{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
[CENTER]حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق

رنا قباني


صحيفة القدس العربي اللندنية
18/10/2005



تزامنت زيارتي الأخيرة الي مسقط رأسي دمشق، في أوائل شهر رمضان الكريم، مع عرض التلفزة السورية للمسلسل السوري الذي أطلق عليه ـ افتراء ـ اسم نزار قباني . وكان والدي الدكتور صباح قباني، الأخ الأصغر للراحل نزار، والفنان الثاني في هذا الجيل من العائلة، قد رفض رفضاً قاطعاً التعامل مع المسلسل أو حتي مشاهدته، لاقتناعه التام بأن أي حديث عن تجربة أخيه الانسانية والشعرية والسياسية سابق لأوانه، اذ لم تمر الا سنوات قليلة علي وفاته. بالرغم من هذا، قررت أنا أن أشاهد المسلسل. وبعد حلقة واحدة فقط، اعتراني شعور بالاشمئزاز لسطحية ما أري، ولابتعاده عن الحقيقة.

فالشخصيات التي يصورها المسلسل لا تمت بصلة الي أفراد عائلتي كما عرفتهم، لا في الشكل ولا في المضمون.

جدي توفيق القباني مثلاً، وهو التاجر العصامي والدمشقي الأصيل، الوسيم الرشيق، الذي اشتهر بذوقه وفنه وجودة ما أسس وصنع، يطل علينا عديم الذوق والأناقة، ضعيف الشخصية، ركيك التعبير، فقير البلاغة. هذا الرجل الذي كان من وجهاء الشاغور، الجار والصديق الداعم للحملة الانتخابية الديمقراطية للرئيس شكري القوتلي، بعدما حاربا فرنسا معاً وسجنا في سجون الانتداب الفرنسي، يبدو وكأنه منقطع الصلة تماماً بدمشق، لا يتقن لهجتها، ولا طرائق تصرف أبناء أحيائها القديمة، ولا مشيتهم، ولا جلستهم، ولا أساليب مخاطبتهم لنسائهم وأطفالهم.

اما كان من الممكن أن يكلف ممثل دمشقي الأصل بلعب هذا الدور الأساسي في حياة نزار قباني؟ ليس ما أقول تعصباً مناطقياً، بل هو تساؤل فني وثقافي جدي كما أرجو. فهل كان سيرضي أهل الساحل السوري لو عهد الي ممثل دمشقي من أهل الميدان التحتاني ، بأداء دور الشاعر الراحل بدوي الجبل؟ أو كان سيرضي أهل البصرة لو أن ممثلاً من تونس، أدي دور والد الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب؟ وبمعزل عن هذا التوزيع الرديء للدور، يبدو الأداء ذاته بائساً متدنياً بارداً.

جدتي من جانبها كانت امرأة أمية، مثل معظم النساء في عصرها، وقد كتب ابنها عن ذلك مراراً. فلماذا تصويرها في المسلسل وهي تقرأ بشغف وحماس؟ هل كان كثيراً علي صانعي المسلسل لو أنهم عادوا الي كتابات نزار قباني عن أمه؟ أما كان من الضروري، وليس فقط من الأفضل، لو أنهم تعمقوا في الحوادث التاريخية والصفات المدنية واللمحات العائلية التي كانت هي المؤثرة علي نزار قباني الحقيقي؟

دار جدي، بباحتها الواسعة، كانت الملتقي لاجتماعات الكتلة الوطنية. وصاحب الدار كان قد جند وقته وماله وجسده لوطنه ـ لتحريره أولاً، وللاسهام في الانفاق علي تأسيس كيان سياسي يضمن انتخابات حرة ونزيهة بعد الاستقلال. أعز ما أملك من صور العائلة هي صورته واقفاً أمام صندوق الاقتراع، في حي الشاغور العريق، ببدلته البيضاء وطربوشه، يدلي بصوته امام اخوانه في الحي (ولا يظهر، في غرفة مكتظة بالناس، أي شخص باللباس العسكري المكروه في مناسبات مثل هذه).

المسلسل يطمس هذا الجانب من نضال عائلتي، ويمر علي هذا الفصل مرور الكرام. والأشنع من ذلك أن نزار المسلسل يظهر وهو يهاجم أول حكومة سورية بعد الجلاء، بوصفها بعيدة عن الناس ومتقوقعة! فهل يعقل، في هذا الزمن من انحطاط بلادنا السياسي بعد وبسبب أكثر من أربعين سنة من حكم العسكر والاستخبارات والمستبدين، الذين وصلوا الي مناصبهم بالبطش فقط وحافظوا عليها بالبطش أكثر فأكثر، هل يعقل أن يكون أحد أهداف المسلسل تدنيس هذه الفترة المضيئة من التاريخ السوري، حين كان المواطن يشعر أن بلاده ملكه، لا يخاف مخبراً ولا جلاداً ولا فاسداً؟

والتفاصيل في المسلسل حافلة بالأخطاء والأكاذيب. عمي نزار الذي كان، مثل إخوته وأكثر أهل الشاغور، معروفاً بحس السخرية وروح النكتة والدعابة، يظهر أشبه بدب روسي ثقيل الدم، لا يعرف الا الاطراق الطويل، ولا يتقن الا التدخين، ولا يجيد النطق حتي يجيد كتابة الشعر!

والحوار في المسلسل ركيك الي درجة مبكية، وتزيد الطين بلة تلك الانماط من المبالغة والتحريف والتشنيع والتشويه. هناك اختراع لقصص درامية ليست لها أية صحة، ومغامرات مليئة بالتقبيح لشخص لم يخفِ أبداً تاريخه العاطفي، وأقام علاقات فكرية وعاطفية هامة مع أديبات تأثرن به وأثرن فيه. فلماذا ربط اسمه بالحشاشين والحشاشات وبيوت الدعارة، كما فعل المسلسل؟ ألا يقود هذا الي تشويه سمعة دمشق، والدمشقيين؟ كم حزنت، واستبد بي الغضب، حين تجولت في شارع البزورية العريق، الذي ما زالت تفوح منه روائح الملبس تماماً كما وصفها عمي نزار، وسمعت تذمر أهل حارتنا من هذا الافتراء المغرض، الذي ينال من سمعتهم الجماعية.

وفي زمن يتصور فيه النظام الحاكم أن تسريح بعض القضاة سيجعل القضاء حراً، في بلد ليس فيه أي شيء حر، أما كان من الممكن لصانعي المسلسل أن يتوقفوا عند نزاهة القضاء ونظافة القضاة آنذاك؟ محمد آقبيق، أحد أشرف رجالات سورية وأكثرهم استقامة، كان يستحق تقديماً معمقاً أكثر من كونه والد زوجة نزار قباني الأولي، زهراء آقبيق. بدورها، بدت هذه السيدة في المسلسل داكنة اللون من فرط الماكياج، منفوخة الشفتين، موديرن للغاية في كلامها ولباسها وتصرفاتها، وتلفظ كلمة نزار بلكنة موارنة جبل لبنان... كل هذا، وزهراء في الحقيقة كانت سيدة شامية، خجولة، أصيلة، ناعمة! وأم الشاعر لم تكن أبداً هي التي اختارت زهراء زوجة له، كما يزعم المسلسل، بل كانت اختياره هو، وتزوجها دون موافقة والدته، وبالرغم عنها.

كانت شخصية نزار قباني مركبة، ولا تشبه في شيء شخصية هذا الشاعر الأبله والممل في المسلسل. كانت التناقضات تسكنه، بين التحرر والبطريركية، بين البوهيمية والرجعية، وبين انتقاد الأنظمة العربية ومديحها. هذا ما جعله انساناً مثيراً، وعربياً يمثل أحاسيس العرب الحقيقية وتناقضاتهم. وهذا ما يتعامي عنه المسلسل تماماً، وكأن الشاعر ـ أي شاعر ـ مجرد كليشيه يحملق في الأزهار وفي عيون النساء، ساعة الغروب، والموسيقي تصدح من حوله!

وذات رمضان غير بعيد، بثت التلفزة المصرية مسلسلاً عن حياة أم كلثوم، كان بديعاً في كتابته وتمثيله وتصويره واخراجه. والأبرع من ذلك كانت الدقة التاريخية والأدبية والفنية التي تحلي بها المسلسل، فكل حدث في حياة أم كلثوم كان موثقاً خير توثيق، وكان المرء يشاهد الحلقات وهو يدرك أنه يتعلم عن تاريخ مصر السياسي والأدبي والفني، وعن نضالات شعبها للتحرر من الاستعمار البريطاني، والصراعات الطبقية، وتحولات المجتمع، الي جانب تطور الفن الغنائي والمسرحي فيها.

ومن هذا المسلسل البائس الذي سمي نزار قباني زوراً وبهتاناً، والذي ألحق الأذي الشديد بتاريخ مدينتي وعائلتي، لم أتعلم سوي أن الابتذال هو السيد في شاشاتنا، يسانده بالطبع أصحاب النفوذ الذين لا يهمهم الا الربح السريع. البيوت الدمشقية العريقة الآمنة، مثل التي ولد فيها الشاعر وترعرع، مسخت الي مقاهٍ ومطاعم فاخرة يملكها كبار أفراد النظام الحاكم وأولادهم. وحتي الياسمين الدمشقي أصبح عندهم جزءاً من تجارة العلاقات العامة التي يسمونها الحملة الوطنية ، في حين أنهم هم أنفسهم مَن يجتث روح الياسمين من جسد الشام.

فكيف يمكن لهؤلاء الا أن يرتكبوا الجريمة ذاتها بحق نزار قباني؟


11-03-2005, 09:13 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العروبة غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 59
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #2
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
أنا حضرت معظم حلقات مسلسل نزار قباني

وقد تكون هناك بعض الأخطاء ... وأهمها تصوير أم نزار قباني البسيطة الأمية بالمرأة القارئة , هذا الخطأ الأهم الذي لفت انتباهي .

وأما بالنسبة لتوفيق القباني ( أبو المعتز) والذي مثل دوره الممثل أسعد فضة ( لعل البنية الجسدية والشكلية بين الممثل والشخصية الحقيقية على حسب ما قرأت مختلفة ...ولكن لعل أسعد فضة هو الأفضل لتأدية هذا الدور دون سواه .. ولم يصور توفيق القباني بالمتخلف او البسيط ... بل مما اتضح لي .. كانت صورة توفيق القباني صورة الإنسان الوطني المتابع لهموم أمته ووطنه ... وصورة المهموم .. أما عن اللقطات التي صورت توفيق القباني مغتاضا بداية من قالت لي السمراء قبل قراءته ( وهو أول ديوان يصدر لنزار قباني ) فكان التصوير لغضبه صادر عن خوفه على إبنه من الناس ...ولكن بعد قراءة الديوان وقف جنبا لجنب معه . .. قد يكونوا لم يصوروا تفاصيل شخصية والده .. ولكن صوروا جزء منها ولم تكن الشخصية المصورة .. شخصية ضعيفة ولا متخلفة .

أمر اخر تقول ابنة الشاعر نزار قباني هدباء انها غاضبة جدا لتصوير ابيها كزير نساء .. ولا أعتقد انه صور كزير نساء ... ولكن ما لا أشك فيه ان نزار قباني مر بتجارب نسوية كثيرة ... وكانت لها تأثير كبير على شعره ... فتصوير نزار يحب النساء او يرغبهم ... ويكتب عنهم ... ويحب بالأحرى الأكثر عمقا دائما من النساء .. لم يكن يسئ لنزار ... ولكن أعتقدها حقيقة .

وأيضا بالنسبة لموضوع كيف يصوروا نزار انه ( حشاش) أو أنه من روادي الحانات!.. في المسلسل لم يصور نزار كحشاش ... وصحيح أن المشاهد التي كانت تخص فترة تواجده في تركيا كان نزار فيها يرتاد الحانة ... ولكن لم يصور نزار كعربيد او كخمار وسكير ... وبالعكس صور نزار كإنسان يكره المرأة العاهرة ولايحب معاشرتها ... ولايحب الخيانة ... ( وهل من المعقول أن نزار قباني لم يرتاد الحانات اصلا؟! وهل أخطأوا في المسلسل حينما صوروه في حانة يعاني ويفكر ؟! ( هل كان نزار قباني قديسا؟! أم كان إنسان عادي يحب الحياة ... ويكتب من أجلها .


وأما من ناحية زوجته زهراء واختيار ممثلة داكنة اللون في ناحية ان زوجته إمراة ناعمة بسيطة ... نحن لانطلب من المسلسل ان يقدم التفاصيل الدقيقة ولكن يكفي أنه لفت الانتباه لحياته مع زهراء التي قضاها في مصر وانجابه منها توفيق وهدباء.
قد يكونوا أخطأوا حينما لم يصوروا لنا شخصية نزار الفكاهية ..وتصويره بأنه الرجل الذي يضاجع السيجارة ليل نهار .

وقد يكونوا أخطأوا في التسرع بتقديم فلم شاعر حديث نحتاج لزمن أطول لكي يكن هذا الشاعر جزء من التاريخ ..ولكن في نفس الوقت نزار قباني ليس جمال عبدالناصر ... الذي تختبئ في حياته الكثير من الأسرار التي ومع تقادم الزمن قد تنكشف .. لذلك كلما كان تمثيل شخصية عبدالناصر بعد فترة زمنية طويلة من وفاته يكون أفضل .


وبالنسبة لإعجاب ابنة نزار قباني بمسلسل أم كلثوم .. فبالنسبة لي المسلسل ليس رائعا كما صورته وبالعكس صورت أم كلثوم كأنها القديسة .. والشخصية الطاهرة من جميع النواحي ... الشخصية المثالية !وهنا نقع في فخ تقديس الشخوص والمشاهير.

و بالنسبة لي بشكل عام المسلسل جيد ..وجدا ... ولا يوجد مسلسل مثالي ولا يخلو من أخطاء ... ولايمكن لأي مسلسل أن يصور التفاصيل الحياتية كاملة لحياة نزار وعائلته .

ونزار قباني لس ملكا عائليا بل هو شخصية عامة يحق للاخرين ان يمثلوها .. مع إحترام شخوصها .. وعدم تقديس الشخصية الممثلة ( نزار قباني ).

وهنا رابط لبعض اعتراضات ايضا عائلة نزار قباني على قناة دبي وعلى المسلسل ( التي لا اتفق معها ):

http://www.alarabiya.net/Articles/2005/10/25/18036.htm

وسلامي

(f)
11-03-2005, 10:38 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #3
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
أهلين عزيزتي العروبة؛ (f)

في الحقيقة فإني لم أرَ المسلسل ولذلك لا أستطيع الحكم عليه وتشكيل نظرة حوله إلا من خلال ما ُينشر كمقالات.
ولكن حجة كون نزار شخصية عامة لا أظنها سليمة، فكونه شخصية عامة لا يبرر الكذب، فكان الأجدر والحري بالقائمين على العمل تحري الدقة وذلك من خلال تقصي الحقائق حول حياته عن طريق عائلته المقربة منه، وحين تنشر أخطاء شنيعة فإن هذا يسمى تشهيراً وحتى وإن كانت الشخصية عامة.
كذلك يؤخذ على المسلسل كما قرأت تملقه النظام الحاكم في سوريا، لذلك وبما أن هامش الحرية الحالي غير كافي لتناول حياة رجل كنزار له نشاطه السياسي المعارض المعروف فمن الظلم أن يتم ذلك في ظل الظروف السياسية العامة الحالية.

وهذه مقالات أخرى تلقيتها على بريدي حول المسلسل سأدرجها تباعاً:


[CENTER]قصائده محجبّة. آراؤه مكبّلة. سياسته «بعثية» عن المسلسل الذي فتك بشخصية «نزار قباني»

راشد عيسى
صحيفة السفير البيروتية

22/10/2005


من الصعب العثور على نزار قباني في مسلسله الذي يعرض حالياً على قناتيْ «دبي» والأرضية السورية. فحين تضيق السبل بمشتغلي العمل, يجدون طريقة ما في العثور على وسامة تلفزيونية لنجم بإمكانه أن يطيّب الخواطر إلى حد, ولكن ذلك لن يستمر إلى النهاية. فبعد مرور أكثر من نصف المسلسل أصبح من حقنا أن نسأل: ماذا يفعل هذا الشاب هنا? لا لعلة فيه, بل لوضع درامي جعل منه, في مسلسل يحمل اسم شخصيته, مجرد مستمع لا حول له. هذا ما كان عليه في الفترة المصرية من سير المسلسل, حين تحوّل إلى مستمع لمحاضرات السفير السوري في مصر (أدى دوره جمال قبش), وما لبث أن صار مستمعاً أيضاً إلى محاضرات أخرى ألقاها عليه السفير السوري في تركيا (طلحت حمدي). لعل هذا ما يحدث عندما تغيب المادة الدرامية الأساس, وهي في حالة نزار قباني أو سواه تستقى من شخصيات عاشت معه أو بالقرب منه, كيف ذلك والحال على ما هي عليه من خصام وقرصنة?

بغياب الدراما والحدث, لا مناص من مقاطع شعرية أو سردية من حياته يمليها الممثل على مسامعنا, وأخرى من محاضرات لكبار الساسة, فما الذي يبقى لنزار غير ذلك كي يقوله? وماذا بوسعه أن يفعل غير التبختر أمامنا بهالة من السجائر والدخان كما لو كان رأفت هجان سورياً?

حضور السياسة والتاريخ في العمل لم يكن حضوراً مفتعلاً وحسب (فليس كل حدث مرّ في حياته جديراً بالتسجيل, إلا إذا كان البطل فاعلاً أو متأثراً بشكل واضح), لقد كان حضوراً مزوراً أيضاً, لنقل إنه ملحوظ من وجهة نظر لن نغامر إذا وصفناها بوجهة النظر البعثية. فكل من مرّ قبل تاريخ تسلم البعث للسلطة سيبدو غير ذي نفع (سبق للمخرج باسل الخطيب أن قدم «هولاكو» من وجهة نظر بعثية). لا يصح, من وجهة نظر درامية على الأقل, أن يجري تناول حسني الزعيم بهذه الطريقة الكاريكاتيرية, أما مهزلة المهازل فكانت في الشتيمة التي وجهت إلى واحد من أبرز صانعي تاريخ سوريا, حين سخر المسلسل منه بالقول إن أكرم الحوراني, وهو الاشتراكي: صاحب مسرحية توزيع الأراضي على الفلاحين في مدينة حماه, بينما وزع أراضي الجزيرة السورية على أقاربه. لا نعرف سبباً درامياً لهذه العبارة, وأي علاقة لها بحياة نزار. يمكننا أن نتوقع تزويراً كهذا فقط حين يكتب واحد مثل قمر الزمان علوش, لكنه لا يدري أن الشخصية الإيجابية الوحيدة من أهل السلطة, عادل أرسلان وزير الخارجية في عهد حسني الزعيم بدا كما لو كان علي عقلة عرسان. لا يعرف علوش نموذجاً آخر للشخصية الإيجابية. لم يفتْه أيضاً مقاربة الأزمة الراهنة في العلاقات اللبنانية السورية ليسوق كلاماً على لسان وزير الخارجية أرسلان, من قبيل إن ثمة جهات في لبنان تحاول استغلال أي حدث للإساءة إلى سوريا.

في شروط الفضائيات العربية يصعب أن يشكل نزار قباني شخصية تلفزيونية, ذلك أن جوهر شخصيته كمبدع وشاعر هو في خرق حجاب العري.. فهل يصح أن يقدم المسلسل أكثر قصائده تحجباً? ومن جهة أخرى, من يجرؤ على إعلان قصائده ومعاركه في السياسة, مثلاً: هل يستطيع مسلسل باسل الخطيب أن يكون جريئاً في إعلان علاقته مع السلطة السورية في الثلاثين عاماً الأخيرة كما كان «مقداماً» في التجرؤ على ما قبلها?

إن العمل, حتى وهو ينصاع لكل شروط الرقابة, لم يستطع أن ينجو من الرقابتين السورية والإماراتية, فعلى الشاشة السورية حذفت عبارة تقول: «إن وزير الدفاع كان شريكاً لتاجر يهودي من بيت (آل) طوطح, ولما صار وزيراً لم يقطع علاقته به, بل ما زال شريكاً له في شركة سيارات أميركية, وحين طلب أحد النواب فتح تحقيق بالموضوع أسكتوه». أما في «دبي» فحذف كلام للسفير المصري مع هيكل حول مؤتمر القمة العربية و«مقررات على الورق بسبب الدول العربية المشغولة بنفسها», ويروح يعد تلك الدول ف«اليمن وجودها وعدم وجودها واحد, والحكومة السورية ترى أن إلقاء الخطب الحماسية يغني عن أي عمل», ويمضي في انتقاد السعودية ولبنان ومصر والعراق.


