وعشرين مليون قتيل غير الجرحى والمشردين، استخدمت فيها أبشع أدوات القتل والإبادة والتعذيب التي ابتكرتها العقلية الغربية المسيحية.. وكان العالم قبل ذلك وبعده يتعرض لحملات حربية، وحملات استعمارية للعالم العربي والإسلامي النصيب الأوفر منها، ويكفي أن بلداً عربياً مسلماً كالجزائر تعرض للاحتلال وإبادة مليون ونصف مليون شهيد غير التدمير، والتعذيب، والتشريد، والتجويع وحالات الهلع والجنون الذي أصاب هذا الشعب، كما أصابت شعوباً عربية كثيرة لايزال يعاني بعضها من الظلم والعبثية، والوحشية والاحتلال إلى اليوم كفلسطين وبلدان إسلامية أخرى.

إن الذين يتحدثون عن همجية الإسلام يتجاهلون أن العالم كله ظل ولايزال تحت تأثير الرعب الغربي وتحت وابل نيرانه الجهنمية، وعبث جنوده بالإنسان والأرض، حيث أصبح مالك الكون بقوة الآلة العسكرية، وبالضمير المفرغ من الحب، والأخلاق. ولعل ابتكار القنابل الذرية، والنووية، واستخدامها ضد بني الإنسان، هو برهان قاطع يكشف العقلية الغربية المسيحية المسلحة، وما تنطوي عليه من تسلط وهمجية، وشغف بالاستعلاء، والتجبر، وإراقة الدماء، وهذا ما نهى عنه ديننا نصاً، وعبر عنه القرآن الكريم بأنه «بغي بغير الحق».

وإني في هذا المقام لأسأل سيادة البابا، وزعماء الغرب، ومن لف لفهم.. هل قضية الهلوكوست الدرامية التي لايزال الغرب يلطم نفسه ويذرف عليها الدموع، ويملأ الأرض نواحاً وبكاء بسبب بشاعتها هل هي عمل إسلامي محمدي؟ أم هي من أعمال قوم شعارهم الصليب المعقوف!! بل سوف استفيض في السؤال وأقول من الذي شن حروب الإبادة في الملاوي، وفيتنام، ولاوس، وكمبوديا، وكوريا، وجنوب افريقيا، وأمريكا اللاتينية واستخدم قنابل النابالم، وقنابل الغاز، والأسلحة الجرثومية التي تقضي على الإنسان والشجر والحيوان..! هل كان هذا عملاً إسلامياً، وبسلاح إسلامي، وابتكار إسلامي.. وبتراتيل قرآنية..؟ أم انه كان يتم تحت قرع أجراس الكنائس والكاتدرائيات، ودعاء الرهبان، والقساوسة..؟ ثم إني اسألك يا سيادة البابا عما يحدث الآن في العراق من احتلال، وحرب إبادة، وإشعال فتن طائفية، وإحراق للأرض، والإنسان، وتجنيد المرتزقة واستخدام القنابل المتطورة، المخصبة، أو المنضبة بالأشعة النووية.. وهذه الجثث المتعفنة، والمقابر الجماعية، وتحويل العراق ساحة نموذجية للتخريب، وتجريب كل سلاح فتاك على أرضه، وسرقته، ونهبه، وتدمير حضارته وإحراق مكتباته، واختلاس آثاره بشكل بربري بشع، أليس هذا عملاً غربياً..؟ أليس هذا نموذجاً حياً للرحمة، والأخلاق الإنسانية الغربية، ثم ألم تشاهد أيها الرجل المتدين الذي يزعم أنه سيملأ الأرض رحمة وعدلاً الصواريخ الإسرائيلية الغربية الصنع والتي كتب عليها: هدايا لأطفال لبنان؟!

سيادة البابا كنا نظن أننا في القرن الواحد والعشرين سوف ننعم بشيء من الأمن والطمأنينة، وبشيء من السلام والحب. غير أن الذي حدث هو العكس تماماً، فلقد أصبحت بلداننا تستقبل يومياً آلاف الأطنان من القنابل وعشرات الأسراب من الطائرات الحربية وعشرات البوارج وآلاف الجنود القادمين من الغرب وهم بكل تأكيد لن يملأوا أرضنا بالمحبة، ولن يغرسوها بأشجار النخل والزيتون ولن يبنوا لأطفالنا مدارس ومستشفيات، وإنما جاءوا لبث المزيد من الرعب والمزيد من الذبح وسفك الدماء. فهل هذا يا سيادة البابا عمل من أعمال الخير والبر والإحسان، ومحبة الله ومحبة الأطفال..؟

سيادة البابا كلنا - نحن وأنتم - نعرف أطراف اللعبة وأسبابها التاريخية، والثقافية، والدينية.. ولكن ثقوا كما نحن واثقون من أنكم لن تستطيعوا ان تقوموا بدور الإله فتقولون للشيء كن فيكون..

:: ::


مودتى

أين حقي

09-23-2006, 01:38 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  صنعوا الها ... ثم انقلبوا عليه وأرادوا الفتك به !!! نسمه عطرة 3 1,065 03-03-2008, 01:31 PM
آخر رد: نسمه عطرة

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS