أنتخابات و قمة..اللية عيد
إنتخابات و قمة...الليلة عيد
هل يصح أن نردد مع أم كلثوم "اللية عيد..عالدنيا سعيد",بإعتبار أن حدثان هامان يقعان في وقت واحد و بتزامن طريف تفصل بينهما الصحراء العربية فقط, الحدث الأول هو الإنتخابات الأسرائيلة , و الحدث الثاني القمة العربية, لا يوجد روابط مشتركة غير التزامن العفوي طبعا و التقاليد,إسرائيل دابت على عقد إنتخابات لمجلسها التشريعي المسمى "كنيست" كل أربع سنوات , العرب دأبوا على عقد مؤتمر قمة كلما كان مزاجهم حسنا.ملمح يلفت النظر في كلا الحدثين حيث يغيب عن الإنتخابات الإسرائيلة الأسماء الكبيرة و التي رافقت تكوين دولة إسرائيل,و القمة العربية يغيب عنها محاورها و مراكز الإستقطاب فيها مصر و السعودية و المغرب.
منذ قيام دولة إسرائيل و حتى العام 1977 قبض اليسار الإسرائيلي على السلطة فيها فتناوب على رئاسة الوزراء بين غورين,و موشي شاريت ,ليفي اشكول, و غولدا مائير, وقعت خلال تلك الفترة حرب حزيران و خسر فيها العرب أرضا تفوق مساحة الأرض التي كانت تقوم عليها إسرائيل بموجب قرارا التقسيم بثلاث مرات, بعد هزيمة حزيران مباشرة عقد العرب الغاضبون و المتحمسون الخارجون توا من معركة تلقوا فيها صفعة قوية مؤتمر قمة في ذات المكان الذي تعتقد فيه الآن, فتجمهر مجموعة كبيرة من القادة العرب و ردوا على الهزيمة بثلاث لاءات اصبحت أشهر من لا النافية و الناهية, و قالوا فيها بصراحة لأسرائيل "لا صلح,و لا تفاوض ,ولا إعتراف".
لم تمض أكثر من عشر سنوات على إطلاق تلك اللاءات حتى كانت مصر الراعية لتلك اللاءات أول من كسرها فتفاوضت و أعترقت و صالحت , الطريف أن الشريك الإسرائيلي لمصر في ذلك الصلح كان مناحيم بيغن "ما غيرو" الذي ذاق النصر الإنتخابي لأول مرة في تاريخ حزبه حيروت في ذات السنة التي قررت فيها مصر كسر لاءات الخرطوم. و حتى العام 1977 كان العرب قد عقدوا عشرة مؤتمرات قمة تنوعت بين العادي و الطارىء و كان من قرارات تلك المؤتمرات تنازل جزئي عن اللاءات الثلاث إذا أنسحبت إسرائيل من الأراضي المحتلة, الى أن قررت مصر أن الإنسحاب الكامل ليس ضروري لكسر اللاءات.
بعد العام 1977 و حتى تاريخه, تناوب اليمين الأسرائيلي و يساره على السلطة و تمرجحت القمم العربية في غياب مصر و حضورها كما تفعل العروس على "بدي و ما بدي", و خلال هذا الزمن حصل أجتياح للبنان و أجتياح للكويت و أجتياح للعراق و هي ثلاث دول عربية دأب قادتها على المشاركة في القمم العربية, و تابعوا مشاركتهم بعد الإجتياح و خلاله,فيما سارت الإنتخابات الإسرائيلية بكل رتابه تجلب بيغن و تقذف ببيريز و تعمد شارون نبيا.
في ظل بهرجة إعلامية و حضور حزب جديد يدعى كاديما أسسه إسحاق شاررون تقام إنتخابات كنيست جديد,أبرز الأحزاب المشاركة في هذه الإنتخابات بالإضافة الى حزب كاديما ,حزب العمل العريق و حزب الليكود مع ظهور مفاجىء لحزب متطرف و طريف يدعى إسرائيل بيتنا,القاسم المشترك بين كل هذه الأحزاب توافقها على عدم وجود شريك في عملية التفاوض, و جميع الأحزاب تعد العدة لتتعامل مع المسألة بشكل منفرد,تتجاهل هذه الأحزاب السلطة الفلسطينية ,و حماس,و تتدير ظهرها لمؤتمر القمة الذي أدرج بندا كما هي عادته يتعلق بالشأن الفلسطيني, تجاهل الشريك الآخر لم يعن الإهانة بل عنى الإستهانة.
في ظل تغطية أعلامية عادية و غياب ملفت لكثير من الوجوه العربية يعقد مؤتمر القمة علىجدول أعمالة "لستة" "تقيم الليل و تقعده" على حد قول عبد الوهاب تتضمن "الوضع اللبناني السوري","الوضع في الأراضي المحتلة","الوضع في دارفور",و لعل بعض الأوضاع الأخرى تندس بين الأوضاع الرئيسية, المتوقع أن يخرج المؤتمر بعبارات عامة حول الوضعين الأولين و أنحياز الى الموقف السوداني الرسمي في الوضع الثالث, و ليس من المتوقع ابدا أن يدور في الجلسات الرسمية أو حتى الجانبية شىء بخصوص غياب الطرف الآخر, و هو أعتراف صريح أن هذا الطرف لا يرغب بأن يكون حاضرا رغم عرض جبهته التي تتسع لأحدى و عشرين كرسي.
القمة الحالية تحمل الرقم "18" عادية و ربما هي الثامنة و العشرين ما بين عادية و طارئة و تحمل أيضا أرث خمسين سنة خبرة قمم عربية تنقلت فيها مقرات القمة في كثير من العواصم العربية "دمشق ليست بينها",و شعار واحد كبير يلفها جميعا هو شعار "تيتي..تيتي",ليس لأن القادة العرب غير جديين و لا يتمتعون بوضوح الرؤية,و لكن لأن الرابطة التي يجلسون على أساسها شديدة الوهن ضعيفة الآصرة.و الكنيست الحالي يحمل الرقم سبعة عشر يجلله شعار كبير يلتحف به معظم الأحزاب "لا يوجد شريك",مقولة جديره و تدعو الى التفكير مجددا بقوة الرابطة التي تسمى عربية.
|