11-03-2005, 10:54 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #4
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
[CENTER]مسلسل نزار قباني: دراما الكذب والافتراء تلصق رذائل الحاضر بالماضي

محمد منصور



صحيفة الرأي الإلكترونية الدمشقية
25/10/2005


لا يستحق مسلسل (نزار قباني) أن يطالب أحد بإيقافه. فالمطالبة بالإيقاف أو المنع، يمكن أن يعطيه شرف العمل المغامر الجريء، الذي يكشف شخصية شاعر إشكالي وعصر ديناميكي حار، فيثير غضب المتضررين من كشف الحقائق.. في حين أن مسلسل نزار قباني الذي نشاهد حلقاته في دورة رمضان الحالية، هو عكس ذلك على الإطلاق... مسلسل يمتلئ بالأكاذيب، وبالحقد الأسود على تاريخ سورية الذي لا يبدو مضيئا وحسب، بل هو شديد النصاعة إذا ما قيس بما نعيشه من تردي وفساد اليوم.

وهكذا فالأحرى بهذا المسلسل، أن يفضح عبر عرضه.. والاستمرار في عرضه، لا أن يُمنع مضمونه ويصور على أنه يحمل شرف الإثارة الفكرية في المواقف والقراءات، ويظهر صناعه بمظهر الأبطال في عرف الإثارة الإعلامية السائدة اليوم.

طفولة عجائبية وبيئة هجينة!

إن مشكلة نزار قباني الأولى، هي أنه يصنع بأيدي أناس غرباء عن بيئة الشاعر وعصره.. لا تعنيهم صدقية التاريخ في كثير أو قليل.. مع العلم أن صلة نزار قباني ببيئته، ليست صلة عابرة، بل هي أساس راسخ في شعره وأدبه وشخصيته ومواقفه.. فهذا الشاعر الذي ثار على البيئة الفكرية المتحفظة في دمشق في الأربعينيات، كان حتى في ثورته تلك عاشقا لمدينته، ولتراثها ولكل ما فيها. حتى أنه كتب يقول بكل تواضع وانتماء: (أنا خاتم لغوي من صياغة دمشق، نسيج لغوي من حياكة أنوالها، صوت شعري خرج من حنجرتها... إلخ). وهكذا فلا كاتب سيناريو الحوار ابن الساحل السوري (قمر الزمان علوش) قريب من هذه البيئة، ولا المخرج الفلسطيني الأصل (باسل الخطيب) يعرف مفاتيح وتقاليد هذه البيئة لدرجة انه لا يحترم حتى وئاثقية استحضار طقس الموت في تلك البيئة كما نرى في موت وصال!

وهذه الغربة عن البيئة تتجسد منذ الحلقات الأولى، حيث اختار المخرج ابنه الوحيد (مجيد الخطيب) ليؤدي شخصية نزار الطفل، فبدا هذا الطفل بعيدا كل البعد عن حالة الإقناع الفني التي يفترض أن يوصلها في أدائه وفي تآلفه مع المحيط الذي يفترض أنه نشأ فيه.. فهو لم يعش يوما في بيت دمشقي، ولم يألف يوما نمط العلاقة مع المكان الذي يشكل ذاكرة الطفولة التي استعادها نزار بحميمة في شعره حين كان مغتربا يكتب رسائله الشعرية إلى مدينته وأمه. وهذا ليس ذنبه بالطبع، بل مشكلة الذي اختاره ليربط اسمه بمجد هذا الشاعر العملاق بأي شكل من الأشكال. ومن هنا وبناء على توجيهات مخرجٍ بعيدٍ عن البيئة والشخصية، وكاتب لا يفقه سر المدينة، بدا مجيد الخطيب في أدائه متأرجحا بين العدوانية السافرة، والبلادة الذهنية... لا يجيد سوى تعابير الغضب والممانعة والعناد، باعتباره ابن المخرج الوحيد.. لا ابن أسرة تضم أربعة صبيان وبنت، لم يكن نزار أكبرهم ولا أصغرهم.. وبالتالي لم يكن هو الطفل الذي يغار أخوته من امتيازاته إن كان هو أول الأبناء، أو مكانته الخاصة في العائلة إن كان أصغرهم كما يحدث عادة.. وكما صوّره المسلسل ليبرزه دراميا بعيدا عن الحقيقة الموضوعية!



عصابات الكاوبوي تحكم سورية!

لكن مشكلة المسلسل الأخطر، ليس في الفشل الفني في تقديم صياغة فنية مقبولة لطفولة الشاعر ولموقعه في الأسرة، ولا في فشله كذلك في تقديم تصور جذاب لشبابه ومراحل حياته اللاحقة، بعيدا عن السطحية والسذاجة، وثقل الدم، وركاكة الحوار، وبرود الإخراج، الذي لم ينجح سوى في تقديم صورة تلفزيونية جميلة في التشكيل والإضاءة وحركة الكاميرا فقط. إن مشكلة المسلسل الأخطر هي في ذلك الاعتداء السافر على تاريخ سورية، وشتمه وتحقيره.. والمس بالشخصيات الوطنية التي ستظل حية في وجدان السوريين، رغما عن كل النوايا السيئة أو الطيبة (لا فرق) التي تم التطرق بها إلى ذلك التاريخ وشخصياته ورموزه!

ففي مسلسل نزار قباني يُشتَم الرئيس شكري القوتلي.. وتلفق له التهم، ويقال على لسان والد نزار.. إن هذا الرئيس الذي انفض عنه الناس، قد قام أزلامه في العرض العسكري في ذكرى عيد الجلاء بإجبار الناس على الجلوس في الكراسي الفارغة، بعد أن جمع طلاب الجامعة وأجبروا على ذلك عنوة... لأن الناس اكتشفوا حبه للوجاهة والسلطة فانفضوا عنه.. في حين تذكر ابنة شقيق الشاعر نزار قباني، الكاتبة رنا القباني في مقالتها المستهجنة لهذا التزوير أن جدها كان واقفا على الصندوق الانتخابي للرئيس القوتلي.. فكيف يمكن أن يشتمه!

إن شكري القوتلي لمن لا يعرف هو الزعيم العربي الوحيد الذي تنازل عن الحكم من أجل الوحدة، حين تنازل لجمال عبد الناصر ووقع معه اتفاق الوحدة بين مصر وسورية عام 1958، وهو الزعيم الوحيد في سورية الذي عاد كرئيس للجمهورية بعد أن خرج من الحكم، ولم يزور الانتخابات بنسبة 99.99 بالمائة وهو يمسك بمقاليد السلطة وأجهزة القمع والطغيان.. وثمة الكثير من المآثر العظيمة التي لا يتسع المجال لذكرها الآن، في حكم هذا الرجل، الذي يحاول المسلسل تدنيس سيرته زورا وبهتانا.

أما الرئيس أديب الشيشكلي قائد الانقلاب الثالث في سورية، فرغم ما عرف عنه من سلوك ديكتاتوري.. يذكره التاريخ، فلم يكن صانع ومؤسس تقاليد الفساد التي يعاني منها المواطن السوري اليوم، كما صوره المسلسل. فقد كان في عهده صحافة وأحزاب وحراك اجتماعي وسياسي، ولم يصدر قرارا بإغلاق وتدمير كافة الصحف والمجلات الخاصة كما فعل حزب البعث في انقلابه العسكري عام 1963. ويكفي أن التاريخ سيذكر له، أنه قرر الانسحاب من الحكم، لأنه لم يقبل أن يقتتل الجيش السوري في أواخر عهده.. ولم يرض أن يوجه جندي سوري بندقيته إلى صدر جندي سوري آخر حين حدث إنشقاق ضده.. فانسحب تاركا كرسي الرئاسة، في حين بنى رؤساء آخرون أتوا بعده حكمهم على سلسلة من المجازر والمذابح التي سيذكرها التاريخ بالتأكيد.. مهما طال عهد الكذب والتلفيق والتزوير!


سلك دبلوماسي بموظفي عمال كونسروة!

أما السلك الدبلوماسي السوري الذي يصوره المسلسل، فهو سلك وضيع.. يستغل فيه موظفو السفارات، حرم السفارة للدعارة.. كما نرى في موظف السفارة السورية في تركيا، الذي يأتي ببائعة هوى إلى مكتبه ليمارس معها الجنس وهو يقول لها بكل وضاعة: (أنا شامي ودمي حامي) وعندما يضبطه السفير متلبسا.. ويوبخه واصفا إياه بالوضاعة والانحطاط.. ينتهي الأمر عند هذا التوبيخ فقط. إذ نرى هذا الموظف الشامي ذي الدم الحامي، في مشهد لاحق وهو يشارك في مؤتمر صحفي.. وتستمر الإساءة للسك الدبلوماسي السوري في الخمسينيات، حين يصفه السفير السوري في تركيا: (بأن موظفيه لا يصلحون أكثر من عمال في معمل كونسروة ) نقلا عن زميله السفير السوري في لندن. أما رجال الحكم في عهد الرئيس الشيشكلي فيصفهم السيد قمر الزمان علوش كاتب السيناريو الحوار على لسان شقيق نزار الأصغر د. صباح قباني.. بأنهم أشبه بقطاع طرق ورجال عصابات على نمط الكاوبوي في الغرب الأمريكي... أما تجار دمشق فهم يجمعون الأموال ليصنعوا تمثالا لأديب الشيشكلي في ساحة المرجة، في حين أن آلاف الأطفال يموتون بسبب سوء الرعاية الصحية، ولأنه لا يوجد مشفى تخصصي واحد للأطفال في سورية!

هذا غيض من فيض الإساءات التاريخية التي يلحقها هذا المسلسل بتاريخ سورية ورجالاتها، وبمجتمع مدينة دمشق وبيئتها، متكئا على ما يبدو من خوف الناس من الدفاع عن ذلك التاريخ... ومن السياسة السائدة في سورية منذ أكثر من أربعين عاما، والقائمة على طمس أي ملمح مشرق في تاريخ سورية قبل حكم البعث وانقلابه العسكري في الثامن من آذار عام 1963.



استرخاص إنتاجي وادعاءات ثقافية!

