التاريخ لا يرحم!!

د. صنهات بدر العتيبي


يقال والعهدة على الراوي ان الانفتاح الياباني على العالم وبداية الثورة الصناعية اليابانية تزامنت
مع انفتاح مصر الباشوية على الغرب وبداية نهضة مصر الكبرى ولكن استراتيجيات التغيير كانت مختلفة
فجاءت النتائج متفاوتة بشكل يدعو إلى القلق على مصيرنا الحضاري ويحث على أخذ المواعظ
من قصص وتجارب الشعوب خاصة لدول ومجتمعات تحاول أن تتلمس طريقها إلى النهضة والإصلاح.
أفاقت اليابان بعد قرون من الانعزال خلف ثقافة مغلقة فاختارت طريق البعثات العلمية المتخصصة
وعادت إلى منظومتها القيمية لتستخرج منها مفاهيم انتاجية وإدارية غاية في الروعة تدرس اليوم في أرقى جامعات العالم
وانعكست تلك الاستراتيجية الموفقة على الاقتصاد والصناعة في اليابان لتكون حضارتهم «خاصة» و«خالصة»
ليست تقليداً بليداً للآخرين ولانتاجاً مشوهاً لانفتاح غير محسوب ولا مولوداً مهجناً ل «نقل حرفي»
لإبداعات الحضارات المختلفة التي قد لا تتناسب مع خصوصيات الدولة المستفيدة.

ركز امبراطور اليابان على استقبال أول دفعة مهندسين يابانيين قادمة من ألمانيا
وجهز لهم موقعاً منعزلاً في القصر الامبراطوري وقال لهم بالحرف الواحد «اصنعوا لنا ماطوراً يابانياً خاصاً»!!
الذي خرج إلى الدنيا بعد ثماني سنوات من التصميم والتصميم ثم سيطر على دنيا السيارات والصناعات
منذ ذلك الحين ودفع بالصناعة اليابانية إلى مقدمة الركب الصناعي بكل جدارة واستحقاق وباعتراف ألد خصومها
الذين نجحوا في تركيع اليابان عسكرياً ولكن استسلموا أمام الريادة التقنية والدقة الفنية التي لا تبارى.

مصر من ناحية أخرى سارعت إلى إرسال البعثات لدراسة الفلسفة والأدب والتاريخ واللغة العربية!!
فعادت دفعات الدارسين لتثير الشكوك حول العديد من القيم والثوابت ولتحرك الصراعات
والمعارك بين أطياف المجتمع ولتنشر الشعارات الجدلية التي زعزعت الثقة الحضارية لدى الناس
فكان التقدم معدوماً أو بطيئاً وليس له إلا ذلك وأمامه زوابع فلسفية كما «عاصفة الغبار»
على الرياض مساء الثلاثاء الفائت!! قبل ذلك كانت مصر الخديوي قد استدانت «دينة»!!
ضخمة جداً من فرنسا من أجل تمويل الاحتفال البهيج والخرافي الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بتدشين قناة السويس!!
في تلك اللحظة من الغيوبة الحضارية كانت مصر من أغنى دول العالم بفضل القطن أو «الذهب الأبيض»
كما يسمونه ولكن لم يتم استغلال الثروة لإحداث تأسيس حقيقي لنهضة صناعية بل تم رهن محصول البلد
من القطن لسداد القرض قبل أن يفكر نابليون في احتلال مصر وعمل المخالصة من هذا القرض
المشؤوم بجيوشه الجرارة!!

ما هو الدرس؟ الدول الغنية بفضل «ميزة نسبية» وهبها لها الله سواء ذهباً أبيض أو أسود أو برقندي!!
يجب ألا تفوت الفرصة السانحة من أجل تأسيس «البنية التحتية» لبناء «قدرات ذاتية» تساعد في خلق «ميزة تنافسية مستدامة»
للبلد فالثروة لا تأتي مرتين والتاريخ لا يرحم!! في حالتنا، يجب ألا نكثر من اللف والدوران ومناقشة
«انتخابات النساء في الغرف التجارية الصناعية»!!
فالصورة واضحة وبلدنا يحتاج بنية تحتية وقدرات وطنية في الصناعات الأساسية خاصة النفط والبتروكيماويات
وتلك عصارة الميزة التنافسية الحضارية التي نبحث عنها!!

