في الساعة العاشرة ليلة الخميس الاول من كل شهر , يحدث شيء غريب في الشرق الاوسط ..يهدا الضجيج من شوارع القاهرة فجاة ,وفي الدار البيضاء التي تبتعد 2500 ميل الي الغرب, يكف الشيوخ عن لعب الطاولة في المقاهي وفي بغداد التي تبعد 800 ميل الى الشرق يحدث نفس الشيء..الكل ينتظرون برنامجا معينا تذيعة اذاعة القاهرة . مدة هذا البرنامج خمس ساعات ويذاع ثمان مرات في السنة ونجمته مطربة تسمى ام كلثوم
مجلة لايف الامريكية (صيف عام 1962)

لاحظت في بعض المواضيع ن هناك تهكم وسخرية في حق صاحبة العصمة وسيدة مصر والعالم العربي الاولى أم كلثوم

هناك من يقل ان ام كلثوم تسبب له صداع فهذا مسالة أذواق ...لا غير......

والاحسن له ان يحتفظ برايه بداخله , لان من ينقض صوتها واغانيها علانية لا يعني ببساطة شديدة إنه جاهل لا غير :bye:

فام كلثوم لا تحتاج الكتابة عنها فهي تلك المراة المصرية التى خرجت من ريف مصر وزحفت بسرعة نحو المجد بثقافتها وحبها لوطنها ويكفى ان هناك اكثر من ثلاثين كاتب/ة فى امريكا واحدها نصبوا كتب بأكملها للبحث عن عبقريتها .

واجمعت كل الموسوعات بالعالم على انها واحدة من اهم شخصيات القرن العشرين بأكملة

وفي تقرير لمجلة نيوزويك عام 2000 باحتفالها بوداع القرن العشرين وضعت ام كلثوم ضمن اهم شخصيات تلك القرن بجانب ديجول وتشرشل والخميني وجوربتشوف و ولسون وماارتن لوثر وغيرهم

ملحوظة لم ينل العالم العربي سوى شخصية غيرها وكانت ...جمال عبدالناصر

ان ام كلثوم تلك الروح الثائرة التي غنت في بداية حياتها حبا لوطنها وفتحت مسيرة الغناء الوطني باغنية لسعد (باشا) زغلول طلع الفجر ولاح ...

وبعد عودة ظباط الفلوجة عام 48 لم يجد هؤلاء الشبان المنكسرين أي أحد يلطف من نكستهم سواها ...التي دعتهم واذرتهم فى بلواهم وبلواها ..

كانت ام كلثوم في الاسكندرية ليلة الثورة وذهبت إلى احد ثكنات الجيش لتسأل عن مصير الظباط الاحرار خوفا عليهم وتعجلا على التحول والهروب من عربدة الاسرة العلوية لتي كان يحياها وادي النيل وعندما اطمانت تنهدت وقالت ...ربنا يوفقهم .. ويحميهم .((كتاب ام كلثوم لسعد الدين وهبة)

وقفت بجانب حلم عبد الناصر لتوحيد الشعوب العربية وغنت للسودان والوحدة والقضية الفلسطينية ولناصر حبيب العرب كانت صورة لتفاعل الفن وتجاوبه مع الاحداث الكبيرة

كانت ام كلثوم سيدة شهمة تتميز بالمروءة والشهامة : كانت تعبر عما بداخلها فرغم حبها الشديدة وتقديرها لدور عبدالناصر ومعرفتها ان القرار قراره وحده تحدثت معه بجراه عن موضوع حبس الصحفي مصطفى امين (قيل انها ملفقة من رجال المخابرات المخيف السيد صلاح نصر- وقيل انها حصاد الحقيقة ) ...رغم حساسية عبد الناصر تجاه هذا الموضوع بالذات (كتاب عبدالناصر والمثقفين في حورايات بين الاستاذ هيكل ويوسف القعيد )

هذه مقدمة عامة فقط كتبت على عجل .


في الحلقة القادمة / كيف اصبحت رمزا . حياتها الشخصية

أشاركك الرأي عزيزي في كل ما ذكرت .... في الامارات وفي دبي تحديدا اعتدنا سماعها ظهيرة كل يوم منذ آواخر الستينات فقد كان الشيخ راشد آل مكتوم حاكم دبي "رحمه الله" من محبي الاستماع الى صوت الست وعند انشاء اذاعة وتلفزيون دبي آواخر الستينات أمر ان تذاع يوميا عند الواحده ظهرا أغنيه من اغانيها بعد انتهاء الدوام الرسمي (الان الثالثة ) وأصبحت عادة تتبعها معظم الاذاعات العربية في الامارات منذ ذلك الوقت

تحياتي ...........

شكرا بوشهاب على مروركم الكريم

أم كلثوم ، كفاح و نجاح و إبداع

عن ام كلثوم يقول محمد عبد الوهاب....


"ام كلثوم المغنيه الوحيده التي جمعت بين القوه والعاطفه والحساسيه في صوتها. وانها الصوت الوحيد الذي تمرد على ذل الميكروفون"


ويقول ايضا (في الذكري التاسعه لوفاتها)...
"ان فيها عشر مغنيات معا...فكل ميزه تجعل فيها مطربه كبيره. من اهم ميزاتها التعبير بالجسم واليدين بالايماء بالوجه بالعبوس والضحك...كانت ممثله, ولا اعني انها كانت تفتعل, بل كانت تحس...وهذا سمه الفنان العظيم...تحس الغضب او الفرح او العتاب فتؤديه..كانت مجموعه عجيبه من عطايا الله السخيه. ان الصفه العظيمه فيها , فهي انها ظلت هاويه حتى اخر رمق فيها. كانت مستمعه من الطراز الاول, فتبكي حين تتاثر باغنيه تعجبها, ولو لم تكن مستمعه عظيمه لما كان بمقدورها ان تكون مطربه عظيمه"
(المصدرام كلثوم - معجزه الغناء العربي, لرتيبه الحفني


ميلادها و نشأتها
تاريخ الميلاد المعتمد لأم كلثوم هو الرابع من أيار / مايو 1904للميلاد ، بالرغم من أن البعض يرجح أن تكون من مواليد العشرين من كانون الأول / ديسمبر 1898. ولدت أم كلثوم بقرية طماي الزهايرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية ، في بيت متواضع في شارع (داير الناحية) . والدها الشيخ إبراهيم البلتاجى ، وكان يعمل مؤذناً لمسجد القرية ويؤدي التواشيح ويقوم بإحياء الليالى الدينية المقامه في قريته والقرى المجاورة . أطلق الأب على مولودته اسم (أم كلثوم) تبركاً بالسيدة أم كلثوم إحدى بنات نبي الاسلام محمد

والكلثوم في اللغة العربية هو الحرير الذى يوضع في رأس العلم

حياتها

كوكب الشرق أم كلثوم ، هكذا عرفها الملايين في العالم العربي على مدى نصف قرن من العطاء المتواصل و النجاح الباهر بصوتها الجميل و أدائها الرائع الرصين و تعبيرها الأخّاذ و بأحب ما تغنى به الناس من كلمات و ألحان .

من فلاحة بسيطة في أحد القرى النائية إلى كوكب الشرق ، رحلة مليئة بالكفاح و الإصرار على التفوق حتى الرمق الأخير ، و في وسط الحروب و الصراعات و الملوك و البسطاء ، غنت أم كلثوم لمجد الجميع و لرفعتهم و أنشدت ما اهتزت له مشاعر العرب شرقاً و غرباً على مدى عشرات السنين .

قيل فى أم كلثوم أنه لم يجتمع العرب على شيء مثلما اجتمعوا فى صوت أم كلثوم ,أضحى الغناء بصوتها رمزا للعروبة إذ أنها كانت تتأنى كثيرا فى اختيار ما تغنيه ، ولم تكن تقبل إلا شعر كبار الشعراء قديمهم وحديثهم ، وقد غذت أم كلثوم بأغنياتها فرعا هاما من فروع القومية العربية باستطاعتها توحيد الوجدان العربي وتعبيرها عن المشاعر العربية الأصيلة كلاما ونغما وأداء.

وقد عرف عن أم كلثوم شخصيتها القوية واحترامها لنفسها ولفنها ، فاحترمها الملوك والزعماء كما احترمها عامة الشعب وأحبها الناس فى كل مكان ، وتفردت بمكانة عالية فى الفن والمجتمع لم تصل إليها أية مطربة فى الشرق.

ولا شك أن النموذج الذى قدمته أم كلثوم يصب فى خدمة الفن من عدة أوجه:

· اختيارها للراقى من الكلمات وتفضيلها لشعر العربية الفصحى.

· اختيارها لأبرع الملحنين: وأهمهم محمد القصبجى وزكريا أحمد ورياض السنباطى ومحمد عبد الوهاب.

· حفاظها على الصورة المحترمة للفن.

· تطويعها للفن فى خدمة قضايا أمتها العامة.

· إخلاصها لجمهورها بتقديم الجيد والجديد.

رحلة أم كلثــوم

البدايـــات الأولى


عام 1904 ولدت فاطمة ابراهيم البلتاجي التى عرفت فيما بعد باسم أم كلثوم فى قرية صغيرة قرب مدينة المنصورة تسمى طماي الزهايرة ، لم يكن أحد يتوقع مستقبلا يذكر لطفلة أسرة فقيرة تقطن بقرية صغيرة ليس بها مدرسة واحدة ، لكن القدر خبأ لأم كلثوم مواعيد كثيرة.

كان والد أم كلثوم الشيخ ابراهيم البلتاجى إمام مسجد القرية ، وإضافة لقراءته القرآن الكريم كان يحفظ الكثير من القصائد العربية والتواشيح الدينية التى كان أهل القرية والقرى المجاورة يدعونه لإنشادها فى المناسبات الدينية والاجتماعية ، حفظت أم كلثوم عن والدها بعض القرآن وألحقها الشيخ بكتاب القرية ثم بمدرسة بمركز السنبلاوين القريب لتكمل حفظ أجزاء من القرآن ولتتعلم اللغة العربية، وكان يصطحبها وأخيها لليالي التي يحييها فحفظت عنه الكثير من التواشيح والقصائد. و في حدود سن العاشرة (1914)كانت تردد بإتقان القصائد والتواشيح التى سمعتها من والدها وتنافس أخيها خالد سرعة في الحفظ و في ذات العام كان يصطحبها والدها لتقف أمام الجمهور وتغنى لأول مرة في بيت شيخ البلد " العمدة" في قريتها . .



عام 1917 بدأت أم كلثوم الغناء وهى فى الثالثة عشرة من عمرها مع بطانة أبيها متجولة فى القرى والأرياف ـ تارةً سيراً على الأقدام ،و تارة فوق ظهر الدواب ـ كمنشدة للتواشيح الدينية و القصائد ، وكانت ترتدي الزي العربي متشحة بعقال على رأسها ، وسرعان ما ظهرت موهبة أم كلثوم فأصبحت منشد الفرقة الأساسي ، وتقول أم كلثوم :"أن الأسرة بدت وكـأنها قد طافت بكل مكان فى دلتا النيل قبل أن تضع قدماً لها فى القاهرة التى نصحها الكثيرون بالذهاب إليها."

ما بين 1916و1919 التقت أم كلثوم باثنين من كبار الفنانين هما الشيخ أبو العلا محمد والشيخ زكريا أحمد ، وقد استمع كلاهما إلى صوتها وامتدحا أداءها لكنها لم تتعامل معهما فنيا إلا عندما استقرت بالقاهرة.

