هل يعقل أن يكون خاتم أنبياء العالمين بالصورة التي يروج لها العوام؟
لا يوجد دليل منطقي واحد يؤكد أن الرسول كان أميا لا يجيد القراءة والكتابة

ليس هناك ثمة إجماع أو حتي شبهة إجماع علي هذا الادعاء بأمية رسول الله صلي الله عليه وآله قراءة أو كتابة عند مفسري أهل السنة ولا محدثيهم وأولهم البخاري الذي أثبت لرسول الله ص الكتابة والقراءة وقد اختلفوا حول هذه المسألة فمنهم من أثبت كتابته بيده ومنهم من نفي هذا أما في مدرسة أهل البيت فالأمر محسوم تماما نفيا لهذه الأمية اللغوية وإثباتا لكمال علمه صلوات الله وسلامه عليه بتعليم إلهي لا دخل فيه لبشر كائنا من كان.
هل يعقل أن يكون خاتم أنبياء العالمين بالصورة التي يروج لها العوام؟
لا يوجد دليل منطقي واحد يؤكد أن الرسول كان أميا لا يجيد القراءة والكتابة
* كلمة «الأمي» يفسرها البعض بأنها نسبة الرسول إلي مكة «أم القري» * رواية لـ «القرطبي» بها شواهد عن إلمام الرسول بالقراءة والكتابة * معظم الآيات التي تحدثت عن أمية الرسول تحمل معني آخر وهو استحالة وجود أي مصدر بشري للوحي * أئمة أهل البيت يجمعون علي أنه ليس من المعقول أن يعلمنا الرسول ما لا يحسن إذ يقول الله في محكم كتابه «هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة»
د. أحمد راسم النفيس
جلست ذات يوم أمام التلفاز فرأيت الأستاذ جمال الشاعر وهو يقوم بتقريع وتعنيف ضيفه الأستاذ الأزهري لأنه لم يقم بقمع كل من يزعم (أن رسول الله محمد ابن عبد الله صلي الله عليه وآله لم يكن أميا بمعني الجهل بالقراءة والكتابة
). عبثا حاول الأستاذ الأزهري أن يقنعه أن القضية خلافية وفيها عدة أقوال وليس قولين ولكن شاعرنا جمال أبي إلا إثبات جهل نبينا معلم البشرية بالقراءة والكتابة ولا حول ولا قوة إلا بالله
!! من أين جاء الأستاذ الشاعر بهذا اليقين الذي دفعه للمطالبة بإسكات أصوات المعارضين والمتمردين؟
وهل يري أن (يقين الرأي العام الذي يتلقي معلوماته من خطباء الجمعة) هو المعيار الذي تقاس به الحقائق قبولا ورفضا؟
! معني كلمة أمي
وردت كلمة النبي الأمي في سورة الأعراف آية 157 (النبي الأمي) حيث يقول القرطبي: (الأمي) أي المنسوب إلي الأمة الأمية، التي هي علي أصل ولادتها، لم تتعلم الكتابة ولا القراءة وقيل: نسبة النبي صلي الله عليه وسلم إلي مكة أم القري
. ثم انتقل القرطبي إلي تفسير آية أخري هي قوله تعالي (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) وذكر قصة صلح الحديبية واعتراض كفار قريش علي كلمة (محمد رسول الله) وكيف أمر صلي الله عليه وآله علي بن أبي طالب بمحوها فمحاها وكتب ابن عبد الله
.. رواية القرطبي
(قال القرطبي: قال علماؤنا: وظاهر هذا أنه عليه السلام محا تلك الكلمة التي هي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بيده وكتب مكانها ابن عبد الله وقد رواه البخاري بأظهر من هذا فقال: فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم الكتاب فكتب وذكر القاضي عياض عن معاوية أنه كان يكتب بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم فقال له: ألق الدواة وحرف القلم وأقم الباء وفرق السين ولا تُعور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم قال القاضي: وهذا وإن لم تصح الرواية أنه صلي الله عليه وسلم كتب فلا يبعد أن يرزق علم هذا ويمنع القراءة والكتابة
). هذا ما ذكره القرطبي حول هذه المسألة الخلافية التي تعددت فيها الآراء والروايات ما بين مثبت لقراءته وكتابته صلوات الله عليه وبين من ينفي هذا تمسكا بفهم مختلف عليه لنص قرآني يحتمل عدة معان
!!. أما الراغب الأصفهاني فيذكر في كتابه (المفردات) معني كلمة أمي: (يقال لكل ما كان أصلا لوجود أي شيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدأه أمٌ) ثم تحدث عن معني النبي الأمي فقال (قيل منسوب إلي الأمة الذين لم يكتبوا كان علي عادتهم كقولك عامي لكونه علي عادة العامة وقيل سمي بذلك لأنه لم يكن يكتب ولا يقرأ
