>>

في أعقاب الحديث عن كشف مخطط لتفجير طائرات مدنية في بريطانيا خرج علينا الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش متحدثا عن فاشيين إسلاميين معادين لأمريكا المتحضرة القوية ...

لم يطرف له جفن في وقت لا يزال حبر بيان مجلس الأمن بخصوص مجزرة قانا الثانية رطبا . هذا البيان – الفضيحة والذي ضغطت فيه الإدارة الأمريكية بكل قوتها من أجل ان يخرج هزيلا ومشوها للحقيقة ومن أجل أن تواصل إسرائيل إرتكاب المزيد من جرائمها بحق المدنيين العزل في لبنان ..

عار كبير وفضيحة يندى لها جبين كل من له ضمير بشري حي ومتحضر ، مايحدث في لبنان الآن ..
عار كبير وفضيحة يندى لها جبين كل من له ضمير بشري حي ومتحضر ، ما يحدث في مجلس الأمن الان ..

فاشية إسلامية ؟!!

لا نزال اليوم بعيدين عن الحقائق المطلوبة حول العملية التي أعلن عن إحباطها ( إن كانت هناك عملية من الأساس ؟) ولا زلنا لا نعرف حقيقة دور القاعدة فيها .. ولكن لو صدق ما هو مُعلن فسأكون مستعدا لفهم هذه العملية ( وكل عملية ) تؤدي الى إيجاع قلب وعقل الإدارة الأمريكية وكلبها المدلل بلير ..

الواقع ؛ أنا اقرب اليوم من أي يوم مضى للفكر "الإرهابي" للقاعدة وأرى أنه يمكن أن يؤدي دوره في المعركة طالما أننا نواجه مجانين إرهابيين متحالفين ضدنا من نوعية بوش ورايس وأولمرت وحالوتس ..

مشكلتنا مع بن لادن فيما مضى أن جنونه وإرهابه كان يقترح علينا إتجاها تاريخيا مروعا يعود بنا القهقرى الى ما قبل ألف سنة أو يزيد .. مثاله كانت حكومة طالبان ومن مثاله هذا كان يجب أن نفر على الأقل لحماية حقنا فى مشاهدة التلفزيون وفى الإصغاء الى الراديو، دع عنك المطالبة بالعدالة والمساواة بين الرجل والمرأة.

بعملياتها الأخيرة ومن حيث تدري أو لا تدري ربما بدأت القاعدة في ممارسة إرهابها وجنونها بشكل صحيح هذه المرة .. لا نريد إرهابا بدافع الإنتقام فقط ... المنتقم المجنون يدمر نفسه من حيث يريد أن يدمر من ظلمه .

الجنون يكون عاقلا فقط عندما يمضى صعودا مع التاريخ، وليس ضده.

مشكلتنا اليوم ليست مع إسرائيل .. مشكلتنا الحقيقية هي مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومع محافظين جدد مصابون بالعُصاب وبالهستيريا ويريدون منا نحن أن نتحمل عواقب أمراضهم وهلوساتهم ..

نحن نعرف أنه في العام 2008 سوف يخرج الرئيس الأمريكي بوش هو وإدارته من البيت الأبيض مهزوما ..
فامريكا تحت قيادته الفذة سوف تكون قد حققت على الأقل ستة معجزات مترابطة:

تخسر الحرب ضد الارهاب .. ستخسر معركة نشر الديمقراطية في العالم العربي بتشجيعها كل عناصر التطرف والجنون كرد على سياساتها ... الاقتصاد الأمريكي لن يحقق الانتعاش المأمول .... العراق لن يكون فريسة سهلة وستظل نعوش الجنود الأمريكان تفد تباعا على واشنطن ، حزب الله سيبقى شوكة توخز خاصرتهم وسيثبت حسن نصر الله أنه عينه تعرف كيف تقاوم مخرزهم ، وسيظل الفلسطينيون يقاومون الاحتلال بمعجزة الهية من دون ان يتحقق أى سلام .

سوف يتمكن الرئيس بوش من تحقيق هذه المعجزات ليس لان امريكا ضعيفة ، بل تحديدا لانها قوية ؛ ليس لانها لا تستطيع ان تقصف وتدمر وتقتل وتغير حكومات ، بل لانها تستطيع ان تفعل كل ذلك واكثر.

مشكلة امريكا الحقيقية لا تكمن، بهذا المعني، فى ضعفها بل فى قوتها ؛ فى نزعة الغطرسة التى تستمدها من هذه القوة ؛ ومن الاستعداد لارتكاب كل الحماقات الممكنة وغير الممكنة ، للقول ان الولايات المتحدة ، وفقا لثقافة الكاوبوي، لا تفكر قبل ان تطلق النار ، بل تطلق النار أولاً... ثم تفكر فيما بعد !


الشعور بالقوة والعظمة والكمال (السياسى والاخلاقي) كان على مدى التاريخ هو مقتل كل امة ، وهو مدخل انحطاطها... أولا ، لانه يورثها العمى عن رؤية الأخطاء . وثانياً، لانه يعلمها غطرسة مثيرة للكراهية. وثالثاً، لانه يغريها بالبحث عن حلول سهلة (حربية عادة) لأزماتها.

نقل الازمات الداخلية الى الخارج، على ظهر حصان او دبابة، كان هو الحل بالنسبة لجميع الامبراطوريات والقوى العظمى السابقة... ولكن دائما ما كان هذا الحل هو بداية النهاية. فتحت وطأة المخاوف والأعباء كان النزيف فى الداخل يتعاظم حتى مع تحقيق اعظم الانتصارات العسكرية فى الخارج.

نعم، تعتبر قوة الولايات المتحدة وإبنتها المدللة اسرائيل العسكرية قوة لا سبيل الى دحرها ..
ولكنها قوة منحطة اخلاقياً.. ومأزومة فى أهم مصادر نفوذها.

قوة لا تحترم القانون ولا الشرعية الدولية..

قوة انتهازية ومنافقة ..
تحمى الطغاة والجلادين وتغطى على جرائمهم، مهما كانت بشعة، لمجرد انهم يحمون مصالحها.

قوة تمارس كل انواع الارهاب من دون رادع..
قوة تدافع عن الاحتلال واعمال القتل والتعذيب الجماعية ضد المدنيين وتحول كراهياته وعنصريته الى سياسة رسمية.

قوة لم يعد فى وسعها ، بعد كل هذه الدماء ، ان تكسب معترك النموذج والمثال.

قوة صهيونية شرسة ومتطرفة...

قوة لا تستطيع ان تستقطب تعاطف المضطهدين والضحايا والفقراء الذين كان يفترض (فى حال اخري) ان يستقبلوها باكاليل الغار .

امريكا قوية.. ومشكلة القوى ان عضلاته تسبق يقظة ضميره..
فكيف اذا كانت زمام القوة بيد مؤسسة كاوبوى شرسة، متغطرسة وعمياء ؟



<<

في الواقع، عائلة بوش متخصصة في صنع الأعداء وجر الويلات على شعبها...

لقد تسبب بقاؤها في الخليج منذ عام 90 بهجوم أيلول بعد أحد عشر عاماً، وكان جل المنفذين من الخليج العربي.

ويتسبب بقاؤها في أفغانستان منذ 2001 في هجمات رأيناها في لندن، ينفذها باكستانيون...

ولا أستغرب إن رأيت خلال السنوات القادمة لبنانيين يفجرون نيويورك انتقاماً لما يحصل في لبنان....