الشعب السوري كما هو معروف للقاصي والداني يعيش في سجن كبير الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود. فبالرغم من الطبيعة الرائعة في سوريا التي يستطيع ساكن دمشق مثلاً أن يعيش الفصول الأربعة في أي وقت من السنة بمشوار قصير إلى الجبال أو السهول القريبة... وكذلك الثقافة الجميلة للشعب السوري المتوارثة عبر السبعة آلاف سنة من عمر المنطقة إضافة إلى مطبخ جميل وطبيعة مرحة... بالرغم من ذلك فالنظام السياسي القائم هو على النقيض تماماً من هذا الجمال، فهو نظام من الزعران والبلطجية لا هم له إلا قمع الشعب ونشر ثقافة الخوف والاستكانة والتضليل الفكري بين أبناء الشعب السوري... إضافة إلى فرض الأتاوات والخوات على الأعمال وعرقلتها إن لم يستجب أصحابها لذلك... إن هذا التناقض بين طبيعة رائعة ومحبة للحياة بين الشعب وهذا النظام المهترىء الذي يجثم على صدره لا بد أن يدفع للتناقض الحتمي والصدام... فلماذا لم يحدث ذلك حتى الآن؟

الإجابة على ذلك مردها إلى سيكولوجيا الرعب التي تمد النظام الهرم بشريان الحياة... فالذاكرة الشعبية لم تنسى بعد القمع الوحشي الذي مارسه النظام ضارباً بعرض الحائط المواثيق الدولية والقوانين والشرائع الأرضية والقيم الدينية والأخلاقية... والشعب لا يمكن أن يثق بتدخل خارجي لحمايته فكما وقف الغرب مكتوف الأيدي أثناء الثورة السورية الأولى فما الذي يمنع سكوته ثانية إن قامت انتفاضة جديدة. في حقيقة الأمر أن النظام لن يكون بمقدوره البطش ثانية بالشعب أبداً بتلك القسوة فالفضائيات والإعلام المفتوح والتجارب الأخيرة للمجتمع الدولي تؤكد أن أي انتفاضة جديدة ستكون ناجحة بكل تأكيد، لكنها في المقابل مستبعدة الحدوث فالذاكرة الشعبية لا تنسى بسهولة وما يحكم العلاقة بين النظام والشعب الآن هو تلك الذاكرة التي تمنع فعلياً أي حراك شعبي

فما هو مستقبل سوريا إذن؟؟؟

يتبع....