). إذن فالقول بأن رسول الله كان يعرف القراءة والكتابة وأن كلمة أمي الواردة في كتاب الله لا تعني بالضرورة جهلا بالقراءة أو الكتابة وأنها نسبة إلي (أم القري) أو نسبة (للأميين أي العرب) ليست بدعا ولا ابتكارا من كاتب الكتاب الذي قرر السيد الشاعر استنفار الطاقات والهمم العلمية الأزهرية لإثبات عجز رسول الله صلي الله عليه وآله عن القراءة والكتابة في حين يتحدث الأستاذ بسبعة ألسن ويذيع من ست قنوات أرضية وفضائية
!! من أين جاءت فرية أمية رسول الله صلي الله عليه وآله؟
أكذوبة بن نوفل
نحن ممن يؤمن بأن رسول الله ص مثل قمة الكمال البشري وعلي رأس هذا الكمال العلم (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يتْلُو عَلَيهِمْ آياتِكَ وَيعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) البقرة129 وأن علم الأنبياء والمرسلين ليس علما مكتسبا من البشر وإلا فكيف خاطب عيسي عليه السلام الناس من مهده قائلا (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) إلا أن هذا لم يعجب الكفار والمنافقين فكان أن كذبوا وادعوا أن رسول الله صلي الله عليه وآله كان له أستاذ للوحي هو الراهب النصراني ورقة بن نوفل وكان أن رد عليهم ربنا بقوله (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يقُولُونَ إِنَّمَا يعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يلْحِدُونَ إِلَيهِ أَعْجَمِي وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِي مُّبِينٌ)103 النحل وقوله (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت 48
. أي أن هذه الآيات لم تأت في مقام إثبات الأمية الكتابية بل نفيا لوجود أي مصدر بشري تلقي عنه الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله سواء كان ورقة بن نوفل أم غيره
. لم يكف المنافقون قديما وحديثا عن تكرار هذا الافتراء والأذي لمقام النبوة الخاتمة (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن، قل أذن خير لكم) وكان أن وجدت هذه الافتراءات طريقها إلي ما يسمي بالصحاح ومنها إلي كتابات المستشرقين والمبشرين وأين أنت يا شاعر من الرد عليهم؟
! إنها الرواية التي تقول (ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّي أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّي بْنِ قُصَي ـ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيةِ، وَكَانَ يكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِي فَيكْتُبُ بِالْعَرَبِيةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يكْتُبَ، وَكَانَ شَيخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِي ـ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَي ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَي فَأَخْبَرَهُ النَّبِي صلي الله عليه وسلم مَا رَأَي فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَي مُوسَي، يا لَيتَنِي فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيا، حِينَ يخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم " أَو َمُخْرِجِي هُمْ " . فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِي، وَإِنْ يدْرِكْنِي يوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يلبث وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّي، وَفَتَرَ الْوَحْي فَتْرَةً حَتَّي حَزِنَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَي يتَرَدَّي مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَي بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَي يلْقِي مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّي لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيهِ فَتْرَةُ الْوَحْي غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَي بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّي لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ). والرواية موجودة بتمامها في البخاري وهي التي أوقعت خليل عبد الكريم في ذلك المطب عندما جعل منها أصلا نصرانيا للرسالة الإسلامية ونحن نعتقد ببطلان هذه الرواية وفسادها من جذورها
