تحقيقات
عائلات لبنانية تواصل تدفقها من الجحيم عبر الحدود السورية
بعد أن تكررت الأنباء عن خطورة الوضع اللبناني وقصف المناطق القريبة من الحدود اللبنانية السورية ،
تحوّلت فكرة تغطية ما يدور حاليا هناك إلى مغامرة أردنا خوضها، ولكن عند وصولنا إلى نقطة العبور تفاجئنا باستقرار الوضع وعدم وجود أي شيء يشكل خطورة ، فعلى الرغم من الازدحام الشديدة وكثرة السيارات التي ينتظر بعضها منذ ساعات للدخول إلى سوريا فالأوضاع كانت منظمة والإجراءات مسهلة بشكل لم يسبق له مثيل.
الشاحنات ممتلئة بعائلات هربت من القصف والتدمير ، أغلبهم لم يستطع حمل أمتعته أو تغيير ملابسه أو حتى بطاقته الشخصية ولم يشتكي أي من الذين سألتهم سيريا نيوز من سوء معاملة أو تأخير مقصود سببته الجهات الرسمية على الحدود السورية بل أشادوا بالجهود المكثفة لتسهيل عبورهم حتى أن بعضهم أخبرنا أنهم سمحوا لهم بالمرور على الرغم من عدم حوزتهم على الأوراق الرسمية المطلوبة أو بطاقة هوية أما التأخير فسببه الزحمة لا أكثر .
الكثيرون ينتظرون ، بعضهم افترش الأرض تحت الشجر وآخرون فضلوا الجلوس في سياراتهم أملا بالمرور قريبا .
"لم ندري كيف وصلنا سالمين إلى هنا ".
حكايات وقصص مخيفة ومأساوية سمعناها شخصيا من العائلات التي قابلناها ، فأبو علي وضع زوجته وأولاده الأربعة و أولاد أخيه كلهم في شاحنة صغيرة تحت الشمس وأخبرتنا زوجته التي أرهقها بكاء طفلها الرضيع بين يديها "بدأت الطائرات الإسرائيلية اليوم فجرا بقصف قريتنا واستهدفوا المنازل أولا ، ونحن العائلة الوحيدة التي لم يصب فيها أحد ، هربنا إلى هنا أملا بدخول سوريا لحماية أطفالنا من هؤلاء المتوحشين " وأنهت كلامها بصعوبة بالغة بسبب تذكرها ما مروا به .
السيدة رانيا مرعي التي كانت جالسة في سيارتها مع أختها وعدة أطفال أحدهم رضيع تحدثت معنا برحابة صدر وعبرت عن انزعاجها بسبب الانتظار الطويل الذي دام 4 ساعات " هربنا من زحلة بعدما بدأت الطائرات الإسرائيلية اليوم بقصف شركات الأغذية المنتشرة بكثرة هناك وإحداها ملاصقة لبيتنا الذي أصيب وغادرنا تحت القصف ولم ندري كيف وصلنا سالمين إلى هنا ".
"تركنا الصليب الأحمر يزيل الجثث بالجرّافات ".
أثار مظهره دهشتنا ، شاب يركب على دراجة نارية مغطى بالأتربة والجروح فركضنا وراءه في محاولة لمعرفة قصته على الرغم أنه لم يقبل الحديث في البداية ولكن تحت إلحاحنا اخبرنا أن القصف الإسرائيلي كاد يودي بحياته في بعلبك حيث أتى الطيران في الصباح الباكر وقصف الطرقات المؤدية إلى القرية وسقط 8 أطفال ، أما هو فاستطاع الهرب على دراجته على الرغم من أن القذائف كادت تصيبه.
أما عائلة السيد فادي التي من الواضح أن سيارتهم عانت الحرب والدمار ولكنها أوصلتهم إلى الحدود بسلامة ، قال لنا أن زجاج السيارة تكسر أثناء محاولة الهروب من قصف الطائرات لبيروت اليوم صباحا " قصفوا الحي الذي أقمنا فيه وضربوا بيتنا الذي أصبح على مستوى الأرض وبيوت الحي كلها تهدمت ، الجيران كلهم استشهدوا أثناء القصف وتركنا الصليب الأحمر يزيل الجثث بالجرّافات ".
أنقذت أولادها من تحت الأنقاض
عائلة كانت تجلس تحت " الشادر " رحبوا بنا ودعونا لمشاركتهم الطعام على الرغم من وضعهم السيئ وقال العم إبراهيم الذي كان أحفاده يلعبون أمامه "لبنان حالته سيئة، الخبز مفقود ومحطات البنزين كلها مغلقة وبيوت المسؤوليين في الحزب جميعها ضربت والقصف حول بعلبك و المخيمات "ويضيف "بيوتنا قريبة من بيوت المسؤولين في حزب الله فاضطررنا للخروج ونحن جالسون هنا منذ ثلاث ساعات والهلال الأحمر السوري وزع علينا الماء والطعام".
السيد فاطمة التي أنقذت أولادها اليوم من تحت الأنقاض على أثر غارة في البقاع اختنق صوتها وهي تقول "قصفوا المنطقة عدة مرات ، أمس واليوم ، و لم يكن يبعد القصف عن منزلنا سوى عدة أمتار ، وقع الكثير من الجرحى وأنقذت اثنين من أولادي من تحت الأنقاض " وتضيف " لم يكن هناك أي مساعدات والصليب الأحمر لم يستطيع الوصول لان الإسرائيليين قطعوا الطريق عليه وهربنا من منطقة إلى منطقة تحت القصف حتى وصلنا إلى هنا وقريتنا دمرت نهائيا ".
المتطوعون في الهلال الأحمر رفعوا علم المنظمة في الطريق ووزعوا الماء والطعام على كل سيارة تمر من الحدود و قدموا المساعدات الطبية للجرحى و بدت على وجوههم علامات التعب والإرهاق ، فالحر شديد وهم واقفون في منتصف الطريق، إحدى المتطوعات رحبت بأسئلتنا فتقول "الهلال الأحمر يقوم بمهمة إعانة القادمين من لبنان عبر المساعدات الطبية ، الماء والطعام وبالطبع المواصلات إلى دمشق وتأمين سكن لهم في حال عدم توافره"، وأخبرتنا أن المواد التي يقدمونها هي تبرعات جاءت من الناس أو من بعض الشركات كما قدمت بعض الجهات الباصات التي ينقل فيها الركاب مجانا .
سيريانيوز
www.syria-news.com