عام 1920و قيل 1919 كانت زيارتها الأولى لمدينة القاهرة لإحياء ليلة الإسراء والمعرج في قصر (عز الدين يكن) بضاحية (حلوان) ونالت الاستحسان والتقدير و عادت إلى قريتها و هي مبهورة بأضواء العاصمة ، آملة بالرجوع إليها . و في العام 1920كان الشيخ زكريا أحمد يحيي ليالي شهر رمضان في مدينة السنبلاوين فغنت أم كلثوم أمامه و دعاها طوال شهر رمضان الى حضور لياليه و قال حينها (منذ ليلتها وأنا أصم .. لا أسمع إلا صوتها .. لقد أحببتها حب الفنان للحن الخالد الذى يتمنى العثور عليه)

الحياة فى العاصمة

عام 1921 عادت أم كلثوم فعلاً إلى القاهرة لتغني مع بطانة والدها في فرح إحدى فتيات الأسر في القاهرة وواتتها الفرصة لكى يسمع صوتها جمهور العاصمة وفنانوها مثل الشيخ على محمود والشيخ على القصبجي والد محمد القصبجي ، و في هذه الزيارة سُرق منها أجرها في محطة القطار مما أدى إلى بغضها للقاهرة ، فأبت أن تزورها لمدة عامين . و في العام الذي تلاه ، و في محطة سكة حديد السنبلاوين التقت بالفنان الذي عشقته من خلال الفونوغراف الشيخ أبو العلا محمد ،و ألحت على والدها أن يدعوه الى قريتها فقبل بعد سماعه صوتهافي( أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا) فبكى وأكد ، بل أصر على ضرورة سفرها الى القاهرة و نصحها أن تجرب غناء قوالب غنائية أخرى غير التواشيح الدينية و القصائد الصوفية .

في العام 1923،و بعد أن انتقلت و أسرتها لتستقر في القاهرة، بدأت أم كلثوم فى إحياء حفلات لبعض أعيان القاهرة التى تم ترتيبها بواسطة متعهدي الحفلات فى القاهرو ، وبدأ نجمها يسطع ودخلت فى منافسة مع أشهر مطربات ذلك الوقت مثل نعيمة المصرية ، منيرة المهدية ، فاطمة سرى و فتحية أحمد. و رعاها الشيخ أبو العلا فنياً و قدم لها ألحاناً خاصة بها

كان عام 1924 عام حافل في حياتها ،فقد قدمها الشيخ أبو العلا إلى الشاعر أحمد رامى ـ و كان لها مؤلفاً و صديقاً و مستشاراً ـ الذى تولى تعليمها أصول اللغة والشعر ، وأظهرت استعدادا كبيرا للتعلم فتحسن مستواها وأضافت مهارات جديدة إلى مهاراتها الغنائية ، ومع استعدادها الشخصي للتطور أتيحت لها فرصة اكتساب أسلوب حياة المدينة باختلاطها بسيدات الطبقة الراقية من خلال حفلاتها فى العاصمة فغيرت من مظهرها وأسلوبها وأصبح لها كيان جديد

البدايات الكبرى

1924 كان عام البدايات الكبرى لأم كلثوم ، وفى ذلك العام تعرفت على نخبة من صفوة الفنانين والشعراء كانوا لها أفضل معين على ارتياد الصحيح والجيد من آفاق الفن ، ولم يكن هؤلاء مجرد معلمين لها بل ساهموا بشكل كبير فى تشكيل شخصية أم كلثوم والانتقال بها من فتاة ريفية بسيطة إلى شخصية عامة

أم كلثوم تغنى للقصبجي

في نفس العام - أي 1924 - سجلت أم كلثوم بصوتها لإحدى شركات الاسطوانات أحد ألحان الموسيقار محمد القصبجي قبل أن تتعرف إليه، وهو طقطوقة "قال إيه حلف ما يكلمنيش" ـ مقام راست ـ من كلمات أحمد رامي ، وكمن عثر على كنز، قرر صاحب الشركة تعريفها بالموسيقار صاحب اللحن، فقدمها إليه ثم قام القصبحي يتدريبها بعد ذلك كما تولى تعليمها المقامات الموسيقية والعود و بدأ يلحن لها أغنيات خاصة بها وحتى عام 1928 كان قد لحن لها 17 أغنية ما بين الطقطوقة والمونولوج منها "ينوبك ايه من تعذيبي" ، "قلبك غدر بي" ، "تراعي غيري" ، "أحبك وانت مش داري" . ونشأت بينهما صداقة فنية وظل القصبجي بألحانه يغطى مساحة مرحلة كاملة في تاريخها الفنى ثم صار فيما بعد واحداً من أعمدة فرقها الموسيقية حتى وفاته عام 1966 .