. إذن فليس في القرآن ولا في السنة الصحيحة ما يؤيد ما ذهب إليه المتشبثون برأيهم عن أمية النبي وكل ما جاء في كتاب الله عن رسول الله من نفي للكتابة أو التعلم من البشر إنما هو نفي لوجود أي مصدر بشري تلقي عنه الصادق الأمين وإثبات لاتصاله المباشر بالوحي الإلهي الصافي الذي (نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين
). موقف أئمة أهل البيت
روي صاحب علل الشرائع عن جعفر بن محمد الصوفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام فقلت يا ابن رسول الله لم سمي النبي الأمي؟؟ فقال ما يقول الناس؟ قلت يزعمون أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب فقال عليه السلام كذبوا أني ذلك والله يقول في محكم كتابه (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لسانا وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القري وذلك قول الله تبارك وتعالي (ولينذر أم القري ومن حولها). ص124 علل الشرائع للشيخ الصدوق
. الخلاصة: أنه ليس هناك ثمة إجماع أو حتي شبهة إجماع علي هذا الادعاء بأمية رسول الله صلي الله عليه وآله قراءة أو كتابة عند مفسري أهل السنة ولا محدثيهم وأولهم البخاري الذي أثبت لرسول الله ص الكتابة والقراءة وقد اختلفوا حول هذه المسألة فمنهم من أثبت كتابته بيده ومنهم من نفي هذا أما في مدرسة أهل البيت فالأمر محسوم تماما نفيا لهذه الأمية اللغوية وإثباتا لكمال علمه صلوات الله وسلامه عليه بتعليم إلهي لا دخل فيه لبشر كائنا من كان لا من (ورقة) ولا من كتاب وهذا من تمام كماله وإعلام نبوته صلي الله عليه وآله وسلم
. http://alkaheranews.gov.eg/

ثابتة بالقرآن والسنة ونصوص التوراة
خدعوك فقالوا: رسول الله «ص» لم يكن أميا

* لم يشذ عن جمهور العلماء الذين أجمعوا علي أن النبي صلي الله عليه وسلم كان أميا إلا قلة من العلماء بناء علي رواية ملتبسة وردت في البخاري * لو كان الرسول «ص» قارئا وكاتبا لتواتر ذلك عنه ولما اتخذ كتبة للوحي.. ولأحتفظ لنا المسلمون بنماذج من خطه
نشرت جريدة القاهرة مقالين أولهما للواء محمد شبل بتاريخ 4/10/2005 وثانيهما للطبيب أحمد راسم النفيس بتاريخ 15/10/2005 ينفيان فيهما أمية الرسول (ص).وقد اعتمد الأول علي العقل في نفي الأمية كما دعا إلي أن تبقي المسألة خلافية وكأن الاختلاف غاية في حد ذاته وليس عرضا يعرض في حالة استشكال النصوص وتطرق التأويل والاحتمال اليها أما الثاني فقد نفي أن يكون هناك إجماع علي أميته (ص).
والحقيقة أنه إن لم يكن في المسألة إجماع مطلق فثمة شبه إجماع بين أهل السنة علي أميته(ص) ولكن قبل أن نوضح ذلك نحب أن نشير إلي أن أي خلاف يتعلق بالنبي (ص)في معظمه لا يكون الداعي إليه اختلاف العقول في تفهم نصوص محتملة الدلالة أو مشكلة المعني وإنما هوي قلب، نابع من محبته (ص) فالكل محب له علي اختلاف درجاتهم في المحبة وقد قال عليه الصلاة والسلام ( حبك الشيء يعمي ويصم) فمن أسرته العاطفة عمي عن رؤية الدليل وصم عن صوت الحق وظن أن الفضيلة في حقه (ص) رذيلة والرذيلة في حقه فضيلة ومن ثم فلا شأن لنا بمن سماهم الدكتور أحمد بمدرسة آل البيت الذين أجمعوا علي نفي أمية النبي (ص) لأنهم قد غالوا في محبتهم لآل البيت فعموا وصموا والدليل علي ذلك الرواية المتهافتة التي ذكرها الدكتور والمنسوبة إلي محمد بن علي الرضا ونصها بتصرف (والله لقد كان رسول الله يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لسانا!!)
