السيد زهره
صحيفة «فاينانشيال تايمز« البريطانية الشهيرة نشرت منذ أيام موضوعا عن أكثر المحللين السياسيين تأثيرا في العالم اليوم. واختارت الصحيفة 22 محللا من 22 دولة تمتد عبر قارات العالم. الصحيفة اختارت هذه الأسماء بناء على تقديرات مراسليها في العالم ومتابعاتهم.
من مصر والعالم العربي، اختارت الصحيفة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل باعتباره الأكثر تأثيرا.
الصحيفة قالت إنه لم يستطع أي محلل سياسي في العالم العربي أن يقترب من المكانة الفريدة التي يحتلها محمد حسنين هيكل.
وقالت إنه قد لا يكون لهيكل تأثير كبير اليوم على الحكومات، لكنه مازال قادرا على أن يأسر القراء ومشاهدي التلفزيون. وبعد أن تستعرض باختصار شديد مسيرة هيكل في عالم الكتابة والصحافة التي تمتد إلى أكثر من 60 عاما، تقول الصحيفة إن كتابات هيكل ومعارفه الموسوعية في القضايا الإقليمية والدولية جعلته يحظى باحترام واسع عميق في كل أنحاء العالم العربي.
لا أظن أن الكثيرين سوف يختلفون مع ما ذهبت إليه الصحيفة البريطانية.
مكانة محمد حسنين هيكل الكبيرة في عالم الكتابة والصحافة، والسياسة أيضا، في مصر والعالم العربي هي من الأمور موضع الإجماع، ولا علاقة لهذا بالاتفاق أو الاختلاف مع بعض أو كثير من آرائه ومواقفه والأدوار التي لعبها.
نقول هذا، وقد تابعنا في الأسابيع القليلة الماضية حملة هجوم على هيكل في بعض الصحف والمجلات المصرية بسبب مواقف أبداها في قضايا داخلية مصرية.
هذه الحملة وجدناها مفزعة ومؤشرا على ظواهر غاية في السلبية في عالم الكتابة والصحافة اليوم.
القضية ليست قضية توجيه انتقادات إلى محمد حسنين هيكل، فهو ليس فوق مستوى النقد. وليست قضية رفض بعض آرائه ومواقفه، فمن حق أي أحد أن يختلف مع آراء أو مواقف يبديها ويرفضها.
لكن القضية أن من يتصدى لانتقاد هيكل ويحاول تفنيد آرائه يجب أن يكون لديه على الأقل حد معين ومعقول من الفكر والثقافة والمعرفة والخبرة.
المفزع أن الذين تصدوا لتوجيه الانتقادات هم من الصغار بمعنى الكلمة في عالم الصحافة والكتابة. في حقيقة الأمر، لا نعرف لهم أي تاريخ يذكر في عالم الفكر أو أي إنجاز فكري وثقافي يعتد به.
الأكثر مدعاة للانزعاج أن هؤلاء الذين شنوا حملة الهجوم على هيكل غرقوا في الابتذال، واستخدموا لغة هابطة وصلت إلى حد السوقية.
وإن كان مثل هذا الأسلوب الهابط المبتذل لا يجوز عند الرد على أي كاتب على الاطلاق، فما بالك بكاتب بوزن ومكانة محمد حسنين هيكل.
ومع أن الأمر مزعج كما نرى، إلا أنه ليس غريبا. ليس غريبا لأننا في العالم العربي كله أصبحنا نعيش في عصر الصغار في كل شيء.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=165503&Sn=DAYS