وقد يجدر بنا التوقف لحظة عند هذا الحدث قبل متابعة رحلة أم كلثوم ، فإنه يظهر من متابعة أسلوب التعامل مع شركات الإنتاج فى ذلك الوقت أنها كانت تقيل ألحاناً من ملحنيها دون غنائها بواسطة مطرب معين ، وتشتري من الملحن حق التصرف فى اللحن بتسجيله وطبعه ونشره وإسناده أيضاً إلى مطرب أو آخر ممن يتعاملون معها دون ضرورة للقاء الملحن والمطرب ، وقد قام بهذا هذا محمد القصبجي وزكريا أحمد، كما قام به قبلهم سيد درويش ، وهذا هو سر غناء أم كلثوم بل تسجيلها لأحد ألحان القصبجي قبل أن تلتقى به.

أم كلثوم تغنى أغنياتها الخاصة

فى نفس العام أيضا ـ 1924 ـ ، تعرفت أم كلثوم على طبيب أسنان يهوى الموسيقى ،وهو "أحمد صبري النجريدي" ، وغنت من ألحانه 14 أغنية منها قصيدة "مالي فتنت بلحظك الفتان" ـ مقام بيات ـ من شعر على الجارم ، "أنا على كيفك" ـ مقام بيات ـ من كلمات أحمد رامي ، مونولوج "الحب كان من سنين" مقام جهاركاه ، "الفل والياسمين"ـ مقام نهاوند. والدكتورالنجريدي لحن لها مجموعة من أهم أغانيها في بداياتها و هو الذي لحن أول الألحان الخاصة بها، إذ أنها قبل ذلك كانت تغني إما ألحاناً سبق غناؤها بواسطة مطربين آخرين أو كما حدث مع محمد القصبجي، تغني لصالح شركات الإنتاج ما يعرض عليها من ألحان. وفي هذا العام سجلت صوتها على أول اسطوانة ولأول مرة لحساب شركة (أوديون)، وكانت شركة بيضافون قد استأثرت بالسيدة (منيرة المهدية) وشركة كولومبيا بالسيدة (فتحيةأحمد ) قبل أن تعرف الساحة أم كلثوم .

في العام 1925 ، كانت المحاولة الأولى لمحمد عبدالوهاب مع أم كلثوم ، حيث لحن لها أغنية "غاير من اللي هواكى" ، فلم يعجبها اللحن و أبت غناء الأغنية ، و حاول أحمد رامى الجمع بينهما مرة ثانية، لكن ذلك لم يتم إلا على مستوى الجلسات الخاصة ، حين غنى الإثنان معاً دويتو(على قد الليل ما يطول) من الحان سيد درويش وكان ذلك في جلسة فنية خاصة بمنزلها .

و عام 1926، تخلت أم كلثوم عن العقال و الكوفية و اللباس البدوي ، و أصبحت تهتم بانتقاء الكلمة الجيدة و الجديدة .و كونت أم كلثوم تخت شرقي بدل البطانة التي كانت ترافقها ، و أصبحت فرقتها برئاسة محمد القصبجي الذى اختار لها أمهر العازفين و هم ( محمد العقاد الكبير و القصبجي على العود ، سامي الشوا على الكمان و محود رحمي على الإيقاع ) وبدأ القصبجي يزودها بألحانه ، ومع ازدياد نشاطها بدأ صوتها يلفت الانتباه وظهر اسمها فى بعض الصحف ودخلت بذلك فى منافسة قوية مع أكبر مطربتين من ذوات الألقاب الرنانة وهما سلطانة الطرب منيرة المهدية وكانت لها فرقتها الغنائية والمسرحية الخاصة ، ومطربة القطرين (مصر وسوريا) فتحية أحمد وقد غنت كلاهما لكبار الملحنين بما فيهم سيد درويش نفسه، وبدأت مع الفرقة الحديثة تقديم حفلاتها على نفس الدور الكبرى التى شهدت حفلات المشاهير. و في هذا العام أطلق عليها الجمهور أول لقب فى حياتها الفنية ، وكان لقباً أقرب الىالتدليل ، وهو لقب (ثومة) .