لقد اتفق جمهور العلماء علي أميه النبي ولم يشذ عنهم إلا قلة من العلماء منهم أبو الوليد الباجي وشيخه أبو ذر الهروي بناء علي رواية ذكرها البخاري سيأتي ذكرها عما قريب وحتي هؤلاء لم ينفوا الأمية نفيا مطلقا بل أقر الباجي بأميته (ص) قبل بعثته أما بعدها فقد قرأ وكتب من غير تعليم من باب الإعجاز. إذا فالنفي المطلق للأمية النبوية بدعا من القول لم يقل به السلف.
الأدلة المثبتة
ولنشرع الآن في سرد الأدلة المثبتة للأمية
أولا القرآن. تنقسم آيات القرآن في هذا الشأن إلي نوعين النوع الأول فيه إثارة وتلميح إلي الأمية مثل قوله تعالي (لا تحرك به لسانك لتعجل به üإن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة16-17) فكان (ص) يتعجل قراءة القرآن قبل فراغ جبريل منها مخافة أن ينسي لأميته إذ لو كان كاتبا لسجله في صحيفة يعود إليها إذا دهمه النسيان.
أما النوع الثاني فقد صرح بالأمية فقال تعالي (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) (العنكبوت 48) ولاحظ عدم تعريف كتاب ليفيد عموم الكتب السماوية أو الوضعية.
ثانيا السنة: لم يرد في السنة نص صريح صحيح ينفي أمية النبي (ص) بل تظاهرت النصوص علي اثباتها فلو كان (ص) قارئا وكاتبا لتواتر ذلك عنه ولما اتخذ كتبة للوحي ولوصلتنا رسائل بخطة لحرص المسلمين علي التبرك بآثاره إذ لا يستقيم في الفهم أن يحتفظوا بشعرات من رأسه ويهملوا نصا خطه بيراعه.
وروي البخاري عن عائشة أن النبي عندما سأله جبريل أن يقرأ في الغار قال (ما أنا بقاريء) ثلاثا وما هنا نافيه إذ لو كانت استفهامية لم يصلح دخول الباء.
ولا يفت في عضد هذا الرأي ما رواه البخاري في باب عمرة القضاء أن المشركين لم يقروا قوله (ص) (هذا ما قاضي عليه محمد رسول الله) فأمر النبي بمحوها وكتابة عبد الله بدلا من رسول الله فلم يرض علي ـرضي الله عنه ـ بذلك غيرة وحميه فأخذ النبي الكتاب ـ وليس يحسن الكتابة كما في الرواية ـ وكتب (هذا ما قاضي عليه محمد بن عبد الله...). وذلك لأنها رواية واحدة من جملة روايات ومن قواعد فقه الحديث جمع الروايات الواردة في الحديث الواحد وطبقا لهذه القاعدة نجد في روايات أخري أن عليا هو الذي كتب وأن النبي اقتصر علي المحو فقط فتحمل هذه الرواية علي تلك لوجود القرائن الصريحة علي أميته (ص). ثم إن هذه الرواية أقرت بأنه (ص) لا يحسن الكتابة فإذا ما كتب اسمه لا يكتبه إلا رسما كشأن كثير من الأميين هذا إذا أخذنا بظاهر هذه الرواية.
دليل من التوراة
(3) يقول تعالي: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل...) ( الأعراف 157) فالنبي بنص القرآن موصوف عند أهل الكتاب بالأمي وبالرجوع إلي التوراة ـ وهذا ما أغفله المنكرون للأمية ـ نجدها اشتملت علي نبوءات عن الرسول (ص) تتضمن أوصافا له منها (أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك ـ مثل موسي ـ وأجعل كلامي في فمه) (تثنيه18:18) والمقصود بأجعل كلامي في فمه التلقين إشارة إلي الجهل بالقرأة والكتابة. نبؤة أخري في سفر أشعياء (29:12) (نصها أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة) فلو لم يكن النبي أميا إذا لارتاب المبطلون ـ أي اليهود ـ لأنه عندهم أمي وكفي بهذا من دليل يقطع دابر أي خلاف.
طاهر محمد الأقرع