بركات عيد السيدة..
حلت بركات عيد السيدة على جبهات الجنوب اللبناني , توقف القصف الجوي و صورايخ الكاتيوشا, و لا بد أن الجنود الإسرائيليين و مقاتلي حزب الله منهمكين الآن في أكل "الهريسة" التي تقدم في هذه المناسبة ,ملت إسرائيل من ملاك الموت الذي خيم على جنودها في الجنوب و حاولت دفعة بقبولها قرار الأمم المتحدة , و رغم تحفظات حزب الله "البروتوكوليه" كان سعيدا به , لأنه قد يضع حدا لمعاناة مئات الآلاف من مناصرية الذين أضحوا بلا سقف ,و هذا القرار نفسه يبدو أنه متوشح ببركات عيد السيدة لأنه حظي بقبول واسع لم يستثن دمشق و لا طهران , وقد وجد فيه كل طرف شيئا يخصه أو يدفعه للقبول به .
أعتبر حزب الله وقف القتال على الوضع الحالي نصرا, و كان حسن نصر الله قد قرر أن النصر هو الصمود, و قد صمد حزب الله محتفظا بطاقة كبيرة مكنته من إطلاق مائتين و خمسين صاروخا في اللحظة الأخيره ,و هو ما أراد أن يؤكد به , أن قدرته مازالت عاليه , و عدد الصواريخ في هذا المقام أهم بكثير من قدرتها التدميرية ,و ما يؤكد لحزب الله نصره ما يجري في إسرائيل من جدل أقرب الى خصام المنهزمين , بعد التخبط الكبير الذي دخلت فيه الطيقة الحاكمة في إسرائيل ,و لكن الأمر لم ينته بعد , فما زلنا في البند "التمهيدي" الأول من بنود قرار مجلس الأمن ,الذي ينص على وقف العمليات الحربية, و علينا أن ننتظر حتى تنجز كل الأطراف قرائتها الخاصة لبقية بنود القرار .
ستقرأ إسرائيل هذا القرار و هي "معززة" بتفوق جوي مطلق , و بلغة عبرية "فصيحة", لن يقبل بأقل من تراجع كل ما يمت لحزب الله بصلة الى أبعد من المدى المجدي لصواريخه , و ستضمن الدولة البنانية و المجتمع الدولي هذا الإبعاد بثلاثين ألف جندي موزعين مناصفة بين قوات محلية و دولية, و هذا مطلب , لن تدقق إسرائيل كثيرا بسلاح حزب الله إن تحقق, فهي بكل الأحوال ستكون بمنأى عنه ,هذا الحل السحري "أرخص" بكثير من الحل الذي تلى إجتياح العام 1982 , و الذي أنتهى بشريط عانت إسرائيل الأمرين من وجوده .
حزب الله "سيتأبط" أنتصاره و يحمله الى إجتماعات مجلس الوزراء, و كذلك الى جلسات المجلس النيابي , و ربما يضعه على طاولة الحوار الوطني , مما "سيخيف" كل من يطالب بنزع سلاحه ,و ذلك بعد أن يقرأ نصوص قرار مجلس الأمن بلسان عربي و ربما فارسي ,و هو يعرف بأنه على طريق تحقيق أنتصار جديد بتبادل للأسرى قد يخرج بموجبه أسير عتيق إطلاقه يحمل قيمة "معنوية" كبيرة ,مما سيزيد من جرعة الحماس المتقد و هو كل ما يحتاجه حزب الله .
قرار مجلس الأمن حمل لبنان "الدولة" مسؤليات كبيرة , أقلها أرسال عدد ضخم من الجنود الى الجنوب , و هو المكان الذي لم يتواجد به جيش لبناني منذ أكثر من ربع قرن , و أكبرها نزع سلاح حزب الله , و ربما ستتطور كلمة "نزع" الى "أنتزاع" و هو أمر بحاجة الى أضعاف مضاعفة من عدد الجنود الذاهبين الى الجنوب ,و مخاطر رهيبه قد لا تكون الدولة اللبنانية قادرة على مواجهتها "وحيده", و قد فهم مجلس الأمن إنحياز حزب الله الى نقاط السنيورة السبعة قبولا بالتخلي عن سلاحة , و لكن قراءة خاصة في قرار مجلس الأمن الذي وافق عليه الجميع سيجعل التخلي عن هذا السلاح بعيد المنال .
بركات السيدة أوقفت الحرب , و لكن حزب الله بحاجة الى بركات "المهدي" لينزع سلاحة.
|