ملاحظة:

يقال انه عندما كانت جيوش المغول تخنق بغداد كان الناس في المدينة مشغولين بمناقشة
اختلاف الفقهاء حول فتوى عابرة ( ) وجدل اللغويين في موضوع إعراب ما بعد «حتى»!!
وحديثاً ظهرت البرتقالة عندما كانت جيوش المغول البيض تدوس بلاد الرافدين!!

:: ::


مودتى

أين حقي

اقتباس:التاريخ لا يرحم

لا يا شيخ
بتتكلم جد ؟ :hmm:

اقتباس:مصر من ناحية أخرى سارعت إلى إرسال البعثات لدراسة الفلسفة والأدب والتاريخ واللغة العربية!!

غير صحيح ، البعثات التعليمية كانت محصورة تقريبا في مجالات العلوم الطبيعية مثل الطب والهندسة والعلوم العسكرية وصناعة السفن ، والذين عادوا من هذه البعثات هم من أسسوا "القصر العيني" وترسانة الأسكندرية والترع والجسور والقناطر المقنطرة وأعادوا تخطيط الدورة الزراعية .....الخ .

اقتباس:فعادت دفعات الدارسين لتثير الشكوك حول العديد من القيم والثوابت ولتحرك الصراعات والمعارك بين أطياف المجتمع ولتنشر الشعارات الجدلية التي زعزعت الثقة الحضارية لدى الناس فكان التقدم معدوماً أو بطيئاً

ربما يقصد رفاعة الطهطاوي ، والحق أن رفاعة كان مرافقا لإحدى البعثات كواعظ روحي ولم يكن هو نفسه مبعوثا ، و "الصراعات والمعارك" لا غنى عنها يا دكتور لأي مجتمع يتمتع بأي قدر من الحيوية .
وبالمناسبة ، رفاعة هذا وصراعاته ومعاركة هو وهي بالضبط فاتحة الكتاب وحجر الأساس للثقافة المصرية الحديثة .

اقتباس: قبل ذلك كانت مصر الخديوي قد استدانت «دينة»!!  
ضخمة جداً من فرنسا من أجل تمويل الاحتفال البهيج والخرافي الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بتدشين قناة السويس!!  
في تلك اللحظة من الغيوبة الحضارية كانت مصر من أغنى دول العالم بفضل القطن أو «الذهب الأبيض»  
كما يسمونه ولكن لم يتم استغلال الثروة لإحداث تأسيس حقيقي لنهضة صناعية بل تم رهن محصول البلد  
من القطن لسداد القرض قبل أن يفكر نابليون في احتلال مصر وعمل المخالصة من هذا القرض  
المشؤوم بجيوشه الجرارة!!

قبل محمد على والبعثات كانت مصر الخديوية ـ بحسب الدكتور ـ استدانت من أجل احتفال تدشين قناة السويس ثم جاء نابليون بجيوشه ليصفي الدَين.......يخرب بيتك يا دكتور :D


طبعا مسألة التقدم والتخلف ولماذا تنجح مجتمعات في إحراز الأول بينما تفشل مجتمعات أخرى ـ كليا أو نسبيا ـ وتبقى رهينة للثاني هو من المواضيع المثيرة والمعقدة في آن ، وغالبا لا توجد إجابة قاطعة على السؤال وقصارى ما يمكن التنبه إليه هو احتمالات ترجيحية تبقى في كل الأحوال قاصرة عن أن تؤسس ليقين أو قانون ، والمهم دائما أن أمر كهذا يحتاج لبعض الجدية في التعرض له ومناقشته ، ألا يحتاج ؟