أما شاعرنا نزار قباني فما زال سادرا في سيرته العطرة التي يختلقها المسلسل من كباريه إلى آخر، ومن ملهى إلى آخر، ومن كأس يومئ به إلى سيدة في خمارة.. إلى آخرى، يعيش حالة برود قاتلة مع زوجته الأولى، التي تظهر في صورة غريبة عن البيئة والمصداقية التاريخية في كل شيء... ناهيك عن المشكلات الفنية التي تطبع هذا العمل، من بطء إيقاعه، إلى استرخاص الجهة المنتجة في اختيار أرخص الممثلين أجورا في سورية ومصر باستثناء ستة ممثلين أساسيين من النجوم. فيظهر توفيق الحكيم مثلا عبر ممثل ناشئ مغمور، وتظهر رجالات مصر وسورية عبر ممثلين كومبارسيين من الدرجة الثالثة، في حين أن الشركة المنتجة كانت تمن على أسرة الشاعر نزار قباني بأنها ستنتشله من رقاده في هذا المشروع الوطني والثقافي النبيل، وفي حين كانت تشتم أسرة نزار قباني لأنها كانت تطالب بحقها المادي والمعنوي، الذي لم تحفظه لها المحاكم السورية في النهاية!



انتظروا مهازل التكريم والإشادة!!

نعم.. مازال مسلسل نزار قباني مستمرا في عرضه، والأحرى به أن يستمر، والأحرى كذلك أن يكرم كاتبه ومخرجه وصناعه على الإساءات الفاجرة التي يرتكبوها زورا وبهتانا بحق تاريخ ورجالات سورية، وبحق مدينة دمشق وشاعرها.. ولا تستغربوا أن تظهر الصحف الرسمية السورية والمجلات لتشيد بالمسلسل، وتعتبره معجزة فنية، وتتهم من يعترضون على إساءاته بأنهم رجعيون، وبأنهم حاقدون ويريدون أن يظهر تاريخ نزار قباني ناصعا، وعصره مضيئا ومشرقا، لأن عقولهم مغلقة وشخصياتهم مهزوزة لا تحتمل قول الحقيقة المرة!

ولا تستغربوا أن يقوم التلفزيون السوري أو الجهة المنتجة بالمبازرة على جائزة له في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون القادم!!

وسيكون على عشاق نزار قباني وعلى أسرته، أن يتجرعوا مشاعر الاستفزاز والاغتيال لذكرى نزار قباني مرتين.. مرة عند إنتاج هذا المسلسل وعرضه رغما عن أسرة الشاعر وحقها المادي والمعنوي، ومرة أخرى مع التزوير الإعلامي الذي سيقابل به المسلسل في الإعلام السوري الذي لم يعتد أن يكون صوت الحقيقة يوما، والذي تعامل مع حدث رحيل نزار قبل سبع سنوات بأوامر رسمية منعت مواكبة حدث الرحيل. وأذكر أنني كنت يومها محررا في مجلة تشرين الأسبوعي الرسمية، وأبلغني الشاعر علي كنعان الذي كان رئيس القسم الثقافي في المجلة حينها، أن الملف الذي كنا نعده عن نزار قد منع بأوامر عليا، وجهت للصحف الرسمية الثلاث!

أجل سيكرم صناع هذه المهزلة، ومروجي مسلسل الأكاذيب.. فكل المؤشرات في المسلسل تقول، أن تاريخ سورية الأسود منذ عهد الرئيس شكري القوتلي، وتاريخ رجال عصابات الغرب الأمريكي الذين كانوا يحكمون سورية في عهد الشيشكلي، كانوا جذوة الشعلة التي ولدت- بقهرهم وظلام فسادهم- فجر الثامن من آذار.. حين بدأت تباشير النهضة والبناء بالبزوغ، لتترسخ منذ ذلك التاريخ صيغة سورية الحديثة التي نعيشها بكل رخاء واعتداد.. فالمسلسل يشتم تاريخ الخمسينيات المضيء من أجل أن نكون قادرين على أن نرى دولة المخابرات والاستبداد، ودولة الصحافة الموؤودة والإعلام الذي لا يحترمه أحد، والدبلوماسية التي تحول الأصدقاء إلى أعداء، والفساد الحكومي الذي يصبح علاجه انتحار رئيس وزارة بعد بقائه في الحكومة الرشيدة ثلاثة عشر عاما دون أن يكتشف فساده الشخصي المحدود أحد... هي الدولة التي تليق بحلم شاعر كنزار قباني وبأحلامنا أيضاً!



التاريخ سيلعنهم!

لكن رغم كل الأكاذيب، ورغم كل الافتراءات، ورغم الصمت المقهور، ورغم استفزاز المشاعر والنفوس، ورغم الإهانات التي ترتدي لبوسا فنيا بريئا، اسمه (وجهة نظر في المرحلة والشاعر عبر مسلسل تلفزيوني) ورغم الخوف الذي يتحرر أو لا يتحرر لكي يقول الحقيقة، ورغم ما ننتظر من عهر التكريم الاستفزازي الذي يتاجر بذكرى نزار ويقيم مأتم الشماتة على جثة عصره، فإن التاريخ هو الأصدق والأقوى والأبقى. وسيأتي اليوم الذي يلعن فيه التاريخ صناع مسلسل نزار قباني، ويكشف فساد ما أنتجوه.. وستلحق هذه اللعنة بكل من شارك في هذه المهزلة.. وبكل من كتب وصور وأنتج وأخرج حرفا من حروف شهادة الزور والبهتان، التي يبقى تاريخ سورية رغم ما حاق به من عسف وجور وظلم، أكبر من أن يطمس حتى النهاية، أو يزور على رؤوس الأشهاد وفي ظل صمت البعض أو الكل!


11-03-2005, 11:04 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #5
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
[CENTER]أيّ نزار قباني يسلسلون؟

د. صبحي حديدي


صحيفة القدس العربي اللندنية
10/10/2005



أقرّ، على الفور، أنني لم أشاهد أياً من حلقات المسلسل السوري الجديد الذي يتناول حياة الشاعر الكبير الراحل نزار قباني (1923 ـ 1998)، ليس إعراضاً عن المسلسل ذاته أو القناة التي تعرضه (حصراً، كما فهمنا!)، بل لأنني لا أشاهد الفضائيات إجمالاً. ومع ذلك، وبعد هذا الإقرار، لا أجد غضاضة في القول إنني ـ واعتماداً على غريزة مسلحة بمنطق بسيط أظنه صائباً في آن ـ أميل إلى القول إنّ العمل لن ينصف الشاعر، ولعله سيسيء إليه أيضاً.

أمّا مفردات المنطق الذي أستند إليه شخصياً، فهي تتوزّع في مجموعتين:

الأوّلى هي أنّ الظروف الرقابية، وبالتالي السياسية ـ الثقافية والأمنية ـ الثقافية السائدة اليوم في سورية، بلد التنفيذ ومقرّ الشركة المنتجة، لا يمكن أن تسمح بمستوى لائق في إنصاف الراحل سياسياً باديء ذي بدء، ثمّ إنسانياً وإبداعياً بعدئذ. ومعروف للجميع أنّ الراحل لم يكن على وفاق بيّن، لأسباب شتى ليس المقام مناسباً لاستعراضها هنا، مع نظام البعث الحاكم في سورية منذ 1963، وأنّ حقبة المصالحة التي بدأت في عهد حافظ الأسد، وتضمنت ذلك الظهور الشهير للراحل على مدرج جامعة دمشق مطلع السبعينيات، ثمّ استقبال الأسد له في مكتبه سنة 1974، لم تثمر عملياً عن ردّ اعتبار كريم للشاعر في مؤسسات النظام الثقافية، وظلّ الجفاء هو السائد.

وهذا لا يعني أنّ الراحل كان على الجفاء ذاته مع الأسد نفسه، أو هذا على الأقلّ ما تقودنا إليه بضعة نصوص (نثرية، في صيغة رسائل غالباً) كتبها قباني في مديح الأسد شخصياً، كما في رسالته إليه من بيروت أواسط السبعينيات، بعد الأزمة الصحية التي استوجبت نقله إلى مشفى الجامعة الأمريكية واهتمام الأسد به شخصياً، حين كتب: إن الرئيس حافظ الأسد هو صديق الشجرة والغيمة وسنبلة القمح والحقول والأطفال والغابات، والجداول والعصافير والشعراء وفيروز وعاصي الرحباني. ولو أنّ عصفوراً واحداً سقط أو غمامة واحدة بكت أو سنبلة قمح واحدة انكسرت لحمل إليها حافظ الأسد وعاء المهل ووقف فوق رأسها حتى تشفى . وتجدر الإشارة إلى أنّ الصديق الشاعر المصري أحمد الشهاوي كشف، قبل نحو عام، سلسلة من الوثائق اللافتة حول علاقة الراحل بكلّ من جمال عبد الناصر وحافظ الأسد، نشرتها آنذاك وكالة الأهرام للصحافة.

المجموعة الثانية من الأسباب هي أنّ المسلسل مقدّر له، بالغاية التجارية الصرفة أوّلاً، أن يدخل إلى حجرة المعيشة العائلية في مختلف البلدان العربية، وبينها بالطبع تلك التي تتصف معظم شرائحها بنزعة متديّنة محافظة، لا تقرّ ذلك الطراز الخاصّ من القيم التحرّرية التي حضت عليها أشعار الراحل، خصوصاً في جوانب الحبّ والغرام والهوى والجوى والغزل والأشواق. فكيف يمكن للمسلسل أن يدخل البيوت العربية، ويحافظ في الآن ذاته على الحدّ الأدنى من شخصية قباني شاعر المرأة ، أو تحديداً ذلك المزيج الخاصّ من الشاعر الليبرالي الذي سعى إلى تحرير المرأة، والشاعر ذاته في إهاب الرجعي الذي أراد سجنها في قارورة عطر وجورب حرير؟

هل سيجرؤ المسلسل على تذكيرنا، وهذا حقّ مطلق للراحل، بنزار قباني الحليف التقدمي للمرأة؟ الذي يقول منذ العام 1944:

يا لصوص اللحم.. يا تجّاره
هكذا لحم السبايا يُؤكلُ

منذ أن كان علي الأرض الهوى
أنتم الذئب ونحن الحملُ

نحن آلات هوى مجهدة
تفعل الحبّ ولا تنفعل

هل سنرى قباني ذاته حليفاً، هذه المرّة، للرجل الرجعي الشهواني، المتعجرف، البهيميّ في علاقته بجسد المرأة:

عبثاً جهودكِ.. بي الغريزة مطفأة
إني شبعتكِ جيفة متقيئة

إني قرفتكِ ناهداً متدلياً
وقرفتُ تلك الحلمة المهترئة

أم الشهواني، المَرِح، الجذِل، العاشق، الطَرِب:

منضمّة، مزقزقة
مبلولة كالورقة

سبحانه من شقّها
كما تُشقّ الفستقة

نافورة صادحة
وفكرة محلّقة

وقبل هذا وذاك، كيف سيتجاسر أهل المسلسل على الدنوّ من شخصية الشاعر في إهاب ناقد اجتماعي راديكالي، يقوّض في العمق ويهدم ابتداءً من الركائز، كما في قصيدته الديناميتية الأشهر خبز وحشيش وقمر ، حين يقول:

ما الذي عند السماء لكسالى ضعفاء

يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر

ويهزّون قبور الأولياء

علّها ترزقهم رزّاً وأطفالاً، قبور الأولياء

ويمدّون السجاجيد الأنيقات الطُرَر

يتسلون بأفيون نسميه قدر

وقضاء

في بلادي.. في بلاد البسطاء

وأخيراً، كيف يمكن للمسلسل أن يدخل غَرفَ المعيشة في البلدان العربية الخليجية، دون أن يطمس تماماً جانباً أساسياً في طبائع الشاعر الإحتجاجية، أي سخطه الشديد على النفط وأهل النفط؟ هل نزار قباني المسلسل، يمكن أن يكون نفس نزار قباني صاحب القصيدة الشهيرة الحبّ والبترول، حيث يقول:

متى تفهمْ؟

بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ

ولنْ تتملّكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ

وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ

وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيــــقاتكْ

بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ

وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ

أيا متشقّقَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ

ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هواياتكْ

تكدّسهنَّ بالعــــشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ

تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ

متى تفهمْ؟



وهكذا، في نهــــاية المطاف، أيّ نزار قباني سوف يسلسلون؟


11-04-2005, 03:00 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Deena غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,133
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #6
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
أوقفوا هذا المسلسل

شمس الدين العجلاني

http://nizar.ealwan.com/poet.php?action=fu...fullnews&id=268

اقرأ هناك

طارق

يمكنك أيضا أن تجد كل أشعار نزار قباني في هذا الرابط

(f)
11-09-2005, 03:05 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #7
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
ألف مليون شكر على هالموقع الفظيع المريع، دندون

(f)(f)
11-09-2005, 11:57 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #8
حول مسلسل نزار قباني : أخطاء فاحشة وتدنيس لدمشق / رنا قباني
كمان هذا المقال الجميل لجمال قباني:

http://www.josor.net/article_details.php?t...id=1226&catid=9

نزار قباني ... مسلسل مكسيكي غص بالثغرات والسقطات والفضائح




جمال قباني


يا رُبّ حيٍّ رخام القبر مسكنه
وربّ ميْتٍ على أقدامه انتصبا

ليس الشاعر ملكا لأحد، ليس ملكا لدمشق، ولا لسوريا، ولا للعروبة، إنه ملك الإنسانية جمعاء. لذا يعد أي تأريخ درامي لتجربته الشعرية والإنسانية حقلا مزروعا بالألغام ومحفوفا بالمخاطر، لأن أي إساءة -عمدا أو دون قصد- لن تكون إساءة إلى بيئة الشاعر الضيقة أو الواسعة بل ستغدو إساءة لكل التجارب الشعرية والإنسانية. ولعل هذا الوعي هو ما دفع الدكتور صباح قباني شقيق الشاعر إلى رفض عمل يؤرخ لسيرة أخيه الشعرية والإنسانية.

إن الفعل الدرامي فعل خطير جدا لاتساع رقعة المشاهدين المتأثرين فيه، ولترسيخ مقولاته في أذهان المتلقين، فيغدو بذلك مصدرا لثقافتهم. ولعلنا سنرى بعد سنوات من يدين نزاراً أو من يدافع عنه من خلال تلك الصورة التي "ظهّرها" المسلسل وليس من خلال شعره وسيرته التي كتبها بقلمه، ولعلنا سنرى أسرا محافظة -وهي كثيرة- تحرم أبناءها من قراءة أعمال نزار بعد تلك الصورة "البوهيمية" التي رسخها المسلسل، حينئذ سيفوز المتزمتون وحدهم، كما قال أحدهم.

لم يكن نزار قباني بحاجة إلى عمل درامي يخلده لأنه خالد في قلوب قرائه، وحاضر في وعيهم، ومثواه مازال أخضر نديا مطرزا بياسمين العشاق وفلهم.

غامر، وأكاد أقول قامر، القائمون على المسلسل مغامرة كبيرة لا تخلو من روح تجارة السوق الرائجة، والتجارة ليست أمرا مذموما إن كان المنتج نافعا ويحقق شروطه الفنية، فأي قيمة للعطر إن كان إناؤه رديئا ملوثا بالسم؟ إن أخطر ما في الفن الدرامي شوائب الرداءة والتشويه والتجارة.

قد يميل المرء إلى الاقتناع بحق المعترضين على هذا العمل بعد مشاهدته مسلوقا بماء الرداءة والتجارة لا مبخرا بماء الورد والحب كما زعم بعض الممثلين، فالنجاح الذي حققه العمل هو الإساءة إلى الدراما السورية التي عملت لسنوات عديدة على جذب المشاهدين العرب وتأليف قلوبهم.

كانت حجة المعترضين على العمل قبل أن يرى النور ضآلة تجربة كاتب النص وربما السيناريست وبعض الممثلين أيضا، وقد بدا -بعد العرض- أنهم كانوا على حق في ذلك. فالشاعر ثروة وطنية، ولا يحق لمعاول التجار وأزاميل المجربين أن تمعن فيه تمزيقا وإسفافا وتشويها.

إن النص -مادة أدبية وسيناريو- هو لب المشكلة وعنصرها، ولن تجدي نفعا كل محاولات الإخراج الشاعرية، ولن تستطيع أن تستر سوأة هذا النص، ولن تستطيع أن تصرف ذهن المشاهد عن رداءته، فقد "اتسع الخرق على الراقع".

إن رداءة النص -مادة أدبية وإعدادا وحوارا- تتجلى في تسليط الضوء على تفاصيل لا قيمة لها ولا تخدم سيرة الشاعر ولا شعره، بل إن بعضها يعمل عمدا على تشويهه، ولن أقحم نفسي في مسألة توثيق هذه التفاصيل دحضا أو تأييدا فأسرة الشاعر لاسيما شقيقه وكذلك أصدقاؤه الأحياء هم أولى بذلك وأجدر.

تعثرت قدما النص وغاصت في وحل تلك التفاصيل على حساب أشياء جوهرية كانت هي الأولى فبدا النص ملوثا هزيلا أعرج، والثانوي السطحي فيه أطول ساقا من الجوهري العميق. فأين علاقة الشاعر بمثقفي عصره لاسيما الشعراء؟ أين تلك المساجلات النقدية بينه وبين أدونيس، وبينه وبين شيخ النقاد مارون عبود، وبينه وبين بعض النقاد المصريين؟

أين شهادات النقاد في شعره؟ (جرت إشارة سريعة إلى ذلك في الحلقة الأخيرة)، أين الناقد محي الدين صبحي ولعله أول من أفرد له كتابا نقديا؟ أين رثاؤه لطه حسين في قصيدته "حوار ثوري مع طه حسين"؟ أين قراءاته للذين سبقوه: سعيد عقل وإلياس أبو شبكة وغيرهما؟ لعله لم يقرأ كتابا في حياته كما أظهر المسلسل! أين تلك المقدمة الضافية لديوان "قالت لي السمراء"التي كتبها الأستاذ المرحوم منير العجلاني متنبئا للشاعر فيها أن يصبح في مصاف الشعراء العالميين؟ وقد سبقنا إلى الإشارة إليها "شمس الدين العجلاني". أين رحلته البحرية إلى إيطاليا وهو في السادسة عشرة، إذ هبط على متن الباخرة وحي الشعر -أو شيطانه- ونام ليلتها شاعرا كما يقول في قصتي مع الشعر. أليس هذا حدثا ذا قيمة؟ ألا يحق للمرء أن يسأل عن دافع النص من تغييب مثل هذا وتسليط الضوء على التافه والسطحي؟

شغل النص نفسه -على مدار عشرين حلقة أو يزيد- بملاحقة نزار في الخمارات -مع أنه كان "بيتوتيا" كما يقول في المسلسل وفي "قصتي مع الشعر". و أرهق النص نفسه -عمدا- وهو يلهث وراء متابعة "الساقطات" في رحلة بحثهن عن الشاعر أو بحثه عنهن من دمشق إلى القاهرة إلى أسطنبول (وهي أنقرة كما بين أحدهم). شغلته المنادمة في حانات تركيا بين الشاعر وتلك الشخصية السطحية التافهة "نزيه".

لا شك أن الشاعر ليس قديسا ولا نحسبه ولا يرضى هو أن يكون كذلك، لاشك أنه كان مقبلا على ملذات الحياة، وهذا مظهر من مظاهر الحسية التي يتصف بها كثير من الشعراء بدءا من امرئ القيس وطرفة بن العبد وعمر بن أبي ربيعة وأبي نواس وليس انتهاء بنزار، بيد أن التركيز على هذه الحسية وتصويرها بهذه الفجاجة المفرطة والسطحية والمجانية هو ما نعترض عليه، لأن هذه الصورة ستقر في أذهان كثير من المشاهدين، ولو كانت هذه الكفة متساوية وكفة انشغاله الثقافي لما كان لنا أي اعتراض، أمعقول ألا نراه -على مدار خمس وعشرين حلقة إلا مدخنا بشراهة حتى في السرير أو معاقرا الخمر أو مجالسا النساء؟ لعل السيناريست أخذ قول نزار"عشرين ألف امرأة أحببت" على محمل الحقيقة لا المجاز.

أمن الإنصاف للشاعر ومن يعرفه أن يطغى -في المسلسل- حضور تلك العلاقات السطحية العابرة على حضور الشخصية العميقة"نورا" تلك التي ستغدو كاتبة معروفة تؤرخ لأيامها معه في رواية جميلة فيها كثير من التفاصيل الآسرة لها وله ولمدينة دمشق ومجتمعها في منتصف الخمسينات؟ ما الأثر الذي تركته في شعره ورؤيته، وما الأثر الذي خلفه فيها؟ لم لَم تذكر "نورا" باسمها الحقيقي؟ أهو احترام للخصوصية؟ أين احترامكم خصوصية الشاعر وخصوصية أسرته؟ أين احترام مشاعر الأم "زهراء" والأخت "هدباء" وهما تريان "توفيق" الابن يموت مرة أخرى، فتموتان معه ألما وتبيض عيناهما حزنا؟

ثمة أسئلة كثيرة يمكن للمشاهد أن يطرحها، وقد تثيرها مقالات كثيرة ستظهر لاحقا، ولكن سنكتفي بما طرحناه موسعين الحديث عن الثغرات والسقطات والفضائح كيلا يبدو الكلام مرسلا والأحكام متجنية.

