الجمعة ديسمبر 19 2008
تل ابيب، لندن – - نصحت الحكومة البريطانية المواطنين البريطانيين بعدم شراء عقارات في المستوطنات في الاراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل، في خطوة اعتبرتها صحيفة "ذي غارديان" اللندنية التي اوردت النبأ "نقلة فاعلة" في موقف بريطانيا من عصب الصراع في الشرق الاوسط. ومن المقرر ان تنشر الخارجية البريطانية هذا التحذير على موقعها خلال ساعات، وسيحمل تحذيرا صريحا بان على مشتري العقارات المتوقعين في المستوطنات ان ينظروا في احتمال ان يحمل أي اتفاق سلام مستقبلي "مضاعفات بالنسبة الى العقارات" حسب ما أكده مسؤول في لخارجية البريطانية ليل الخميس-الجمعة. وكانت الحكومة البريطانية قد شددت منذ فترة طويلة على ان المستوطنات التي تقع خلف حدود "الخط الاخضر" قبل حرب 1967 بما فيها القدس ومرتفعات الجولان، اللذان ضمتهما اسرائيل اليها، تعتبر غير قانونية. وتقول الصحيفة انها لم تربط ذلك من قبل قط بشراء عقارات. ويصر مسؤولون على انه لا تغيير في السياسة لكنهم يقولون انهم باعلان تلك النصيحة انما يعمدون الى ايضاح اهمية القضية وحساسيتها.

وتأتي هذه الخطوة في اعقاب لقاء يوم الاثنين بين رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وقد التقى براون يوم الثلاثاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت.

ووصف السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة الدكتور مانويل حساسيان التحذير البريطاني بانه "تغيير دراماتيكي في سياسة بريطانيا العظمى.. وقد سارت المملكة المتحدة شوطا بعيدا ظلت تنتقد فيه السياسات الاسرائيلية. وتناولت في الماضي موضوع المستوطنات فقالت انها عقبة في طريق السلام وما الى ذلك. الا ان هذه الخطوة تعتبر حجز الزاوية. وهي الان اكثر فاعلية وجادة حقا".

اما الناطق بلسان السفارة الاسرائيلية في لندن فقال: "اذا صح ذلك، فانه مخيب كثيرا للامال على ضوء الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الوزراء (الاسرائيلي) ايهود اولمرت الى المملكة المتحدة حيث اجرى محادثات صريحة وتفصيلية بشأن الاجراءات التي تبدي اسرائيل الاستعداد لاتخاذها لتقدم مسيرة السلام مع الفلسطينيين".

وقال براون في رسالته المؤرخة 9 كانون الاول (ديسمبر) الى سلام فياض، والتي اطلعت عليها صحيفة "ذي غارديان": "لقد اعربنا منذ زمن طويل عن معارضتنا لانشطة الاستيطان. الا ان هذه الانشطة استمرت وتسارعت منذ البدء بمسيرة أنابوليس. واشارككم الشعور بالاحباط بسبب ذلك. كما ان المملكة المتحدة تنظر الان في الاجراء الذي يمكن ان يكون فعالا لتثبيط توسيع المستوطنات.

وعلى ضوء موقفنا الواضح من المستوطنات، فان ذلك يستتبع اننا لا نريد من المواطنين البريطانيين شراء عقارات داخل مستوطنات غير مشروعة".

على جانب اخر، فان قضيية العنف الذي يمارسه المستوطنون تتسبب بالقلق. وبالامس اصدر مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية تقريرا جاء فيه ان المتطرفين (الاسرائيليين) يلقون التشجيع من الدولة للاستيلاء على اراض فلسطينية ومصادر طبيعية.

واورد التقرير عن اعمال عنف المستوطنين ان"عنف المستوطنين ليس عملا جنائيا عشوائيا فحسب. ذلك انه يلقي دعما ايديولوجيا في معظم الحالات، وانه عنف منظم، والهدف منه هو تأكيد سيطرة المستوطنين في المنطقة".

وفي كثير من الحالات فان المستوطنين يتجمعون في مجموعات تصل احيانا الى 100 شخص، ويستهدفون الفلسطينيين في سن مبكرة ما بين 8 سنوات ومتأخرة تصل الى 95 سنة. واورد التقرير وقوع 182 حادث اعتداء خلال العام 2006، مقابل 243 في العام 2007 و290 حالة في الاشهر الاولى من العام 2008.

ويقول التقرير انه في الوقت الذي يقل فيه عدد الاعتداء على المستوطنين، فانه يشير الى ان الفلسطينيين قتلوا 10 مستوطنين فيما قتل المستوطنون 4 فلسطينيين في العام 2006.

وفي التحذير الذي اصدرته الخارجية البريطانية من شراء عقارات في المستوطنات، قالت ان "المشترين المحتملين لا بد ان يعوا انه يمكن لصفقة سلام مستقبلية بين اسرائيل والفلسطينيين او بين اسرائيل وسوريا أن تحمل عواقب في ما يتعلق بالعقارات التي يتم شراؤها". وأقرب سابقة هو تحذير المواطنين البريطانين من مخاطر شراء عقارات في القطاع الشمالي لقبرص الذي تحتله تركيا.

وقد شهدت عروض العقارات خلال السنوات القليلة الماضية في لندن ومانشيستر اعلانات لبيع عقارات في المستوطنات الاسرائيلية مثل "معاليه ادوميم" وهارحوما (جبل ابو غنيم) وهما كلتاهما في الضفة الغربية.

وقال المحامي والخبير في هذه القضية دانييل ماشوفر ان "المخاطر بالنسبة الى من يشتري عقارا في احدى المستوطنات قد تصل الى درجة الاتهام بالمساعدة والتعاون في انتهاك صارخ لاتفاق جنيف، الذي يحظر قانونا استملاك العقارات بصورة مكثفة بما لا تبرره الضرورات العسكرية".

http://www.alquds.com/node/124067