عام 1928 غنت أم كلثوم أول أغنية لها من قالب المونولوج من ألحان القصبجى هي "إن كنت اسامح" ، وقد لاقت نجاحا كبيراً و أحدثت انقلاباً كبيراً في عالم المونولوج ، وكانت حتى ذلك الوقت قد غنت له مجموعة كبيرة من الأغانى بدءاً من عام 1924 معظمها من كلمات أحمد رامي ، وشهد نفس العام منافسة كبرى بينها وبين محمد عبد الوهاب ليس فقط من حيث الغناء بل من حيث تقديم الجديد الحديث ، ولمحمد القصبجي الفضل الأول فى هذه المنافسة الجديدة بألحانه المتطورة. وفي نفس العام أيضاً سجلت أم كلثوم 4 قصائد للشيخ أبو العلا أعقبتها 4 قصائد أخرى عام 1930 أشهرها "أفديه إن حفظ الهوى" لابن النبيه المصري ـ مقام بياتى ، "و حقك أنت المنى والطلب" لعبد الله الشعراوى ـ مقام هزام ، "الصب تفضحه عيونه" لأحمد رامى ـ مقام بياتى ، "أراك عصى الدمع" لأبى فراس الحمداني ـ مقام بياتي ، التي أعاد تلحينها رياض السنباطي لأم كلثوم على مقام الكرد عام 1964، وهى قصيدة غناها المطرب الشهير عبده الحامولي فى القرن الـ19.

ولنا وقفة قصيرة عند قصائد أبو العلا، فقصائد الشيخ قد سبق تقديمها قبل أم كلثوم ولم تكن ألحاناً خاصة بها ، وقد كان شائعاً في أوائل القرن العشرين أن يقدم المطربين قصائد بعينها بصرف النظر عن تفرد أحدهم بها ، وكانت المباراة بين المطربين تكمن فى كيفية أداء نفس القصيدة وهنا تظهر موهبة وإمكانيات كل صوت ، أما ما استجد بعد ذلك من تخصيص أغنيات معينة لكل مطرب لا يغني سواها فقد أدى إلى انعدام هذا النوع من المنافسة القوية وظهور مطربين لا يجيدون غناء أى شيء إلا ما تم وضعه تحديدا لهم حسب إمكانيات أصواتهم ، وإلى أن وصل الحال مع نهاية القرن العشرين إلى دخول غير الموهوبين ميدان الغناء مما أحدث كثيرا من الفوضى الغنائية.

عام 1930 شهد بداية طفرة كبيرة استمرت حتى عام 1932 فى إنتاج أم كلثوم من حيث كم الأغاني وعدد الملحنين ، فقد قدمت فى تلك الفترة القصيرة أكثر من 50 أغنية جديدة ، وغنت فى نفس الوقت لأربعة ملحنين هم محمد القصبجي داود حسني والشيخ ابو العلا وزكريا أحمد ، ولم يستمر هذا الوضع طويلاً فقد فضلت أم كلثوم بعد ذلك الاقتصار على ملحن واحد لفترة زمنية طويلة تنتقل بعده إلى ملحن آخر لفترة أخرى ، ماعدا فترة الأربعينات حيث كانت تغني للثلاثة الكبار معا ، القصبجي وزكريا والسنباطي ، والستينات التى شهدت تنافساً كبيراً بين ثلاثة أيضاً هم محمد عبد الوهاب والسنباطي وبليغ حمدي.

أم كلثوم تغنى لداود حسني

فى نفس العام ـ1930 ـ بدأت أم كلثوم التعامل مع الموسيقار داود حسني الذي لحن لها عشرة ألحان من قالب الدور ، منها "شرف حبيب القلب" مقام حجاز كار ، "البعد علمني السهر" مقام بيات ، "يوم الحنة" مقام راحة الأرواح ، "قلبي عرف معنى الأشواق" مقام صبا ، "كنت خالي" مقام بيات ، وطقطوقة واحدة هى "جنة نعيمي" مقام حجاز كار ، وداود حسني وهو أحد اثنين من أساتذة الموسيقى الأكاديميين الكبار ثانيهما هو كامل الخلعي ، ظهرا قبل عصر سيد درويش واستمرا بعده.

مرحلة جديدة

عند قيام ثورة يوليو في العام 1952 ، حاول بعض الضباط منع أغانيها من الإذاعة في بداية الثورة بحجة ارتباطها بالعهد الملكي البائد . ولكن عبد الناصر بوعي وبصيرة أحبط هذه المحاولةالقاصرة وأصدر أوامره بإذاعة أغانيها ثانية . وأيضاً في هذا العام ظهرت أعراض مرض الغدة الدرقية على أم كلثوم وعرضت الحكومة الأمريكية على مصر معالجة أمكلثوم في مستشفى البحرية الأمريكية ، و بالفعل أوفدت "الأدميرال بروف" كبير الأطباء بها لدعوة أم كلثوم للعلاج ، واستجابت أم كلثوم وسافرت إلى أمريكا للعلاج . و مع بداية العام 1953 ، و أثناء رحلة العلاج ، توفي أخيها " الشيخ خالد " خلال رحلة العلاج ، و تم اختيارها عضواً شرفياً في جمعية مارك توين الأمريكية الدولية .

شهد العام 1954 زواج السيدة أم كلثوم من الطبيب حسن الحفناوي الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس في
العشرين من أيلول، وكان من المعجبين بفنها كما كان أحد الاطباء المشرفين على علاجها آنذاك .

أوسمة عام 1955

تلقت أم كلثوم خطاب شكر من رئيس مجلس الوزراء " جمال عبدالناصر " إثر تبرعا بألف جنيه ضمن حملة التبرعات لتسليح الجيش المصري ، و أيضاً ، قام بمنحها الميدالية الذهبية لإسبوع التسليح . كما أن لبنان منحها وسام الارز ، ومنحتها سورية وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى .

و في العام 1956 ، و عندما أعلن الرئيس عبدالناصر تأميم قناة السويس ، غنت " محلاك يا مصري " و بعد العدوان الثلاثي على مصر ، غنّت "والله زمان يا سلاح" ، التي تحولت إلى نشيد قومي ثم إلى سلام جمهوري .و في العام الذي تلاه تم دعوتها إلى حضور افتتاح البرلمان المصري في دورته الجديدة . و شهد العام 1958 سفرها إلى موسكو بعد أن وجهت لها روسيا دعوة لإجراء فحوصات طبية هناك ، و كاد هذا العام أن يخطف أم كلثوم من محبيها و من الحياة ، إذ أنها تعرضت لحادث سير إثر اصطدام اوتوبيس ـ حافلةـ بسيارتها في شارع الهرم ، و لكن الله لم يقدرّ لها الرحيل باكراً ، فنجّاها من الموت المحقق .

و تقديراً لفنها ، منحها لبنان وسام الأرز الوطني ( للمرة الثانية ) برتبة كوماندوز ، و أهداها الملك محمد الخامس ملك المغرب سواراً من الذهب مرصعاً بالماس والزمرد . و حصلت على وسام الاستحقاق المصري من الدرجة الأولى تقديراً لفنها (1960) ، و في نفس الوقت ظهرت أم كلثوم أمام عدسات التلفزيون لأول مرة , بعد أن رفضت مراراً تصوير حفلاتها تلفزيونياً . و شهِد هذا العام أيضاً بداية تعاملها مع الفنانين الشباب ، و تعرفها على بليغ حمدي ، حيث قدم لها أول مؤلفاته اللحنية " حب إيه إلي أنت جاي تقولي عليه ".

الحلقة القادمة لقاء السحاب