ثغرات وسقطات:
أنفق المسلسل -بإسراف ومط ممل وإيقاع بارد وحوار سطحي- زهاء خمس وعشرين حلقة على حياة نزار من 1933 وهو في العاشرة إلى 1966. واكتفى بخمس حلقات لرصد حياته من 1967 إلى 1998 مع أن في الفترة الثانية أحداثا جساما عصفت بالشاعر وبالعرب جميعا.

أما كان يكفي حلقة أو حلقتان لنزار الصغير يركز فيهما على أبيه و الحركة الوطنية، وعلى أخته وصال وقوة مخيلة نزار؟ وقد نجح الإخراج في كل ذلك ولكن على حساب حلقات أخرى، ما معنى أن ينفق المخرج -مبذرا- حوالي تسعين دقيقة على حادثة لم يكن لها أي أثر مرضيّ في حياته أو شعره لاحقاً "إصابة العين"؟ أهو طمع في إعطاء ابنه "مجيد الخطيب" مساحة واسعة في العمل؟ على أن هذا لا يمنع من تسجيل إعجابنا بتمثيل ذلك الطفل "مجيد الخطيب" وأداء من قامت بدور "وصال" فقد تفوقا في أدائهما على كثير من الممثلين لا سيما المشهور منهم ولا نكاد نستثني إلا السيدة صباح جزائري، وطلحت حمدي، ومن قام بدور "نورا"، والممثلة المصرية التي أدت دور الخادم و"بلقيس" ولاحقا سلوم حداد فقد نجح إلى حدٍ ما في إقناعنا برقّته رغم ملامحه القاسية التي كونّاها عنه، وقد استطاع أن ينسينا صدمة انتقال الدور من تيم حسن إليه، وإن كنا نأخذ عليه المبالغة في إلقاء الشعر وأخطاء كثيرة في قراءته ما كان ينبغي لممثل تمرس في الأدوار التاريخية أن يقع فيها.

إن نجاح المخرج في المشهدية الشعرية لا يمنعنا من الإشارة إلى الهفوات التي وقع فيها وهي كثيرة، منها على سبيل المثال تصويره أبا المعتز -غالبا- بمظهر رسمي لا يتخلى عنه حتى في "السيران" ففي هذا المشهد بدا أبو المعتز مرتديا لباسه الرسمي متكئا على العشب والناس حوله يمرحون ويشوون، هل ثمة "دمشقي" أو أي متنزه شعبي آخر يسلك هذا السلوك الذي يدعو الناس إلى السخرية؟ وفي المشهد نفسه يدور حوار بين زهراء وأبي المعتز عن سبب بقاء نزار في البيت، ويكون: لأنه اتخذ قرارا أن يكون شاعرا، وكل ذلك قبل تلك الرحلة البحرية إلى إيطاليا! ومن سقطات السلوك المتحضر المشهد الذي يدخل فيه الشاعر بيت الكاتبة "جوليا" ترافقه الخادم، ففي المدخل على الدرج الرخامي النظيف الأنيق يرمي الشاعر سيجارته ويدوسها برجله. فأي سلوك لديبلوماسي متمدن؟

ومن سقطات التقدير الحقيقي للسن ظهور هدباء في فترة حسني الزعيم 1949بصورة طفلة عمرها خمس سنوات أو يزيد، وقد تكررت هذه السقطة في مشهد جمعها مع أخيها وجدتها حين عاد الشاعر من "بكين" عام 1961 وقد ظهرت فيه هدباء بنت سبع أو ثمان وهي في الواقع كانت تجاوزت الرابعة عشرة أو كادت، ومثلها مشهد وداع الشاعر عام 1952 فقد ظهر توفيق"الابن" رضيعا محمولا مع أنه كان في الواقع في الثالثة من عمره 1949-1973.

ومن السقطات الثقافية ذلك المشهد الذي جمع المستشرق الإسباني "بيدرو" ونزار، في هذا الحوار يتحدث الاسباني بفصحى طليقة والشاعر بعامية ركيكة عن أمر ثقافي، أي خلل هذا؟ هل يصعب على السيناريست إنطاق شاعر بمنزلة نزار بالفصحى؟ ولعلي أدعوه إلى زيارة مقهى النوفرة الشعبي حيث يجد الأجانب يتحدثون الفصحى ويجد في الوقت نفس محاوريهم يجيبونهم بها حتى لو كانوا أميين.

اعتمد المخرج -أحيانا- الشاعرية أسلوبا في كثير من المشاهد فوفق في بعضها وأسرف في بعضها، كان يمكن لمشهد البحيرة التي رمى الشاعر نفسه فيها أن يظل شاعريا لو لم ينته تلك النهاية، فكيف لنا أن نبلع أن الشاعر لم يرتجف بردا في الجو اللندني البارد؟ وكيف لنا أن نرتاح إلى جلوسه مرتاحا يدخن سيجارة مبتلة؟

ولعل المشهد الذي بولغ في إخراجه إخراجا شاعريا هو ذاك الذي ظهر فيه نزار ممددا بين الكتب صانعا منها صندوقا فارغا ينظر من خلاله، ناثرا أوراق الورد على الأرض بعد أن انفصل عن زوجته، لقد بدا المشهد والشاعر أكثر ميلا إلى البلاهة منهما إلى الشاعرية، ولعله بدا أن بينهما شعرة دقيقة.

أما ثغرات النص وسقطاته فهي أكثر من أن تحصى وقد ذكرنا بعضها آنفا دون تفصيل، وسوف نفصل في بعضها ههنا.

عمل النص- دائبا- على الإيحاء للمشاهد بأن وراء كل قصيدة حدثا أو مناسبة ما، وكأنْ لا عين للشاعر ترصد حركة المجتمع وما فيه من ظواهر سلبية، وكأن لا قوة تخيلية لديه، هل كان النص يحتاج إلى هذا الفرش بقصة قد تكون مفتعلة ليصل إلى الحديث عن "خبز وحشيش وقمر"؟ هل يزداد المشاهد اقتناعا حين يرى أن وراء قصيدة "حبلى" ذلك الحدث؟ وفي هذا الأمر خطر على الأدب؛ لأنه يلغي دور الشاعر الرائي المتنبئ المستشرف من ناحية، ولأنه يوحي بالارتجال من ناحية ثانية، فتلك القصيدة "حبلى" التي أوهمنا المسلسل أن وراءها قصة، هي فعلا وراءها قصة، ولكن قصة الاعتمال والاختمار، لقد ذكر الشاعر في "قصتي مع الشعر" أن هذا الموضوع شاغله قرابة عشر سنوات ولم يهبط عليه وحي القصيدة -أو شيطانها- إلا فجأة على وقع خطواته السريعة وهو يهبط درج بيته القديم، فإذا كانت القصيدة نشرت في ديوان قصائد عام 1956 فإن اعتمالها وغليانها في نفس الشاعر قد كان في 1946، القصيدة عند نزار ليست ارتجالا ولا تنتظر حدثا، القصيدة بناء، وإن خرجت عن تلك الرؤية خلت من الملامح الفنية، ولعل قصيدة "إفادة في محكمة الشعر" التي خصص المسلسل لها وقتا هي من أضعف قصائد نزار لأنها قصيدة مناسبة يغلب عليها الارتجال أو بعض منه. كان الأحرى بالمسلسل أن يرينا الشاعر وهو ينحت صورة أو "يدوزن" بيتا، أو يضع لفظا مكان لفظ أكثر شاعرية، لا أن يختلق قصصا لقصائد.

ولعل تلك الفجاجة في اختلاق قصص للقصائد بدت واضحة في قصيدة "وجودية" ففي القصيدة يعلن الشاعر أنه التقى ب "جانين" في باريس.
كان اسمها جانين
لقيتها -أذكر- في باريس من سنين
أذكر في مغارة التابو وهي فرنسية

الطريف في الأمر أن السيناريست أسقط ما يشير إلى مكان اللقاء من القصيدة وجعله في لندن لكي تنسجم مع التلفيق والقصة التي أخترعها وجعلها سببا في انفضاض العلاقة بين الشاعر ومدرسة اللغة الانجليزية! أما كان حريا بالنص ههنا أن ينصرف عن الافتعال والتلفيق إلى تلك المساجلة الرائعة بينه وبين شيخ النقاد مارون عبود حول تلك القصيدة؟ ولو كلف نفسه بالالتفات لوجد تلك المساجلة تدرس في منهاج المرحلة الثانوية على أنها نموذج من المساجلة النقدية الراقية. يبدو أن النص –مادة أدبية وإعدادا- لم يلمحها في زحمة انشغاله بملاحقة "لميس" من دمشق إلى القاهرة إلى اسطنبول، وقد تعجب أولادي كيف لم تظهر في لندن وبكين لكي تكتمل حلقات المسلسل المكسيكي والفيلم الهندي!

ومن السقطات أيضا ما يمكن أن نسميه الاضطراب التاريخي بين القصيدة والحدث الذي أظهره المسلسل، وقد بدا ذلك في قصيدة "راشيل شوازنبرغ"، إذ صورت في المسلسل بعد النكبة مباشرة وهي في الواقع كانت في عام 1956، ومن ذلك أيضا قصيدة" أيظن" المنشورة عام 1961 وقد غنتها نجاة بعد سنتين أو ثلاث من النشر ولعل ذاكرتي تقودني إلى 1964، أما ما وقع فيه المسلسل فهو إيهامنا أنها غنتها قبل الانفصال، وأم المصائب في هذا الاضطراب التاريخي قصيدة "القدس" إذ ألقاها الممثل/الشاعر بعد عودته مباشرة من مدريد 1966، وحرب1967 لم تقع بعد، ولم تسقط القدس بعد . لو كلف المعد نفسه وعاد إلى ديوان "الأعمال السياسية " لوجد أن قصائده كتبت بين 1967 و 1977، كان من الممكن ألا نحاسب النص لو لم يطوق نفسه منذ البداية بمعيار التسلسل التاريخي. في الحلقة الأخيرة تقول بلقيس "هناك تقارير تقول بان لبنان مقبل على حرب أهلية" والحوار هذا على ما يوحي به المسلسل جرى في 1978 او1979 لأننا شاهدنا في نهاية الحلقة السابقة حوارا حول الوحدة السورية العراقية، فكيف يستقيم أن يدور حوار عن التنبؤ بالحرب في حين الحرب قائمة منذ أربع سنوات؟

وثمة من السقطات أمر لابد من الإشارة إليه وهو عدم مناسبة القصيدة للحدث الدرامي وما كان لنا أن نلاحقه لو لم يجعله منهجا لكل قصيدة، فقصيدة"سؤال" ليست مناسبة للمشهد ولا علاقة لها به، وكذلك مشهد وداع الشاعر ل "سناء اليازجي" قبل سفره إلى "لندن" فقد دار على شفتي الشاعر كلام مستقى من قصيدة "نهر الأحزان"1961 فكيف لنا أن نقتنع بهذا الحوار والإحساس بأنه يريد أن يقيها من نفسه وشروره وضلاله، والشاعر لم يصل إلى هذا الشعور بعد؟ فبين هذا الإحساس المفتعل الذي قيل في المشهد وبين الإحساس الحقيقي الذي ورد في القصيدة تسع سنوات على الأقل. فلو استقي حوار هذا المشهد من قصيدة أخرى لكان أفضل، كيلا يشعر المتابع بهذا الاضطراب. قبل حرب 1967 نرى الشاعر يطوف في مكان خرب يقرأ فيه مقطعا يصور فيه إحساسه بالمدينة "مدينتنا تظل أثيرة عندي برغم جميع ما فيها" وهو المقطع الثامن والعشرون من القصيدة/الديوان" يوميات امرأة لا مبالية1968.

كما قلنا سابقا كان يمكن أن نغض الطرف عن كل هذا لو لم يلزم النص نفسه بالسرد التاريخي، ولو لم يطوق نفسه بالقصيدة / الحدث.

تلك الآفات السابقة (الارتجال، وعدم تلاؤم الموقف الدرامي والقصيدة، والاضطراب التاريخي) جمعت في مشهد واحد لا يتجاوز دقيقتين، ففي عام 1956 يلتفت "إحسان" إلى "نزار" قائلا: ماذا ستهدي "نورا" في عيد ميلادها؟ويكون الجواب: سأهديها شعرا. ويلقي ثلاثة أبيات هي:

عشرون عاما فوق درب الهوى
ولا يزال الدرب مجهولا
فمرة كنت أنا قاتلا
وأكثر المرات مقتولا
عشرون عاما يا كتاب الهوى
ولم أزل في الصفحة الأولى

لا يحتاج الأمر إلى تعليق لدحض فكرة الارتجال و المناسبة، وإنما يحتاج إلى توضيح مؤداه أن هذه الأبيات مقدمة ديوان الرسم بالكلمات المنشور 1966. هل بوسع المرء ألاّ يضرب كفا بكف؟!

تلك السقطات والثغرات قد تغتفر، أو تهون أمام تلك الجناية المقحمة التي ارتكبها السيناريست عمدا أو قصدا، فقد ركز على شخصية تافهة سلبية سطحية جاهلة وربما خائنة، وقد أصر أن يرينا الشاعر نديما لتلك الشخصية لا يكاد يفارقها، والأدهى والأمر أن يصر على "دمشقية " تلك الشخصية/"نزيه"، ويقحم جملة "أنا شامي دمي حامي" قالها في خمارة لجاسوسة ساقطة، ما معنى ذلك التركيز المبالغ فيه؟ لعل هناك شيئا قابعا في لا وعي "السيناريست" وجاءت فرصة ظهوره، لو لم يركز هذا التركيز المبالغ فيه على "شاميته" لاعتبرنا الإساءة إساءة عامة للشخصية الديبلوماسية السورية واستنكرناها بشدة، أما أن يتحدث بلهجة بائع البطيخ الشامي وهو الديبلوماسي المترجم ويصور على أنه جاهل وتاجر وربما خائن يفشي بسر خطير إلى تلك الجاسوسة فهو أمر خطير جدا ويوحي أن الإساءة خاصة ومقصودة، ثم كيف لنا أن نقتنع أن السفير أودعه سرا خطيرا بعد أن ضبطه وعشيقته في السفارة ونعته بأبشع النعوت؟ هل هناك إساءة للشخصية الديبلوماسية والسورية والدمشقية أكثر من هذه؟ شخصية دمشقية -بإصرار" السيناريست"- جاهلة ماجنة خائنة، تشغلها التجارة عن القضايا الوطنية ويجالسها الشاعر ولا يكاد يفارقها! في هذا الأمر ما فيه مما هو كامن.

يعزز رأينا في هذا الكامن إدانة النص للمرحلة السياسية السابقة وديكتاتوريتها وفسادها، حتى ذلك الوطني الوحيد الذي تخلى عن السلطة طوعا لم يسلم منه، لقد أقحم النص نفسه في السياسة منذ الاستعمار الفرنسي إلى الانفصال، وسكت بعد ذلك، وغض الطرف عن "استيلاء" 1963، والانقلاب الداخلي 1966 على "الاستيلاء" والحركة الداخلية 1970 على "الانقلاب" وما عصف بسوريا والمنطقة بعد هذا التاريخ وما مر من أحداث جسام. لِمَ؟ سلط الضوء على ديكتاتورية حسني الزعيم والشيشكلي وفساد رجالات السلطة -ونحن معه في بعضها- وعشيت عيناه عن ديكتاتورية المراحل اللاحقة وفسادها، انتبه إلى فساد صلاح الشيشكلي وانتهازه سلطة أخيه، وتعامى -متعمدا أو خائفا أو راضيا- عن كل مفاسد أشقاء المراحل اللاحقة وأبناء العمومة والخؤولة والمقربين والموالين و"الشبيحة" والإقطاعيات العسكرية والأمنية! غض الطرف عن الشقيق "القائد" و"سراياه" ذلك الفاسد المفسد ناهب الخزائن، الديكتاتور مرتكب المجازر الذي ولغ في دماء أبناء الشعب السوري، وألهب ظهورهم بسياطه، و جعل الخوف والفساد ثقافة عامة للسوريين -ولا نبرّئ غيره- حتى غدا أبناء الشعب السوري بين سجين ومذبوح وخائف وهارب وفاسد. صلاح الشيشكلي -ونحن نراه فاسدا- قد يبدو قديسا إذا ما قيس إلى أولئك اللاحقين.

ألم يكن بمقدور النص -كي يبدو حياديا ونزيها- أن يشير ولو رمزا إلى ما أشرنا إليه تصريحا؟ لعل وراء الأكمة ما وراءها.

ألم يكن بمقدوره أن يأخذ بعضا من وقت " نزيه" وموظفة وزارة الخارجية السطحيين ويخصصه لبعض من مثقفي عصر الشاعر وقد ذكرنا بعضهم سابقا، ونضيف إليهم -على سبيل المثال- الشاعر شوقي بغدادي وقد كان صديق نزار ومعجبا به في بداياته حسبما سمعنا من شوقي وما قرأنا، هل كان صعبا على النص أن يشير -ولو إشارة سريعة- إلى بعض المعجبين به والمتأثرين به من الشعراء ( الشاعرة سعاد الصباح في بداياتها)؟ قد يرد علينا بأن هذا العمل ليس دراسة أدبية، ونحن نزعم أنه ما كان ينبغي أن يكون عملا تشويهيا مسفا. هل كان صعبا أن يسرق النص بعضا من لحظاته المسرفة ويخصصها للحديث عن "غرناطة" وهي أهم "إسبانياته" وكلماتها تجري على كل لسان؟ ألم يكن من الإنصاف -وقد ذكر بعض المغنين والملحنين- الإشارة إلى الفنان نجيب السراج وكان من أوائل الذين غنوا قصائد الشاعر وإن لم يكتب له الشيوع؟ أليس من الأهمية الإشارة إلى الملحن العبقري "محمد الموجي" وعبد الحليم حافظ وهو من أفضل من أدى قصائد نزار بسبب إحساسه العالي الصادق؟

ألم نذهب منذ البداية إلى أن النص مشوه أعرج طغى فيه -عمدا أو قصور رؤية وقلة خبرة- السطحي على العميق، والهامشي على الجوهري، والمجالس الحسية على المجالس الثقافية، ومقارعة الخمر على مكابدة الشعر؟! ومن مظاهر هذا العرج اختصار الفترة من 1981-1998 إلى نصف حلقة، فأي خلل في النص والإخراج معا؟

ولعل من الإنصاف -قبل الانتقال إلى فضائح القراءات الشعرية أن نشيد بالحلقات الخمس الأخيرة لأنها أعادت إلى ذاكرتنا نقطة مضيئة في حياتنا، وذكرتنا بالبطل الطيار عدنان الحاج خضر، ولكن مساحة الضوء لم تكن لتضيء مساحة العتمة، ومساحة النظافة لم تكن لتستر مساحة الأدران في الحلقات السابقة، والمياه الرقراقة اللاهثة في الحلقات الأخيرة لم تكن لتدفع تلك المياه الآسنة التي ركدت في خمسة أسداس العمل.


أغاليط "تيم حسن" تمعن في الشعر تشويها

لعل كل ما تقدم من ثغرات في كفة، وقراءة "تيم حسن" للشعر في كفة، وأنا لا أعني ههنا مستوى الأداء الصوتي فقد نجح فيه الممثل إلى حدٍ ما، وتفوق على قسيمه في الدور سلوم حداد، وإنما أعني مستوى الوعي الشعري لغة، ووزناً، ومعنى، لقد انصرف الممثل إلى المستوى الجسدي للشخصية بتجليات الوسامة و الصوت وحركة اليد وكلها أشياء مهمة ولكن لا قيمة لها إن لم يرفدها وعي الشخصية ثقافيا ونفسياً، لقد نسي "تيم حسن" في هذا الانشغال الجسدي أنّه يقدم شاعرا وأن أهم ما يميزه هو شعره، لا وسامته. قد يلقى "تيم حسن" إعجابا و تصفيقاً من المراهقين، وقد يسقط في شباك ذلك التصفيق، ونحن نهمس في أذنه ناصحين إن الوسامة وحدها لا يمكن أن تصنع نجما إن لم ترفد بوعي ثقافي، لقد أسفر أداؤه للشخصية عن جهل تام في الشعر، بل أسفر في كثير من الأحيان أنه لا يفهم ما يقرأ مع أنه كرره مرات عدة حتما في أثناء التمرين، وتلك الطامة الكبرى. قد يقول قائل إن هذا تقصير من المنتج الذي صرف ملايين الدولارات على العمل وبخل في تعيين مراقب ذي خبرة في الشعر لمراقبة قراءة "تيم حسن" ونحن نؤيد ذلك ولكن لا نعفي الممثل من المسؤولية لأنه ارتضى هذا الأمر، وقبل أن يقوم بدور الشاعر وركن إلى نفسه واطمأن إليها -والاطمئنان آفة كل فن- رغم غياب مؤهل الثقافة الشعرية. والخطير في هذا أنّ قراءته قد تغدو حُجّة في نظر كثير من المشاهدين، وأذكر مرة أنني سمعت أحدهم يلحن (يخطئ) في قراءة البيت الآتي:
ملأى السنابل تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن شوامخ
فوجهته إلى الصواب لكنه أبى، وكانت حُجته أنه سمعه من " دريد لحام" هكذا !! فكم عدد الناس الذين ستقر في أذهانهم تلك القراءات المكسورة وزناً و المشوهة معنى التي قرأها "تيم حسن"؟ هل تراني أبالغ؟ إليكم بعض هذه المضحكات المبكيات:

1- في قصيدة "لولاك"
أكانت تذرّ البريق الرمادي –لولاك- شهْبُ
أكانت ألوف الفراشات
في الحقل طيباً تعبُُّ؟
"تعب"-مشددة الباء- من الفعل"عبّ"، أما قراءة الممثل فهي بالتخفيف "تعب" أي نقيض الراحة، أحالنا إلى "اللامعنى" ولم ينتبه إلى الموسيقى أيضا.

2- قوافي قصيدة "ذئبة" هي : عذْبه – سحبه – رغبه - تربه- دربه ... إلخ، كل هذه الأبيات السابقة -وأنا واثق أنه أعادها مرارا حين تمرن على أدائها صوتيا- لم تنبهه أن الضاد في كلمة هضبة ساكنة لكي يستقيم الوزن، ونحن لا نطالبه أن يكون عالما بموسيقى الشعر وخفاياها، يكفي أن يصغي إلى فطرته الموسيقية، البيت هو:
وفي مقلع للرخام هنالك تنبض هضْبه

3- في قصيدة "بلادي" وكانت مقررة في منهاج السادس الابتدائي خطأ مركب يحق لنا أن نصنفه في الكوميديا السوداء:
ووردنا مفتّحٌ كالفكَر الملونه
" الفِكَر" جمع فكرة، قرأها الممثل "الفكْر" بسكون الكاف (إعمال العقل)، فكسر الوزن وشوه المعنى، ويعجب المرء كيف لم ينتبه إلى أن الفكر مذكر والملونة صفته مؤنث، هل هي جملة عربية أم هندية؟ و تكرر الخطأ نفسه في "رسائل لم تكتب لها" وسوف يأتي ذكرها.

4- في قصيدة "معجبة" التي تجري على لسان امرأة معجبة بشعر الشاعر:
تقول أغانيك عندي
تعيش بصدري كعقدي
وشعرك هذا الطليق الـــــأنيق
لصيق بكبدي
......
فبيت بلون عيوني وبيت بحمرة خدي
جعل الممثل "المعجبة" تعجب بشعره الأشقر، فقد قرأها "شعرك" بفتح الشين، ولم ينتبه إلى كلمة "أغانيك" التي ترادف "قصائدك" هنا، ولم ينتبه إلى كلمة "بيت" أرجو أن تعذروني إن لمحتموني أضحك ضحكا مرا وأنا أطبع هذا المقال. هل كان مثل هذا يحتاج إلى مراقب لغوي ذي بصيرة؟!

5- في قصيدة "راشيل شوازنبرغ" يقرأ"أختي القتيل" بتشديد الياء ظنا منه أن الشاعر يتحدث عن أختين اثنتين لرجل قتيل وليس عن أخت واحدة قتلها اليهود، والطريف أن الأسطر اللاحقة لم تنبهه إلى أن الشاعر يتحدث عن أخته لا أختي رجل شهيد:
أختي التي علقها اليهود في الأصيل
من شعرها الطويل
أختي أنا نوار
أختي أنا الهتيكة الإزار

6- في قصيدة "أبي" ما يدعو إلى البكاء على ما وصلنا إليه:
هنا ركنه تلك أشياؤه
تفتّق عن ألف غصن صبي
جريدته ... تبغه... متّكاه
كأن أبي بعد لم يذهب
"متكاه" مشددة التاء ومخففة الهمزة : ما يتكئ عليه المرء جالسا أو مضطجعا -وما أظنها تحتاج إلى توضيح- قرأها الممثل بالنون المخففة والهمزة هكذا"منكأه" فكسر الوزن، وأحالنا إلى اللامعنى، ولم ينتبه إلى أنها لو كانت كذلك لكتبت" منكؤه" مثل "أشياؤه"، لا يعرف قواعد الإملاء أيضا! ونحن لا نعرف معنى "المنكأ" أيضا.

7-" رسائل لم تكتب لها" غصت بالأخطاء:
إنني أكتب للهو ... فلا تعتقدي ما جاء فيها
فأنا -كاتبها المهووسَ- لا أذكره
ما جاء فيها
قرأ الكلمتين" كاتبها المهووس" بالرفع فأحالنا إلى معنى آخر لن يدركه، ولن تدركه "أصالة" حين ضمت اللام في "كل" من القصيدة الدمشقية "كل ثانية يأتيك سفاح" لن يدرك الفرق بين الضم والفتح إلا من هام في المعنى وجعله وكده وأنفق حياته في جلائه والقبض عليه، فليسمح لي القراء بالبيت الآتي:
فكيف نسمع والأخطاء تنهشنا وكلَّ ثانية يؤذيك نوّاح؟

"فكري تغلي" جمع فكرة قرأها مرة أخرى بسكون الكاف فكيف استقامت له لغة ووزنا ومعنى؟ لا ندري.

8- "فلأن الحرف هذا الحرف جزء من حياتي
ولأني رحلة سوداء في موج الدواة"
قرأ كلمة الحرف الثانية بالرفع، و"سوداء" بالنصب.

9- "فأنا نفسيَ لا أذكر ما يحوي بريدي"
قرأ ياء "نفسي" بالسكون فكسر الوزن.

10- "أتلهى بك، بالكلْمة، تمتص وريدي"
قرأ "الكلمة" بفتح الكاف وكسر اللام، وهي بكسر الكاف وسكون اللام كي يستقيم الوزن، وكل ما ذكرناه ليس اجتهادا، بل هو موجود في الديوان.

هذا غيض من فيض، وما تجاوزناه أكثر، على أن ملاحظاتنا على قراءة "تيم حسن" لا تنفي أن شريكه في الدور"سلوم حداد" قد برئ من الأخطاء، وإنما يعني أن أخطاءه كانت أرحم قليلا لأنها لم تكسر وزنا ولم تخل بالمعنى.

كل ما تقدم يدل على نقص ثقافي مع أن خريج المعهد المسرحي ينبغي أن يكون على صلة وثيقة بالأدب، ويدل-من ناحية أخرى- على استخفاف وعدم إحساس بالمسؤولية، وركون إلى النفس الخداعة، لقد عمل نزار-رحمه الله- على إيصال شعره إلى كل الناس وجعله خبزا يوميا لهم وقد نجح في ذلك إلى حد كبير فدار شعره على كل لسان، لكن بعد أن رأينا ما رأينا وسمعنا ما سمعنا يحق لنا أن نستثنيهما مع أنهما حائزان على شهادة جامعية! يبدو أنهما شبعا ولا يحتاجان إلى هذا الخبز ولا يعنيهما أصلا، ولعل أخشى ما يخشاه المرء -في زمن الجرأة الوقحة- أن يأتي يوم نلمح فيه أحد الممثلين الخطائين باستضافة إذاعة أو قناة فضائية يلقي شعرا لنزار أو غيره وشفيعه في ذلك وسامته! أما كفانا تشويه "كاظم الساهر" للشعر بألحانه المكررة الرديئة، أم كفانا "زعيق" "أصالة"؟ ولن نعجب – في زمن العبث- إذا امتدت غدا يد "هيفاء وهبي" و"ماريا" و"روبي" و"يوري مرقدة " إلى سائر شعرنا العربي.

صرخة أخيرة:
يا تجار الفن مدوا أياديكم العابثة إلى أي شجرة تشاؤون، واضربوا ثمارها بحجارة سلطتكم وأموالكم، دوسوا بأقدامكم أي حقل ترغبون، ولكن أرجوكم دعوا لنا بنفسج الشعر وياسمينه. أيها المستخفون بذائقتنا الشعرية والموسيقية أما كفاكم استخفافا؟ اتركوا لنا ما تبقى من ذاكرتنا النقية، صرنا –بسببكم- ننأى عن كل قصيدة أحببناها في ذلك الزمان الجميل.

أن تتركوا القصائد وادعة في جنات دواوينها أرحم ألف مرة من أن تلوثوها برداءتكم وتشوهوها بتجارتكم.
كيف يحق لكم أن تعبثوا ولا يحق لنا أن نتحدث عن هذا العبث؟
وأخيرا ألا يمكننا أن نصرخ:"أسقطوا هذا المسلسل من قائمة الدراما السورية الناجحة"!

_________________________
جمال قباني
qabbany@hotmail.com



12-01-2005, 07:21 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تحذير للجميع من مشاهده مسلسل LOST اخطر عمل فنى شيطانى مفكر من بعيد 46 22,058 06-04-2011, 08:37 PM
آخر رد: yasser_x
  بالفيديو والادله لوست LOSt مسلسل ماسونى شيطانى مفكر من بعيد 12 5,900 05-07-2011, 07:20 PM
آخر رد: مؤمن مصلح
  أتراك يحتجون على مسلسل يظهر سلطانا عثمانيا على أنه عربيد بسام الخوري 2 1,688 01-21-2011, 09:54 PM
آخر رد: بسام الخوري
  عمرو دياب يطالب ب 8 ملايين دولار للتمثيل في مسلسل تلفزيوني بسام الخوري 0 1,224 10-17-2010, 04:41 PM
آخر رد: بسام الخوري
  مسلسل ( الجماعة ) coco 14 4,983 08-26-2010, 04:51 AM
آخر رد: لواء الدعوة

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS